ارتفاع أسعار النفط    نيبال تتراجع عن حجب مواقع التواصل الاجتماعي    أمير منطقة المدينة المنورة يرعى حفل افتتاح ملتقى "جسور التواصل"    نائب أمير تبوك يثمن جهود البريد السعودي بالمنطقة    بدء استقبال طلبات تراخيص«الحراسة الأمنية»    الإطاحة بملوثي البيئة «بمواد خرسانية»    «النفط يتماسك» وسط تهديد عقوبات جديدة على الخام الروسي    نائب أمير المنطقة الشرقية يعزي أسرة الزامل    قاتل المبتعث «القاسم» يدعي «الدفاع عن النفس»    الجيش اللبناني ينتشر في الجنوب لضبط الأمن    آبي أحمد: لا يشكل تهديداً لأي من الدولتين.. إثيوبيا تفتتح سد النهضة ومصر والسودان يراقبان    السعودية تقود حملة دولية لوقف مجاعة غزة    «اللجنة العربية الإسلامية» ترفض تهجير الشعب الفلسطيني    القيادة تهنئ رئيس غويانا بإعادة انتخابه ورئيسة مقدونيا ب«ذكرى الاستقلال»    الفرنسي «ماتيو باتويلت» يحمي عرين الهلال حتى 2027    في ختام معسكره الإعدادي.. الأخضر يرفض الخسارة أمام التشيك    القيادة الكويتية تستقبل تركي بن محمد    الأخضر يختتم تجاربه بتعادل مثير أمام التشيك    الهلال يوقع رسمياً مع باتويي    «السفارة بجورجيا» تدعو المواطنين لتحديث جوازاتهم    النقل بالدراجات.. مخالفة مرورية    أطلقها وزير الموارد البشرية لتعزيز صحة العاملين.. لائحة لخفض معدل الأمراض والإصابات المهنية    محامي الفنانة حياة الفهد ينفي دخولها في غيبوبة    أنغام تشدو من جديد في لندن ودبي    تفاهم بين «آسان» و«الدارة» لصون التراث السعودي    مجمع الملك سلمان يعزز حضوره العالمي    دواء جديد يعيد الأمل لمرضى سرطان الرئة    140 ألف دولار مكافأة «للموظفين الرشيقين»    "الصحة" تستكمل التحقق من فحوص اللياقة والتطعيمات للطلبة المستجدين    33.8% زيادة عالمية بأسعار القهوة    إصبع القمر.. وضياع البصر في حضرة العدم    عندما يكون الاعتدال تهمة    يوم الوطن للمواطن والمقيم    50.2 مليون بطاقة صراف آلي تصدرها البنوك    حين يحترق المعلم يذبل المستقبل    الأخضر السعودي يتعادل مع التشيك ودياً    المسامرة يؤكد جاهزية الأردن لاستضافة كأس العرب للهجن في أكتوبر    مرصد سدير يوثق مراحل الخسوف ويقيم محاضرات وندوات    جامعة حائل تحقق إنجازًا علميًا جديدًا في «Nature Index 2025»    علاج جديد لارتفاع ضغط الدم بمؤتمر طبي بالخبر    أوكرانيا تعرض للدبلوماسيين أضرار أكبر هجوم جوي روسي    الوكالة الدولية للطاقة الذرية تتوقع اتفاقا وشيكا مع إيران    إحباط تهريب (65,650) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي بمنطقة جازان    انطلاق أولى ورش عمل مبادرة "سيف" بمشاركة أكثر من 40 جمعية من مختلف مناطق المملكة    منسوبو أسمنت الجنوبية يتفاعلون مع حملة ولي العهد للتبرع بالدم    فضيلة المستشار الشرعي بجازان: "التماسك بين الشعب والقيادة يثمر في استقرار وطن آمن"    مجلس إدارة جمعية «كبدك» يعقد اجتماعه ال27    أبرز التوقعات المناخية على السعودية خلال خريف 2025    إطلاق المرحلة الثالثة من مشروع "مجتمع الذوق" بالخبر    الأميرة أضواء بنت فهد تتسلم جائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز «امتنان» للعمل الاجتماعي    السعودية تحمي النسور ب«عزل خطوط الكهرباء»    صحن الطواف والهندسة الذكية    كيف تميز بين النصيحة المنقذة والمدمرة؟    وزير الحرس الوطني يناقش مستجدات توطين الصناعات العسكرية    تحت رعاية وزير الداخلية.. تخريج الدورة التأهيلية لأعمال قطاع الأمن العام    النسور.. حماة البيئة    الجوازات تواصل استقبال ضيوف الرحمن    رقائق البطاطس تنقذ امرأة من السرطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تخل عن كل أمل ، أيها الداخل إلى ... بون وجنوى ! . عقلية الإنعزال الأميركية تجهض إنقاذ البيئة
نشر في الحياة يوم 23 - 07 - 2001

ماذا في خلفية الخلاف القوي في قمة البيئة العالمية الذي عقد في مدينة "بون"، العاصمة الاقتصادية لألمانيا؟ ولماذا وقفت الدول المُمسِكة في صناعة السيارات والحافلات المدنية في العالم، أي اليابان والولايات المتحدة، صفاً واحداً في عدم إقرار "ميثاق كيوتو" 1997؟ وما الأهمية الفعلية لهذا الميثاق؟
قصة من الصين عن البيئة والعولمة
بُعيدَ أحداث ساحة "تيانانمين" في بيكين، حين سحقت دبابات النظام متظاهرين دعوا إلى الديموقراطية، تهيّب بعض المفكرين الموقف ودعوا إلى التدقيق في مسألة انفتاح الصين وانتقالها إلى الرأسمالية. وعلى سبيل المثال، يعني الانفتاح تدفق مئات ملايين السيارات إلى السوق الصيني. فماذا لو جاء حاكم له ميل رأسمالي وقومي في الوقت نفسه، مثلما كان "صون يات صن" في صين ما قبل هيمنة شيوعيي ماو تسي تونغ ؟ إذا أراد ضم تايوان، مثلاً، باستخدام وسائل الانفتاح، ما عليه سوى تهديد العالم بأنه سيطلب من كل سيارات الصين تشغيل محركاتها في الوقت نفسه لمدة ساعة واحدة يومياً! وسوف لن يصعب على أيٍ فهم المعادلة: إما تايوان وإما ... يغرق العالم في ذوبان القطبين المتجمدين، ويتكفل الجفاف والحرارة اللاهبة بالباقي!
حقائق التلوث في خلفية "كيوتو"
وتضم تلك القصة الوهمية جلّ العناصر اللازمة لفهم اللحظة من الموقف في البيئة العالمية، خصوصاً العلاقة المتشابكة بين الاقتصاد والسياسة والعلم والبيئة. وحضرت هذه العناصر قمة كيوتو 1997، وكانت ثاني قمم البيئة العالمية، بعد "قمة الأرض" 1992 في ريو دي جينيرو التي حضرها الرئيس جورج بوشالأب. وسجل الأب سابقة استخدام التفوق العلمي الأميركي في خدمة مصالح شركات الصناعة. وأحضر بوش فريقاً من جامعة ماساشوستس حاجج، وبالضد من كل علماء العالم، أن ارتفاع حرارة الأرض لا علاقة له مع أي نشاط إنساني، سواء في الصناعة أو غيرها. وقال الفريق الأميركي ان الكرة الأرضية شهدت مثل هذه السخونة وأكثر في حقب سالفة بعيدة. ومن ذلك "المنفذ"العلمي، أوقفت الولايات المتحدة جهوداً مبكرة لضبط انبعاث غازات الصناعة وعوادمها، المرتبطة مع ظاهرة "اثر بيت الزجاج". ولاحقاً، قبلت أميركا وجود تلك الظاهرة، لكنها أصرت على عدم ارتباطها مع نشاط الجنس الإنساني! وفي سابقة لافتة، قبل بوش الأب معاهدة عالمية عن التنوع البيئي BIODIVERSITY، لكنه أوقفها في الكونغرس ذي الغالبية الموالية للرئيس. ولم توقّع أميركا أبداً هذا الاتفاق.
وفي كيوتو اليابانية، حضر الرئيس بيل كلينتون ليوافق على ميثاق عالمي عن البيئة، لكنه أبقى على التحفظ العلمي الأميركي عن قبول العلاقة بين النشاط الإنساني ومتغيرات البيئة. وأظهرت قمة كيوتو الحقائق الآتية:
- ترتفع حرارة الأرض بسرعة على نحو لم تألفه منذ عشرة ألاف سنة.
- سجّل عقد التسعينات أعلى درجات حرارة موثقة في التاريخ.
- ازدادت درجة حرارة سطح الأرض بمعدل 6،0 درجة مئوية في القرن العشرين، ما يؤهل الى مزيد من السخونة اللاهبة خلال القرن 21.
- ارتفعت مياه البحار والمحيطات بمعدل من 10 إلى 25 سنتيمتراً خلال القرن الماضي، ما يعني توقع ارتفاع أشد خلال القرن 21، واحتمال طمر مساحات واسعة في مصر وبنغلاديش والصين.
- يميل مناخ الأرض الى إظهار المزيد من علامات الاضطراب والتقلّب الحاد.
- يشكل ثاني أوكسيد الكاربون 80 في المئة من غازات التلوث، وهو ينجم أساساً من حرق النفط والفحم والغاز الطبيعي.
- تنتج الولايات المتحدة وحدها نصف غازات التلوث الصادر من دول الصناعة، إي ما يوازي ربع ما ينتجه العالم أجمع من تلك الغازات. وتعطي دول الصناعة نصف غازات تلوث هواء الأرض.
ومال مؤتمرو كيوتو إلى اعتماد حل متدرج وشامل لمشكلة تلوث هواء الأرض وارتفاع حرارتها، والبداية هي في خفض انبعاثات عوادم الصناعة إلى مستوى يقل ب2،5 في المئة عما كانه في فترة التسعينات من القرن العشرين، خلال الفترة من 2008 إلى 2012. ومن الواضح أن صناعة السيارات والحافلات هي من المتضررين الكبار من ميثاق كيوتو، إضافة إلى توليد الكهرباء والصناعات الكبرى التي تستخدم النفط والغاز الطبيعي. ويزيد في قتامة الصورة، أن الغاز والنفط ليسا من المصادر الطبيعية القابلة للتجدد، وأن أسعارهما أبقيت دوماً دون المستوى الحقيقي، خدمة لمصالح الصناعات الكبرى.
عقلية الانعزال في البيئة والعولمة
وفي مساحة وقت سبق التئام "قمة جنوا" للدول الثماني الصناعية الكبرى، وكذلك اختتام قمة بون للبيئة، عُقد المؤتمر الصحافي المشترك بين الرئيس الأميركي جورج بوش الابن ورئيس الوزراء البريطاني طوني بلير، وحضرت فيه مشكلات كلا القمتين. ولام بوش المحتجين في "جنوى" آخذاً عليهم نزعتهم الانعزالية، نظراً إلى معارضتهم العولمة على الطريقة الأميركية. وتذرّع بوش بالحرص على مصالح الفقراء في العالم ليروّج لانفلات الاستثمارات العملاقة في العالم، تحت شعار"حرية التجارة العالمية". والمفارقة أن جل ّمحتجي "جنوى" دعاة عولمة، لكنهم يريدون إعلاء حدّ العدل فيها وكسر حِدّة الهيمنة الأميركية الأحادية التي تتنافى مع قناعاتهم في الديموقراطية. ولقد أتوا من دول متعددة، واستخدموا الإنترنت، وهي من روافع العولمة، واسِطةً في احتشادهم. ونأوا عن التركيز على مصالح دولة واحدة، وجعلوا من همِّ البيئة الكوني وديون العالم الثالث والفجوة الرقمية-العلمية بين الشمال والجنوب معقِد هواجسهم. وكل ذلك كفيل في أن يضعهم في خانة العولمة في امتياز.
وظهر التناقض على نحو ٍ أشد عندما تحدث بوش عن موقف إدارته التي تملصت من إلتزام الرئيس بيل كلينتون بميثاق كيوتو عن البيئة. وارتد "عملاق" العولمة إلى نبرة شديدة الانعزال عندما شدّد على إعطاء مصالح الصناعة الأميركية الأولوية المطلقة في أيَّة مقاربة للبيئة العالمية! وهكذا صَيّر بوش، وليس خصومه الشباب في شوارع "جنوا"، بيئة الكرة الأرضية رهينة موقف دولة واحدة، ولمصالح شركات الصناعة فيها ، وهو ما كررته باولا دوبريانسكي، ممثلة بوش في قمة بون.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.