الأخضر يختتم مشاركته في مونديال السلة الموحدة ببورتوريكو بحصاد فضية الرجال ورابع السيدات    الشورى : الميزانية تعكس نجاح الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية وفق رؤية المملكة    الجمعية السعودية الخيرية لمرض الزهايمر تحصد شهادة الاستثمار ذي الأثر الاجتماعي    وزير التجارة يوافق على قواعد المستفيد الحقيقي    البديوي: تصريحات المسؤولين الإيرانيين مغلوطة ومرفوضة    شراكة استراتيجية بين مجموعة روتانا للموسيقى و HONOR توثق لحظات لا تتكرر انطلاقا من جلسة شعبيات محمد عبده    سوق الأسهم السعودية يغلق متراجعا وسط سيولة 3.5 مليارات ريال    5 محطات ركاب للقطار الكهربائي السريع بين الرياض والدوحة    هيئة التأمين تطلق 15 خدمة رقمية جديدة    أمير الرياض يطلع على المشاريع والخطط الإستراتيجية لهيئة المساحة الجيولوجية السعودية    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية الذوق العام    انطلاق معرض جدة للكتاب 2025 الخميس المقبل    "العلا" تتوج عالميًا كأفضل مشروع سياحي    "إرث العقارية" تشارك بصفتها الراعي الماسي في مؤتمر سلاسل الإمداد 2025 وتعرض مشروع "مجمَّع سويفت اللوجستي"    ولي العهد وأمير قطر يرأسان مجلس التنسيق السعودي القطري    تجمع الرياض الصحي الأول يشارك في تفعيل النسخة الثانية من مبادرة "10KSA"    "التحالف الإسلامي" يطلق برنامج الاستخبارات التكتيكية بالرياض    "التخصصي" يتوج بثلاث جوائز في مجال الخزينة وإدارة النقد بقطاع الرعاية الصحية    الأهلي يتفق على تمديد عقد ميندي    خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يهنئان الرئيس السوري بذكرى يوم التحرير    صلاح يهدد بالاستبعاد عن مواجهة انتر ميلان    إحالة منشأة تجارية إلى النيابة العامة لتداول أجهزة طبية مخالفة للنظام    الصناعات الإيرانية حاضرة في معرض المنتجات العربية والعالمية بمكة    4.8% نمو الاقتصاد السعودي خلال الربع الثالث من 2025    إصابة فلسطيني برصاص الاحتلال شمال مدينة القدس    أمانة القصيم ترفع جاهزيتها لاستقبال الحالة المطرية المتوقعة    عازم و تجمع عسير الصحي توقّعان مذكرة تفاهم لتنفيذ مشروع " خطوة "    ⁨الإسلام دين السلام لا إرهاب وعنف⁩    «أحياها» تشارك في ختام «دُرّة طلال» وتحتفي بتأهيل 25 مقدمة رعاية بالأحساء    ثلاث مدن سعودية تنضم إلى شبكة اليونسكو العالمية لمدن التعلّم    تايلاند تشن غارات جوية ضد أهداف للجيش الكمبودي    التدخل العاجل ينقذ 124 حالة بمستشفى أجياد    أمير نجران يطلع على سير العمل في قطاعات الأمن العام    نتائج المسح الصحي الوطني لعام 2025.. 95.7 % من البالغين لديهم تغطية ل«نفقات الرعاية»    للعام الخامس على التوالي.. يزيد الراجحي يتوج ببطولة السعودية تويوتا للراليات الصحراوية    ميسي يقود إنتر ميامي للقب الدوري الأمريكي    لا تلوموني في هواها    في معرض "أرتيجانو آن فييرا" بمدينة ميلانو.. «الثقافية» تعرف العالم بتاريخ وثقافة السعودية    اعتمد لجنة لتطوير الحوكمة.. «الألكسو» برئاسة السعودية: إنشاء المركز العربي لدعم المسار المهني    العزف على سيمفونية حياتك    حماس تشترط انتهاء الاحتلال لتسليم السلاح    «الدعم السريع» يقصف المدنيين في كردفان    آل الشيخ يطلق النسخة الثانية من مبادرة «ليلة العمر».. رسم بداية جديدة لشباب الوطن    «سار» تحصد جائزة أفضل مركز اتصال بقطاع السفر    اشتراط تفعيل الجواز للسفر بالهوية الوطنية    أكد أن العملية على وشك الانتهاء.. المبعوث الأمريكي: اتفاق السلام في أوكرانيا في «الأمتار العشرة»    السمنة تسرع تراكم علامات الزهايمر    جامعة الطائف تكشف بدراسة علمية عن مؤشرات فسيولوجية جديدة للمها العربي في بيئته الطبيعية    تدابير الله كلها خير    زراعي عسير: أكثر من 6 ملايين ريال عائد اقتصادي للعمل التطوعي    الجوازات تضع شرطا للسفر لدول الخليج بالهوية الوطنية    إنه عمل غير صالح    نائب أمير الشرقية يطلع على أعمال فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف بالمنطقة    تتم عبر تصريح «نسك» للرجال والنساء.. تحديد زيارة الروضة الشريفة ب«مرة» سنوياً    المجلس العالمي لمخططي المدن والأقاليم يختتم أعماله.. ويعلن انضمام أمانة الرياض لعضوية المنظمة العالمية "ISOCARP"    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. "التخصصات الصحية" تحتفي ب 12,591 خريجًا من برامج البورد السعودي والأكاديمية الصحية 2025م    أمير منطقة جازان يؤدى واجب العزاء والمواساة لإبراهيم بن صالح هملان أحد أفراد الحماية (الأمن) في وفاة شقيقته    أمير منطقة تبوك يكرم المواطن فواز العنزي تقديرًا لموقفه الإنساني في تبرعه بكليته لابنة صديقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحبيب السالمي يردّ على محمد برّادة . هل يمكن تجاهل الرواية التونسية ؟
نشر في الحياة يوم 07 - 01 - 2000

أتابع منذ سنوات كغيري من المثقفين العرب ما ينشر في الصحافة في نهاية كل عام من مقالات عن الإنتاج الأدبي العربي. وفي معظم الأحيان ألاحظ أن الأدب التونسي والمغاربي بصفة عامة مغيّب ومنسي. وقد بلغ هذا التغييب في هذه السنة ذروته في مقال للكاتب والناقد محمد برادة بعنوان "الرواية العربية خلال مئة عام: أسئلة الواقع وهموم الذات والجماعة" نشر في "الحياة" الخميس 23 كانون الأول / ديسمبر 1999.
يعجّ المقال - النهر بأسماء لروائيين من كل الأجيال ومن كل البلدان العربية التي يكتب فيها هذا الجنس الأدبي باستثناء تونس! صفحة كاملة ذكر فيها برادة عدداً مرتفعاً من الروائيين العرب اثنان وسبعون بالضبط من جرجي زيدان وسلامة موسى الى أصغر روائي عربي، لكنه لم يأتِ على ذكر أيّ روائي تونسي كما لو أن بلد ابن خلدون وابن رشيق والشابي لم يعد الآن في رأي برادة سوى صحراء قاحلة وبلد عقيم لا ينجب شيئاً.
ولكي لا يُفْهَم من كلامي هذا أنني أحوّل الموضوع الى مسألة شخصية فلن أتحدث عن نفسي. سوف أشير فقط الى أن برادة الذي تناساني مثلما تناسى عدداً لا بأس به من روائيي المغرب العربي الطاهر وطار، أحد ابراهيم الفقيه، عزالدين التازي... لأسباب غامضة، لا يستطيع أن يقول أن الرواية التونسية لا تعني له شيئاً، فقد عبّر لي شخصياً كتابةً في رسالة أحتفظ بها مثلما أحتفظ بمعظم رسائل المثقفين العرب، ومشافهةً عن اعجابه برواياتي، وربما فعل الشيء نفسه مع روائيين تونسيين آخرين في الكثير من التظاهرات الثقافية التي جمعتنا وآخرها معرض الكتاب في تولون في الجنوب الفرنسي تشرين الثاني/ نوفمبر الذي دعينا اليه مع مجموعة من كتّاب المتوسط لتوقيع روايتينا الصادرتين في ترجمتهما الفرنسية عن الدار نفسها.
لن أتحدث أيضاً عن روائيين تونسيين آخرين من جيلي ومن الأجيال التالية يعرف برادة جيداً أنهم كتبوا أعمالاً روائية بعضها لا يقل قيمة عن الروايات التي تناولها أو أشار اليها. إلا أنني أعتقد أنه من واجبي ومن واجب كل كاتب لا يزال يؤمن الى حد ما بشيء اسمه الموضوعية أن أشير الى الظلم الذي لحق بكاتبين تونسيين من جيل الرواد كتبا عملين روائيين يعدّان على الرغم من اختلافهما الشديد من أهم ما كتب في العقود السبعة الأولى من القرن العشرين في كل المغرب العربي، وهما محمود المسعدي صاحب "حدث أبو هريرة قال" والبشير خريف صاحب "الدقلة في عراجينها".
"حدث أبو هريرة قال" هو من أقوى النصوص في الأدب العربي الحديث بقطع النظر عن رأينا الشخصي فيه فهو تجربة فريدة في الكتابة الروائية، ولعله أول عمل روائي عربي يستلهم التراث بذكاء إذ "يختبر في جرأة عجيبة طاقة أشكاله وأساليبه على أداء روح العصر" على حد تعبير الناقد توفيق بكار المعروف بموضوعيته. والمهتمون بالأدب يعرفون أن محمود المسعدي الذي يتجاهله برادة هو أول كاتب مغاربي لفت الانتباه في المشرق العربي إذ كتب طه حسين عنه وعن كتابه المشهور "السدّ" مقالتين يعرفهما كل ناقد يهتم قليلاً بأدب المغرب العربي.
أما البشير خريف فأكتفي بسرد ما كتبه عنه روائي عربي كبير لا أعتقد أن أحداً يشك في نزاهته لتواضعه الشديد وعزوفه عن الانخراط في مافيات الأدب العربي وهو الطيب صالح. فقد كتب في مقدمته ل"الدفلة في عراجينها": "تونس التي أنجبت بين من أنجبت الكاتب الفذ محمود المسعدي صاحب "السد" ليس غريباً عليها أن تنجب موهبة روائية كبرى مثل البشير خريف. قرأت هذه الرواية الفريدة أول مرة منذ أكثر من عشر سنوات، هذا الكتاب ليس كتاباً عادياً، وهذه الرواية ترتفع أحياناً الى قمم عليا من الفن التراجيدي...".
ولا بد من الإشارة الى أن هذه الرواية وبرادة يعرف ذلك طبعاً هي من بين الروايات العربية التي اختارها معهد العالم العربي مع روايات لنجيب محفوظ وفؤاد التكرلي وحنان الشيخ...، وأشرف على ترجمتها الى الفرنسية ونشرها بالتعاون مع دار جان كلود لاتيس في باريس.
هل خانت الذاكرة برادة فنسي المسعدي وخريف؟ ربما... لكن يبدو أن ذاكرة برادة لها منطق عجيب، فحين يتعلق الأمر بمصر أو لبنان مثلاً تستنفر كل طاقاتها وتسترد كل حيويتها وتصبح "شغّالة" أكثر من اللزوم، فهي لا تكتفي بذكر أسماء الروائيين الذين لا أحد يشك في قيمتهم وإنما تتجاوز ذلك الى أسماء أكثر من عادية ان لم تكن مبتدئة في مجال الرواية، أسماء لا تخطر في هذا النوع من المقالات إلا على بال برادة المهووس على ما يبدو بإيقاعها المشرقي!
ومما يثير الاستغراب في هذا المقال - النهر هو أنه من بين الاثنين والسبعين روائياً الذين ذكرهم برادة هناك ثمانية روائيين فقط من بلدان المغرب العربي الخمسة. ومن بين هؤلاء الثمانية "المحظوظين" الذين فازوا بشرف الإقامة في مقال برادة نحو خمسة نعم خمسة من المغرب الأقصى!! يا عيني على الموضوعية. يلحّ برادة في أول مقاله وآخره على أنه "اكتفى بذكر أسماء روائيين كتبوا نصوصاً تدخل في الثيمات التي اقترحها لهذه القراءة". يبدو إذاً أن المشكلة ليست مشكلته، وإنما هي بكل بساطة ووضوح وشفافية مشكلتنا نحن كتّاب المغرب العربي وبالتحديد كتّاب تونس الذين لم تعرف نصوصنا كيف تدخل في ثيمات برادة، في الوقت الذي استطاع فيه أربعة وستون روائياً وهم كلهم بالصدفة من بلدان المشرق العربي أن يدخلوا سالمين حصْن برادة المنيع من الثيمات الخمس!
من عادتي ألاّ أردّ على هذا النوع من المقالات. لكن الظلم الذي لحق بمحمود المسعدي والبشير خريف ومن خلالها بكل كتّاب تونس والمغرب العربي عموماً أكبر من أن يحتمل هذه المرة. ولأن هذا الظلم يأتي من "ذوي القربى" فهو "أشد مضاضة" كما يقول الشاعر العربي القديم.
سامحك الله يا سي محمد...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.