السمنة لم تعد مشكلة مرتبطة بالشكل والمظهر، بل مشكلة صحية يعتبرها الخبراء مرضاً مزمناً، يؤدي الى زيادة نسبة الاكتئاب بين المصريين والتي تتراوح بين 5 الى 6 في المئة، يعالج منها نحو 3 في المئة. وتولد السمنة آثاراً نفسية واجتماعية مدمرة، وبرزت زيادة الوزن بين أبرز التحديات التي تواجهها المرأة، وأضحت قضية عالمية تعقد لها المؤتمرات والندوات في الدول العربية التي تعرف المرأة فيها عادة بالوزن الزائد، فتنعدم الرشاقة وينقص الجمال. كيف يرى علماء الطب والتجميل هذه الظاهرة؟ يقول خبير التجميل والتخسيس الدكتور محمد عبدالله: "إن التمرينات الرياضية والنظام الغذائي السليم مهمان للصحة ويساعدان على تقوية جهاز المناعة المقاوم للأمراض والفيروسات الضارة بجسم الانسان ويعملان على تأجيل انهيار وظائف الجسم بسبب تقدم العمر وقلة الحركة، ويقللان من احتمال زيادة الوزن، والاصابة بالسمنة وذلك من خلال التعاون مع النظام الغذائي الخاص بالبدانة، ويرفعان كفاية أداء القلب والجهاز التنفسي ووظائف العضلات مع تحسين الشكل القوامي للمرأة، وبالتالي يخلصان من بعض التشوهات المكتسبة". وأكد عبدالله ان زيادة وزن المرأة وفقدها عنصري الجمال والرشاقة سببهما عدم تحكمها في بعض العادات الغذائية السيئة. ويرى استاذ الطب النفسي الدكتور احمد عكاشة ان كثرة الصراعات المجتمعية والنزاعات السياسية على الارض والثروات الطبيعية والموارد المختلفة واتساع ادوات التكنولوجيا أسهمت في حال من عدم الاستقرار النفسي، لأن الإنسان في هذا العصر فشل في السيطرة على نوازع حب الامتلاك والسيطرة والاستحواذ، فكان عرضة للضغوط النفسية والعصبية أكثر من الماضي. ويؤكد عكاشة وجود علاقة واضحة بين الامراض النفسية والسمنة. فكثرة تناول الطعام عملية دفاعية آلية لا شعورية. ويرى ان هناك ارتباطاً وثيقاً بين كثرة تناول الطعام والعاطفة. فالطعام مرتبط في المخ لدينا بالعاطفة رضينا أم لم نرضَ. وعلى حد قوله، حين يبكي الطفل تسرع الأم باعطائه الطعام منذ الصغر وفي الافراح نشارك وجدانياً بالطعام وفي المآتم نأكل مع بعض المواساة. فالطعام مصاحب دائم للعاطفة، ويؤكد أن الخلل الذي يحدث بعواطفنا هو الذي يجعلنا نأكل. وأضاف عكاشة سبباً آخر لزيادة الوزن وهو نمط التربية حيث ننشئ في اطفالنا براعم للتذوق لم تكن موجودة مثل تذوق السكريات والحلويات. فتلك البراعم لا تولد معنا ولكنها تتكون بحسب عادات الطعام. وعن السمنة ومقاييس الجمال يقول عكاشة: "في الماضي كان الامتلاء مثالاً للجمال وما زال حتى الآن في بعض القبائل الافريقية وفي الصين حيث يعد الرجل غير الممتلئ اقل احتراماً اجتماعياً وما زال لدينا كثير من طلبة الجامعات يفضلون الممتلئة على البالرينا او النحيفة وكذلك الاعلام العربي وضع لنا نماذج للجمال كموديلات مثل ناعومي كامبل وغيرها وهن في حقيقة الأمر لديهن مرض اسمه فقدان الشهية العصبي مثل راقصات الباليه كلهن لديهن فقد للشهية العصبي ووزنهن اقل من الطبيعي بنسبة 30 في المئة". ولفت عكاشة الى ظاهرة الاكل بشراهة، والنوم بصفة مستمرة، فهي اعراض لمرض يسمى بالاكتئاب الوجداني الموسمي وينتشر في البلاد التي تغيب عنها الشمس طويلاً مثل فنلندا. ولكن هذا المرض بدأ يظهر ايضاً في البلاد الحارة حين تكون الشمس حامية جداً والرطوبة عالية. ويصاحب ذلك زيادة في التهام الطعام والنوم المستمر، ما ساعد على انتشار السمنة في تلك المناطق. ويرى رئيس الجمعية المصرية للبدانة والغدد الصماء الدكتور علي عباس ان الزيادة في الوزن اصبحت تنتشر في مصر بنسبة تفوق النسب المتعارف عليها عالمياً، ويقول: النسبة العالمية تصل الى 14 في المئة بين الذكور و36 في المئة للاناث البالغات وذلك وفقاً للتقديرات المبدئية. وذكر عباس الكثير من المصاعب التي تصاحب زيادة الوزن او البدانة مثل امراض المفاصل وبعض امراض القلب والشرايين. ومن ثم هناك علاقة وطيدة بين زيادة الوزن ومرض سكر الدم، لذلك من المهم اتخاذ القرار السليم نحو معالجة زيادة الوزن في الوقت المناسب من اجل صحة افضل والاستمتاع بالحياة نقص وزنك يزد عمرك. ويرى ان هناك الكثير من الوسائل التي يمكن ان تساعد على التخلص من الوزن الزائد وتقليل او منع المضاعفات الناتجة منه حيث تعتمد على تغيير نمط الحياة اليومي وتنظيم كمية الطعام ونوعه مع ممارسة الرياضة البسيطة المنتظمة غير المكلفة، هذا بجانب الاعتماد على العقاقير الطبية الحديثة التي تساعد في شكل ايجابي على تحقيق معدلات اعلى من حيث المفعول والنتائج علاوة على الامان في استخدامها والبعد عن الآثار الجانبية المعروفة لدى الإكثار الادوية الشائع استخدامها في هذا المجال. ويحذر الدكتور عباس من استخدام الأدوية والعقاقير التي تسبب فقد الشهية لأن الاستمرار في استخدام تلك العقاقير له آثار جانبية خطيرة قد تسوق الى الجنون والامراض العقلية والاكتئاب عند التوقف عن تناولها.