} قدّم رئيس المجلس الدستوري الفرنسي وزير الخارجية السابق رولان دوما استقالته من منصبه نتيجة احالته الى المحكمة الجزائية التي سيمثل أمامها في الخريف المقبل، في إطار الفضائح المالية المتعلقة بشركة النفط الفرنسية "الف اكيتان". ويواجه دوما تهمة تلقي هدايا من عشيقته، مع علمه مسبقاً ان مصدرها من الشركة، ما يرقى الى جرم "تلقي رشوة". سقط رولان دوما الذي كان أبرز رموز "الميترانية" نسبة الى الرئيس الراحل فرنسوا ميتران، من على رأس ثالث أهم مؤسسة دستورية في فرنسا وأعلى مؤسسة قضائية فيها. وانتهت سيرته الحافلة في قفص الاتهام ... بسبب كيد امرأة. وبدأت المتاعب القضائية لدوما 77 عاما وهو محام تولّى أعمال مشاهير الرسامين أمثال بيكاسو وشاغال وأعمال الزعيم الليبي معمّر القذافي، عندما قرّرت عشيقته السابقة كريستين دوفييه-جونكور الزج بإسمه في إطار فضائح "الف". وكانت دوفييه-جونكور تتولّى منصب المسؤولة عن العلاقات العامة لدى"الف". ولم تغفر لدوما تخليه عنها لدى دخولها السجن بتهمة الاختلاس فأصدرت بعد اطلاق سراحها كتابا حمل عنوانا استفزازيا هو "عاهرة الجمهورية"، روت فيه تفاصيل علاقتها العاطفية معه، مشيرة الى أنها كلفت من قبل "الف" استغلال هذه العلاقة للتأثير عليه وحمله على الموافقة على بيع فرقاطات عسكرية لتايوان. ومن ضمن ما أوردته في الكتاب، مدى تذوّق دوما لكل ما هو فاخر من مأكل وملبس، وتلبيتها لرغباته في هذا ا لمجال بفضل بطاقة الاعتماد الخاصة بشركة "الف"، ومن ضمن هذه الرغبات حذاء قدمته اليه بقيمة 11 ألف فرنك. وبعد الضجّة التي أثارها الكتاب والإحراج الذي تسبّب به ل"عشيقها السابق"، عادت دوفييه-جونكور لتكشف من تلقاء نفسها للقضاء الفرنسي، معلومات جديدة من بينها انها أهدت الى دوما مجموعة من التماثيل الاثرية الثمينة وشقّة فخمة بقيمة تفوق 15 مليون فرنك، سدّد ثمنها من أموال "الف". وفي ضوء هذه الأقوال اتخذت القضية منحى أكثر جديّة فعمل القضاء على مداهمة مكتب دوما ومنزله. وجرى التحقيق معه وصولا الى قرار احالته امام المحكمة. وبعدما كان أصرّ على نفي كلام دوفييه - جونكور وأصر على البقاء في منصبه في رئاسة المجلس الدستوري، مكتفيا بتجميد نشاطه منذ آذار مارس 1999، وجد دوما نفسه مضطّرا الى الاستقالة بعدما اقنعه أعضاء المجلس بذلك. وجاءت الاستقالة على شكل رسالتين وجههما دوما الى كل من الرئيس الفرنسي جاك شيراك والرئيس المؤقّت للمجلس الدستوري ايف غينا، الذي عُيّن خلفا له على رأس المجلس. وفيما رفض دوما الادلاء بأي تصريح حول قضيته، أشارت الاوساط المقرّبة منه الى انه يواجه حالاً من الاحباط النفسي والمعنوي، وانه اقتنع بالاستقالة التي رفضها في البداية ليتفرغ للإعداد للدفاع عن نفسه امام المحكمة حيث يواجه في حال ادانته عقوبة السجن لمدة خمس سنوات. ورأى البعض في فرنسا ان سقوط دوما يندرج في اطار نهج يهدف للتخلّص من كل الرموز البارزة التي احاطت بميتران، فصعدت في ظل صعوده ومن الطبيعي ان تستبعد عن الساحة بزواله. وفي المقابل، رأى آخرون ان دوما، الذي عرف طوال حياته بحبه للسلطة والمال والنساء، سقط في فخّ أهوائه.