جمع مراسلون لصحيفة "نيويورك تايمز" تفاصيل من مصادر اعلامية وميدانية، وحاولوا تصوّر ماذا حدث داخل الطائرات الانتحارية، قبل إصابة ثلاث منها أهدافها، وسقوط الرابعة بفضل "مقاومة الركاب". وفي ما يأتي الروايات، كما اوردها المراسلون. - الطائرة الأولى الرحلة 11 - أميريكان آرلاينز: فضح أحد خاطفي الطائرة الاولى وجود طائرات أخرى. ولم يكشف اسم المضيف الذي أعطى رقم مقعد أحد الخاطفين. أقلعت الرحلة 11 لشركة "أميريكان آرلاينز" من مطار بوسطن متّجهة الى لوس أنجليس، في الساعة 59،7 صباح الثلثاء الماضي بالتوقيت المحلي. وكان فيها الكابتن جون أوغونوفسكي 59 عاماً، ومساعده و9 مضيفين، و81 راكباً، بينهم الخاطفين الذين لم يحدد عددهم. حافظت الطائرة، من طراز بووينغ 767، على مسارها الطبيعي غرباً، مدّة 16 دقيقة فقط. وعند الساعة 15،8 تم اختطافها "على يد 3 إلى 6 رجال يحملون سكاكين، كانوا خبّأوها في حقائب اليد"، على ما افاد موظفون في وزارة العدل بعيد اقلاعها بوقت قليل، ثم تحوّلت شمالاً. وبعد 5 دقائق، لم تمتثل الطائرة لتعليمات طلبت منها العودة إلى التحليق على علو 31 ألف قدم. وعند هذه النقطة، اشتبه ضبّاط الملاحة الجوية بأن شيئاً ما يحصل. ثم انقطع بث جهاز إشارة الطائرة الذي ترصده مواقع المراقبة الارضية. ويبدو أن الكابتن حاول تمرير ما يحدث إلى المسؤولين بواسطة المايكروفون. فكان يضغط على الزر في شكل متقطّع، ليسمعهم صوت الخاطف الذي كان يقول: "لا تقم بعمل طائش، لن اؤذيك... هناك طائرات أخرى. لدينا طائرات أخرى". وفي هذه الاثناء، اتّصل أحد المضيفين بمركز عمليات شركة الطيران، وحذّر من أن عملية اختطاف تجري، وأعطى رقم المقعد الذي كان يجلس فيه أحد الخاطفين. وهي معلومة حاسمة للمحقّقين في الاعتداءات. ولم يكشف أحد من المعنيين اسم المضيف. ثم توجّهت الطائرة نحو نيويورك عند الساعة 29،8، في مسار مستقيم، على طول وادي هدسون. ثم انخفضت إلى علو 900 قدم. وعند الساعة 48،8، اخترقت الطابق 107 في البرج الشمالي لمركز التجارة العالمية، واتّجهت نزولاّ نحو 20 طابقاً. - الطائرة الثانية الرحلة 175- يونيتد آرلاينز: بقيت الأكثر غموضاً و"أدّت" استعراضاً انتحارياً. "من بين الطائرات الأربع، بدت الرحلة 175، وفي شكل مروّع، أنها الأكثر تعمّداً"، على ما كتب مراسل الصحيفة. وهي "الطائرة التي اخترقت البرج الجنوبي في طريقة اجرامية مسرحية، وكأن خاطفيها كانوا يعرفون أن صورها ستبث في كل مكان". أقلعت هذه الطائرة، وهي من طراز "بووينغ 767" أيضاً، من بوسطن عند الساعة 15،8، بقيادة الكابتن فكتور ساراتشيني 50 عاماً. ومنذ لحظة إقلاعها حتى لحظة اصطدامها، لم يعرف عنها الشيء الكثير. وحافظت الرحلة على مسارها باتجاه الجنوب الغربي الى لوس أنجليس، حتى الساعة 47،8، عندما وصلت غرب جسر جورج واشنطن في نيوجرسي، وانعطفت يساراً في شكل حاد. وبعد 12 دقيقة انعطفت يساراً مرة أخرى وظلّت على مسارها الجديد إلى أن صدمت البرج الجنوبي. وفي مرحلة ما، "قام رجال مسلّحون بسكاكين بطعن مضيفين"، على ما أبلغ أحد الركّاب أباه في اتصال هاتفي قصير. وتبيّن أن المتّصل كان بيتر هانسن 32 عاماً الذي يعمل مديراً في إحدى شركات البرامج، وكان مسافراً مع زوجته وطفلته عامين، على ما قال أحد أقربائه الذي أضاف: "يبدو أن الخاطفين حاولوا اجبار أفراد الطاقم على فتح قمرة القيادة". - الطائرة الثالثة الرحلة 77- اميريكان آرلاينز : غيّرت مسارها فجأة وسقطت على مبنى البنتاغون. كانت معظم مقاعد الرحلة 77 فارغة، والطائرة من طراز "بووينغ 757" ذات المحرّكين، أقلعت من مطار دلز متّجهة الى لوس أنجليس. وفي الساعة 51،8، أي بعد 40 دقيقة على الاقلاع، بلغت الطائرة مسار تحليقها الطبيعي، على علو 35 ألف قدم. وهي المرحلة التي يفكّ فيها الركّاب أحزمة الأمان ويتجوّلون في الطائرة... وقالت السلطات أن عدداً من الخاطفين كان بين الركّاب الثمانية والخمسين. وعندما وصلت الطائرة فوق أوهايو قرابة الساعة التاسعة، عطّل جهاز الاشارة. ثم استدارت شرقاً لتقطع مسافة 483 كيلومتراً، متحوّلة صاروخاً مدمّراً، ربما كان موجّهاً على البيت الابيض، على ما ذكر مسؤولون كبار في إدارة الرئيس بوش. ولم تدلِ السلطات بتفاصيل عن مسار الطائرة، فيما كانت متجّهة إلى واشنطن وسقطت على مبنى البنتاغون، في الجهة المقابلة للبيت الابيض، على الضفة الاخرى لنهر بوتوماك في فرجينيا. لكن شركة "فلايت أكسبلورر" التي تجمع المعلومات من أجهزة الاشارة في الطائرات التجارية، استطاعت أن تؤكّد أن الجهاز أطفئ عندما دخلت الرحلة 77 المجال الجوي لولاية أوهايو. ويُحتمل أن تكون اختطفت في هذه المرحلة. وأياً كان هدفها، عندما اتّجهت الطائرة نحو واشنطن، كان برجا مركز التجارة العالمية قد أصيبا بالطائرتين المختطفتين. وقرابة الساعة 25،9، علمت واشنطن أنها عملية اختطاف أخرى. وحصل هذا عندما اتّصلت المعلّقة التلفزيونية باربارا أولسون بزوجها تيودور المحامي العام في وزارة العدل، وأبلغته بالاختطاف. وبعد 5 دقائق، عادت وابلغته أن الركّاب اقتيدوا إلى مؤخرة الطائرة ومعهم الطيّار. فوصلها زوجها بمركز القيادة في الوزارة. ومع اقتراب الطائرة، لاحظ مراقبو الملاحة الجوية أنها تتّجه مباشرة إلى منطقة محظورة على الطائرات حول البيت الابيض. ومن الناحية النظرية، لو جاء الانذار مبكراً بأن طائرة ثالثة مخطوفة تتّجه نحو واشنطن، لانطلقت طائرات حربية من أي من القواعد المجاورة. وأصابت الطائرة مبنى البنتاغون عند الساعة 45،9. - الطائرة الرابعة الرحلة 93 -يونايتد آرلاينز: بقي هدفها مجهولاً. وقاوم ركّابها الخاطفين. "قال ركّاب لذويهم أنهم يفضّلون الموت وهم يقاتلون"، على ما ورد في "نيويورك تايمز". فمن خلال سلسلة من الاتصالات، قام راكبان في الطائرة التي تحطّمت في حقل في بنسلفانيا قبل بلوغها هدفها الذي بقي مجهولاً، بالاتصال بزوجتيهما، فعلما بالحادثين المرعبين اللذين وقعا في مركز التجارة العالمية. وفيما كانا على علو 35 ألف قدم، أبلغا الشرطة تفاصيل عن الاختطاف. وتعاهدا على محاولة دحر العدو، لمنع قتل آخرين حتى لو لم يتمكنا من انقاذ نفسيهما. وقالت ليزبث غليك 31 عاماً إن زوجها جيريمي أبلغها أن هناك 3 أو 4 ركّاب طويلي القامة أكثر من 198 سنتم، على متن الرحلة 93 لشركة "يونايتد آرلاينز" المتّجهة من نووارك إلى سان فرانسيسكو، خططوا لتنفيذ عملية انقاذ، ومازحوا بعضهم حول التغلّب على الخاطفين بواسطة سكاكين غير حادة للزبدة. وفي اتصال هاتفي مع مراسل الصحيفة، افادت غليك أن زوجها قال لها إن ثلاثة رجال ملامحهم عربية، يضعون ربطات حمر على جبهتهم ويحملون سكين، تحدّثوا عن قنبلة وسيطروا على الطائرة. عند الساعة 44،8 كانت الطائرة في الجو، وفقاً لسجلات الرادار، ومتّجهة غرباً، على نحو طبيعي، حتى بلغت كليفلاند بعد 50 دقيقة. وعند 37،9 عادت أدراجها. وقال مارك بينغهام، وهو لاعب روكبي سابق طوله حوالى مترين، لأمه أليس هوغلن إن ثلاثة رجال سيطروا على الطائرة وقالوا أن في حوزتهم قنبلة. ومن الساعة 30،9، بقي غليك وهو سبّاح، وبورنيت وهو لاعب فوتبول على اتصال دائم بزوجتيهما، يطلعانهما على كل ما يجري، إلى أن سقطت الطائرة عند الساعة 10،10. وقال غليك لزوجته: "اقتادوا الجميع إلى الخلف. وكان ثلاثة رجال في قمرة القيادة، ولم يكن يرى الطيارين الذين لم يتّصلوا بالركّاب، وقد يكونوا قُتلوا". ثم قرّروا الاشتباك مع الخاطفين... وانقطع الاتصال وهوت الطائرة