شرح وزير التخطيط والتعاون الدولي في السلطة الوطنية الفلسطينية نبيل شعث، في لقاء مع "الحياة" في أعقاب اجتماعه بالأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، جوهر "الرؤية" الفلسطينية التي عرضها على المسؤولين الأميركيين والأمين العام، وقال إن الركيزة الأساسية فيها هي الحدود. وقال شعث: "لم نعد نرى القرار 242 قراراً لائقاً أو نافعاً"، ودعا إلى استبداله بقرار جديد يُبنى أساساً حول المبادرة العربية في قمة بيروت ليصبح "المرجعية" لمؤتمر دولي ولعملية السلام. وأكد: "لن نعلن دولة موقتة أو انتقالية أو من دون حدود أو بحدود غير واضحة". وتحدث عن "آليات لسد الفجوة" بين الوضع الراهن والتسوية النهائية. وقال إن لا علم له أبداً بما سيتضمنه إعلان الرئيس الأميركي جورج بوش، وان وزير الخارجية كولن باول "كان واضحاً جداً بأنه لا يستطيع أن يقول لي ماذا سيصدر عن الرئيس بوش". وهنا نص الحديث: طرحت مع الأمين العام "الرؤية" الفلسطينية التي سبق وطرحتها مع المسؤولين في واشنطن الأسبوع الماضي. فهمنا أن هذه "الرؤية" تتحدث عن الوضع النهائي وتقفز على أية فكرة لها علاقة ب"الدولة الموقتة". ماذا طرحت من تفاصيل في هذه "الرؤية"؟ - أكدت كثيراً على الحدود، سواء أُعلنت الدولة الآن أو أعلنت بعد التحرير، يجب أن تعلن على حدود 4 حزيران يونيو 1967. لن نقبل بدولة من دون حدود، أو بحدود الواقع أي الأمر الراهن، أو حدود دائمة على أساس القرار 242. ولم نعد نرى القرار 242 قراراً لائقاً ونافعاً. بالعكس، نرى أنه أصبح مطية لاستخدام إسرائيل الاطالة والاعاقة وعدم الوصول إلى حل. لذلك لا بد الآن من الانتقال - وهذا ما تكلمت فيه بالتفصيل مع الأمين العام كوفي أنان - إلى قرار جديد في مجلس الأمن يُبنى أساساً حول المشروع العربي المبادرة العربية في قمة بيروت. ولا بد أن يصبح هذا القرار هو المرجعية لمؤتمر دولي، ولا بد بالتالي من أن يصبح هو مرجعية عمل السلام. وإذا اقيمت دولة فلسطينية، تكون على أساسه، وتكون هي فريق مفاوض على أساس حدود 1967، وعليه، يكون كل عملها في المفاوضات وكيف تنتقل لكي تحرر كل هذه الأرض التي هي دون حدود 1967 من خلال عملية السلام. خطورة ما ذكرته عن القرار 242 انك تزيل أساس الشرعية المقبولة دولياً! - لا أحد يزيل شيئاً إلا إذا صدر قرار يزيله. فلو صدر قرار جديد في مجلس الأمن يتبنى المرجعية العربية على أساس أنها المرجعية الرئيسية - يعني حدود 1967 ودولة فلسطين وعاصمتها القدس وحل مشكلة اللاجئين على أساس القرار 194 والحل الشامل لكل الأراضي العربية يؤدي إلى سلام كامل مع إسرائيل - لن يكون في هذا مشكلة، إنما ليس ممكناً أن يزول 242 إلا إذا جاء شيء أفضل منه. ماذا كان الرد الأميركي؟ - استماع. بالنسبة إلى كولن باول، دعني أقول استماع متعاطف. لكنه قال لي: لا استطيع أن أقول لك شيئاً لأن الرئيس جورج بوش سيعلن شيئاً وسننتظر جميعاً إلى أن يفعل ذلك. وهل تريدون قرار مجلس الأمن كمرجعية دولية جديدة قبل المؤتمر الدولي المرتقب عقده لربما أواخر تموز يوليو. وبالمناسبة، هل علمت متى سيعقد؟ - لمَ نتحدث عن التاريخ. مرجعية جديدة قبل المؤتمر الدولي؟ - ليس ضرورياً. إذا أمكن. وإذا لم يكن ممكناً، ففي مرحلة لاحقة. ولكن نحن لن نعلن دولة موقتة أو انتقالية أو من دون حدود أو بحدود غير واضحة. الفكرة الرئيسية هي حدود 4 حزيران 1967، وهذا، بالمناسبة، ما قاتلت سورية من أجله لسنوات، فهو ليس موضوعاً جديداً، ولكن نحن الآن في صدد الحل النهائي ولم يعد في الإمكان الاستناد إلى شيء غائم. وإذا اراد بوش أن يتقدم بجديد فهو أساساً من نقطتين: ان الحدود هي 4 حزيران 1967 بما فيها القدس، وان هناك مدة زمنية قليلة للوصول إلى ذلك. قرأت الحديث الذي أجريته مع وزير الخارجية كولن باول، وفي ذلك الحديث ذكر قرارات مجلس الأمن والمبادرة العربية. بمعنى أنها جميعاً المرجعية، وقال إن هذه كلها تشكل الأسس للتفاوض على الحدود. فهل مرفوض لديكم فكرة الدولة الموقتة إن ارتبطت بالإطار الزمني مع تلك المرجعية؟ - اعتقد أن باول نفسه غير واضح الموضوع له. اسألك عن الموقف الفلسطيني من هذا؟ - بالنسبة إلينا، لا يوجد شيء في الدنيا اسمه دولة موقتة. توجد حكومة موقتة، ولكن ليس دولة موقتة. الدولة هي أرض لها حدود وشعب يسكن فيها وسلطة محترمة. وبالتالي لا نستطيع أن نعلن عن أقل من حدود 1967. فإذا لم نتمكن من الحصول على اعتراف الدول بهذه الحدود، لن نعلن دولة. سنبقى سلطة وطنية إلى أن ينتهي الحل النهائي. لكن الرئيس المصري حسني مبارك جاء إلى الولاياتالمتحدة بطرح ما فحواه الدولة الموقتة شرط ارتباطها بإطار زمني وبموعد محدد لإعلان دولة فلسطين الدائمة. فهل أنتم على خلاف مع الرئيس مبارك في هذا؟ - لا. الرئيس مبارك اليوم الاثنين جعل الأخ وزير الخارجية أحمد ماهر يوضح ان الرئيس مبارك لم يتحدث عن دولة موقتة. لا يوجد شيء اسمه دولة موقتة. عن ماذا تحدث إذن؟ - تحدث عن إعلان دولة فلسطينية. كلمة موقتة ادخلت، ولم تكن أصلاً في الإطار. لم يذكرها أحد إلى حين حدّثكِ أنتِ كولن باول ونشرت ذلك في "الحياة". إنما لم يتحدث الرئيس مبارك أبداً عن الدولة الموقتة. الشيء الموقت الوحيد فيها الدولة ان جزءاً من أراضيها محتل، يتحرر عند الوصول إلى الحل النهائي، إنما كل شيء فيها ثابت: سيادتها، حريتها واستقلالها. الفكرة أساساً هي فكرة بيريز - أبو العلاء! - لا. هناك فارق بين بيريز وأبو العلاء. الأخ أبو العلاء عندما تحدث مع بيريز لم يتحدث إلا عن حدود 1967. بيريز احبط ذلك عندما قال لا، نحن نتحدث عن حدود عائمة على 40 في المئة أو 30 في المئة. نحن لن نتفاوض على حدود أقل من 1967 لأننا نرفض الحل الانتقالي. نريد حلاً نهائياً. وليس من المعقول أن نمضي عشر سنوات نتحدث عن حل انتقالي لنتكلم بعدها عن الحل النهائي. الآن، ان الحل يجب ان يكون نهائياً. لذلك لن نقبل بحل انتقالي. وبالتالي، لن نقبل بدولة جزئية الا كشعار سياسي - ان تكون دولة اراضيها محتلة لكنها على حدود 1967، وهذه هي الدولة التي أعلناها عام 1988. أعلنا، ونحن لم يكن لدينا شبر واحد محرر من الأرض، أعلنا دولة على حدود 1967. ماذا تعني ب"آليات لسد الفجوة من الآن حتى التسوية النهائية"؟ - المؤتمر الدولي فهو آلية لسد الفجوة، حقيقة. قوات دولية هي آلية لسد الفجوة. ضغط حقيقي من أجل سحب القوات الى حدود 28 ايلول سبتمبر عام 2000 هو آلية لسد الفجوة. فإذا انسحبوا الى حدود 28 ايلول سبتمبر وجاءت قوات حماية دولة وعقد مؤتمر دولي، فهذا لسد الفجوة ما بين الوضع الراهن وبين ان تتكون عناصر التسوية النهائية. هذا شراء وقت! - القصة ليست قصة شراء وقت. لا يوجد شيء اسمه شراء وقت. نحن نواجه وضعاً صعباً جداً، وليس من الضروري ان نظل محتلين الى ان نصل الى الحل النهائي. من يقول ان من حق اسرائيل ان تبقى محتلة لأراضي سبق وتفاوضنا على تحريرها، ان تبقى محتلة لها حتى نتوصل الى الحل النهائي؟ لا بالعكس. ومن يضمن ان اسرائيل لا تعود مرة اخرى، الا اذا وجدت قوات دولية؟ ومن سيخلق آلية تجبر اسرائيل على التفاوض ان لم يكن هناك مؤتمر دولي؟ فهذه ليست أدوات كسب وقت، انها أدوات تحقيق تقدم نحو الحل النهائي. عد معي اذا شئت الى الآليات. آليات تنفيذ الرؤية الاميركية، مثلاً، التي ذكرها الرئيس بوش في خطاب 4 نيسان ابريل، ما هي آليات تنفيذ الرؤية أو الرؤى؟ - نحن افترضنا آليات تنفيذ عدة، نريد قراراً لمجلس الأمن يتبنى المبادرة العربية ليصبح هو مرجعية مؤتمر السلام. نريد لمؤتمر السلام ان يبدأ بوضع الاطار الكامل والأسس على اساس هذا القرار. نريد قوات دولية ان تذهب الى فلسطين لتشكل حماية لنا الى ان يتم احراز التقدم. نريد ضغطاً حقيقياً لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي على الأقل موقتاً الى حدود 28 ايلول سبتمبر 2000. نريد مساعدة هائلة لإعادة بناء مؤسساتنا المدنية والأمنية والاقتصادية. أثناء محادثاتك في واشنطن، هل لمست لدى الادارة الاميركية استعداداً لتقبل هذا التوجه؟ - ليس لدي، واكرر، أي شيء يثبت ماذا سيفعلون. هناك تعاطف من كولن باول وهناك رغبة لديه، لكنه كان واضحاً جداً بأنه لا يستطيع ان يقول لي ماذا سيصدر عن الرئيس بوش، والانحياز التاريخي لأميركا يصعّب علينا التفاؤل. أمام "لاءات" رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون المتتالية، من المتوقع له ان يسعى وراء احباط ما ذكرته ان كان في مجلس الأمن أو خارجه، ما هي الخيارات أمامكم، سيما وانه ينصب الجدار الفاصل؟ - ما تقولينه هو الموضوع الصعب، في الحقيقة. ولكن، كل ما نقوم به يشكل أدوات ضغط عليه. الشعب الفلسطيني صامد على الأرض. قيادته لم تقدم تنازلاً سياسياً واحداً. الرئيس ياسر عرفات حوصر ثلاث مرات ومهدد بالقتل. وعلى رغم ان الشعب الفلسطيني يمر في أصعب مرحلة في تاريخه، لم تقدم قيادته تنازلاً سياسياً واحداً. وهذه هي نقطة الصمود الأولى. النقطة الثانية هي الاستفادة من الحركة العربية والمبادرة العربية ومحاولة تحويلها الى اطار دولي من خلال مجلس الأمن. هذه مسألة تضغط على الاسرائيليين. فإذا استطعنا ان نمرر قوات دولية تحت اطار الفصل السابع، كما يتكلم كوفي انان، نكون أوجدنا ضغطاً على الأرض على شارون. واذا استطعنا ان نحصل على بيان جيد من جورج بوش يشكل ذلك ضغطاً على شارون. أنت عائد الى واشنطن لماذا تعود؟ وما هو الجديد الذي طرحته وتطرحه لجهة التنازلات الفلسطينية، وهل ضمن ذلك ما ذكر عن مقايضة بين حق العودة مقابل ازالة كل المستوطنات؟ - اطلاقاً لا. ليس هناك تنازلات سياسية، ونحن ملتزمون بمواقفنا. ولا يُقايض حق العودة أمام حق تحرير الأرض. الاثنان موجودان في البيان العربي. ونحن ملتزمون بالمشروع العربي. انا عائد الى واشنطن لأن من المهم جداً ان اكون هناك عندما يصدر بوش بيانه الجديد. ومن المهم جداً ان ألتقي بالتيارات الاميركية بعد ذلك.