يمكننا القول عموماً إن العرب، والمسلمين ككل، وصلوا مع بداية القرن ال 21 الى نقطة الذروة في واحدة من أكثر مراحل تاريخهم ضعفاً وانهياراً. وعليه فإنه من الأهمية بمكان الآن أكثر من أي وقت مضى أن نعمل على استقراء مفردات حاضرنا المزري هذا، وتشريح عناصره الأساسية، بغية الوصول الى العوامل المباشرة المسؤولة عن هذا الوضع الرديء، ومن ثم الى السبل المثلى للخروج منه. واستناداً الى هذا المنطلق فإنني أرى انه ثمة في الواقع محاور أو مظاهر لحال الانهيار العربي والإسلامي هذه: 1 - ضعف سياسي خارجي، ويتجسد في مؤشرات مثل إهدار الحقوق والكرامة العربية في قضايا مثل فلسطين والعراق، والاندحار التام لفكرة الوحدة العربية، وظهور بعض الخلافات السياسية، بل والعسكرية، بين دول عربية بعينها، وتحول السياسة الخارجية لغالبية بلداننا الى التبعية الكاملة للدول الكبرى وعلى رأسها أميركا. 2 - ضعف سياسي داخلي، ويتمثل أساساً في غياب الديموقراطية والحريات بمفهومها الحقيقي في غالبية الدول العربية والإسلامية تقريباً، وضعف معدلات المشاركة السياسية، واحتكار الحزب الواحد الحكم، وانعدام مفهوم تداول السلطة وبطء التغيير السياسي وشيوع الفساد. 3 - ضعف عسكري ونعني به ببساطة ضعف ميزان القوة العسكرية للدول العربية والإسلامية مجتمعة، او لكل منها على حدة، مقارنة بالعدو الرئيسي المحدق بنا إسرائيل المدعومة أميركياً او بالدول والمنظمات الاخرى القوية المطلة على حدود منطقتنا مثل الهند أو حلف شمال الأطلسي. 4 - ضعف اقتصادي وله مظاهر يعاني معظمنا منها مثل الفقر، وعدم عدالة توزيع الدخل القومي، والركود، وعجز الموازنة، وعجز الميزان التجاري، فضلاً عن الاستدانة من الخارج والاعتماد على المعونات الأجنبية بكثرة. 5 - ضعف ديني، وهو محور ذو شقين، أولهما في رأيي هو ان قطاعاً كبيراً من مواطنينا اصبح يتبنى نموذجاً من الإسلام بعيداً عن التسامح وقبول الآخر واستيعاب روح العصر، اما الشق الثاني فيتمثل في أن قطاعاً آخر كبيراً من المسلمين حول العالم باتت عقيدتهم الدينية ضعيفة، وباتوا بعيدين الى حد كبير عن تطبيق التعاليم الأساسية لديننا الحنيف في الفروض والمعاملات. 6 - ضعف ثقافي وعلمي، ويتمثل في أن الإسهامات المعاصرة ذات القيمة الحقيقية للعرب والمسلمين في مجالات كالفكر والإبداع الفلسفي والأدبي والفني والأبحاث والدراسات العلمية باتت اسهامات ضعيفة ونادرة. 7 - ضعف إعلامي، ولعل هذه النقطة هي الأبرز حالياً وتحديداً منذ أحداث 11 أيلول سبتمبر الماضي، إذ أننا نعني بها نجاح الآلة الإعلامية الغربية الجبارة، في تشويه سمعة العرب والمسلمين في العالم أجمع، وإلصاق تهم ونواقص التطرف والإرهاب والتخلف الحضاري بهم. 8 - مظاهر أخرى متنوعة للضعف مثل حالات الانهيار، والتردي العام، التي نعاني منها في مجالات حياتية أخرى كثيرة، كالصحة والتعليم والتقنية واللغة والثقافة الجماهيرية وحتى السياحة والرياضة والذوق والاخلاقيات العامة. وفي ضوء النقاط التي عرضت لها أعلاه أرى أن ثمة عوامل أساسية بالغة الأهمية في صنع هذا الحاضر العربي والإسلامي المظلم، وهي: 1 - عامل الاستبداد، وغياب الحريات المدنية، وضعف الممارسات الديموقراطية الحقيقية، وانتشار الفساد السياسي والمنظم. 2 - عامل غياب الهدف الوطني - القومي في بلادنا العربية والإسلامية. 3 - عوامل اجتماعية متنوعة، منها ارتفاع معدلات الأمية وضحالة الثقافة الجماهيرية والزيادة السكانية المهولة. الاسكندرية - محمد علي ثابت