استقبلت العاصمة السويدية الشاعر ادونيس ملبياً دعوة المعهد الثقافي الفرنسي في استوكهولم لإحياء امسية شعرية قرأ خلالها اشعاراً قديمة وجديدة بالسويدية والفرنسية والعربية. افتتح الشاعر ادونيس الامسية التي حضرها جمهور من الديبلوماسيين الاجانب والشعراء والأدباء السويديين ومنهم الشاعر السويدي الكبير توماس ترانسترومر، بقصيدة "الصقر" وقرأها بالعربية وهي تحكي عن "المهاجر العربي" عبدالرحمن الداخل، وقال ادونيس: "اخترت ان اهدي هذه القصيدة الى كل المهاجرين في العالم وخصوصاً الى الدول الكريمة التي تفتح ابوابها للمهاجرين من كل اقطاب الارض". ولقيت القصيدة صدى طيباً مع انها لم تترجم مباشرة الى السويدية، واستفسر الجمهور عن مضمونها من الذين يتقنون العربية بعد انتهاء الإلقاء. لكنّ حماسة الجمهور لشعر ادونيس ازدادت عندما القى ناشر ادب ادونيس في السويد، هشام بحري اجزاء من قصيدة "شهوة تتقدم في خرائط المادة" وفيها يحكي ادونيس عن حياته في العاصمة الفرنسية باريس. ثم ألقى الناشر قصيدة "المهد" مترجمة الى السويدية وهي تحكي عن اليمن الذي وصفه ادونيس بانه "وطني الثاني". واختتم ادونيس الامسية الشعرية بمقاطع من شعر "ذلك الطفل الذي كنت"، ويخاطب فيه ادونيس الشاعر، ادونيس الطفل. ولقيت قصائد الختام اعجاباً كبيراً اذ قال بعض من الجمهور انهم شعروا بحنين الى الطفولة وان الشعر سجنهم في ذاكرة الماضي للحظات. وسأل عدد من الحاضرين ادونيس عن اللغة العربية وتأثير اللهجات عليها فقال: "اللغة العربية الدارجة اليوم هي اللغة الفصحى ولكن من دون اعراب، أي عندما يتكلم بعضنا مع بعض لا نحرك الكلمات بل نسكنها وهذه هي اللغة الفصحى - الدارجة، باستثناء المغرب العربي الذي اثرت عليه لغات اخرى مثل البربرية، والعراق الذي تداخلت في لغته، لهجات مثل الكردية وغيرها". ورد ادونيس على سؤال عن علاقة الشرق بالغرب فقال "لا يوجد شرق وغرب إلا بالمفهوم السياسي ولكن بالمفهوم الإنساني فهناك عالم واحد ينعم بالتنوع". وشرح مسألة فقد الشعر مضمونه في حال ترجمته وقال "لا بد للشعر من ان يفقد بعض مضمونه عندما يترجم من لغته الاصلية الى لغة اخرى. ولكن تقع الأهمية الكبرى على عاتق المترجم الذي يمكنه ان يقرب الوصف الحقيقي لمضمون الشعر الاساس". وسبقت الامسية الشعرية جلسة تعارف في منزل الشاعر السويدي توماس ترانسترومر الذي اعرب ل"الحياة" عن "اعجابي الكبير بشعر ادونيس الذي قرأته مترجماً الى السويدية. اعرف ادونيس من خلال شعره منذ زمن طويل ولكنني وجدتها مناسبة ممتازة الآن للتعرف إليه شخصياً". وشرحت زوجة الشاعر ترانسترومر، مونيكا، ان "توماس فرح كثيراً بلقاء ادونيس الذي وجد عنده روحاً مرحة ومتواضعة وكانت فرصة مناسبة لأن يتعرف على اهم الشعراء العرب في العالم". وقال ادونيس ان لقاءه مع توماس ترانسترومر كان اهم حدث في رحلته هذه الى السويد، خصوصاً ان "ترانسترومر من رواد الشعر السويدي في العالم". وتحدثت "الحياة" الى بعض النقاد الادبيين السويديين في عشاء أقامه السفير الفرنسي على شرف ادونيس، وقالوا ان "قدوم شخص مثل ادونيس الى السويد يمحو الخرافات الموجودة هنا والتي تسيء الى المجتمع العربي. فأدونيس يظهر صورة معاكسة تماماً لتلك التي سيطرت على الشارع الاوروبي بعد احداث 11 ايلول سبتمبر، عن الدول العربية. فهو يضع من خلال شعره الكوني الادب العربي والمجتمع العربي على خارطة العالم الحضاري من جديد، وذلك يسهم في ردم الهوة الاجتماعية التي تسببت بها احداث 11 ايلول".