برنامج لتحسين إنتاجية القمح والشعير    الخطيب: المملكة ملتزمة بالتنمية المستدامة في القطاع السياحي    وزير الخارجية ينوّه بالتعاون السعودي الباكستاني لمواجهة التحديات وتعزيز التعاون    مطار دبي يغيّر مسارات الرحلات القادمة بسبب «منخفض الهدير»    المملكة تعرض مبادراتها لحماية واستدامة البحار في مؤتمر «محيطنا» التاسع في اليونان    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 21 لمساعدة الشعب الأوكراني    فيصل بن فرحان ووفد المملكة رفيع المستوى يلتقي رئيس أركان الجيش الباكستاني    179 مليون عملية نقاط بيع في المملكة بقيمة تجاوزت 11 مليار ريال خلال أسبوع    الهلال يكتفي بتمارين في صالة الإعداد البدني ومحاضرة فنية من خيسوس    الاتحاد الأوروبي يحذّر من مخاطر حرب إقليمية في الشرق الأوسط    المدينة المنورة تتقدم 11 مرتبة في المؤشر العالمي للمدن الذكية    النقد الدولي يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي إلى 6% في 2025    منسوبو مركز التنمية الاجتماعية في جازان يقيمون حفل معايدة بمناسبة عيد الفطر المبارك    محافظ جدة يستقبل القيادات العسكرية    المملكة تُسجل رقمًا قياسيًا ونموًا في الحركة الجوية لعام    نائب أمير مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير سعود بن مشعل يستقبل أئمة المسجد الحرام ومديري القطاعات الامنية    مذكرة تفاهم لتسريع استيفاء الحقوق الصادرة عن ديوان المظالم    أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء الجمعية التعاونية الأستهلاكية    أمير الرياض يحضر حفل تسليم جائزة الملك فيصل العالمية    نائب أمير منطقة مكة يرأس لجنة الحج المركزية    الربيعة أمام مؤتمر باريس: لن نسمح بغض الطرف عن الأزمة السودانية    القبض على شخص لترويجه مادة الإمفيتامين المخدر بمنطقة القصيم    42 مزادًا لبيع 278 عقارًا في 11 منطقة    نائب أمير الشرقية يطلع على دراسة تطوير أقسام العزل الصحي بالمراكز الصحية    أمير القصيم يستقبل الوكلاء المعينين لمحافظات المنطقة المكلفين حديثاً    منتدى دولي لتطوير رحلة العمرة والزيارة    بدء تسجيل الطلاب والطالبات المحتاجين في تكافل .. الأحد القادم    تأجيل مباراة الهلال والأهلي    أمير منطقة تبوك ينوه بالجهود والإمكانيات التي سخرتها القيادة الحكيمة لخدمة ضيوف الرحمن    موافقة سامية على تشكيل مجلس أمناء جامعة الملك عبدالعزيز    ارتفاع حصيلة ضحايا الأمطار والسيول في باكستان إلى 41 قتيلاً    القيادة تعزي سلطان عُمان في ضحايا السيول    تراجع مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    "القوات الجوية" تشارك بتمرين "علم الصحراء"    مدرب تشيلسي غاضب من لاعبيه بسبب شجار على تنفيذ ركلة جزاء    الأخضر تحت 23 يستهل حُلم "باريس" بمواجهة طاجيكستان    علاج جديد يعيد الأمل لمرضى السلّ    ارتفاع أسعار الذهب    استمرار التوقعات بهطول الأمطار مع انخفاض في درجات الحرارة ب3 مناطق    تركي آل الشيخ يعلن أسماء أبطال العالم المشاركين في بطولة العالم للملاكمة    «رافد» تدعو أولياء الأمور للتسجيل في خدمة النقل المدرسي    اقتصاد حائل يولد 28 مليار ريال في السياحة والتصنيع    بعد غياب.. شاكيرا تعود للجولات العالمية    كيف تصبح أكثر تركيزاً وإنتاجية في حياتك ؟    5 أكلات تريح القولون    ثلث النساء يعانين من صداع نصفي أثناء الدورة الشهرية    تعزيز التبادل الثقافي واستلهام التجارب الناجحة.. انطلاق المهرجان السينمائي الخليجي    ماذا بعد العيد ؟    أحد الفنون الشعبية الأدائية الشهيرة.. «التعشير الحجازي».. عنوان للفرح في الأعياد    الكشف المبكر لسرطان الثدي    «الوزاري الخليجي» يشدد على خفض التصعيد لحفظ الأمن والاستقرار    يتنكر بزي كيس قمامة لسرقة المنازل    مراحل الوعي    أكثر من 380 ألف طالب وطالبة بتعليم جازان ينتظمون في 2,659 مدرسة    السلام.. واتس !    انشرها يا وليد الفراج !    13 فكرة من آداب استخدام «الواتساب».. !    لا تظلموا الهويش والمعيوف!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسئلة جديدة تطرح نفسها على السينما السورية . ماض مجيد ومسيرة متعثرة ونهضة تحتاج إلى تأمل
نشر في الحياة يوم 17 - 08 - 2001

تنتشر آراء في الوسط السينمائي، سورياً وعربياً، وفي أوساط المهتمين من المثقفين والفنانين، أن السينما السورية لم تحقق الطموح الذي كان معولاً عليها، كمّاً وكيفاً. ويترافق ذلك مع الانحسار الكبير في انتاج المؤسسة العامة للسينما في العقد الأخير، خصوصاً أنها الجهة الوحيدة المسؤولة عن انتاج الأفلام في سورية.
وثمة أسباب كثيرة يستند إليها منتقدو ظاهرة تراجع السينما السورية، منها: حصر الانتاج في القطاع العام، ما أدخل عملية الانتاج السينمائي في دوائر البيروقراطية والمحسوبية واللاتنافس، وهيمنة اللون الواحد المعقم رقابياً في الابداع السينمائي، اضافة الى خروج القطاع الخاص تماماً من دائرة الانتاج، ما وأد صناعة سينمائية تخضع لقانون الربح والخسارة والعرض والطلب... الخ. ولا يخفى أيضاً عامل منافسة التلفزيون للسينما على المستويات كافة، اذ امتص كثيراً من الخبرات الفنية، من مخرجين وممثلين وفنيين وكوادر متخصصين. فسوق توزيع المسلسلات التلفزيونية أوسع كثيراً من سوق توزيع الأفلام السينمائية، ومردود الربح فيها أكبر أيضاً، علماً أن أكثر صالات العرض لا تتوافر فيها أبسط أنواع مستلزمات الراحة للمشاهد، ما ولد مسافة بين تلك الصالات وعموم الشعب، بغض النظر أحياناً عن نوعية الأفلام.
لوحة شاملة
وإذا أردنا رسم لوحة أوسع للأزمة، يمكن القول إن تطور وسائل الاعلام، عالمياً ومحلياً، حجّم اهتمام الناس بالسينما مقارنة مع العقود الماضية، كون السينما كانت وسيلة شبه وحيدة للمتعة، ثقافياً وبصرياً وسياسياً. واليوم دخلت أدوات أخرى للهيمنة على الانسان مثل الكومبيوتر والانترنت والفيديو والفضائيات والألعاب الالكترونية والمطبوعات الغزيرة. وكل ما سبق يرسم ربما صورة متشائمة لواقع السينما السورية في السنوات الماضية، من باب تراجعها الكبير عن التأثير في الذائقة الشعبية وفي الوعي الجماهيري. والحال ان السينما السورية أدت أدواراً كبيرة في تشكيل ذهنية المجتمع السوري منذ بداية القرن العشرين وحتى الماضي القريب. أدوار لها علاقة ببث الوعي السياسي والثقافي والحضاري من خلال الأفلام التي انتجت، على رغم بساطتها التقنية ورسالتها الكامنة وراء الصور والأحداث والسيناريو والاضاءة. وتطور السينما السورية كان مؤشراً كبيراً إلى تطور المجتمع السوري نفسه، وعكس أكثر الأفلام المنتجة اشكالات الواقع الاجتماعي طبقياً وقومياً.
ونظرة عميقة إلى مسيرة الانتاج السينمائي السوري في القرن الماضي، تؤكد الحقائق المذكورة آنفاً. فالبداية الرسمية لدخول السينما سورية كانت عام 1912، من خلال عرض قدمه حبيب الشماس في دمشق، بآلة تدار يدوياً في مقهى يملكه هو. و عام 1916، انشئت أول صالة للصور المتحركة في دمشق، ثم افتتحت صالة اخرى سميت "صالة دمشق" عام 1918. تلا ذلك تأسيس الكثير من دور العرض السينمائي بين حلب ودمشق ومدن أخرى. ثم جاءت ولادة أو فيلم سينمائي روائي طويل وعنوانه "المتهم البريء" عام 1928، وتولى رشيد جلال اخراجه وتصويره ووضع السيناريو له، في حين قام بالأدوار الرئيسية فيه كل من: أحمد تللو وأيوب بدري ومحمد المرادي. وعام 1931 انتج فيلم "تحت سماء دمشق" للمخرج اسماعيل انزور، والد المخرج التلفزيوني المعروف نجدت أنزور، بعد تأسيس شركة "هليوس" التي انتجته. وعام 1948، انتج فيلم عنوانه "نور وظلام" من تأليف محمد شامل وعلي الأرناؤوط، وهو أول شريط سوري ناطق، وشارك فيه مجموعة من الفنانين، منهم: رفيق شكري وأنور البابا وسعد الدين بقدونس وحكمت محسن وايفيت فغالي.
هكذا توالت الأفلام التي أنتجها أشخاص أو شركات، وأصبح حقل السينما من الحقول الفنية المألوفة لدى النخب الثقافية والتجارية. فكان "عابر سبيل" عام 1950 لأحمد عرفان، إخراجاً وتصويراً، ومن تمثيل المطرب السوري المعروف نجيب السراج. ومنذ بداية الستينات وحتى عام 1966، أخرج زهير الشوا أفلامه، فجاء "الوادي الأخضر" الذي مثل فيه الشوا نفسه مع دلال الشمالي وأميرة ابراهيم وأكرم خلقي وخالد حمدي، ثم "وراء الحدود" وهو عن قضية فلسطين، وقد توقف بعد سنتين من العمل عليه لعدم قدرته على تمويله. أما الفيلم الثالث فهو "لعبة الشيطان" الذي مثل فيه أيضاً الى جانب أميرة ابراهيم ونجاح حفيظ ونجوى صدقي.
نقلة نوعية
وبعد المرحلة التأسيسية تلك، بدأت مرحلة جديدة في تاريخ السينما السورية. اذ على رغم الحماسة الشديدة لدى المخرجين والممثلين، التي تجلت في أن الواحد منهم كان يؤلف ويخرج ويمثل وينتج بنفسه، فإن تلك المرحلة كانت تفتقر الى الخبرات والامكانات المادية والتقنية والفنية، إلا أنها شكلت منطلقاً لدى الكثيرين لوعي حاجات السينما ومتطلباتها. وجاءت النقلة النوعية للسينما بعد تأسيس وزارة الثقافة والارشاد القومي في سورية عام 1958، لتستحدث عام 1963 المؤسسة العامة للسينما التابعة للوزارة، وقد تمتعت باستقلال مالي وإداري، وأنتجت أول فيلم روائي طويل عام 1967، اخرجه اليوغوسلافي بوشكو فوتشينيتش، ومثل فيه خالد تاجا وعبداللطيف فتحي وهالة شوكت وثناء دبسي.
وبعد هزيمة حزيران يونيو 1967 والخيبة التي شعر بها العرب آنذاك وانطلاق العمل الفدائي، انتجت المؤسسة عام 1970 ثلاثية "رجال تحت الشمس" من إخراج محمد شاهين ومروان مؤذن ونبيل المالح. ومن 1970 إلى 1975، رأت النور أفلام عدة مهمة عالجت قضايا كثيرة، أبرزها القضية الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة وخارجها، وما خلفه الصراع العربي - الاسرائيلي من أثر في المواطن السوري، كذلك محاربة الاقطاع ومقاربة التوجهات الاشتراكية. وفي اختصار، زاوجت السينما بين الهمّ السياسي، القومي والوطني، والهمّ الاجتماعي. ومن هذه الأفلام "المخدوعون" للمصري توفيق صالح عن قصة غسان كنفاني، و"رجال في الشمس"، و"الفهد" للمخرج نبيل المالح عن رواية "الفهد" للروائي السوري حيدر حيدر، وفيلم "اليازرلي" للمخرج العراقي قيس الزبيدي، وثلاثية "العار" عن ثلاث قصص لفاتح المدرس من اخراج بشير صافية وبلال الصابوني ووديع يوسف، وفيلم "كفر قاسم" للمخرج اللبناني برهان علوية، وفيلم "الاتجاه المعاكس" لمروان حداد، الذي كان أول فيلم يحمض ويطبع في معامل مؤسسة السينما.
خبرات عربية
ومن الأفلام التي لفتت المهتمين في تلك المرحلة من الانتاج السينمائي "بقايا صور" لنبيل المالح عن رواية لحنا مينه. ويلاحظ أنها مرحلة انفتحت على الخبرات السينمائية العربية، بدخول عدد من المخرجين العرب في دائرة الانتاج، كبرهان علوية وتوفيق صالح وقيس الزبيدي. كان التوجه نحو القضايا العربية الكبيرة احتل حيزاً واسعاً في ذلك الانتاج، وأصبح لقضية فلسطين مكان مركزي في أكثر الأفلام المنتجة. ونادراً ما خلا فيلم من رسالة ايديولوجية أو قضية فكرية. وكانت افلام مثل "حبيبتي يا حب التوت" لمروان حداد، و"المصيدة" لوديع يوسف و"بقايا صور" لنبيل المالح و"الأبطال يولدون مرتين" لصلاح دهني و"القلعة الخامسة" لبلال الصابوني، عن رواية بالاسم نفسه للروائي العراقي فاضل العزاوي، تصب تقريباً في المنحى نفسه.
ومع بداية الثمانينات، عاد الى الوطن مخرجون شباب أنهوا دراستهم فن السينما في معاهد متخصصة في الاتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية. وكانوا محملين بأفكار تقدمية ويسارية، إضافة الى همومهم الوطنية. وكان لكل منهم بصمته الخاصة وأسلوبه المختلف عن الآخر. هذا الاختلاف أغنى السينما السورية وأثراها. وكانت أفلامهم جميعاً تنتمي إلى ما يعرف بسينما المؤلف. اذ لم يتجاوز أكثر السينمائيين السوريين مسائل الرجوع الى الطفولة والبيئة والذكريات في القرية أو المدينة من حيث ينحدرون.
وأخرج سمير ذكرى "حادثة النصف متر" عام 1980، ثم "وقائع العام المقبل" عام 1985، وأخيراً "ليل الغرباء" الذي يتحدث عن المفكر العربي عبدالرحمن الكواكبي. وتميز أسلوبه بالكوميديا السوداء.
واخرج محمد ملص فيلم "الليل" و"أحلام المدينة"، وكان هناك فيلم "نجوم النهار" لأسامة محمد. وبدا المخرج عبداللطيف عبدالحميد سلسلة من أفلامه ذات الطابع الكوميدي الساخر والحزين المعتمد نبش التفاصيل الانسانية الدقيقة وتحريك الهواء من حولها. فكانت أفلام "رسائل شفهية" و"ليالي ابن آوى" و"صعود المطر" و"نسيم الروح". واخرج ريمون بطرس فيلمي "الطحالب" و"الترحال" بلغة واقعية مباشرة. وكان هناك فيلم "شيء ما يحترق" لغسان شميط، وفيلم "صهيل الجهات" لماهر كدو وفيلم "اللجاة" لرياض شيا. وثمة جامع مشترك بين أولئك المخرجين هو أن افلامهم تنتمي الى ما اصطلح عليه بسينما المولف على ما أشرنا، أي ان يكون المخرج كاتب السيناريو في الوقت نفسه. وبالنسبة الى كل هذه الأفلام لم تكن مؤسسة السينما تهتم كثيراً بشباك التذاكر، كونها لم تكن تجارية التوجه، بل ان انتاجها كفله القطاع العام. ونال قسم من تلك الأفلام جوائز في عدد من المهرجانات العربية والدولية.
وأنتجت مؤسسة السينما أفلاماً وثائقية كثيرة نالت جوائز عربية وعالمية، منها "الماء والجفاف" لصلاح دهني، و"شهادة الأطفال في زمن الحرب" للعراقي قيس الزبيدي، و"الشاهد" لريمون بطرس، و"قيامة مدينة" لباسل الخطيب. وأنتج قسم السينما في التلفزيون أفلاماً عدة منها "محاولة عن سد الفرات" لعمر أميرالاي، و"دمشق مسافة للنظر" لهند ميداني، وسلسلة "مذكرات وطن" لأمين البني... الخ. ويمكن القول إن ما عُرض عن تاريخ السينما السورية، في عامها التسعين، لمحة سريعة عن بعض الانجازات وليس توثيقاً دقيقاً له، علماً أنه تاريخ لا يزال يواجه انتقادات تجعل منه وليداً جديداً.
انتقادات
ومن أبرز الانتقادات للسينما السورية، حتى السنوات الأخيرة، أنها لم تستطع ان تجعل من السينما قطاعاً صناعياً يُعتز به كما هي الحال في مصر مثلاً، وان القطاع الخاص انحسر دوره تماماً من عملية الانتاج والمنافسة، وان وزارة الثقافة السورية حتى اللحظة الأخيرة لم تراجع موقفها في مسألة حصر الانتاج في المؤسسة العامة للسينما، كون الأمر يخضع لتشريعات دولة بكاملها لا للوزارة فقط. وفي المدة الأخيرة، وبعد اصدار سلسلة من القرارات المتعلقة بالانتاج السينمائي واستيراد الأفلام وتصديرها، وقانون حماية الملكية الفكرية، والانفتاح السياسي النسبي، اضافة الى تعيين مدير جديد للمؤسسة هو الناقد السينمائي محمد الأحمد، المعروف باهتماماته السينمائية وافكاره الشبابية الساعية الى صناعة سينمائية مميزة، بدأت موجة من التفاؤل باستعادة الروح الحية للسينما السورية، كما شهدها عقد السبعينات من القرن الماضي. فخلال وقت قصير، شرعت الموسسة في إنتاج اربعة أفلام روائية طويلة. أولها "زهر الرمان" لغسان شميط، ويتحدث عن العادات والتقاليد في قرية جنوب سورية، ذات طابع خاص. وقد انتهى من تصويره في دمشق والسويداء، وأبرز الفنانين المشاركين فيه: أسعد فضة ومهى الصالح وعبدالرحمن أبو القاسم. كتب السيناريو غسان شميط نفسه، لذا يمكن القول إن العمل يندرج تحت اسم سينما المؤلف.
أما الفيلم الثاني فلعبداللطيف عبدالحميد، وعنوانه "قمران وزيتونة"، ويتحدث عن واقع الريف السوري. وكعادة عبدالحميد رسم تفاصيل الواقع بلغة ساخرة وكاميرا واقعية ظلت تؤكد اللقطة العادية الموحية، ويعالج هموماً انسانية حساسة بضحك حزين. والفيلم انتاج مشترك بين المؤسسة العامة للسينما وشركة خاصة، وأبرز الممثلين فيه أسعد فضة.
أما الفيلم الثالث فهو "صندوق الدنيا" لأسامة محمد. ولهذا الشريط قصة طويلة، إذ كان من المقرر أن ينتج قبل خمس سنوات، لكن المشكلات التي عانتها المؤسسة، ضعف تمويل وعوائق بيروقراطية، في السنوات الخمس الماضية أخرت انتاجه، وهو ينفذ بتعاون سوري - فرنسي مشترك، ومن أبرز الممثلين فيه: بسام كوسا وكاريس بشار وزهير عبدالكريم. والفيلم الرابع سيكون أول فيلم سوري تنتجه الموسسة العامة للسينما وتخرجه امرأة، هي الممثلة والمخرجة واحة الراهب، وسيحمل عنوان "رؤى حالمة".
وعلى صعيد الأفلام القصيرة هناك ستة ستنتجها المؤسسة قريباً، عدا الاستعدادات التي بدأت منذ مدة طويلة لمهرجان دمشق السينمائي الذي سيعقد بعد أشهر، وسيشكل نقلة نوعية مقارنة بالمهرجانات السابقة، وهذا ما أسر به الى "الحياة" المدير العام للمؤسسة محمد الأحمد، فضلاً عن الاتفاقات التي عقدت أخيراً بين الجهات السينمائية المعنية في كل من سورية وتونس، على الانتاج والتوزيع. ومع ايران تم تكثيف التعاون في الانتاج، على ما حصل في الفيلم الايراني "المتبقي" الذي صور في سورية وشارك فيه فنيون سوريون. وتم أخيراً الاتفاق بين مهرجان لايبزغ الدولي للأفلام التسجيلية، والمؤسسة العامة للسينما على تنظيم تظاهرة عن السينما التسجيلية في سورية تحت عنوان "السينما التسجيلية السورية: ملامح وآفاق"، عبر برنامج خاص ستكرم فيه السينما السورية، لما قدمته وتمتعت به من حضور متميز في مرحلة السبعينات في ذلك المهرجان.
هذا بعض من ملامح التطور الذي مرت به حياة السينما السورية. وهو لم ينتج من فراغ بالتأكيد بل جاء نتيجة جهود وتضحيات كثر من السينمائيين السوريين، اضافة الى ايمان المثقفين والمختصين بضرورة السينما اجتماعياً وفكرياً وثقافياً، وارتباطها بالمعارك المصيرية التي خاضها الشعب السوري والعرب عموماً، والتحامها مع اشكالات المجتمع بكل جوانبه.
الصورة ليست قاتمة إذاً، ومسيرة السينما لم تتوقف وان تلكأت. وعلى رغم وجود معوقات هائلة وضعت في طريقها مثل الرقابة وقلة التمويل وتخلف الأدوات التقنية والبيروقراطية... الخ، لكن ذلك كله لم يمنع السينمائيين من مواصلة الانتاج والاصرار عليه، فلم يكفوا عن حلمهم في تحويل السينما صناعة حقيقية، ذات أفق مسؤول ومفتوح على رهانات المستقبل، خصوصاً بعدما طرحت مسألة تطوير السينما السورية على أعلى المستويات الحكومية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.