ما أن هدأت الأخبار عن قرب التوصل إلى لقاح للملاريا، حتى جاءت أخرى تبشر بقرب اكتشاف لقاح آخر لمرض "ألزهايمر". فهل يمكن تصور أجيال المستقبل، وقد غدت منيعة لا يصيبها الخرف، بفضل هذا اللقاح؟ يعد استخدام اللقاح في علاج الأمراض الوبائية، مثل الملاريا وشلل الأطفال، شائعاً. ويتمثل الجديد في استعمال مبدأ اللقاح في علاج مرض عصبي - نفسي مزمن، مثل "ألزهايمر"، وهو مزيج من خرف بطيء وشلل متدرج، مع فقدان السيطرة على حركات الجسم. ويسجل التاريخ الطبي للقاحات أنها قضت على مرض الجدري، بعدما كان ضارياً ومخيفاً، وخفضت حالات الكزاز والحصبة الألمانية وشلل الأطفال وغيرها. ويقتل "ألزهايمر" مئة ألف ضحية، ويسجل 360 ألف حالة جديدة سنوياً، ويتوقع أن يصل العدد الإجمالي للمصابين به إلى 30 مليوناً بحلول عام 2030. إذاً، يبشر اللقاح بخفض هذه القائمة، من الاصابات والوفيات بهذا المرض الذي يعد السبب الأكثر شيوعاً للخرف. المرحلة الأولى علماء في شركة "إليان فارماسوتيكالز" أعلنوا انتهاء مرحلة أولى من تجربة اللقاح، واسمه "ايه أن - 1792"، على البشر. واختير مئة في مرحلة متقدمة نسبياً من المرض، وأُعطوا اللقاح على سبيل التجربة، فتجاوبوا معه بطريقة مأمونة. وأظهر المرضى ردود فعل تماثل ما ظهر في مرحلة التجارب على الفئران. ومن المقرر متابعة مرحلة ثانية من تجربة اللقاح على البشر قريباً، تشمل 375 مريضاً في مراكز طبية في الولاياتالمتحدة وأوروبا. وأثبت هذا اللقاح قدرة على الحدّ من تكاثر الصفائح plaques، التي تعدّ من المكوّنات الأساسية للمرض. ويتميز "ألزهايمر" بانخفاض مستمر في عدد الخلايا العصبية في الدماغ، وبظهور تشابكات عصبية غير مألوفة، إضافة إلى الصفائح المُكَوّنة من ترسبات بروتينية ودهنية. ولا يزال سبب المرض موضع خلاف علمي، ويعطي نجاح اللقاح وزناً إضافياً للرأي القائل ان ترسّب الصفائح هو المسؤول الأساس عن "ألزهايمر". وهناك من يعتقد أنها تظهر في الدماغ نتيجة خلل في جهاز المناعة في الجسم. ويصيب المرض النساء ضعفي ما يصيب الرجال، ويبدأ بالظهور عموماً، لدى من تجاوزوا الستين، مع وجود نسبة غير نادرة تصاب به في عمر أبكر. وفي البداية، يخرّب المرض الذاكرة المباشرة، كتلك التي نستعملها في أداء الأعمال اليومية والأحاديث العادية. ويعتبر النسيان وفقدان التركيز وعدم القدرة على اداء الأعمال الروتينية من العلامات المبكرة للمرض. وهناك مثال منعاً للإلتباس: إذا نسيت مفاتيح البيت، فهذا ليس من علامات المرض، أما إذا وقفت أمام باب بيتك الذي تفتحه يومياً، وحملت في يدك المفتاح، ولم تعرف كيف تستخدمه، فلربما كانت تلك من العلامات.