«آبل» تحقق قيمة سوقية تتجاوز 4 تريليونات دولار    حماس: بعض جثث الإسرائيليين غير قابلة للوصول    محللون: سقوط الفاشر يهدّد بتقسيم السودان    كأس الملك : الاتحاد يقصي النصر ويتأهل لربع النهائي    الهلال يكسب الأخدود ويبلغ ربع نهائي كأس الملك    بنزيما: الاتحاد أظهر رغبته في الفوز على النصر منذ البداية    المملكة توزّع 1,000 سلة غذائية في محافظة الروصيرص بالسودان    أفراح ابن سلطان والعزام    الشريك الأدبي ينظم أمسية شعرية ضمن برامجه في أبها    صحة المرأة بين الوعي والموروثات الثقافية    الأدب والإعلام.. حوار التأمل وصناعة الوعي    مصوّرو جازان.. عدساتٌ تحفظ التراث وتوثّق ملامح الإنسان والمكان    زيارة استثمارية لوفد من غرفة جازان    فترة الإنذار يالضمان الاجتماعي    تداول يكسب 54 نقطة    انطلاق منافسات بطولة العالم لرياضة الإطفاء والإنقاذ بسباق تسلق البرج بالسلالم    رئيس وزراء ألبانيا يغادر الرياض وفي مقدمة مودعيه نائب أمير المنطقة    أجور الحدادين والرمل والأسمنت ترفع تكاليف البناء    فيصل المحمدي من بيت امتلأ بالصور إلى قلب يسكنه التصوير    فيلم سعودي في 5 مهرجانات دولية    ولادة توأم من بويضات متجمدة    العلماء يحذرون من الموز في العصائر    موعد مباراة الهلال القادمة بعد الفوز على الأخدود    إسرائيل وحماس.. تصعيد وجدل وتعقيد الحلول    54 مليون قاصد للحرمين خلال شهر    55 مشروعًا علميًا في ختام معرض «إبداع جازان 2026»    أمير منطقة جازان ونائبه يقدمان واجب العزاء للدكتور حسن الحازمي في وفاة نجله    مبادرة مستقبل الاستثمار    الضربات الأوكرانية خفضت قدرة روسيا على تكرير النفط 20%    نائب رئيس الصين: شعار مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار ينسجم مع توجهات العصر    السعودية تدين الانتهاكات الإنسانية الجسيمة لقوات الدعم السريع في الفاشر    جامعة الإمام عبدالرحمن تطلق "رُعى" الصحية لدعم الإبتكار والاستثمار في القطاع الصحي    ولي العهد يرأس جلسة مجلس الوزراء في الرياض    مفتي عام المملكة يستقبل وزير الشؤون الإسلامية    أمير الشرقية يستقبل منسوبي المؤسسة العامة للري ويرأس اجتماع اللجنة العليا لمشروع مجتمع الذوق    أمير تبوك يستقبل مدير شرطة المنطقة    نائب أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء بالمنطقة    أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء في المنطقة    أمانة تبوك تنفذ 13 ألف متر طولي من خطوط التصريف وتعالج 42 نقطة تجمع لمياه الأمطار    تصوير "الأسد" في سماء الإمارات    القيادة تعزّي ملك مملكة تايلند في وفاة والدته الملكة سيريكيت    كباشي: شكراً صحيفة «البلاد»    الدفاع المدني.. قيادة تصنع الإنجاز وتلهم المستقبل    العلا تفتح صفحات الماضي ب «الممالك القديمة»    لماذا يعتمد طلاب الجامعات على السلايدات في المذاكرة؟    بثلاثية نظيفة في شباك الباطن.. الأهلي إلى ربع نهائي كأس خادم الحرمين    ارتفاع تاسي    قدم الشكر للقيادة على الدعم الإنساني.. مصطفى: السعودية خففت معاناة الشعب الفلسطيني    اقتحموا مقرات أممية بصنعاء.. الحوثيون يشنون حملة انتقامية في تعز    الحوامل وعقار الباراسيتامول «2»    إنجاز وطني يعيد الأمل لآلاف المرضى.. «التخصصي» يطلق أول منشأة لتصنيع العلاجات الجينية    وزير الداخلية يدشن وحدة الأورام المتنقلة ب«الخدمات الطبية»    نائب أمير الشرقية يطّلع على جهود "انتماء وطني"    اليوسف يلتقي عددًا من المستفيدين ويستمع لمتطلباتهم    رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية يغادر المدينة المنورة    أكثر من 11.7 مليون عمرة خلال ربيع الآخر    أثنى على جهود آل الشيخ.. المفتي: الملك وولي العهد يدعمان جهاز الإفتاء    المعجب: القيادة حريصة على تطوير البيئة التشريعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حديث اعتبر فيه ان التسوية استسلام والقمة العربية بلا فائدة واميركا ساعية لإبادة العالم والليبيين كسالى . القذافي ل "الحياة" : لم تتجاوب واشنطن مع المساعي المصرية لحل أزمة لوكربي الاتحاد المغاربي يخدم أوروبا والمعارضون في الخارج جواسيس تافهون - قسم ثاني
نشر في الحياة يوم 27 - 08 - 1999


المصالحة في السودان
أعلن أخيراً دمج المبادرتين الليبية والمصرية لتحقيق المصالحة في السودان. إلى أي مدى وصل التنسيق بين القاهرة وطرابلس، وما هي الخطوات اللاحقة لاستيعاب الأطراف المعنية الأخرى بالموضوع السوداني؟
- ليبيا عامل مساعد فقط في هذا الموضوع، لأن السودان ربما كان أقرب إلينا افريقياً الآن، لكنه يهمّ مصر بالدرجة الأولى. السودانيون والمصريون يتأثرون بعضهم ببعض سلباً وايجاباً. نحن نساعد ونود ان تكون مصر والسودان على وئام تام وشعباً واحداً. من العيب أن يكون السودان ومصر أيام فاروق شعباً واحداً ودولة واحدة، والآن بعد الاستقلال والثورة والانقلابات، ان يكون عدوين.
هل انتم متفائلون بالتوصل إلى تسوية في السودان؟
- أنا أشكر لاخواننا في الخرطوم استجابتهم هذه المبادرة، لقد أبدوا تساهلاً. يجب أن لا يكون هناك تعنت من طرف المعارضة للحل.
وهل قدمت المعارضة ما يسهل الحل في طرابلس؟
- يبدو ذلك. أنا راضٍ عن الحكومة والمعارضة في السودان. وكما قلت لك أنا أرى ان ذلك من مصلحة مصر والسودان في الدرجة الأولى.
ما هو تصور الجماهيرية لتحقيق المصالحة في السودان؟
- أساس الحل هو مؤتمر الحوار الوطني بمشاركة كل الأطراف. أنا ضد استخدام الأسلحة والرشاشات والطائرات والدبابات داخل السودان. ليس مقبولاً أن يقتل السوداني سودانياً. وأنا ضد الشعارات الاستفزازية التي تطرح مثل "الجهاد" و"الله أكبر ولا إله إلا الله"... ما معنى ان يجاهد سوداني ضد سوداني؟ ليس هذا وقته. الجنوب والشمال كله سودان وخريطة السودان معترف بها في منظمة الوحدة الافريقية والأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ولا أحد يقبل بالانفصال وتغيير الخريطة لأن هذا سيؤدي إلى تغيير خريطة كل الدول الافريقية والعربية. وبالتالي فإن الذين يعملون من أجل الانفصال في جنوب السودان لن يجدوا منا تأييداً وهذا عمل مرفوض. إذاً ليس أمامهم إلا الصلح. والصلح لن يأتي بالدبابات داخل البلد الواحد وإنما بالحوار الوطني. وهذا ما نتفق عليه نحن ومصر.
وهل أميركا راضية عن الدور الليبي في المصالحات في افريقيا؟
- أميركا ليست راضية عن وجود ليبيا ولا هي راضية عن أي دولة ترفع رأسها وتتحرر وتنهض. أميركا ليست راضية عن البشرية وتعد القنابل الذرية لتمحو كل العالم وتبقى هي فقط. أميركا تجهز كل وسائل الدمار الشامل ضد البشرية.
العولمة دعاية
ألا تفرض شروط العولمة على دولة مثل الجماهيرية أن تغير في قوانينها وأنظمتها المتعلقة بالاقتصاد والسياسة؟ هل هناك توجه في الجماهيرية إلى تغيير القوانين الاقتصادية واعتماد اقتصاد السوق وفتح الباب أمام تنقل الرساميل والإستثمارات...؟
- هذا موضوع آخر. هذا بحر آخر من محيط وأشار ضاحكاً إلى كتب أمامه وأنت تفتح باباً لكتب مثل الكتب عن العولمة التي أمامي. لست مؤمناً بأن اقتصاد السوق والانفتاح والاستثمارات الأجنبية هي طريق الخلاص. بالعكس هذه يمكن ان تكون كارثة حقيقية لما تبقى من هذه الدويلات مثلما حصل في أندونيسيا وكوريا وماليزيا. هذه الدويلات كنا نعتبرها النمور الآسيوية وأصبحت الآن فئراناً بسبب تصديق هذه الدعاية.
حتى إذا وضعت قوانين عادلة لانتقال رؤوس الأموال والاستثمارات و...
- أليس علينا أن نسمح أولاً بتنقل الأموال العربية داخل الوطن العربي، وبحق المواطن العربي في التنقل بحرية والإقامة والامتلاك والعمل داخل الوطن العربي، وأن نسمح لرأس المال العربي، وحتى الحيوانات، بتجاوز الحدود المصطنعة؟ نطلب من الحكام العرب ان يسمحوا حتى للحيوانات والحمير ضاحكاً بأن تجتاز الحدود.
الاشتراكية الشعبية
هل هناك توجه في الجماهيرية نحو التخصيص؟ أليست هناك حاجة إلى تعديل بنى النظام الاقتصادي بعد 30 سنة على قيام الثورة؟
- ما في ليبيا أمر مختلف. وعندما نقول اشتراكية يفكر الجميع في الاشتراكية التي كانت في الاتحاد السوفياتي وأوروبا الشرقية. تلك لم تكن اشتراكية بل رأسمالية الدولة. في الغرب رأسمالية الفرد الاستغلالي وفي الشرق رأسمالية الدولة. عندما نتحدث في ليبيا عن اشتراكية نعني الاشتراكية الشعبية واشتراكية كل الناس. وما تقول عنه مارغريت ثاتشر الرأسمالية الشعبية هو الاشتراكية الشعبية. لا يوجد شيء اسمه ملكية حكومية لأن لا حكومة في ليبيا، والسلطة للمؤتمرات الشعبية. الثروة توزع على كل أفراد المجتمع والسلطة في يد كل أفراد المجتمع والسلاح لكل أفراد المجتمع. هذا هو النظام الجماهيري. ليبيا تبني نظاماً اساسياً وجذرياً وتاريخياً نهائياً سيصل اليه كل العالم. أنا متأكد ان العالم كله سيصبح جماهيرياً في يوم ما، طال الزمن أم قصر. ستصل الشعوب الى السلطة وتقوم المؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية وستقوم سلطة الشعوب، لأن الشعوب الآن تزحف ولن تقف في منتصف الطريق.
أي لا يوجد توجه اقتصادي لمواكبة العولمة واقتصاد السوق؟
- موجود ولكن بفهم آخر. بفهم ايديولوجي ثوري مفيد وليس بالخضوع للموضة والموجة.
يعني لا وجود للخصخصة؟ ألا يستطيع فرد ان يؤسس شركة؟
- لا. لن يستطيع أحد ان يملك ثروة ويصبح مالكاً لشركة والعمال عبيداً، أو أن يمتلك أرضاً ويصبح اقطاعياً يشتغل الناس عنده كعبيد. يمكن قيام شركة مساهمة تصبح ملكاً لمجموعة من الليبيين، أو قيام تشاركيات، أو مصنع أو موقع انتاج تديره مجموعة وتملكه. هذه هي الاشتراكية الشعبية.
وهناك قوانين تسمح بالاستثمار الاجنبي في ليبيا، صدرت أخيراً، ولكن بشروطنا نحن. الاستثمارات الاجنبية ليست جديدة. لقد غرقت مصر في الديون في عهد الخديوي، وهو ما يجري في اندونيسيا وفي غيرها الآن. اذا جلبت دولة رأس مال اجنبي ثم بدأ صاحب المال يطالب بفوائد امواله وعجزت الدولة عن السداد تستعمر او توضع اليد على موجوداتها. وهذا امر تكرر كثيراً. مصر فقدت استقلالها الحقيقي أيام الخديوي بسبب ازمة الديون. هذا درس يمكن ان تتعرض له اي دولة. الاستمثارات الاجنبية ليست خيراً مطلقاً، قد تكون شراً مطلقاً، ولذلك يجب السير بحذر في هذا المستنقع.
عصر الجماهير
وماذا عن التعددية؟
- التعددية في ليبيا وصلت إلى منتهاها. لدينا الآن 400 كومونة والكومونة دولة صغيرة تسيّر ذاتياً بالجماهير. وهناك 400 مؤتمر شعبي و400 لجنة شعبية. التعددية الحزبية في العالم الآن ستستمر الى ان تصبح مؤتمرات شعبية. ليبيا وصلت إلى نهاية المطاف ولم تخف وقالت فلتذهب التعددية الى نهاياتها. عندما قلنا ان الشعب حرّ ويحكم نفسه بنفسه بالطريقة التي يريدها ومن دون حكومة، لدى قيام الثورة، نشأت المؤتمرات الشعبية. يجب عدم الخوف من هذه السلطة الشعبية وترك الامور لتصل الى نهايتها. الجماهير تريد في هذا العصر ان تحكم ولا تريد انتخاب من يحكمها. هذا عصر الجماهير.
اذا كانت هناك مجموعة ليبية لا تلتقي مع هذا الفكر وتريد ان تؤسس حزباً، هل يسمح لها؟
- لا. ليس لديها مبرر. ماذا يفعل الحزب؟ الحزب يحكم، والآن الشعب هو الذي يحكم. والشعب لا يرضى بالتنازل عن السلطة الشعبية والديموقراطية المباشرة ويتحول الى حكم الحزب.
لماذا لا يترك الخيار للشعب، لمجموعة ان تنشئ حزباً؟
- هذا عبث. ماذا تفعل بالحزب؟ تريد ان تحكم، والشعب هو الذي يحكم. لماذا يشكلون حزباً، هم انفسهم يشاركون في السلطة بالمؤتمرات الشعبية، وهم اعضاء فيها. لا أرضية ينبت فيها حزب اطلاقاً. لماذا أدير حزباً؟ ماذا أفعل بالحزب؟ هل هناك مجنون ينشئ حزباً؟ لا يستطيع الحزب ان يحكم لأن الشعب هو الذي يحكم.
مجموعات الخارج
هل هناك حوار مع بعض المجموعات الليبية التي تنشط سياسياً في الخارج؟
- ليست هناك مجموعات ليبية. هناك أفراد عملاء للمخابرات الأميركية، هاربون من الثورة. جنّدتهم المخابرات الأميركية، وهم عبارة عن جواسيس تافهين. ونحن نتحداهم ان يرجعوا في أي وقت الى ليبيا. لا أحد سيدري بهم. كانوا يعتقدون أنهم قوة كبيرة في الخارج، وانهم سيُعتقلون إذا عادوا الى ليبيا وسيحاكمون. دخلوا إلى ليبيا وخرجوا ولم يدر أحد بهم، وبالتالي فإن الكلام الذي يسمعونه في الخارج هو كلام مخابرات أجنبية وكلام فارغ، والحقيقة أنهم عادوا إلى رشدهم واندمجوا في المجتمع الليبي والمؤتمرات الشعبية. وحتى هؤلاء الذين في الخارج ممن تتكلم عنهم، إننا نتحداهم ان يعودوا الى ليبيا في أي وقت. فليدخلوا ويقوموا باختبار. دعهم يدخلون ليبيا ويخرجون منها ثم يعودون اليها ويخرجون منها، وليجلبوا معهم أفكارهم ويضعوها في المؤتمرات الشعبية، أي فكرة عندهم يمكن ان يطرحوها للشعب الليبي.
الأصوليون وبن لادن
هل انحسر التيار الأصولي الذي بدا انه نشط في العقد التاسع؟ وهل كان للدولة دور في إظهار عناصره ودفعها إلي التحرك بهدف ضربها؟
- بدأت الحكاية مع ثورة الخميني. ثورة الخميني مجموعة فقهاء ورجال دين استطاعوا من الخارج، وكذلك من السجون في الداخل، تنظيم ثورة شعبية وإطاحة شاه إيران الذي كان من جهابذة العمالة يعتمد على أميركا وتعتمد عليه. وكانت إيران في ذلك الوقت منطقة نفوذ أميركية وظهيراً للإسرائيليين. هؤلاء الفقهاء ورجال الدين حرروا إيران وجعلوها جمهورية إسلامية ونشروا دعوتهم إلى قيام جمهورية إسلامية فتأثر بها عدد من الشباب في البلدان الإسلامية، وراح هؤلاء يطالبون بالجمهورية الإسلامية. إستغلت أميركا هذا التوجه وامتصته وحوّلته الى أفغانستان. ففي الوقت الذي انطلقت فيه الدعوة الخمينية، حصلت أزمة أفغانستان ودخلها الجيش الأحمر واستماتت أميركا لمنع هذه الدولة من الوقوع في يد الروس. ذلك ان سقوطها بيدهم كان سيعني بقاء إقليم يدعى بيشاور، غرب باكستان، وفيه نشاط إنفصالي، وستندفع منه روسيا الى البحار الدافئة وتصل الى المحيط الهندي. وكان ذلك يعتبر، في ظل الحرب الباردة في تلك الفترة، خرقاً استراتيجياً خطيراً ويطوّق كل المواقع الأميركية في البلاد العربية وغرب آسيا والمحيط الهندي وافريقيا. لذلك ارادت أميركا ان تشغل روسيا بالقتال في أفغانستان لئلا يقع هذا الخندق في يد الاتحاد السوفياتي.
استغفلت أميركا المغفّلين والسذّج والطيبين وقالت لهم "الجهاد... الجهاد" و"الدفاع عن الإسلام في وجه الكفار". وتوجه المستعدون ممن تأثروا بالخمينية، عن طريق الحج والعمرة، واخذوا فلوساً وأموالاً عن طريق المخابرات الأميركية التي أقامت لهم معسكرات في بيشاور ودرّبتهم. ومن بين هؤلاء أسامة بن لادن. المخابرات الأميركية هي التي صنعت هؤلاء ودرّبتهم وقاتلت بهم كمرتزقة، وهم مستغفلون تحت راية الجهاد، لكنهم كانوا فعلاً يُقاتِلون كمرتزقة للمخابرات الأميركية ونيابة عن الجنود الأميركيين.
قاتل هؤلاء الاتحاد السوفياتي في أفغانستان، وبعد انتهاء مشكلة أفغانستان، اتضح ان ذلك ليس جهاداً بل صراع قبلي بين الأفغان أنفسهم، وان الاتحاد السوفياتي انتهى. وصارت أفغانستان منطقة غير مرغوب فيها حتى للأميركيين، إذ اصبحت منطقة غير مستقرة تشهد حرباً قبلية. لذلك هجرها الجميع، الاتحاد السوفياتي تركها وانتهى، وأميركا تركتها من الناحية العملية.
الجماعات التي قاتلت في أفغانستان انتهت، فرجعت الى أوطانها مشرّدة ويائسة فمارست العنف. الشعارات التي كانت ترفعها في تلك البقاع أفغانستان صارت ترفعها أيضاً في الجزائر ومصر وسورية والسودان واليمن وغيرها. ومن بين هؤلاء الشباب الذين راحوا وتطوعوا واستُغفلوا، هناك بالتأكيد بعض الشباب الليبيين. عاد هؤلاء يائسين ومدمرين، حرفتهم القتال والمتفجرات، مثلما دربتهم المخابرات الأميركية. وانقلب هؤلاء، وبينهم أسامة بن لادن، على أميركا وقاموا بتفجيرات فيها وضد مصالحها. هؤلاء هم أنفسهم، وبالطبع بينهم من عاد الى ليبيا. لكن هؤلاء مجموعة صغيرة انتهت بالكامل. بعضهم تاب وعاد وساعد السلطات الليبية في معرفة الذين تسللوا من الخارج وأين يوجدون ومن يقف وراءهم. هؤلاء ساعد بعضهم ضد بعضهم الآخر. وانتهت هذه المجموعة بسهولة وفي فترة قصيرة جداً. انتهوا قبل ان يقوموا بأي شيء في ليبيا. لم يستطيعوا عمل ما عملوه في مصر أو الجزائر وغيرهما.
الاقتصاد الليبي من بين الأفضل في العالم العربي بينما معدل البطالة مرتفع والقدرة الشرائية للمواطنين الليبيين تتراجع؟ فما هي أسباب ذلك؟
- أسباب ماذا؟
البطالة؟
- هل هناك بطالة في ليبيا؟ لو كانت عندنا بطالة لما كنا استعنا بملايين الناس غير الليبيين. مليونا مصري يعملون عندنا. وعندنا عمال سوريون ولبنانيون وفلسطينيون وآسيويون وأفارقة. لو كانت في ليبيا بطالة لما كانت تستعين بملايين العمال من البلدان المجاورة.
أليست هناك بطالة في صفوف خريجي الجامعات؟
- هناك بطالة الوظيفة، أي ان تتخرج لكي تكون مديراً. هذا غير مقبول ولا نسمّيه بطالة. هناك فرق بين عدم وجود الوظيفة والبطالة. هناك الملايين في اوروبا والعالم عاطلون عن العمل، وهؤلاء لا يبحثون عن وظائف حكومية. يبحثون عن فرص عمل. ويجب التفريق بين الأمرين. عندنا فرص عمل متاحة، لكن الليبيين لا يحبون العمل. ترى ليبياً لا يعرف كيف يشغّل حنفية، ويقول لك آتني بسوري أو مصري ليقوم بهذا العمل. هذه ليست بطالة. إنها بطالة اختيارية، إنها كسل.
هل هناك اجراءات لمكافحة الفساد والسوق السوداء؟
- هناك اجراءات بالطبع، لكن العالم كله فاسد ومرتشٍ اليوم. عندنا حلول واجراءات طبيعية نقوم بها. ما هي السوق السوداء؟ هناك عمال من الخارج يريدون صرف الدينار الليبيبدولارات لحملها معهم إلى بلدانهم، وهناك طلاب يدرسون في الخارج فيحوّلون إليهم أموالاً بالعملة الصعبة، وهناك أشخاص يأخذون أموالاً بالعملة الصعبة لإنفاقها في الخارج. كل هذه عمليات محدودة. السوق السوداء ليست بتحويل العملات، إنما بالطعام والشراب والملبس التي تُباع في السوق السوداء. ليبيا بلد رخيص والسلع الأساسية مدعومة.
أبناء القذافي
هل يسعى العقيد إلى دفع أبنائه إلى الواجهة السياسية؟
- هناك حدود لدولة الجماهير. كل ليبي وليبية بلغ سن الرشد يصبح في رأس السلطة وعضو في المؤتمرات الشعبية ويصعد الى اللجان الثورية. ليس هناك رئيس للجمهورية أو نائب لرئيس الجمهورية ولا ولي عهد ولا وزير ولا رئيس وزراء. لذلك لا يمكن ان يقولوا إن ابنك يخلفك، ان يترشح لكي يكون ولياً للعهد أو رئيساً للجمهورية بدلاً منك. أنا نفسي لست حاكماً. لست رئيساً ولا أي شيء آخر. أبنائي مثل أبناء الشعب. عندما يصبحون في ال18 يحق لهم دخول المؤتمرات الشعبية في مناطقهم ويصدروا قرارات، ويمكن ان يترشحوا للجان الشعبية، مثلهم مثل أي مواطن آخر. ليست هناك فرصة فردية. انت تسمع بأبناء يخلفون آباءهم في دول عربية أخرى. أنا قائد ثورة الفاتح عام 1969. وهذه الثورة لن تتكرر، وابني لن يجيئ ليكون قائد الثورة، هذه كانت عام 1969. وأقرب زملائي في الثورة لن يحل محلي، الثورة حصلت مرة واحدة، وكذلك قائد الثورة التي قامت 69، هل يعيدونك إلى 9196؟
بعد 30 سنة على ثورة الفاتح والنضال في سبيل القومية العربية والوحدة العربية، ما هي الأمور التي يندم عليها العقيد؟
- لست نادماً على شيء فعلته. لكنني لا أقول ان كل شيء قمت به كان صحيحاً.
ألا يمكن ان نعتبر العقيد، بصفته قائداً لثورة منذ 30 سنة، مسؤولاً أيضاً عن الوضع الذي وصل اليه العرب؟
- كنت رافعة ساهمت في عدم تدهور الأمور أكثر مما هي الآن. ربما حافظت على روح القومية العربية والوحدة العربية والمقاومة والتحرير ومقاومة الاستعمار ومحاربة الإمبريالية. كانت عندي مسؤولية لكنها مسؤولية ايجابية، مسؤولية عن الجو الثوري الذي دعم الثورة الفلسطينية والشعوب العربية وحركات التحرر في العالم من جنوب افريقيا الى نيكاراغوا.
ولكن وصلنا الآن - كما قلتم - الى "الحل الإستسلامي" الذي كان مُتاحاً للعرب منذ الخمسينات. ألم يكن الأفضل القبول بكامب ديفيد بدل إضاعة 20 سنة؟ أما كنا حصلنا على حقوق أفضل من المتاحة الآن؟ ربما كان حلاً إستسلامياً ولكن بشروط أفضل.
- ما هي الأمور التي استرددناها؟ لا دولة فلسطينية ولا وحدة عربية. 99 في المئة من مقدراتنا لا تزال في يد أميركا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.