بعد حياة حافلة بالأحداث والتطورات السياسية راوحت بين الأحزاب الشيوعية والأفكار الاسلامية يُشيع اليوم الأمين العام لحزب العمل عادل حسين 69 عاماً، الذي توفي فجر أمس إثر صراع قصير مع المرض استغرق أياماً قليلة. ظل حسين طوال حياته العملية رقماً صعباً في المعادلات السياسية وغاب ايضاً وهو يحمل "اللقب" ذاته إذ أثارت وفاته المفاجئة تساؤلات عن مستقبل حزب العمل المجمد نشاطه منذ آيار مايو الماضي، وكان إبعاده عن قيادته الخيار الأبرز المطروح لإنهاء الأزمة وإعادة الحزب الى نشاطه مجدداً بدلاً من المضي في طريق المطالبة بإلغاء رخصته. ومنذ التحق بالحركة الشيوعية المصرية نهاية الاربعينات حين كان طالباً في كلية العلوم جامعة فؤاد الأول - القاهرة حالياً - كان حسين شغوفاً بالبحث النظري، وظل كذلك حتى أنجز في نهاية الثمانينات نقيضاً لأساسه النظري، إذ أجهز على المفاهيم الاشتراكية لحزب العمل، منحازاً للفكر القومي والاسلامي وليحولها من أفكار سياسية الى واقع، مؤسساً "التحالف الاسلامي" مع "الاخوان المسلمين". وعلى رغم ما سببه ذلك من فراق مع رفاق الأمس، إلا أن المفكر اليساري الدكتور رفعت السعيد قال ل"الحياة": "طبقت وعادل مبدأ الخلاف لا يفسد للود قضية، ورحيله خسارة كبيرة للعمل السياسي في مصر وعلى رغم اختلافنا مع توجهاته يظل عادل رقماً مهماً في الحياة السياسية". وربما كان اهتمام حسين وعمله الدؤوب من أجل استمرار التحالف الذي واجه صعوبات عدة منذ تأسيسه هو الباعث على مسارعة نائب مرشد جماعة "الاخوان المسلمين" المستشار مأمون الهضيبي إلى الوجود في مقر الحزب في حي السيدة زينب وسط القاهرة فور إعلان نبأ الوفاة وملازمته زعيم "العمل" المهندس ابراهيم شكري. ودخل حسين طوال حياته في مناظرات وسجالات سياسية وفكرية مع رفاقه الشيوعيين كانت أساس انتقاله الى صفوف القوميين العرب وانحيازه للفكر الناصري وأساس دعواته الصحافية من خلال عمله في صحيفة "الاخبار". وطوال التسعينات استقطب حسين الاضواء في الأوساط السياسية، إذ تحول حزب العمل خلال توليه مسؤوليته التنظيمية والسياسية الى أبرز قوى المعارضة، وقاد معارك عدة ضد رموز مهمة في الحكم منهم وزير الداخلية الأسبق حسن الالفي ونائب رئيس الحكومة وزير الزراعة الدكتور يوسف والي الامين العام للحزب الحاكم والرجل القوي في الحكم ثم وزير الثقافة فاروق حسني، إلى جانب نجاحاته المتوالية في إقصاء معارضيه داخل الحزب، وحوكم خلال هذه الفترة بتهم القدح والذم وتلقى أحكاماً بالسجن وكان يخرج من معركة الى أخرى. وكانت "وليمة لأعشاب البحر" المعركة الاخيرة في حياة حسين التي أدت الى إغلاق الحزب والتهديد بالغاء ترخيصه بعد اتهام العمل بتبني خطاب "تكفير ديني وتحريض على العنف" وكان حسين دائماً يرد "اذا كان الدفاع عن الاسلام ورد الاذى والإهانة عن الرسول عنف فنحن ارتكبناه"، مشدداً على أن "معركتنا مع الصهيونية والامبريالية الاميركية هي أساس البلاء الذي نعانيه". وحتى وفاته كان حسين يرفض أي مصالحة مع الحكومة يكون أساسها تغيير بنية الحزب الفكرية، معتبراً أن حدوث ذلك بمثابة شهادة وفاة رسمية.