نائب أمير الرياض يكرم جوازات المنطقة بعد فوز مطار الملك خالد بجائزة "أفضل منطقة جوازات"    الفريق السعودي Twisted Minds يخطف لقب PUBG: BATTLEGROUNDS في كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025    أسترالي يعتلي قمة السنوكر    مدير مدرسة ابتدائية مصعب بن عمير يجتمع بالهيئة التدريسية مع إنطلاقة العام الدراسي الجديد    بتوجيه من وزير الشؤون الإسلامية.. خطبة الجمعة القادمة عن قيمة العلم ومسؤولية الطلاب والمعلمين والأسرة    المشاركون في دولية الملك عبدالعزيز يزورون مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى (10897.39) نقطة    نائب أمير جازان يزور بيت الحرفيين ومركز الزوار بفرع هيئة التراث بالمنطقة    أمير تبوك يطلع على تقرير بداية العام الدراسي الجديد بمدارس المنطقة    البحرين تستضيف مؤتمر ومعرض الشرق الأوسط للنفط والغاز والعلوم الجيولوجية (ميوس وجيو) في سبتمبر 2025    خمسة أطفال يستعيدون ابتسامتهم عبر "ابتسم"    خادم الحرمين الشريفين يصدر 3 أوامر ملكية    ماكرون يتوجه غداً إلى واشنطن مع زيلينسكي    "ذهب أستراليا و11 ميدالية من كازاخستان.. تايكوندو السعودية تواصل حصد الإنجازات العالمية"    مدير فرع هيئة الصحفيين السعوديين بجازان يزور مركز التراث الثقافي    نادي فنون جازان يطلق معرض "صيف السعودية 2025" الفني الرقمي    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير عام فرع وزارة الصحة بمناسبة تعيينه    اطلاق أكبر رحلة استكشاف للنظم البيئية البرية بعد الانتهاء من رحلة العقد البحرية    "إثراء" يعلن المسرحيات الفائزة بمسابقة المسرحيات القصيرة بنسختها الخامسة    تجمع الرياض الصحي الأول يطلق حملة "تعلّم بصحة" للعام الدراسي الجديد    فرصة عقارية كبرى بمزاد جوزاء الرياض العلني الهجين    القيادة تهنئ رئيس جمهورية إندونيسيا بذكرى استقلال بلاده    العيسى يزور التحالف الإسلامي ويلقي محاضرة عن تحولات الفكر المتطرف    المياه الوطنية: 24 ساعة فقط على انتهاء المهلة التصحيحية لتسجيل التوصيلات غير النظامية    مستفيدين جمعية السرطان السعودية برفقة أسرهم في زيارة روحانية للمدينة المنورة    الصين تطلق فئة جديدة من التأشيرات للشباب المتخصصين في العلوم والتكنولوجيا    إصابة فلسطينيين برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية    6 اضطرابات نفسية تؤثر على الرياضيين النخبة    علماء كوريون يطورون علاجًا نانويًا مبتكرًا لسرطان الرئة يستهدف الخلايا السرطانية    تحذيرات من تهديد للأمن الإقليمي وتصفية القضية الفلسطينية.. رفض دولي قاطع لخطة إسرائيل الكبرى    طبيبة مزيفة تعالج 655 مريضاً    يونيسف تحذر: مئات الأطفال يواجهون سوء التغذية    49 % حداً أقصى لتملك الأجانب للأسهم    «ماما وبابا» في دور السينما 27 الجاري    فسح وتصنيف 90 محتوى سينمائياً خلال أسبوع    شراحيلي يكرم أهل الفن والثقافة    صيني يخسر 120 ألف دولار في «صالة رياضية»    مرضاح والجفري يحتفلون بزواج فهد    المشاركون في مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية يغادرون مكة متجهين إلى المدينة المنورة    التحول في التعليم    وزارتا الإعلام والتعليم تطلقان برنامج الابتعاث إلى 15 دولةً    ترقية آل هادي    العدل تطلق خدمات مركز الترجمة الموحد    دواء تجريبي مبتكر يعالج الصلع خلال شهرين    الاتفاق يتعادل إيجابياً مع الرفاع البحريني ودّياً    الفريق الفتحاوي يختتم معسكر إسبانيا بالفوز في مباراتين وديتين    الشؤون الدينية تنفذ خطتها التشغيلية لموسم العمرة    بايرن ميونيخ يهزم شتوتجارت بثنائية ويتوج بكأس السوبر الألماني    غوارديولا: فوز واحد لا يعني أن سيتي عاد لمستواه    مشاهد إيمانية يعيشها المشاركون في رحاب المسجد الحرام    الإنسانية في فلسفة الإنسانيين آل لوتاه أنموذجا    الاستدامة تهدد وظائف الاستثمار الاجتماعي    "الشؤون الإسلامية" بجازان تنفذ أكثر من 460 جولة ميدانية لصيانة عدد من الجوامع والمساجد بالمنطقة    أمير عسير يستقبل سفير بلجيكا    نائب أمير جازان يستقبل مدير مكتب تحقيق الرؤية بالإمارة    نائب أمير جازان يلتقي شباب وشابات المنطقة ويستعرض البرامج التنموية    اطلع على أعمال قيادة القوات الخاصة للأمن البيئي.. وزير الداخلية يتابع سير العمل في وكالة الأحوال المدنية    نائب أمير منطقة جازان يقدّم التعازي لأسرة معافا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعض الخرافات السياسية
نشر في الحياة يوم 12 - 09 - 2000

عندما استولى جنرالات باكستان على السلطة في تشرين الأول أكتوبر الماضي ساد الشعور بأن مستوى معيشة السكان سيشهد تحسناً قريباً. وقوّى من هذا الشعور تركيز السلطة الجديدة على انعاش الاقتصاد. وكان الافتراض ان استقدام رجال اعمال باكستانيين نجحوا في ا لخارج، وبرهنوا بذلك على امتلاكهم "الموهبة" و"الجدارة"، سيحسّن في حياة المواطن العادي. لكن الأحداث سرعان ما بينت خطأ الفكرة.
ان الذين ينجحون في الخارج يدينون في ذلك الى فاعلية أنظمة الاقتصاد هناك أكثر مما يدينون لابداعهم الشخصي. وحين استقدمتهم الحكومة للعمل في باكستان، حيث الأنظمة الخاملة، فشلوا وفاقموا الأزمة. من بين الأمثلة المبكرة مسؤول كبير في البنك الدولي عين وزيراً للمال في تشرين الثاني نوفمبر 1996 وتعاقد على ديون كبيرة بفوائد باهظة. وعين الجنرالات في تشرين الأول اكتوبر الماضي مسؤولاً مرموقاً في بنك دولي شهير وزيراً للمال، لكن لم يكن لعلاقاته القوية، من ضمنها مع وزير مال أميركي سابق، تأثير يذكر في حياة الباكستانيين العاديين، بل أن الوضع تحول نحو الأسوأ.
النكسة الاقتصادية الخطيرة تبدو واضحة عند مقارنة المؤشرات الاقتصادية الرئيسية مع السنوات المبكرة لأول حكومتين ديموقراطتين خلال العقد الماضي. إذ سجل الاقتصاد في 1989 و1993 انتعاشاً في السنة الأولى من عمر كل من الحكومتين. ووضعت موضع التنفيذ قوانين التخصيص وتحرير الاقتصاد 1989 ثم سياسة الطاقة والبرمجة الكومبيوترية 1993، وذلك في مرحلة الانطلاق التي رافقت تشكيل الحكومة. هذه السياسات كانت المحرك للاقتصاد ومكنته من النمو ووفرت فيه الفرص والأشغال ورفعت قيمة العقار وأطلقت الدورة المالية في السوق وزادت من دخول الافراد.
على نقيض ذلك شغلت الحكومات العسكرية، المباشرة منها وغير المباشرة، والحكومات الموقتة، نفسها بالانتقام من خصومها السياسيين، مهملة مهماتها في الحكم أو تاركة المهمات ل"التكنوقراطيين" أو الباكستانيين الذين "نبغوا" في الخارج، الذين يجهلون طبيعة النظام الداخلي. ومن هنا كان الفشل.
اننا نجد دوماً تلك الاستهانة بالمسؤولين الذين يعينون لأسباب سياسية، باعتبار أن ذلك يعني المحسوبية. لكن لو كانت "الجدارة" الصفة الوحيدة المطلوبة لكان كل متخرج من الجامعة بمثابة اينشتاين جديد. لكن الواضح ان هذا يخالف الواقع. وفي أميركا يتماشى كل تغيير حكومي مع تغيير الألوف من المسؤولين على كل المستويات. فيما نجد في بريطانيا أن رئيس الوزراء توني بلير جاء الى السلطة، تحت شعار "حزب العمال الجديد"، بعدد من المسؤولين والأعوان يزيد على كل من سبقه من رؤساء الحكومات.
الفارق أن الناشط السياسي يأتي الى المسؤولية ملتزماً برنامجاً سياسياً معيناً. ويدرك باعتباره "مخلوقاً سياسياً" أن المربح الاجتماعي أهم من المربح المالي. كما يدرك ان العنصر الحاسم في حياته السياسية نجاحه أو فشله اثناء فترته في السلطة. أما التكنوقراطي فإن أهمية وجوده في السلطة تكاد تقتصر على تحسين فرصه للعمل في الأسواق لاحقاً.
النغمة الأخرى السائدة في جوقة المعادين للديموقراطية هي ضرورة اعطاء "طرف ثالث" فرصة حكم باكستان. ذلك ان كلاً من رئيسي الحكومة السابقين، حسب هذا الرأي، تمتع بفرصتين للحكم ويجب منعهما من العودة. لكن اعطاء الفرصة ضمن النظام الديموقراطي في يد الناخبين. وعندما تفقد الأقلية النافذة ثقتها بالناخبين تبدأ مهزلة الحرمان من حق العمل السياسي، وتدخل مجموعة المهرجين التي توجه تهم الفساد الى هذا الطرف وذاك. انها العملية التي تهين الطبقة السياسية وتطلق في المجتمع قوى التدمير الداخلي.
السلطة أمانة مقدسة يمارسها اولئك الذين خولوا المسؤولية من جانب ملايين الناخبين في أجواء تسودها الحرية والأمل. الناخبون وحدهم وليس غيرهم من له القرار في الطرف الذي يجب ان "يعطى فرصة" ممارسة السلطة أو يحرم منها، وذلك حسب سجله في الحكم.
عندما يطالب حزب الشعب الباكستاني بتشكيل "لجنة الحقيقة والمصالحة" فهو يدعو الى تسليط الضوء على الاعترافات العلنية بتدخل الدولة. من ذلك اعتراف اجهزة الأمن بتشكيل حزب سياسي في 1988، وسرقة البنوك الحكومية لتمويل مرشحين في انتخابات 1990، وأيضاً الاعتراف بأن النظام السابق لم يحصل على تفويض من الناخبين في الانتخابات الأخيرة عندما كان الجيش حاضراً في كل مراكز الاقتراع.
لقد اصيبت سمعة القوات المسلحة بضرر كبير بسبب عدد قليل من الضباط الذين خانوا قسم المنصب. وقاد هذا الى خيبة أمل مريرة من الجيش نفسه، واصبح يعتبر في شكل متزايد دولة داخل الدولة تعجز الحكومات المنتخبة عن مواجهتها. ان آراء من هذا النوع لا تخدم صورة هذه المؤسسة التي ملأت قلوب الباكستانيين فخراً في حرب 1965.
القوات المسلحة الباكستانية عنصر مهم في التركيبة الاجتماعية للبلاد. وهي مؤسسة توفر فرصة التقدم الاجتماعي لابناء الطبقات المحرومة. وحاز اداؤها في عمليات السلام اعجاب العالم. لكنها بحاجة الى تفحص موقفها اليوم واستجلاء مستقبلها في عالمنا الحالي، عالم ما بعد الحرب الباردة. وهناك من يرى ان لا نجاح لباكستان الا بقيادة العسكريين، لكن هناك منظوراً مغايراً يعتبر ان على العسكريين التخلي عن السلطة والا فإنهم سيقودون البلاد الى الدمار في عالم اليوم الذي لا يعطي مجالاً كبيراً للديكتاتورية.
اذا كان للقوات المسلحة ان تحدد دوراً لنفسها في هذا العالم الجديد عليها مواكبة القيم الحديثة، من بينها قيمة المزيد من الشفافية، والاستغناء عن اسلوب الحياة الكولونيالي، والقيام بدور غير سياسي، والكشف عن عمليات توزيع العقود.
ختاماً، على الشعب عموماً أن يوجه نظرة صريحة وثابتة الى قضية الفساد. فقد قادت الاعفاءات العديدة من الضرائب وانتشار صكوك "الدفع لحامله" الى اقامة اقتصاد سري. وها هو النظام الحالي، مثل سابقه، يوزع الاعفاءات في الوقت الذي يواصل فيه التبجح بمكافحة الفساد. انه بالتأكيد طريق مسدود. ومن الضروري استحداث آلية للتحقيق في حالات الفساد بنظام مشابه ل"المحقق العام". وقد بقي الرئيس الأميركي في المنصب حتى اثناء خضوعه للتحقيق في انتهاكات محتملة للقانون. اضافة الى ذلك فإن الفساد منتشر على كل المستويات، وسيواصل الانتشار ما لم تكن هناك آلية لحماية المواطن العادي من دفع الرشاوى للقيام بأية معاملة مهما صغرت.
من المهم عندما ننطلق نحو العقد التالي ان نتخلص من الأحكام المسبقة التي تقادم عليها الزمن، مثل الموقف من الطبقة السياسية. وسيتمكن البلد وأهله من التقدم عندما يرتهن صعود حكومة ما أو سقوط بادائها وليس بالقضايا الشخصية أو بالأحكام المسبقة.
* رئيسة حكومة باكستان سابقاً. زعيمة حزب الشعب الباكستاني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.