سيراليون تسجل زيادة في إصابات جدري القردة بنسبة 71% خلال أسبوع    نائب أمير الشرقية يطّلع على تقرير "نور"    أمير حائل يطلع على جناح أمانة حائل ويشيد بدورها في المنتدى    منتدى حائل للاستثمار 2025.. انطلاقة تنموية تقودها حزمة مبادرات لتغيير المشهد الاقتصادي للمنطقة    تفعيل اقتصاد المناطق    «الداخلية» تصدر قرارات إدارية بحق (20) مخالفًا لأنظمة وتعليمات الحج    سعود بن نايف يطلق برنامج "تطوع الشرقية"    برعاية نائب أمير الرياض.. بحث مستجدات مجالات الميتاجينوم والميكروبيوم    وكيل وزارة التعليم: في "آيسف" أبهرنا العالم    تجاوز مستفيدي مبادرة طريق مكة «مليون حاج»    الشؤون الإسلامية تُكمل استعداداتها في منافذ الشرقية لاستقبال الحجاج    وزير الحرس الوطني يرعى حفل خريجي كلية الملك عبدالله للقيادة والأركان    جمعية مالك للخدمات الإنسانية بالمحالة في زيارة ل "بر أبها"    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يؤكِّد على تسخير كافة الوسائل التقنية ووسائل الذكاء الاصطناعي في تقديم خدمات الرئاسة العامة في حج هذا العام    أمير تبوك يستقبل نادي نيوم ويبارك لهم تتويجهم بلقب دوري يلو والصعود الى دوري روشن    الداخلية تصدر قرارات إدارية بحق 12 وافدا و8 مواطنين لنقلهم 60 مخالفا لا يحملون تصاريح لأداء الحج    "سالم الدوسري" هلاليًا حتى عام 2027    ثقافة وفنون المناطق تطلق «رحلة فن»    المملكة.. إخراج سورية من عزلتها    حرس الحدود ينقذ 10 مصريين بعد جنوح واسطتهم البحرية    «الدعم» تقصف مخيم نازحين وتوقع 14 قتيلاً بدارفور    رؤية 2030 ودعم الرياضة في المملكة العربية السعودية    19 ألف زيارة تفتيشية بمكة والمدينة    إيران: شروط واشنطن ستُفشل المحادثات النووية    انتحاري يقتل 10 أشخاص في مقديشو خلال حملة تجنيد    تواصل سعودي نمساوي    الخارجية الفلسطينية تطالب بتحرك دولي عاجل لوقف العدوان الإسرائيلي    نائب ترمب: الولايات المتحدة قد تنسحب من حرب أوكرانيا    سهام القادسية تُصيب 9 ميداليات في كأس الاتحاد    "الصحة العالمية": نواجه عجزا بنحو 1.7 مليار دولار خلال العامين المقبلين    اختتام بطولة غرب المملكة في منافسات الملاكمة والركل    مطارات الدمام تنظم ورشة بعنوان "يوم المستثمر" لتعزيز الشراكات الاستراتيجية    حقيقة انتقال رونالدو وبنزيمة وإيبانيز إلى الهلال    محافظ أبو عريش يرأس لجنة السلامة المرورية الفرعية    صندوق الاستثمارات العامة يجمع أكثر من 1000 من أعضاء مجالس الإدارة وتنفيذيّ شركاته    مجموعة فقيه للرعاية الصحية تحصل على اعتماد JCI للمؤسسات كأول مجموعة صحية خاصة في المملكة    حلول واقعية لمعالجة التحديات المعاصرة التربوية    لمسة وفاء.. الشيخ محمد بن عبدالله آل علي    وجبة مجانية تنهي حياة عصابة بأكملها    أتعلَم أيُّ فرحٍ أنت؟    مبادرات "عام الحرف" ترسو في مشروع سولتير بالرياض    مجلس إدارة مؤسسة «البلاد» يقر الميزانية العمومية    الفيفا يحدد موعد المباراة الفاصلة بين لوس أنجلوس وأمريكا.. من يحجز المقعد الأخير لمونديال الأندية؟    آل بابكر وخضر يحتفلون بزواج علي    إعلاميون ومثقفون يعزون أسرة السباعي في فقيدهم أسامة    مركز الملك سلمان يوزع ملابس وأغذية للأسر المحتاجة بسوريا    الحرب على الفلورايد تحرز تقدما    محمد.. هل أنت تنام ليلاً ؟    أسواق    عبدالجواد يدشن كتابه "جودة الرعاية الصحية"    صيام الماء .. تجربة مذهلة ولكن ليست للجميع    الشؤون الإسلامية تختتم الدورة التأصيلية الأولى في سريلانكا    نائب أمير عسير يستقبل القنصل الجزائري    النفط يتعافى مع مؤشرات بتراجع التوترات الجيوسياسية    قصائد فيصل بن تركي المغناة تتصدر الأكثر مشاهدة    رئيس جمعية «مرفأ» الصفحي يهنئ أمير جازان ونائبه على الثقة الملكية    مشائخ وأعيان وأهالي «الجرابية الكنانية» يهنئون أمير جازان ونائبه بالثقة الملكية    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجبروت قد يسحق لكنه لا يستطيع الانتصار !
نشر في الحياة يوم 25 - 10 - 2000

عملية أوسلو للسلام تتخبط في دمائها الآن في شوارع رام الله والقدس.
وقد فجر العنف المفرط من قبل ايهود باراك بركاناً من الغضب في أنحاء العالم الاسلامي. الخسائر في الأرواح كبيرة، من بينها أرواح الأطفال.
وشهد العالم صور ذلك الحدث البشع، مقتل الطفل الفلسطيني محمد الدرة وهو في احضان والده. وجسّدت الصور لكثيرين العنف الأعمى الذي يجتاح الشرق الأوسط منذ أكثر من نصف قرن. وجاء رفض الحكومة الاسرائيلية فتح تحقيق في تلك الجريمة الوحشية، أو السيطرة على العنف المتزايد من قبل قواتها، ليؤكد التصورات التقليدية، وهو ما قاد الى مقتل الجنديين الاسرائيليين.
وتلقت عملية السلام ضربة عنيفة عندما فشل المجتمع الدولي في التحرك خلال الأسبوعين الأولين من الاصطدامات وسقوط أكثر من مئة وثلاثين قتيلاً، غالبيتهم الساحقة من الفلسطينيين. وأعادت احداث الضفة الغربية وغزة الى الاذهان المجازر التي تعرض لها المسلمون في البوسنة وكوسوفو والشيشان.
هكذا نجد مرة اخرى تباطؤ المجتمع الدولي في التعامل مع أزمة قد تؤدي الى تداعيات واسعة. وبدا لكثيرين أن العالم لم يحاول التدخل سياسياً في الأزمة الاّ بعد مقتل الجنديين الاسرائيليين.
من هنا الانطباع أن المجتمع الدولي يعطي حياة جنديين اسرائيليين قيمة أكثر من حياة مئة فلسطيني. وسواء كان الانطباع صحيحاً أم خاطئاً فإنه من بين ما يثير غضب العالم الاسلامي ويغذي الحركات المتطرفة في انحائه.
الوضع الدولي الحالي هو ان الأمم المتحدة وواشنطن وعواصم الدول الصناعية الكبرى جي 8 الغنية بعيدة عن الأحداث، ولذا تصب الأكثرية غضبها على حكّامها، متهمة اياهم بالضعف والفشل - وهو ما ينال من سياسات الاعتدال.
أما خلال الحرب الباردة فقد قام النظام العالمي على قوتين عظميين، وكانت الدول والشعوب، عندما تشعر بالظلم، تتطلع بأمل الى واحدة من القوتين. لكن نهاية الحرب الباردة أدت الى عالم احادي القطب، وهو عالم لم يضع بعد أساسا لنظام يحقق العدالة. وتتطلع غالبية المجتمع الدولي الى الولايات المتحدة، فيما لم تنجح الأمم المتحدة، حتى مجلس الأمن، في اثبات فاعليتها في هذا السياق.
من الضروري اقامة مؤسسات دولية لتسوية الصراعات أو تجنبها. واذا لم تتوافر هذه فالخطر هو ان سياسات الدم ستغذي سياسات الحقد. هناك أيضاً السياسات الانتخابية والاستطلاعات التي تظهر ميول الرأي العام، لتحدد بذلك قدرة الحكومات على التجاوب - أو عدم التجاوب. ونجد أن أميركا، المشغولة حاليا بانتخاباتها الرئاسية، أقل اهتماما بالشؤون الدولية. المشكلة هناك أن قوة المسلمين الأميركيين الانتخابية أضعف من أن تضغط بنجاح من اجل التدخل لوقف المجزرة في مراحلها المبكرة.
وفي اسرائيل نفسها، ادت موجة العنف الدموي التي أطلقتها زيارة آرييل شارون الى الحرم الشريف الى تقوية موقع ايهود باراك السياسي، اذ بيَّنت استطلاعات الرأي صعود شعبيته من عشرين في المئة الى خمسين في المئة. في عالم السياسة اليوم، عالم استطلاعات الرأي والمجموعات القادرة على التعبير عن نفسها بفاعلية، يضطر السياسيون، بحكم كونهم كذلك، الى مراعاة هذه القوى والمؤشرات. وليس في عالمنا سوى القليل من رجال الدولة، الذين يحتاج العالم الى المزيد منهم اذا كان له ان يحظى بالسلام. انهم ذلك الصنف من القادة القادرين على اتخاذ القرارات الضرورية التي قد تكون مكروهة شعبياً.
إن تغيير الأمر الواقع يحتاج الى الشجاعة، الى القدرة على استيعاب تراجع عابر في الشعبية من أجل مكان دائم في التاريخ.
وقد تؤدي موجة العنف الحالية الى اعادة النظر في الأبعاد الجغرافية والدينية للقضية في شكل يساعد على اقرار السلام. فقد أدى وجود الفلسطينيين في جيوب متفرقة معزولة ضمن حدود يسيطر عليها الاسرائيليون الى ادامة التوتر. ربما كان ذلك مناسباً وقتها، قبل اقامة السلطة الفلسطينية، أما الآن فيبدو أن الأفضل التحرك الى وضع أكثر معقولية.
الطريق الى السلام صعب، لأن المتطرفين من الجانبين يلهبون المشاعر ويبالغون في المطالب. وقد برهن ياسر عرفات وايهود باراك على شجاعتهما عندما تقدما نحو السلام. لكن الناس اليوم، في عالم الاتصالات السريعة، يتوقعون حلولا فورية. الا أن العالم يقوم على العواطف والارادات الانسانية، وهي ما لا تسمح بحلول سريعة. نعم هناك قضايا لا تزال معلقة، وسيستغرق تناول كل منها بعض الوقت.
باكستان وبنغلادش بلدان مسلمان، ولم يتوصلا حتى الآن الى تسوية لعدد من القضايا المعلقة بينهما منذ الانفصال في 1971. إن الذين يلومون ياسر عرفات على قبوله بحلول تقل عن المطلوب يبالغون في قسوتهم، إذ لا بد من ايجاد موطئ للقدم عند الباب للتمكن من دخول البيت. أي ان عرفات بقبوله بسلام مهترئ ضعيف يفتح الطريق أمام حل للقضية. ومن قصر النظر اعتبار ان ما قبله حتى الآن هو الحل النهائي.
في العالم اليوم نحو بليون مسلم، ومن شأن ضغط سكاني كهذا أن يشكل قوته الخاصة. لكن الكثير من المسلمين يدورون في دوامة من المرارة والتشاؤم - الدوامة التي بدأت منذ نكبة 1948. وما لبثت هذه المشاعر ان تحولت الى احباط عميق عندما وجد هؤلاء المسلمون انفسهم أمام مأزق الظلم الواقع عليهم من جهة والعجز عن مواجهته من جهة ثانية. وما العنف الا من بين نتائج المأزق. نجد الآن مع دخولنا القرن الواحد والعشرين ان السلام الذي كان موعوداً في القرن الماضي مهدد بالخطر. فهو يعتمد على تمكن الرئيس عرفات الذي تتقدم به السن، ونظام باراك المتصلب، من التقدم. وفي وضع كهذا لا نفع بالتأكيد لاستخدام طائرات الهليكوبتر والمدفعية الثقيلة. وتعطي حكومة باراك عندما تستعمل هذه الاسلحة الانطباع بأنها لا تريد السلام مع الطرف المقابل بل تريد استسلامه عن طريق التخويف.
اسرائيل اقوى عسكرياً، ولها ترسانة نووية. ولهذا التفوق العسكري أن يعطي باراك ما يكفي من الثقة للتغلب على المخاوف واتخاذ الخطوات السلمية المطلوبة تجاه الفلسطينيين.
هنالك فرصة للسلام بوجود الزعيم الفلسطيني. وعلى الأطراف اغتنامها. واذا لم يحصل ذلك فالخطر أن أشباح الماضي ستعود لتهديد الشرق الأوسط.
واذا كان هناك درس يقدمه التاريخ فهو أن الجبروت قد يسحق، لكنه لا يستطيع الانتصار.
* رئيسة وزراء باكستان سابقاً. زعيمة حزب الشعب الباكستاني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.