"انقلب السحر على الساحر... وبدأ التخطيط لقتل المسؤول عن ملف العملاء ووحدات التصفية في جهاز الاستخبارات الاسرائيلية". هذا ما قاله قائد "كتائب الشهيد حسين عبيّات" بعد قتل ضابط كبير في جهاز "الموساد" هو يهودا ادري الملقب ب"مودي" على يد حسن أبو شعيرة من عناصر حركة "فتح" في مخيم عزة للاجئين بمنطقة بيت لحم. وتحاكي تفاصيل عملية اغتيال الضابط العقيد إدري أكثر قصص الاستخبارات إثارة، كما وصفها مصدر في "كتائب الشهيد عبيّات" التي اعلنت مسؤوليتها عن الاغتيال انتقاماً لعبيّات نفسه الذي قتل في يوم خميس، في الرابع عشر من تشرين الثاني نوفمبر الماضي بواسطة مروحية عسكرية أدت في حينه الى استشهاد سيدتين فلسطينيتين كانتا من عابري السبيل. بدأت القصة عندما حاول ضابط "الموساد" تجنيد الشاب ابو شعيرة 32 عاماً وأب لثلاثة اطفال خلال عمله في احد المطاعم في مستوطنة غيلو جنوب مدينة القدس قبل نحو عشرة ايام. وقد طلب منه التعرف إلى هويات فلسطينيين من المخيم كانت صورهم بحوزته. فرفض استجابة طلبه، وابلغ اعضاء في ميليشيا "فتح" ما حدث. فطلبوا منه عدم الانقطاع عن الضابط والايحاء باستعداده للعمل مع جهاز الاستخبارات. وهنا جاء دور شخص يدعى أيوب دعدرة - وهو كما قال المصدر معروف بتعامله مع سلطات الاحتلال وكانت السلطة الفلسطينية اعتقلته بسبب ذلك - لترتيب اول لقاء "عمل" بين ابو شعيرة وإدري. واتفق ابو شعيرة ودعدرة مع الضابط إدري على نقطة لقاء في شارع الانفاق الذي يصل مستوطنات غوش عتصيون بمنطقة الخليل. وقضت الخطة بأن يقلهما الضابط الى مكان "آمن" حيث يدلي ابو شعيرة الذي اعتقل اربع مرات في السجون الاسرائيلية بمعلومات عن ناشطين مسلحين في منطقة بيت لحم. وفي الساعة العاشرة صباحاً، ترجل الفلسطينيان من سيارتهما وتوجه ابو شعيرة نحو الضابط الاسرائيلي الذي كان يرتدي سترته الواقية من الرصاص وأطلق النار على رأسه وصوب رصاصة باتجاه أحد مرافقيه. وفي اللحظة التي هم فيها بمغادرة المكان، خرج المرافق الثاني وهو جندي في الجيش وطارده وأرداه فوراً، فيما أُخفي العميل دعدرة ولم يعرف هل أصيب هو الآخر أم لا. وكان ابو شعيرة ودع اهله واصدقاءه، عشية تنفيذ العملية، وزار والده العجوز في المنزل وطلب منه ان يسامحه وقبل يديه وقدميه وأوصاه بأطفاله الثلاثة وأهدى جهاز هاتفه النقال إلى أحد اصدقائه. وكشف رئيس قائد المجموعة المجهول الهوية ان الضابط الاسرائيلي كان المسؤول المباشر عن قتل عبيات وقائمة طويلة من الناشطين الفلسطينيين اغتالتهم المخابرات في الاشهر التسعة الماضية بمساعدة عملاء لها جندتهم عن طريق مكتب إدري نفسه الذي يقيم في مستوطنة معاليه ادوميم جنوب شرقي القدس. وقال المصدر ذاته إن "ملف العملاء ووحدات التصفية الرقم 504 لم يكن يفارق الضابط الاسرائيلي".