لا يختلف اثنان على ان الحكم الدولي التونسى مراد الدعمي ومساعده ومواطنه توفيق ادجينجي وقعا في خطأ فادح بعدم احتساب هدف لنيجيريا من ركلة الترجيح التي سددها فيكتور ايكبيبا ضد الكاميرون في نهائي كأس الأمم الافريقية لكرة القدم الاحد الماضي. الدعمي وتوفيق لم يشهدا اللحظة التي لمست فيها الكرة الارض خلف خط المرمى قبل ان تعود بسرعة الى الملعب، ولا مجال بعدها لاعتراضات الاتحاد النيجيري ولا جدوى من احتجاجه. وخطأ الدعمي ليس الاول ولن يكون الاخير من حكم، ولا يزال الألمان متأكدين من خطأ الحكم السويسري في احتساب هدف الانكليزي هيرست في نهائي كأس العالم 1966، ولا مجال لمناقشة اخطاء الحكام في عدم احتساب اهداف صحيحة او إغفال اهداف صحيحة أو في ركلات الجزاء والاخطاء وحالات الانذار والطرد. والاخطاء ليست قاصرة على كرة القدم فقط بل تمتد الى كل الالعاب الاخرى بلا استثناء، وسيبقى الخطأ في الرياضة قائماً طالما ظلت الاحكام متعلقة دائماً بالبشر. وعلى رغم ايماننا واقتناعنا الكامل بهذا الرأي الا اننا لا نسامح الحكم ابدا إذا تعلق هذا الخطأ بمصالحنا أو رغباتنا، وتدفق الصحافة المصرية غضباً إذا كان الخطأ ضد منتخبها او احد انديتها في البطولات الدولية. ولا ينسى انصار الزمالك او الاهلي الاخطاء التي يرتكبها الحكام ضد الناديين لا سيما في المباريات الحاسمة. وهو امر يتكرر من الصحافة السعودية واللبنانية والمغربية، وفي كل بلاد العالم بلا استثناء. وأي محاولة لادخال التقدم العلمي في تصوير الاخطاء واكتشاف الحقيقة المجردة ستؤدي إلى افساد متعة كرة القدم، وهي متعة قائمة اساساً على نظرية النجاح والخطأ من الجميع. المدرب ينجح في تشكيل الفريق ويخطئ في وضع طريقة اللعب، واللاعب ينجح في ابعاد كرة خطيرة لمنافسه ويفشل في استغلال فرصة، وحارس المرمى يتصدى لركلة جزاء صعبة وتدخل الكرة من بين قدميه الى شباكه، والحكم يكتشف خطأ مستتراً ولا يحتسب هدفاً صحيحاً. هذه هي جوانب الإثارة الحقيقية في كرة القدم، ولا يمكن لأحد أن يتوقع اللحظة التالية او يعرف قرار الحكم مسبقاً، وتضفى عناصر الغموض في كرة القدم مزيداً من المتعة وتزيد من شعبيتها. تذكرت هذا الشريط الطويل من أخطاء الحكام ومن تأثيرها السلبي والايجابي على كرة القدم عندما ثار انصار ولاعبو النادي الاهلي جدة على الحكم السعودي ظافر أبو زنده لإنذاره لاعبهم محمد دابو بدعوى التمثيل في الوقت الذي طالبوا فيه بركلة جزاء حاسمة تحقق لهم التعادل المنشود مع الهلال في الزفير الاخير من نهائي كأس الملك عبدالعزيز. الاراء اختلفت بحدة مع إعادة اللعبة اكثر من مرة بالتصوير البطيء، وهو أمر غير متاح مطلقاً للحكم الذي يرى اللعبة لمرة واحدة ومن زاوية واحدة وهو يجري ويلهث ويلتقط انفاسه ويركز بعينيه، ويأتي قراره دائماً وفقاً لرؤيته والتي تتحول على الفور الى رؤية فكرية في عقله ويتخذ معها القرار في جزء من الثانية. أم الخبراء الجالسون - في راحة تامة يمسكون كوب القهوة والسيجارة - فاختلفوا حول القرار، وتباينت آراؤهم بين مؤيد للإنذارأو معترض على عدم احتساب ركلة الجزاء، او ثالث كان يرى ضرورة تجاهل الحدث بلا إنذار او ضربة جزاء. هذا الاختلاف يصب في مصلحة الحكم الذي أدى مباراة ممتازة على رغم صعوبتها الهائلة. المهم أن قرارات الحكام ستبقى دائماً مثار جدل.... نقبلها حيناً ونرفضها احياناً... ونتحدث عنها دائماً.