أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الأمير عبد العزيز بن خالد آل سعود    ولي العهد يستقبل رئيس وزراء بريطانيا ويعقدان لقاءً موسعًا    العيسى: حل الدولتين هو الخيار الوحيد والعادل لسلام المنطقة    شراكة تاريخية وآفاق واعدة: زيارة رئيس الوزراء البريطاني تعزز التعاون السعودي-البريطاني    تعليم الطائف ينظم ورشة بعنوان معاً لمكافحة الفساد لمنسوبيه    "واعي جازان" تشارك في ملتقى التطوع    استشهاد عشرة فلسطينيين في قصف للاحتلال الإسرائيلي على وسط قطاع غزة وشماله    «صيدنايا».. السجن الأكثر رعباً في العالم    الكرملين يرفض تأكيد وجود بشار الاسد في روسيا    هيئة حقوق الإنسان يستعرض خدمات الأشخاص ذوي الإعاقة في العديد من القطاعات    أمانة القصيم تشارك في ملتقى اليوم السعودي العالمي للتطوع    سعود بن بندر يدشن أعمال ملتقى صيانة الطرق بالخبر ويستمر يومين    نائب أمير منطقة جازان يُدشن فعاليات "لقاءات جازان 2024"    ارتفاع طنيَّات المناولة بالموانئ بنسبة 4.29% خلال نوفمبر 2024م    "إرادة":الدعم الأسري والمجتمعي مهمان لعلاج المصابين باضطراب ما بعد الصدمة    أكثر من 100 فرصة عقارية بمزاد فرص المملكة    الزميل مصلح في ذمة الله    تحت رعاية الملك.. «التخصصات الصحية» تحتفي بأكثر من 13 ألف خريج من برامج البورد السعودي والأكاديمية الصحية 2024    ارتياح سعودي للخطوات الإيجابية لتأمين سلامة الشعب السوري    المعازيم    فيصل بن بندر يطلع على جهود مطارات الرياض    سعود بن جلوي يُدشّن الكلية التطبيقية بجامعة جدة    رغم تراجع السيولة.. «تاسي» يواصل صعوده    محافظ الخرج يستقبل مدير المرور    في الشباك    الانحراف المفاجئ يتصدّر مسببات الحوادث في الحدود الشمالية    في مسار الجهات الحكومية.. «العدل» تحقق جائزة العمل التطوعي    جائزة محمد بن سلطان تشارك في الاحتفال بتكريم الطلبة ذوي الإعاقة الموهوبين    مركز الملك فهد الثقافي بالأرجنتين يكرم السفير العسيري    أقدم عروس    منى زكي: «الست» يمثل تحدياً كبيراً في مسيرتي    الاستضافة إنجاز لو تعلمون عظيم    الأخضر يبدأ معسكره لكأس الخليج الخميس المقبل    5 أطعمة غنية بالكالسيوم لصحة العظام    يدخل غينيس بتفجير البالونات!    قوة الشعار    زواجاتنا بين الغلو والفخامة والتكلف والبساطة «2»    الشباب : باعتراف لجنة الحكام .. أخطاء الحكام أثرت في نتيجة مواجهتنا أمام الهلال    النصر يعود للتدريبات .. والبحث عن مباريات "ودية"    ثلث الكائنات مهددة بالانقراض    أهمية الانضباط في استخدام المترو    الصمت.. دروس من أعلى القِمم    كانت مجرد مصادفة لكنها حياتك التي تغيرت    تصاميم مبتكرة    آثار أخلاقية للذكاء الاصطناعي وتأثيراته    في مختلف الفعاليات والمناطق المتنوعة.. موسم الرياض يستقطب 10 ملايين زائر    تطبيق الدنيا حياة وموت    سعود بن جلوي يُدشّن الكلية التطبيقية بجامعة جدة وفروع الكلية بمحافظتي خليص والكامل    من هي المرأة في تمثال الحرية ؟    عصير البنجر.. لخفض ضغط الدم وصحة القلب    تطوير خاتم ذكي يكشف الأمراض التنفسية    براز الإوز مضاد للسرطان    مصر: غرق ميكروباص بداخله 14 راكباً في «ترعة» بأسيوط    نسخة محدثة من كما وصلني (حدثني ثقات)    مثمنًا الثقة الملكية بتجديد تكليفه نائبًا لمفتي المملكة.. "العواد": وسام فخر أعتز به    الأمير سعود بن نهار يتفقد المراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    «مشاهير العالم» يوثقون معالم قبلة النور    العلاقات واختلاف وجهات النظر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار عن "ثقافة الخوف" في "منتدى الأتاسي". خدام : لن نسمح ب"جزأرة" سورية ... والعودة الى عهد الانقلابات 3 من 3
نشر في الحياة يوم 10 - 07 - 2001

} نشرت "الحياة" تعقيبات المشاركين في "منتدى الأتاسي" على مداخلة الدكتور عبدالرزاق عيد في سياق الحوار عن المجتمع المدني ودوره في تحديث سورية وكان نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام قد اجتمع مع أعضاء الهيئة التدريسية في جامعة دمشق على مدرج الجامعة مساء الاحد 18 شباط فبراير الماضي لمناقشة الموضوعات والاشكاليات المطروحة. وتنشر "الحياة" اليوم النص الحرفي لموقف السيد خدام ورأيه بالمجتمع المدني والحرية والديموقراطية والشأن الداخلي، الى بعض المداخلات التي طرحت بعد محاضرته.
رفاق، بطبيعة الحال القيادة ناقشت الوضع السياسي في البلاد في ضوء قرارات المؤتمر وخطاب الرفيق رئيس الجمهورية حيث تحدث في هذا الخطاب عن آفاق تطوير التطور السياسي في البلاد. وقامت القيادة ببعض الخطوات منها الاجازة لاحزاب "الجبهة الوطنية التقدمية" بفتح مكاتب وباصدار صحف مع التوجه بخلق مناخ عام يريح الناس ويجعلهم يبحثون كيف يساهمون في دعم سياسة الدولة والحزب في هذه المرحلة التي تحتاج لدعم وطني شامل.
مع الاسف كنا نتوقع ان يقوم العديد ممن كتبوا او يكتبون بأخذ مبادرة الرئيس بشار الاسد والاسهام في البحث عن كيفية تحويلها الى واقع عملي في الحياة السياسية في البلاد. وهذا كان سيخلق مناخا للحوار في البلاد، من حوار بين فرد وفرد بين منظمة ومنظمة...لكن هذا الامر لم يحدث. ماذا حدث؟ بيانات تصدر باسم مثقفي سورية.اولا دعونا نتفق ماذا تعني الثقافة وماذا يعني المثقف: الدكتور قسطنطين زريق احد رواد الفكر في الوطن العربي في كتاب "الوعي القومي" عرَّف الثقافة قال: الثقافة تتألف من عنصرين: الاول، معرفة صحيحة عبر الجهد بالعقل الداخلي مع اطلاع متوازن على الفكر الاساسي للعلوم والفنون والآداب ومع علم متخصص باحداها. الثاني، الجهود العقلية والروحية التي تكتسب فيها المعرفة وتصبح فيها جزءاً من حياة الانسان. اذن شرط اساسي للثقافة والمثقف ان يكون هناك جهد عقلي اي ان يستخدم منهجية التحليل العلمي في البحث والاستكشاف. فهل هذا ما تم؟ هل هذا ماورد فيما ورد؟ هل صحيح ان حقبة هي اهم حقبة في تاريخ سورية ليس فيها الا الظلم ومصادرة الحريات والفساد والاضطهاد والقتل؟ هل هذا الكلام صحيح؟ الذين حللوا الواقع هل درسوا الوقائع وقائع تطور الحياة في سورية. هؤلاء الملايين من ابنائنا في المدارس والجامعات المتاح لهم كل فرص التعليم هل هذا جاء من فراغ؟ هذه البنية التحتية هذه المستشفيات والمستوصفات والمياه والكهرباء والطرقات، هل جاءت من فراغ؟ ثم سورية هي البلد العربي الوحيد في ظل قيادة المغفور له الرئيس حافظ الاسد التي بقيت وافقة صامدة بينما دول اخرى اساسية رخت، هل وقف الرئيس حافظ الاسد من الفراغ في هذه المواقف؟
هل هناك اخطاء؟ نعم هناك اخطاء، هناك خلل، هناك فساد. اذا كنا فعلا موضوعيين واذا كنا نستخدم المنهج العقلي العلمي في التحليل يجب ان نقول: هذه التجربة قد اصابت في كذا وكذا واخطأت في كذا وكذا، لكن هل حدث ذلك؟ ثم جاء الحديث في ثلاث مسائل الحرية، الديموقراطية، والمجتمع المدني مع الاسف المسألة الاساسية التي تشغل بال كل طفل في سورية وكل شيخ وكل امرأة وكل رجل وهي مسألة الصراع العربي - الاسرائيلي أم يجري الحديث عنها وكأن سورية بلد مرتاح اقليميا مرتاح دولياً.وكأن كل المسائل متوفرة لكن بقت مشكلة ان نصدر بياناً او لا نصدر بياناً.
الديموقراطية ليست بدلة جاهزة
جرى الحديث عن الديموقراطية، مع تقديري لعلم قسم كبير من الذين اصدروا هذه البيانات هم اخطأوا في فهم الديموقراطية وحتى في معرفة نشوئها وتطورها. الديموقراطية ليست بدلة جاهزة نشتريها من السوق او ننقلها من هذه الدولة او تلك. في اوروبا وصلوا الى المرحلة الراهنة من الديموقراطية ضمن كفاح وتطور منذ الثورة الفرنسية ومنذ ثورة كرونواي في بريطانيا. متى وصل الاوروبيون الى ديموقراطية حقيقية الى حد ما؟ عندما عرفوا حاجة المواطن الاقتصادية. المواطن في اوروبا لا يجد عملا لكن هناك ضمان البطالة. في سورية وفي مطلع السبعينات شكلنا مجلس شعب وكان نتيجة اختيار. اعتقد كان نسبياً افضل من كل المجالس التي جاءت فيما بعد. طبعا كان مجلسا معينا لا علاقة له بالديموقراطية اطلاقا لان شرط اساسي من شروط الديموقراطية ان تكون المؤسسات المنتخبة من الناس.
بعد دورات برلمانية اتخذت القيادة في العام 1990 توجها بترك ثلث المقاعد مفتوحة. دعونا نرى كيف جرت الانتخابات، ومن جاء وما هي المادة التي لعبت دوراً في هذه الانتخابات؟ الم يكن المال؟ كلكم تابعتم الانتخابات: في دمشق وحلب وفي حمص وفي كل مكان. في دمشق صرف المرشحون مئات الملايين من الليرات السورية لشراء الاصوات هل نستطيع القول ان عملية الشراء تحقق الديموقراطية؟ اذن فهمنا للديموقراطية يجب ان يكون فهماً لمرحلة التطور الاقتصادي اولاً والثقافي والاجتماعي. عندما يكون هناك عاطل عن العمل وجائع ويقول له مرشح خذ الفي ليرة ثلاثة آلاف ليرة اربعين دولاراً اميركياً هذا لم ينتخب المال هو الذي انتخب.
الحرية ركن اساسي من اركان حزب "البعث"، وهي احد اهدافه وناضل "البعثيون" منذ تأسيس الحزب من اجل حرية التعبير والانتخابات، واعود هنا لموضوع الانتخابات تحدث البعض عن الحالة النموذجية للانتخابات الديموقراطية في سورية في عهد الخمسينات. معظمكم قد لا يعرف شيئا عن تلك المرحلة. في عهد الخمسينات قيل ان ايضاً الديموقراطية نموذجية في سورية في ذلك العهد. لم تكن في عهد الخمسينات ديموقراطية بالمقاييس اياها. كان 17 نائبا لحزب "البعث" في انتخابات ال 1954، فيما كانت اكثرية المجلس من نواب "الحزب الوطني" و"حزب الشعب" وكتلة المستقلين والعشائر، وجميع هذه القوى الثلاثة كانت مرتبطة بالعراق وتريد الاتحاد مع العراق. مع ذلك فأي خط سياسي سارت به سورية؟ كان هو خط حزب البعث. الاقلية في المؤسسة الديموقراطية لمجلس الشعب قادت سياسة البلاد حيث كان هناك تضارب بين تطلعات الناس وعواطفها وبين القوى النيابية التي جاءت بحكم اما المال او الاقطاع او العشائرية او الطائفية.
رفاق، بالنسبة الى الحرية حزب "البعث" لا يمكن ان يتخلى عن قضية الحرية لانه اذا فعل يكون تخلى عن مبدأ اساسي من مبادئه، ولا يمكن ان يخشى الحرية لان هذا يعني انه عاجز فهو ليس عاجزاً ولا متخلياً عن مواقفه مبادئه. لكن هل الحرية قضية مطلقة؟ الحرية هي بطبيعة الحال جزء من الطبيعة الانسانية واي كبت للحرية هو مخالف للطبيعة الانسانية، واي كبت للحرية هو قتل للابداع والتفكير وللتقدم وكل ما هنالك.
لكن هل الحرية قضية مطلقة؟ اطلاقاً لا. ليس هناك في التاريخ وفي العالم حرية مطلقة. عندما تصبح الحرية قضية مطلقة هذا يتيح لي الفرصة ان اقتل زيد ويتيح لزيد فرصة ان يقتل عمر او يعتدي عليه...لذلك جاء الدستور وحدد الحريات وقضى ان تصدر قوانين تنظم ممارسة هذه الحريات للفرد حرية كاملة بالتعبير والتفكير والمشاركة والممارسة على ان لا يتعارض ذلك مع حق الفرد الآخر في ممارسة هذه الحقوق وعلى الا يتعارض ايضاً مع الوحدة الوطنية وامن البلد واستقراره.
هل من الحرية ان نقف ونقول او نطلق شعارات وافكارا تؤدي الى تفكيك الوحدة الوطنية في البلاد؟ هل هذه هي الحرية؟ عندما قال البعض: ان سورية فسيفساء جميل من اديان واعراق ومهاجرين وكل فئة من هؤلاء يجب ان تكون لها ثقافتها وحضارتها وان يكون التعاون فيما بينها متوازناً. ماذا يعني ذلك؟ فرنسا عجزت عن هذا الامر. الى اين ذاهبون افراد هذه الجماعة؟ معقول ان نقسم سورية الى طوائف والى اعراق ولكل شريحة حرياتها وحضارتها وثقافتها؟ ماذا يبقى من سورية؟
اخطر ما انتجه الوضع الدولي الجديد هو تفكيك الوحدات الوطنية عبر طرح شعار تقرير المصير. هم يريدون تقرير المصير للاقليات في يوغوسلافيا، لكن يرفضون تقرير المصير للشعب الفلسطيني وهذا نتيجة المعايير المزدوجة في استخدام القواعد او الافكار السياسية.
المجتمع المدني والتجربة الجزائرية
طرح موضوع المجتمع المدني واستندت عليه طروحات معينة. هل في سورية صراعات والناس تتقاتل مع بعضها البعض؟ او هل يريد ان تتقاتل الناس مع بعضها البعض؟ هل نحن مجتمع مدني؟ طيب، ترفضون كمثقفين هذا المجتمع، ما هو المجتمع البديل؟ هل المجتمع الجزائري هل ما حدث في الجزائر؟ هل ما حدث في يوغوسلافيا؟ هل ما حدث في الصومال؟
في هذا المجال اريد ان اشير الى التجربة الجزائرية: الرئيس السابق الشاذلي بن جديد قرر ان يقوم ببروستريكا. جيد من حقه. القى خطابا اتهم "حزب جبهة التحرير" واتهم الدولة كلها بالفساد والخراب واجرى انتخابات. امر طبيعي ان تنجح المعارضة طالما رئيس الدولة يتهم جميع مؤسسات المجتمع بالخراب والفساد. جاءت "جبهة الانقاذ الاسلامية" ماذا حدث؟ قام الجيش بانقلاب ماذا حدث؟ الجزائر تتمزق. اذاً قبل ان نطرح هذا الشعار يجب ان ندرس ماذا يعني المجتمع المدني.
على كل حال الاستاذ الكبير الدكتورانطون المقدسي شرح هذا الوضع في احدى مقابلاته الصحافية وفي شكل واضح. هو قال: المجتمع المدني يتطلب مؤسسات ديموقراطية ويتطلب وجود المؤسسات الوطنية اي النقابات والمنظمات.
قد يكون هناك خلل ما في هذه المؤسسة او تلك، نناقش الخلل لكن لا ننسف ما هو قائم لان لا يملك احد البديل ولا يملك احد القدرة على نسف ما هو قائم. هذا يجب ان يكون واضحا لاننا لن نسمح بشكل من الاشكال ان تتحول سورية لا جزائر ولا يوغوسلافيا ولا غيرها. هذا الامر يجب ان يكون واضحاً، ومسؤولية المثقفين ان يساعدوا في تعزيز الوحدة الوطنية وفي تطوير المجتمع الوطني في البلاد. في نقد ماهو قائم ماشي الحال لكن ليس بتجريم ماهو قائم وليس اعتبار ماهو قائم ضلال بضلال.
نعم هناك اخطاء، رئيس الدولة المرحوم حافظ الاسد وقف مرتين في مجلس الشعب، وفي العام 1999تحدث عن الخلل القائم في الدولة. لا احد يستطيع ان يدافع عن الخلل، ولا احد يستطيع ان يقول ان هذا الخلل امر غير ضار، لكن نناقش الخلل ونناقش كيف نتجاوز هذا الخلل ونعالجه.
اليس لدينا نقابات؟ نعم لدينا نقابات. هل "البعث" مسيطر على النقابات؟ نعم الحزب يسيطر على النقابات، لماذا؟ لان "البعثيين" هم اكثرية في هذه النقابات. هل المطلوب عند الانتخابات النقابية ان يصوت البعثيون لخصومهم او لغيرهم؟ هل المطلوب من قيادة "البعث" او حزب "البعث" ان يفصل مليون ونصف مليون من اعضائه المليونين حتى يكون هناك مجتمع مدني؟
منذ بضع سنوات، طلب السفير الاميركي في دمشق رايان كروكر مقابلة رئيس اتحاد العمال عز الدين ناصر وقدم له مذكرة يطالبه فيها بالتعددية النقابية. يعني اتحاد العمال يصير عشر اتحادات يعني تمزيق الحركة العمالية. هل هذا في صالح المجتمع المدني ومن متطلباته؟ مع الاسف، هم -آسف للحديث عن اناس تربطني بعدد منهم صداقة واحترمه- ومن المؤلم ان يجري حديث دون تقويم الوضع ودون تحليله.
دعونا نرى سورية خلال ثلاثين عاما، لماذا تعرضت؟ ماذا حدث في سورية خلال الثلاثين عاما؟ حرب تشرين الاول اكتوبر العام 1973، الم يكن لحرب تشرين اسقاطات على الاقتصاد الوطني؟ الحرب الاهلية في لبنان الم يكن لها اسقاطات على الوضع الداخلي في سورية؟ خلافنا مع الرئيس المصري الراحل انور السادات الم تكن له اسقاطات؟ محاصرة سورية والاحداث الدامية التي قام بها الاخوان المسلمون خلال اربع سنوات الم تكن لها اسقاطات في حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟ الحرب العراقية -الايرانية، اجتياح لبنان عام 1982 الحرب الثانية في لبنان ألم تكن لها اسقاطاتها؟ مرض الرئيس حافظ الاسد ومشكلة رفعت الاسد واجتياح العراق للكويت، هذه كلها احداث كبيرة مرت بها البلاد، هل تمر مثل هذه الاحداث دون ان تترك بصماتها؟ لو ان من اراد ان يساهم في الحياة السياسية استخدم التحليل والبحث العلمي لوصل الى استنتاجات اخرى.
مداخلات اساتذة الجامعة
ولدى افساح المجال للاسئلة والمداخلات، تحدث عدد من الاساتذة "البعثيين" الذين شاركوا في نقاشات المنتديات الثقافية، فأشار الدكتور سليم بركات الى ان طروحات المنتديات استهدفت رأس النظام والحكم لكنها افادت الحزب و"خلصته من الترهل وكما طرحتم فان هناك الكثير من المهام التي تنتظرنا كحزب، فالمعركة بدأت للتخلص من كافة التشوهات في اطار الحزب ويجب ان تستمر، وعلينا ان نضع كافة المقدسات بين ايدينا للحوار وان نقيم ذاتنا قبل ان يقيمنا الآخرين"، وان كان تساءل : "لماذا هذه المركزية التي تستبد بها القيادات العليا كالسيف على القيادات الادنى؟ المركزية لا قيمة لها اطلاقاً في ادبيات الحزب وانها محشوة حشواً فيها ... الخطأ ليس في الرفاق وانما الخطأ في قيادتهم، لذلك ان لم تصلح احوال الحزب لن تصلح احوال الدولة ومطلوب دور فعال للحزب وان لا يكون مطية لاصحاب النفوذ واتمنى ان لا نكون مطية لمبادئنا. لماذا لايتم الفصل بالدستور بين ممارسة السلطة وممارسة التجارة؟ لماذا يتم التمسك في قانون الطوارئ منذ العام 1963 وماذا يقدم غير الردع؟".
وقال الدكتور محمد كامل عمران: "يجب ان لانخشى من ظاهرة المجتمع المدني التي تتشكل من بقايا مفلسين شاخوا فكريا وزمنياً، هذه الظاهرة اذا ما التفت اليها شباب الوطن وضمتهم لها ستكون الكارثة والمطلوب ان تتحرك القيادة بشكل كبير لمعالجة هذه القضية". ونصح الدكتور منير الاحمد ب"وجوب ان نتوقع تآمرا في كل دقيقة وهم المثقفون ودعاة المجتمع المدني بذرة للفتنة وجيلاً من الجراثيم ينمو ان لم تتم مكافحتهم".
من جهته، اوضح الدكتور عماد فوزي شعيبي، وهو غير بعثي :"فكر الرئيس الراحل في بداية عهده بموضوع المجتمع المدني كوسيط بين الدولة والمجتمع باعتبار ان التفاصيل الداخلية في المجتمع تحتاج بشكل او بآخر الى مؤسسات دون مؤسسات الحزب حتى، لذلك اقام وزارة الادارة المحلية، لكن لماذا لا يتم تفعيل الادارة بالسرعة الممكنة لتقديم خدمات حقيقية للناس وسريعة وملموسة بدلا من ان نجد انفسنا في لحظة من اللحظات وارجو ان لا اكون ابالغ هنا امام المحاولات التي تسعى لتشكيل سيناريو كاريكاتوري لليش فاليسا ولنقابة التضامن في بولندا عبر اختبار سوريا بما لم تختبر به وهو العصيان المدني".
لكن الدكتور احمد برقاوي، وهو احد الذين شاركوا في المنتديات ونشاطاتها، تساءل: "لماذا ظهرت على هذا النحو ولم تظهر على نحو آخر؟ وهذه النشاطات نتاج للمناخ الذي اشاعه خطاب القسم، اذ اعتقد جمهور من المثقفين بأن هذا المنهج كفيل بأن يوصل رأيهم الآخر الى السلطة". كما سأل الدكتور برقاوي السيد خدام: "هل الكلام الذي سمعناه نقدا لهذه المنتديات وظاهرة المجتمع المدني ام هو قرار بالغائها ووقفها؟ المجتمع جملة من الاختلافات ومن الصعب فهم ان نطبع المجتمع بطابع واحد، وهذه الآراء على العكس تساعدنا على فهم تجربتنا وماضيها، هناك آراء نقدية واخرى شبه نقدية واخرى حدية. مثلا لا نستطيع ان نسمع من شخص خرج من السجن لتوه ان يصفق للسلطة. انه يريد ان يبحث عن نظام سياسي لا يعود معه الى السجن وهذا امر طبيعي وآخر يريد ان يطور التجربة".
وزاد الدكتور عدنان علي على ذلك بالسؤال: "لماذا التخوف من فكرة المجتمع المدني؟ اذا كانت هذه القوى تهدف الى المحافظة على دستور البلاد وعلى القوانين وتريد ان تقدم بدورها في رسم القرار التنفيذي فأهلا بها، واريد القول انه لايجب ان يقف احد بوجه هؤلاء لأنهم ابناء الوطن ويجب ان يكون لهم دور في خدمة بلدهم لكن بالشكل الذي نتفق عليه وليس بالشكل الذي نفرضه عليهم او يريدون ان يفرضونه علينا".
من جهته، اجاب نائب الرئيس السوري على معظم الاسئلة والمداخلات من جوهر ما قاله في المحاضرة. وزاد: "يجب ادراك عددامن الحقائق وخاصة الظروف التي مرت بها سورية خلال 30 سنة احداث كبيرة كانت لها اسقاطات وادت الى نمو الكثير من السلبيات التي نشكو منها جميعاً، هناك تراكمات ايجابية وتراكمات سلبية ومهمة الحزب ان يأخذ هذه الايجابيات ويتجنب السلبيات، وعندما نتحدث عن كل هذه الظروف هل نستطيع ان نلغي الاحكام العرفية ونحن في حالة حرب، قانون الطوارئ مورست عبره اخطاء هذا صحيح وطبق في ظروف كانت خطأ هذا صحيح، ويجب ان نتحدث عن الخطأ ونعمل على تجاوزه. لكن لماذا التركيز الآن على قانون الطوارئ من اجل ان تفلت البلاد؟"
وعن رأيه في مشاركة "البعثيين" في المنتديات، قال خدام :"اطلعت على الحوار وبرأيي لم يكونوا موفقين. ونقطة الضعف عند هذه الجماعة من النشطاء والمثقفين ليست كون رياض سيف وكيلا لشركة اديداس، وانما نقطة الضعف عندهم هم. وعندما ذهب الرفاق البعثيون ذهبوا ليدافعوا وليس ليهاجموا وعندما صدر قرار من القيادة لذهاب عدد من الحزبيين القادرين على الرد كان الهدف تفنيد ما يطرح واظهار ثغراته وخلفياته".
وتابع ان قيادة "البعث" اعطت النشطاء والمثقفين "مهلة ستة اشهر، لكن هناك حدودا واهم هذه الحدود امن البلد واستقراره ... قيادة الحزب معنية بشكل جدي بتطوير الحياة السياسية في البلاد، لكن هذا الامر لا يأتي في الاولوية المباشرة التي هي معالجة الوضع الاقتصادي وتوفير حاجات الناس وفرص العمل".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.