الدكتور علي عقله عرسان أديب متعدد الاهتمامات. فهو كاتب ومسرحي وشاعر وروائى ومفكر. وله أكثر من عشرين كتاباً في مختلف الأجناس الأدبية، إضافة الى أنه رئيس اتحاد الكتاب العرب في سورية، وأمين عام الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، ونائب أمين عام اتحاد كتّاب آسيا وأفريقيا. ولذلك فليس غريباً ان يضع الناقد محمد عزّام كتاباً عنه هو عبارة عن مقاربة نقدية شاملة عنه شاعراً ومسرحياً وروائياً ومفكراً، ويبرز أهم السمات والخصائص الإبداعية المميّزة له، من خلال تناوله لجميع مؤلفاته النثرية والشعرية. وعُرف الناقد عزّام بدراساته الجادة، وأبحاثه القيّمة. ووضع أكثر من عشرين كتاباً في النقد الحداثي. وهو صاحب مشروع نقدي يتمثّل في تحديث النقد الأدبي العربي المعاصر في كتابه "وجوه الماس: البنيات الجذرية في أدب علي عقله عرسان". تحدّث الناقد عزّام عن المنهج الموضوعاتي التيمي الذي طبهقه على نتاج الدكتور عرسان. فعرّف بهذا المنهج الجديد من خلال أبرز أعلامه في النقد الغربي. ورأى ان الاهتمام بالموضوعات من أبرز خصائص النقد الجذري التيمي الذي يعدّ الجذر أو التيمة تجربة أو سلسلة من التجارب التي تؤسس وحدة محددة في العمل الأدبي، تشبه الخلية الرحمية أو شبكة منظمة من الأفكار الملحّة. والفصل الأول خصصه الناقد عزّام لشرح منهجه النقدي الذي اعتمده في دراسته نتاج الأديب عرسان. وخصص الفصل الثاني لعرض جهود الدكتور عرسان مؤلفاً مسرحياً لعشر مسرحيات هي: "الشيخ والطريق"، و"زوّار الليل"، والفلسطينيات" و"السجين رقم 95"، و"رضا قيصر"، و"عراضة الخصوم"، و"الأقنعة"، و"تحوّلات عازف الناي"، و"أمومة". وهذا الكمّ يدل على معاناة صوّرها الكاتب، وأظهر اهتمامه بالقضايا القومية والوطنية في فنه المسرحي. وكما حرص على إبراز الدور الاجتماعي للمسرح، وعلى تأصيل المسرح العربي من خلال كتابه القيّم "الظواهر المسرحية عند العرب"، رداً على مَن قال ان المسرح فن غربي خاص. وقد حمل مسرح عرسان هموم الوطن والمواطن، وتداخل عنده الهمّ الفردي بالهمّ الجماعي، والقضية الأخلاقية بالقضية الوطنية والسياسية. وهذه المسرحيات جميعها تدور حول جذر تيمة واحدة هي الظلم الواقع على الوطن والمواطن. ففي مسرحيته "الشيخ والطريق" يصوّر الظلم، الواقع على الفقراء من الأغنياء. وفي مسرحيته "زوار الليل" يصوّر الظلم الذي أوقعه فتى بفتاة، بعد ان أغراها بمعسول الكلام حتى استكانت له، فافترسها، ثم هرب تاركاً إياها وحدها تواجه مصيرها الفاجع. وفي مسرحيته "الفلسطينيات" و"الغرباء" يصوّر الظلم الذي يقع على الفلسطينيين من الصهاينة، وفي مسرحيته "السجين رقم 95" يصوّر الصراع على السلطة والظلم الواقع على المواطنين... وفي الفصل الثالث عالج الناقد عزام نتاج عرسان في التنظير المسرحي في ثلاثة كتب وضعها عرسان هي: "سياسة في المسرح" و"الظواهر المسرحية عند العرب"، و"وقفات مع المسرح العربي" .... وفي الفصل الرابع حلل الناقد عزّام شعور عرسان في ديوانه: "شاطئ الغربة" 1986 و"تراتيل الغربة" 1992، وذلك بمنهج نقدي يعتمد الخطوات التالية: 1- تحليل البنية السطحية للشعر، في مستوياتها البصرية والصوتية والصرفية والنحوية، والمعجمية. 2- تحليل البنية التشكيلية للشعر من خلال تحليل بنية القصيدة التقليدية والجديدة. 3- تحليل البنية العميقة للشعر من خلال تحليل الصورة الشعرية وتوظيف التراث. 4- تحليل البنية الجذرية التيمية للشعر حيث وجد ان تيمة الديوانين واحدة هي الغربة المتجلّية في عنوانيهما، وفي قصائدهما. ووقف الكاتب الى جانب المظلومين والمقهورين ضد الطغاة والظالمين. وفي الفصل السادس والأخير، "علي عقله عرسان مثقفاً"، استعرض الناقد عزام خمسة كتب وضعها عرسان في الثقافة. وناقش عزام الآراء الفكرية والقضايا الثقافية التي وردت فيها، وجعلها في محاور. وهكذا أحاط ناقد كبير بنتاج هذا الأديب الكبير إحاطة شاملة ومعمقة. حلب - حسناء مكناس