عندما انطلق اول منتدى اقتصادي في جدة قال المسؤولون في غرفتها التجارية الصناعية التي تشرف على التنظيم "ان الهدف الاساس من تنظيم المنتدى سنوياً "ان تتحول جدة قبلة سنوية لرجال الاعمال من مختلف انحاء العالم على غرار منتدى دافوس" من دون ان يذكروا شيئاً عن الاطار العام للمنتدى او آلية ترسيخ هذه الفكرة لدى رجال الاعمال وممثلي الشركات حول العالم. ويبدو ان هذا الهدف المشروع والمعلن لا يسير وفق المخطط له تبعاً للنتائج والظروف التي صاحبت اقامة المنتديات الثلاثة السابقة ويُتوقع ان تصاحب المنتدى الرابع، الذي ينطلق غداً بحضور وجوه سياسية دولية للحديث عن الاقتصاد. ويواجه المنتدى مشاكل عدة اولها رضوخه لضغوط فعاليات اقتصادية، وربما حكومية، وألغى رسوم المشاركة البالغة خمسة آلاف دولار، الأمر الذي سيزيد من الاعباء المالية على المنظمين وعلى الرعاة الرسميين من شركات القطاع الخاص مروراً بمشكلة اصرار بعض مسؤولي الغرفة على "حرمان" بعض الصحافيين من الحضور عقاباً لهم على كتابات ومواضيع سابقة تعتبرها الغرفة هجومية وغير دقيقه الامر الذي يُفقد المنتدى بعض مصداقيته التي تشكو قبلاً من انه يدعو مشاهير دوليين "يجذبون الكاميرات" لكن علاقتهم بالاقتصاد "ضعيفة". والصورة العامة للمنتدى، وان بدت مشرقة اعلامياً الا ان الكواليس والاراء حوله لا تبشر بسير حثيث لتطبيق فكرة ومنهج منتدى دافوس، خصوصا مع احجام اسماء تجارية وحكومية لامعة عن الحضور من جهة والاتهامات غير المثبته بأن مستويات الشفافية ضعيفة في الطروحات التي تناقش وتغلب عليها روح المجاملة للبلد المضيف او على الاقل البعد عن الحديث عن مشاكله الاقتصادية "الحقيقية والواقعية"، فضلاً عن عدم قدرة المنظمين على ضمان قبول حضور اسماء او جهات معينة حول العالم ربما رغبت في المشاركة بسبب اجراءات حكومية او امنية خارجة عن ارادتهم مثل التأشيرات وخلافها. وفي كواليس المنتدى الذي نجح في استقطاب وجوه دولية سابقاً منهم جورج بوش الاب وهلموت كول وجون ميجور عدا بيل كلينتون وعمرو موسى والوليد بن طلال تدور احاديث عن اشياء شخصية تتداخل مع التنظيم الرسمي اذ يجمع غير قليل من رجال الاعمال ان شخصية بارزة مثل نائب رئيس الغرفة السيد وليد الجفالي هو الذي يقف وراء قبول عدد كبير من الوجوه العالمية الحضور ، وهو يقوم شخصياً باتصالات مع فعاليات اقتصادية وشركات مرموقة في محاولة منه لانجاح المنتدى ولا تنتهي الامور الشخصية عند هذا الحد المقبول تنظيمياً بل تتجاوز الى تنافس بعض رجال الاعمال على دعوة هؤلاء المشاهير دعوات منزلية خاصة او استثمار وجود شركات واسماء معينة لتنفيذ اعمال خاصة وهي امور مشروعة في عالم المال لكن منسوبي الغرفة ورجال الاعمال يريدونها "فرصاً متاحة للجميع" بعيداً عن القدرات الشخصية او العلاقة الرسمية بالغرفة. ويبدو ان المنتدى سيواجه منافسة شرسة من الغرفة الشقيقة في العاصمة الرياض التي اعلنت نيتها تنظيم محفل مشابه كل سنتين لمناقشة القضايا الاساسية في عالم الاقتصاد الدولي. ويخشى المنظمون في جدة ان يسحب منتدى الرياض البساط من تحت ارجلهم او انه سيعيق تطور وتبلور هذا المنتدى وصولا الى الهدف القديم... دافوس العربية. ويشكك المراقبون في نجاح اي من الغرفتين في تنظيم منتدى يصل الى المستويات الدولية المعلنة لأن رجال الاعمال من منسوبي الغرفتين لا يمكنهم الوقوف محايدين امام فرص تجارية او اراء اقتصادية قد تساعدهم في أعمالهم الخاصة او تضر اعمالهم وتوجهاتهم، وبسبب اخر هو ان المنتديين في دولة واحدة وفي اهم مدينتين فيها الأمر الذي سيوزع الجهود وبالتأكيد سيوزع الاهتمام العالمي المنشود. جدة حققت السبق في تنظيم المنتدى وحققت السبق في تأسيس مجلس للتسويق لا يزال ادارياً تابعاً للغرفة في انتظار فصله واستقلاله ليقوم بمهام كثيره منها مواصلة تنظيم وتطوير المنتدى وربما زادت "مبادرة" غرفة الرياض من اذكاء روح المنافسة ليشتد عود منتدى جدة الاقتصادي مبكراً.