مرّت أمس الذكرى السنوية العاشرة على توقيع وثيقة حل الاتحاد السوفياتي وسط تفاوت مشاعر الروس ازاء المناسبة. وفيما رأى الديموقراطيون ان تفكيك الاتحاد السوفياتي جنّب شعوبه حروباً أهلية، أظهرت استطلاعات الرأي ان غالبية الروس تعتبر يوم انهيار الاتحاد السوفياتي يوماً حزيناً. في 8 كانون الأول ديسمبر 1991 وقّع رؤساء روسيا وبيلاروسيا وأوكرانيا في غابة نائية قرب العاصمة البيلاروسية مينسك وثيقة تأسيس رابطة الدول المستقلة التي نصت على ان "الاتحاد السوفياتي لم يعد قائماً كواقع جيوسياسي". وحرص الرؤساء الثلاثة بوريس يلتسين وستانيسلاف شوشكيفيتش وليونيد كرافتشوت على تضمين الوثيقة بنوداً عن "احترام سيادة الدول الموقعة على الوثيقة ومراعاة سلامة أراضيها وأمنها كدول مستقلة ذات سيادة"، في ما اعتبره المراقبون دعوة مباشرة الى بقية جمهوريات الاتحاد السوفياتي ال15 الى الانضمام للمعاهدة. وعلى رغم ان 75 في المئة من المواطنين السوفيات كانوا صوتوا قبل فترة وجيزة في استفتاء عام على بقاء الدولة الموحدة، إلا ان اجتماع مينسك تجاهل إرادتهم. وبرّر انصار الرئيس يلتسين ذلك بالقول انهم تمكنوا من تفادي اندلاع حروب أهلية كان يمكن ان تنشب بين دول الاتحاد. وذكر مستشار الرئيس الروسي للشؤون القانونية سيرغي شاخراي الذي يعد أحد مهندسي الاتفاق الجديد ان الاتحاد السوفياتي "كان يمر في مرحلة موت سريري" مشيراً الى ان الرؤساء الثلاثة لم يقوموا بأكثر من "اعلان الوفاة رسمياً"، الا ان استطلاعاً أجراه معهد دراسات الرأي أخيراً أظهر ان الغالبية العظمى من مواطني الاتحاد السوفياتي تأسف لانهيار الدولة العظمى. ورأى 72 في المئة منهم ان أخطاء قادة الجمهوريات السوفياتية ومصالحهم الذاتية هي السبب وراء التفكك الذي كان يمكن تجنبه، والذي أدى الى نتائج كارثية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. وخلال السنوات العشر الماضية انخفض الناتج الوطني الاجمالي لدول الرابطة المستقلة الى أقل من نصف ما كان عليه في الاتحاد السوفياتي. وانكمشت القدرة الدفاعية لدول الرابطة في شكل كبير كما خرجت دول الاتحاد السوفياتي السابق من أسواق كانت رائدة فيها. وعلى المستوى الداخلي، نشبت حروب ونزاعات محلية في مولدافيا وجورجيا وبين أرمينيا وأذربيجان وفي آسيا الوسطى وشمال القوقاز، اضافة الى ان السياسة الاصلاحية التي اتبعت في روسيا أدت الى نهب الثروات وتقلص التعداد الاجمالي للمواطنين في شكل كارثي وتفاقم الجريمة المنظمة والفساد.