أعلن المصمم الفرنسي إيف سان لوران الذي يوصف بأنه "أمير فن تصميم الأزياء وخياطتها"، امس، اعتزاله لمهنته وانسحابه من نشاطه المهني، قالباً بذلك صفحة تاريخية في حقل الموضة الفرنسية. جاء هذا الاعلان خلال مؤتمر صحافي، هو الأول والأخير، عقده سان لوران في دار الأزياء التي تحمل اسمه، وتقع في جادة مارسو في الدائرة الثامنة من باريس، والمألوفة بالنسبة الى العديد من السيدات من مشاهير العالم شرقاً وغرباً. فالممثلات العالميات ومن بينهن كاترين دونوف، والملكات، والأميرات مثل كارولين دو موناكو ووالدتها الراحلة غريس دو موناكو وغيرهما، اعتدن التردد الى دار "ايف سان لوران" لشراء الأزياء التي كان يصممها الفنان خصيصاً لكل منهن. ومن هذه الدار الشهيرة حيث احتشدت الصحافة العالمية أعلن سان لوران 65 عاماً بصوت كئيب ومتعب نتيجة المرض الذي ألم به منذ حوالى سنتين انه قرر انهاء عمله. وعبر عن ألمه لمغادرته "عائلة" المصممين والموظفين الذين عملوا الى جانبه منذ سنوات، وجعلوا من دار "ايف سان لوران" احدى أشهر دور الأزياء في العالم، كما وجه تحية الى دار "شانيل" التي قال انها "حررت النساء". وكانت الصحافة الفرنسية أوردت تكهنات عن أسباب اعتزاله، فأشارت الى توترات بينه وبين رجل الأعمال الفرنسي فرانسوا بينو صاحب متاجر "لو برانتان" المعروفة وصديق الرئيس الفرنسي جاك شيراك، الذي كان اشترى دار "ايف سان لوران". واشترت شركة "غوتشي" الايطالية من جانبها محلات "ايف سان لوران" للملابس الجاهزة والعطورات، وبقيت كل هذه السلع تحمل اسم المصمم لكنه لم يعد من حقه اعطاء رأيه في ما يحصل. إلا أن سان لوران بدء خلال مؤتمره الصحافي الاشاعات عن خلافاته مع بينو، فأشاد به وشكره على ما فعله، فيما عبر بينو من جهته عن حزنه لاعتزال المصمم عمله وفنه. واعتبرت الأوساط الفنية الفرنسية ان اعتزال سان لوران يشكل نهاية لعهد تاريخي في مجال تصميم الأزياء في فرنسا. اذ ان سان لوران، المولود في وهرانالجزائر، أثار بتصاميمه انتباه العاملين في الصحف والمجلات المختصة بالأزياء ومنهم مدير مجلة "فوغ" الشهيرة، منذ بداية خوضه لهذا المجال. التحق سان لوران في سن ال21 بدار "كريستيان ديور" وسرعان ما أصبح معاوناً لصاحب الدار الذي يحمل الاسم نفسه، وفي سنة 1957 بعد وفاة كريستيان ديور بأزمة قلبية، تسلم الدار محله. واتسمت شخصية سان لوران، وهو من الشاذين، وقد أقر علناً بذلك، بالحساسية الفائقة، فتعرض سنة 1960 لانهيار عصبي نتيجة استدعائه لخدمة العلم. وعندما انهت دار ديور عمله أسس وصديقه رجل الأعمال المعروف بيار برجيه سنة 1962 دار "ايف سان لوران"، مع فريق العمل الذي بقي الى جانبه ولم ينفصل عنه سوى أخيراً، وضم أشخاصاً مثل السيدة آن ماري مونزو التي غادرت الدار قبل مدة قصيرة ولولو دولافاليز وبرجيه. دخلت تصاميم سان لوران الى متحف "ميتروبوليتان" في نيويورك، ويقول عنه صديقه وشريكه برجيه انه "اعطى السلطة للنساء" وانه "نقل الموضة من الحقل المالي الى الحقل الاجتماعي". والمعروف ان سان لوران هو مبتكر "البنطلون" وال"سموكينغ" و"السترة الصحراوية" للنساء، وصرح يوماً بأن "اجمل زي ترتديه المرأة هو الحب". اما عروض ازيائه التي كانت فصلية وسنوية فكانت تنظم وفقاً لعملية اخراج فنية، مما ميزها عن عروض الازياء التقليدية. وكتب سان لوران يوماً ان "الجمال يكون بالبساطة والنقاوة" وان "من عرف الجمال بات بإمكانه ان يغيب ومن الضروري بلوغ هذه اللحظة وانا بلغتها سريعاً". فهل ان معرفته بالجمال هي سبب اعتزاله ام المرض، الجواب عن هذا السؤال بقي غامضاً، على رغم ان سان لوران يبدو متعباً جسدياً ويتنقل بشيء من الصعوبة. وكثيراً ما كان يُشاهد قبل سنتين، في الحي الذي يسكنه في الدائرة السابعة من باريس، يمشي برفقة كلبه الصغير. ويقيم سان لوران عرض ازياء وداعياً من المتوقع ان يكون بمثابة بدعة فوق العادة في 22 كانون الثاني يناير الحالي، وسط تساؤلات عدة عن مصير الدار التي تحمل اسمه.