على رغم أن تهمة التجسس لم توجه إلى السفير الأميركي مارتن انديك في إسرائيل، الذي اعفي موقتاً من مهماته، في انتظار نتائج التحقيقات التي يجريها مكتب التحقيق الفيديرالي والأمن الديبلوماسي، إلا أن مجرد اتخاذ هذا التدبير في حقه أعاد السجال في الولاياتالمتحدة حول المسؤولين الأميركيين اليهود وطبيعة علاقتهم بإسرائيل. راجع ص3 ويأتي موضوع انديك في وقت لم يحسم الأميركيون موقفهم بعد من إمكان وصول مرشح يهودي إلى منصب نائب الرئيس، بعدما اختار آل غور السيناتور اليهودي جوزيف ليبرمان مرشحاً إلى جانبه لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات المقبلة. ومع أن الحزب الديموقراطي نجح حتى الآن في تعطيل سلبيات "يهودية" ليبرمان من خلال عدم التركيز عليها إعلامياً، إلا أن يهودية ليبرمان لم تغب عن المناقشات الانتخابية. وفشل الحزب الجمهوري في استغلال هذه الظاهرة لصالحه، مخافة أن تفسر أي حملة على ليبرمان بأنها "معاداة للسامية". لكن قضية انديك مرشحة لتجديد السجال غير العلني بشأن نفوذ اليهود في الولاياتالمتحدة، تحديداً في وزارة الخارجية، من دون أن يكون للحزب الجمهوري دور في ذلك. ولم يعد سراً أن حجم التأييد المالي والإعلامي الذي يحظى به آل غور وليبرمان تضخم بتدخل المؤسسات اليهودية لتأييدهما. ومن الطبيعي أن يكون هناك تأثير سلبي لقضية انديك في حظوظ الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد للحصول على عفو من الرئيس الأميركي، خصوصاً أن الأجهزة الأمنية الأميركية تصر على العقوبات الصارمة للحد من التراخي الذي يسود التعامل مع أي موضوع يخص إسرائيل. ويمثل انديك، الذي عينه الرئيس كلينتون من خارج الملاك الديبلوماسي عام 1993، ذروة تعبير الإدارة عن قربها من اليهود وإسرائيل. إذ تم اختيار يهودي يحمل الجنسية الأميركية ليتبوأ مسؤولية ملف الشرق الأوسط في البيت الأبيض. وحتى الآن يطرح موضوع انديك أسئلة أكثر مما يعطي أجوبة. فلا أحد يتحدث عن قيامه بأعمال التجسس وتسريب معلومات، ولكن الاجراء الذي أعلن ضده درس على أعلى المستويات قبل اتخاذه، مما يوحي بخطورة الاتهامات وإمكان أن تكون هناك عناصر أخرى لم يفصح عنها، خصوصاً أن انديك قريب من الرئيس كلينتون ويتمتع بنفوذ واسع في الأوساط اليهودية. ومن غير المعروف حتى الآن ماذا سيكون تأثير قضية انديك على فريق عمل السلام في الخارجية الأميركية والبيت الأبيض، خصوصاً أن معظمهم من اليهود ولهم علاقات وثيقة بإسرائيل. ويتوقع أن تسعى الجمعيات اليهودية الضاغطة إلى اجبار الخارجية الأميركية على اتخاذ اجراءات مماثلة ضد موظفين آخرين في الخارجية، بسبب الاهمال وعدم التقيد بالتعليمات الأمنية حتى "يطمئن قلبهم" إلى أن استهداف انديك لا يمثل حملة ضد اليهود. وحتى الآن جاء معظم تصريحات الدفاع عن انديك من مسؤولين إسرائيليين تربطهم به علاقات وثيقة منذ كان انديك مسؤولاً رسمياً أميركياً. وقال مصدر في الخارجية الأميركية، شدد على عدم الافصاح عن اسمه، ان الأهم في القرار الذي اتخذ ضد انديك هو النقاش الذي حصل داخل الإدارة الأميركية على أعلى المستويات قبل اتخاذ القرار، لكنه لم يستطع ان ينقذ انديك من الفضيحة.