رفضت موسكو "تصديق" تأكيدات أميركية بأن الطائرة الروسية التي تحطمت أول من أمس لدى عودتها من إسرائيل اصيبت بصاروخ أوكراني. وأكد الرئيس فلاديمير بوتين أن هذا الاحتمال "مستبعد"، فيما ذكرت مصادر عسكرية أوكرانية أن "توبوليف" اصيبت فعلاً بصاروخ "سي 200" عن طريق الخطأ. وأعلن في موسكو أمس أن النيابة العامة فتحت تحقيقاً في الحادث، على خلفية فرضية الطابع "الإرهابي"، علماً أن الرئيس الأوكراني ليونيد كوتشما نفى ليل الخميس أن يكون صاروخ اسقط الطائرة، التي قتل ركابها الإسرائيليون والروس. وأكد البيت الأبيض أمس أنه لا يرى دليلاً إلى عمل ارهابي. وكانت الطائرة الروسية غادرت مطار بن غوريون وعلى متنها 66 راكباً وطاقم من 12 شخصاً، وفقد الاتصال بها حين كانت على بعد 200 كيلومتر من السواحل الروسية، و300 كيلومتر من شبه جزيرة القرم الأوكرانية، التي شهدت أول من أمس مناورات لقوات الدفاع الجوي في أوكرانيا. وفور إذاعة النبأ، أعلن وزير المواصلات الإسرائيلي افراييم سنيه ان الحادث نجم عن عمل إرهابي، فيما أكد بوتين أنه "لا يستبعد" هذا الاحتمال. وبدأت في وسائل الإعلام الروسية حملة صاخبة على العرب والمسلمين الذين اتهموا بأنهم وراء الحادث. ورداً على الاتهامات، قال أحد المعلقين في تلفزيون "ت في 6": "لو جرح دب في القطب الشمالي لوضعت المسؤولية على عاتق اصولي أو ارهابي عربي". وأصر عدد من كبار المسؤولين الروس على أن الحادث "عمل إرهابي"، وفتحت النيابة العامة دعوى "إرهاب"، قبل أن تظهر النتائج الأولية للتحقيق. واللافت أن الرئيس بوتين، الذي حض على الامتناع عن التحدث في أسباب سقوط الطائرة قبل اكتمال التحقيق، قال في الوقت ذاته إنه لا يستبعد العمل الإرهابي. وعلى رغم أن جهات أميركية، عسكرية واستخباراتية، أكدت أن طائرة "توبوليف 154" اسقطت بصاروخ أوكراني، فإن الرئيس الروسي أشار إلى استبعاد هذا الاحتمال، مضيفاً ان السلاح الذي استخدم في المناورات البحرية - الجوية كان "عاجزاً عن الوصول إلى الممرات الجوية التي عبرت منها الطائرة". وأجرى بوتين اتصالاً هاتفياً برئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون وتبادلا التعازي، وأعلن لاحقاً أن الدولة العبرية ارسلت فرقاً بوليسية ومحققين إلى روسيا، للمشاركة في كشف خلفيات الحادث. وفي أوكرانيا شكلت لجنة للتحقيق، وأعلن وزير الدفاع الكسندر كوزموك ان أياً من الصواريخ التي اطلقت خلال المناورات لم يصب الطائرة. وذكر أن 23 صاروخاً اطلقت، كل منها مداه أقل من 40 كيلومتراً، فيما كانت الطائرة المنكوبة على بعدد 300 كيلومتر. لكن "وكالة الأنباء العسكرية" نقلت عن مصادر موثوق بها في وزارة الدفاع الأوكرانية ان احتمال "الإصابة عن طريق الخطأ" ما زال وارداً. وأشارت المصادر إلى اطلاق صاروخ من طراز "سي 200" مداه 300 كيلومتر، وكان يفترض أن يصيب هدفاً افتراضياً صغيراً، لكن وسائل التحكم الآلي وجهته نحو هدف "أكبر" هو "توبوليف 154". ومما يؤكد هذا الاحتمال ان قائد إحدى الطائرات التي كانت قرب مكان الحادث شاهد انفجارين، ويعزى ذلك إلى أن الصاروخ "سي 200" انفجر لدى اقترابه من الهدف، ولدى ارتطام شظاياه بالطائرة حصل الانفجار الثاني. وإذا صح هذا الافتراض الذي يبدو أقرب إلى الحقيقة من احتمال حصول "عمل إرهابي"، فإنه سيتسبب في احراجات للقيادة الأوكرانية، واحراجات أكبر للكرملين الذي أصر على "عدم تصديق" الرواية الأميركية، ومال إلى قبول الفرضيات الإسرائيلية. "آثار رصاص"؟ إلى ذلك أ ف ب، نقلت وكالة "انترفاكس" عن قبطان السفينة التي انتشلت جثث الركاب اثر تحطم الطائرة الروسية فوق البحر الأسود، ان ثلاث فتحات مشابهة لآثار الرصاص وجدت على إحدى قطع الحطام. وقدم نيكولاي تسيبلاكوف، قبطان السفينة "كابيتين فاكولا"، هذه المعلومات لخلية أزمة شكلت في سوتشي على البحر الأسود. وأفادت صحيفة "واشنطن بوست" أن أقمار تجسس أميركية مزودة أجهزة رصد تعمل بالأشعة تحت الحمراء، رصدت اطلاق الجيش الأوكراني صاروخاً قبل لحظات من انفجار الطائرة. ونقلت "نيويورك تايمز" عن عنصر في جهاز تجسس أميركي قوله: "لدينا كل المعلومات التي تفيد أن صاروخ أرض - جو اسقط الطائرة". وأكد ل"الحياة" مصدر إعلامي روسي أن شارون كان خطط لاستثمار حادث الطائرة ك"غطاء وتبرير" لعمليات واسعة بدأت في الخليل. وأضاف ان الاصرار على أن "توبوليف" تحطمت بسبب "عمل إرهابي" يصب الماء على طاحونة شارون.