للمرة الثانية في خمس سنوات، ينجح نيزك مريخي وزنه أربعة كيلوغرامات وشكله كحبة بطاطا كبيرة، في هز أوساط العلم والإعلام، وإثارة أسئلة عميقة عن علاقة بيولوجيا الأنواع الحيّة في الأرض مع الفضاء، خصوصاً الكوكب الأحمر المريخ. وفي اختراق علمي، أعلنت "وكالة الفضاء والطيران الأميركي" ناسا توصّل فريقي عمل دوليين الى نتائج منسجمة تؤكد احتواء النيزك كائنات ميكروسكوبية، مثل البكتيريا، عاشت على المريخ قبل 9.3 بليون سنة. والأرجح أن الكوكب ذا السطح الصدئ المنفّر كان عاجّاً، في ماضٍ سحيق، بأنواع بيولوجية تعيش على مواد عضوية. و"بفضل تقنيات تصوير متطوّرة، توصّل فريق علمي قاده الدكتور أيمر فريدمان في مختبر "إيمز" التابع ل"ناسا" في وادي السليكون ولاية كاليفورنيا، الى اثبات ان الخط المنتظم من بلورات أكسيد الحديد الممغنط مغناتايت تشكَّل بفضل كائنات ميكروسكوبية بيولوجية كانت تقتات مواد عضوية. ووصف فريدمان الخط ب"سلك من اللآلئ يملك كل منها خواص قطعة مغناطيس... ولولا انها عاشت في جوف بكتيريا لتنافرت وتفتتت". وتطابق ذلك مع نتائج فريق ثانٍ من "ناسا"، قادته الاختصاصية كاثي توماس كيبترا من "مركز جونسون لبحوث الفضاء"، دلّت الى تشابه خط اللآلئ المغناطيسية في النيزك المريخي مع أنساق غذاء بكتيريا "حديثة" على الأرض. وتعتبر النتائج حسماً لجدل طويل شغل علماء بيولوجيا الفضاء Astrobiology، وهي علم ناشئ عن الأنواع الحيّة في الكون. وعُثر على النيزك في القطب الجنوبي عام 1984، وفي 1996 ظهرت دلائل الى وجود آثار لعيش بكتيريا مريخية فيه. واهتز العالم، آنذاك، بالنبأ المذهل الذي بلغ من الأهمية حد اذاعته في مؤتمر صحافي في البيت الأبيض، حضره الرئيس السابق بيل كلينتون ومدير وكالة "ناسا" دانيال غولدن. ثم انشغل الاعلام بنقاشات عميقة عن علاقة بيولوجيا الأرض مع الفضاء. ونظر بعض الأوساط العلمية، الى ما أعلن بريبة، بسبب حجم "الآثار" البيولوجية، وانها أصغر من أي جسم بيولوجي دقيق. وأدّت بحوث تالية، الى دحض الشكوك، وأثبتت ان بكتيريا الفضاء يمكنها ان تصغر حجماً عن بكتيريا الأرض. وتعتبر النتائج الحالية مهمة من وجهة نظر بيولوجيا الفضاء والتطور، وكما قال فريدمان فإن "سلم الأنواع انطلق الى مدار أرحب، وامتد من الأرض الى المريخ".