حصلت حكومة رئيس الوزراء الاردني السيد علي ابو الراغب امس على دعم غير مسبوق من مجلس النواب الذي صوت بغالبية 74 نائباً من اصل 80 في المجلس تأييداً لها، وذلك في اكبر نسبة تحصل عليها حكومة من البرلمان منذ تأسيس المملكة. وصوت ستة نواب ضد الحكومة لأسباب ايديولوجية تتعلق برفضهم التطبيع مع اسرائيل ومقاومة الاصلاحات الاقتصادية التي التزمت الحكومة تنفيذها، ودعمهم للنظام العراقي. وفوجىء المراقبون بحصول الحكومة على ثقة نواب اعتادوا حجب الثقة عن الحكومات من حيث المبدأ، من بينهم النواب نزيه عمارين ومحمد البطاينة وعبدالله العكايلة وعبد الكريم الدغمي. وشهدت جلسة الثقة مداخلات مثيرة، بينها معارضة النائب احمد عويدي العبادي فكرة منح المواطنين الاردنيين من اصول فلسطينية حقوقاً متساوية بحسب الدستور. واشار العبادي، رغم تصويته الى جانب الحكومة، الى ان الوحدة الوطنية لا تعني غير الاردنيين، معتبراً المساواة مع المواطنين من اصول فلسطينية بمثابة "وحدة وطنية مع طرف خارجي". واعاد العبادي التذكير بالحرب الاهلية بين القوات المسلحة الاردنية والتنظيمات الفلسطينية في الاردن في ايلول سبتمبر 1970، رافضا مبدأ منح المواطنين من اصول فلسطينية مناصب رسمية في الدولة. إلا ان غالبية اعضاء المجلس ايدت البيان الوزاري للحكومة الذي اكدت فيه نيتها العمل على تحقيق المساواة بين المواطنين ورفضها التمييز بينهم. وطالب النواب بتطبيق الدستور الاردني وتحقيق المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات حماية للوحدة الوطنية، ومحاربة الفساد والشللية والمحسوبية. وكانت الاساءة للوحدة الوطنية والتمييز ضد المواطنين بحسب اصولهم الجغرافية بين اسباب المطالبة النيابية بإقالة الحكومة السابقة برئاسة عبدالرؤوف الروابدة. وجدد ابو الراغب تأكيد نية حكومته إجراء اصلاحات سياسية طموحة لوضع حد للتمييز بين المواطنين، وإطلاق حرية التعبير من خلال خصخصة وسائل الاعلام وتعديل قانون الانتخاب لجعله افضل تمثيلا لمختلف شرائح المجتمع. واكد على ان حكومته ستعمل على تعزيز الوحدة الوطنية التي "لها قدسية خاصة"، مؤكداً ان الحكومة ستسعى الى "تحقيق المساواة والعدالة بين المواطنين في الحقوق والواجبات"، مشدداً على انها "لن تتهاون او تتهرب من مسؤولياتها في هذا المجال" وأنها "سترسي قواعد ميثاق شرف لهذا الغرض، يعتمد مبدأ الكفاءة والاقتدار كمعيار اساس لتولي الوظائف وفق ما نص عليه الدستور". وجاءت اشارة رئيس الوزراء الى مسألة الوحدة الوطنية كأحدى اهم اوليات حكومته لإحتواء احتقانات ومخاوف ارتبطت بأداء الحكومة السابقة. واكد ان الحكومة "ستعمل على محاربة الشللية والمحسوبية والجهوية وما يترتب عليها من سلبيات وأمراض تؤذي الوطن والمواطن". وتابع أن الحكومة ستعمل على تشكيل "لجنة تمثل السلطات الثلاث لدرس مثل هذا التوجه ووضع قواعد ومنطلقات نهجه". وفي إطار الاصلاحات السياسية، اكد ابو الراغب ضرورة دعم استقلال القضاء وتوفير ما يلزم لرفع مستوى ادائه وكفاءته. كما اكد التوجه الى تجسيد مفهوم اعلام الدولة بدلاً من "اعلام الحكومة" كي تصبح الرسالة الاعلامية الاردنية "شاملة للمجتمع بكافة شرائحه واطيافه السياسية والاقتصادية". وعلى صعيد التحول الاقتصادي اكد ابو الراغب ان حكومته ستعمل على تعزيز شراكة القطاع الخاص ليتحمل دورا اكبر في تخطيط وتنفيذ معظم الانشطة الاقتصادية، مع عناية خاصة لقطاع تكنولوجيا المعلومات في ضوء الامكانات الواعدة لدوره في التنمية الاقتصادية. واشار الى نية الحكومة تحويل العقبة الى منطقة اقتصادية خاصة تستقطب الاستثمارات من داخل المملكة وخارجها.