دعوات عالمية للمشاركة في قوة غزة    موسكو ترد على العقوبات بالنووي وأوكرانيا تطالب بتعزيز تسليحها    توتنهام يجتاز إيفرتون بثلاثية في الدوري الإنجليزي    "سافيتش" هلالياً حتى عام 2028    مدرب برشلونة: يامال تأثر بصافرات الاستهجان    قافلة إغاثية سعودية جديدة تصل غزة    أمير جازان يشيد بإنجازات اليرموك    الأحساء واحة الحضارات الخالدة    الوعي الذي يصون المحبة    منتخب إيران يصل السعودية للمشاركة ببطولة العالم للإطفاء والإنقاذ 2025    النائب العام يرفع الشكر للقيادة بمناسبة صدور الأمر الملكي بتشكيل مجلس النيابة العامة    السعودية تتجه لدمج "العملات المستقرة" ضمن نظامها المالي لتشجيع الاستثمارات    أمير حائل يرعى حفل افتتاح ملتقى دراية في نسخته الثانية    المعجب يشكر القيادة لتشكيل مجلس النيابة العامة    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى (11593) نقطة    أكثر من 1000 طائرة درون تضيء سماء الظهران في افتتاح "موسم الخبر"    حفلات فنية وفعاليات عائلية في شتاء الشرقية    أمير الرياض يستقبل مدير عام التعليم بالمنطقة    الشؤون الإسلامية في جازان تُقيم مبادرة شهر التوعية بسرطان الثدي بصبيا    نائب أمير الشرقية يؤكد دور الكفاءات الوطنية في تطوير قطاع الصحة    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنفيذ البرنامج التثقيفي لمنسوبي المساجد في المنطقة ومحافظاتها    مفتي عام المملكة ينوّه بدعم القيادة لجهاز الإفتاء ويُثني على جهود الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ رحمه الله    انطلاق النسخة ال9 من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار غدا    أمير الشرقية يُدشّن معرض "وظائف 2025" ويؤكد دعم القيادة لتمكين الكفاءات الوطنية    خمس تنظيمات تنتج 97% من الخطاب المتطرف الرقمي    إعلان الفائزين بجائزة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية 2025    578 ألف ريال لصقرين في الليلة 13 من مزاد نادي الصقور السعودي 2025    أبرز 3 مسببات للحوادث المرورية في القصيم    أكثر من 85 ورشة عمل تمكّن رواد الأعمال في "بيبان 2025"    "زين السعودية" تعلن نتائجها لفترة التسعة أشهر الأولى من 2025 بنمو في الأرباح بنسبة 15.8%    الضمان الصحي يصنف مستشفى د. سليمان فقيه بجدة رائدا بنتيجة 110٪    اليسارية كاثرين كونولي تفوز برئاسة أيرلندا بأغلبية ساحقة    اختتام منتدى الأفلام السعودي 2025 بحضور أكثر من 2000 زائر يوميًا وأكثر من 40 جلسة حوارية وورشة عمل    ليتوانيا تغلق مطار فيلنيوس بعد اختراق أجوائها بمناطيد مجهولة قادمة من بيلاروسيا    "طويق" تشارك في معرض وظائف 2025 بالظهران وتفتح آفاق وظيفية جديدة للموارد البشرية    نائبة رئيس جمهورية أوغندا تصل الرياض    ولي العهد يُعزي رئيس مجلس الوزراء الكويتي    سائح يعيد حجارة سرقها من موقع أثري    «إياتا» تضع قواعد جديدة لنقل بطاريات الليثيوم    القيادة تهنئ رئيس كازاخستان بذكرى «يوم الجمهورية»    تنافس قوي بين كبرى الإسطبلات في ثاني أسابيع موسم سباقات الرياض    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على هيفاء بنت تركي    100 مشروع ريادي لنهائي الكأس    الديوان الملكي: وفاة صاحبة السمو الأميرة هيفاء بنت تركي بن محمد بن سعود الكبير آل سعود    بحضور أمراء ومسؤولين.. آل الرضوان يحتفلون بزواج عبدالله    مسؤولون ورجال أعمال يواسون أسرة بقشان    116 دقيقة متوسط زمن العمرة في ربيع الآخر    غرم الله إلى الثالثة عشرة    شرطة الرياض: تم -في حينه- مباشرة واقعة اعتداء على قائد مركبة ومرافقه في أحد الأحياء    ولي العهد يُعزي هاتفياً رئيس الوزراء الكويتي    "الشؤون الإسلامية" تطلق برنامج "تحصين وأمان"    %90 من وكالات النكاح بلا ورق ولا حضور    النوم مرآة للصحة النفسية    اكتشاف يغير فهمنا للأحلام    "تخصصي جازان" ينجح في استئصال ورم سرطاني من عنق رحم ثلاثينية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان ينهي معاناة مراجعين مع ارتجاع المريء المزمن بعملية منظار متقدمة    دوائر لمكافحة «الهياط الفاسد»    نائب أمير نجران يُدشِّن الأسبوع العالمي لمكافحة العدوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"خطوات" على خشبة الحمراء بدمشق . الصراع على الحب بلغة بصرية !
نشر في الحياة يوم 30 - 07 - 1999

إذا كان كل شيء في المسرح إشارة، فإن العرض المسرحي، "خطوات"، مسرح الحمراء، هو بالفعل محاولة جادّة لأن يكون كذلك.
وإذ ينهض هذا العرض، على اقتراحات بصرية وحركية محضة. تبث إشارات دالة، والصورة فيه حيّة، تتنقل بين المرسل والمتلقي... بين الخشبة والصالة لتخلق هذا التواصل الشعري، فالسؤال هو: كيف استطاع هذا العرض أن يحقق هذه المعادلة المفقودة، لا سيما وأن مخرجه الشاب محمد آل رشي، يخوض أولى تجاربه الإخراجية مع مجموعة من الشباب، بعضهم محترف، وبعضهم يصعد لأول مرة الى خشبة المسرح؟!
بدايةً، يبدو أن هذا العرض تجاوز منذ مقدماته الأولى، المعضلة التي تقع فيها معظم العروض المسرحية التي تتكىء بشكلٍ أساسي على اللغة، وثقافة الأذن، إذ لم تكن اللغة في هذا العرض سوى عنصر بسيط، بل محدود الحضور، تضافر مع بقية عناصر العرض المسرحي: الممثل أو حركة الجسد، الإضاءة، الملابس، الموسيقى، الديكور، والأغراض... لتنهض تلك الصور البصرية المشهدية، التي تتابعت بإيقاع سريع، وتقطيعات مدروسة، حيث ومن خلال جمع شتات هذه الصور بخيط درامي متصاعد، تكوّنت الصورة الشمولية للعرض المسرحي، وتوضّحت مقولته العليا.
ولعل مرد ذلك هو التعاون المثمر بين المخرج، وبين كلٍّ من: الفنان معتز ملاطيه لي مصمم الخطوات، والفنانة التشيكية آنا تشومبيليك المقيمة في سورية، وصاحبة فكرة العرض، والفنان لاوند هاجو، فهؤلاء الثلاثة متخصصون أكاديمياً في الرقص المسرحي التعبيري، وكانوا قد برزوا بشكل جزئي في عروض مسرحية سورية، سابقة، لكنهم في هذا العرض كانوا العمود الفقري، فالفنانة تشومبيليك شاركت في كتابة السيناريو، ولعب الثلاثة بما يمتلكونه من خبرات وليونة جسدية الأدوار الرئيسية في العرض، ليجسّدوا عملياً اقتراحاتهم البصرية والحركية.
تنويعات
ينهض العرض في بنائه على ثلاث خطوات هي: الخطوة الأميركية، والخطوة اليابانية، والخطوة الشرقية أو العربية، وتتكرر هذه الخطوات مرّةً ثانية لنكون أمام ست خطوات. في الخطوات الثلاث الأولى نرى صورة للحب والصراع الدرامي حوله، ومع الخطوات الثلاث الأخرى يغرق هذا الحب في بحر العتمة والظلام والقمع والموت وذلك على رغم المحاولات المستميتة للدفاع عنه، والتحليق به في عوالم الضوء والحلم والصفاء.
ربما تكمن قوة العرض في نجاحه بتقديم هذه المقولة الإنسانية العامة المشتركة عن الحب من خلال تلك التنويعات، والأشكال المختلفة التي تكشف تميز البشر واشتراكهم في الآن ذاته بالنظرة تجاه الحب والغيرة، والخير والشر وذلك من خلال اختلاف عاداتهم وتقاليدهم ومن خلال وحدتهم كبشر.
يقوم الممثلون أنفسهم بتجسيد الفكرة ذاتها باستخدام أزياء ورقصات وحركات تعبيرية جسدية مختلفة، وتلعب الموسيقى والمؤثرات الصوتية، والديكورات التي تتغير من خطوة الى أخرى، دوراً مهماً في تعميق التمايز من خلال تغيير السينوغرافيا التي ترسم في فضاء الخشبة الحدود الفاصلة بين الخطوات التي تغنيها مشاهد بصرية وحركية مختلفة.
في الخطوة الأميركية، نتلمّس التعبير عن الحب على ايقاع أغاني الروك والموسيقى الصاخبة في ملهى ليلي، مع الإضاءة الباهرة والملابس الجلدية السوداء الضيقة، حيث يبدأ المشهد بأغنية صاخبة يؤديها ممثل يخرج من قلب الصالة، ويصعد الى فضاء الخشبة الممتلئة برقصات بقية الممثلين والممثلات، تلك الرقصات التي يؤدونها بطريقة عنيفة، صاخبة تطلق اشارات حسيّة مبالغاً فيها، وكل هذه الحركات تجري في منتصف ومقدمة الخشبة للدلالة على علنية العلاقات الاستهلاكية السريعة ومباشرتها الفجة، حيث لا انفصال بين ظاهر هذه العلاقات وباطنها، كما سنرى في الخطوة الشرقية على سبيل المثال، فالعلاقة بين الرجل والمرأة هنا مفتوحة، والصراع على العشيق أو العشيقة واضح لا لبس فيه. وحسم الصراع أيضاً يأخذ بعداً عنيفاً ومباشراً.
وفي الخطوة اليابانية، يقدم المخرج مضمون الفكرة نفسها، بشكل مختلف تماماً، حيث الأزياء اليابانية الملونة، والحركات التي تجري على الأيقاع الياباني البطيء، وكذا يستفيد المخرج من الطبول والعصي والإيقاعات الموسيقية اليابانية في تجسيد الفكرة، ويتم الأمر نفسه مع الخطوة الشرقية، حيث الأزياء الشرقية، وروح المقهى والكراسي الواطئة، والزفّة والعراضة، والرقص الشرقي، والحركات الفروسية.
السينوغرافيا
الشغل على السينوغرافيا عبدالإله فرهود كان حاسماً في هذا العرض، وقد نجح فرهود في تصميم سينوغرافيا شديدة المرونة، قابلة لتشكيل المشهد العام والتغيير والتبديل حسب الضرورات المطلوبة والمتغيّرة. فقد صمّم في عمق الصالة، منصة وأدراجاً تفضي اليها من الجهتين اليسرى واليمنى، وترك منتصف الخشبة ومقدمتها مفتوحتين للأغراض المتحركة، ووضع في منتصف وأعلى فضاء الخشبة خلف المنصة طبلاً كبيراً معلقاً، استخدم أحياناً كطبل خصوصاً مع الخطوة اليابانية، وتحوّل أحياناً الى قمرٍ مع لعبة الإضاءة ولا سيما في مشاهد الحب الرومانسية.
وترك أبواب المنصة من الأسفل تتحرك بمرونة كاملة على سكك، حيث يمكن تغيير الأبواب ودلالاتها حسب المشاهد، فأحياناً نجدها أبواباً على الطريقة اليابانية تنفتح على حجرات داخلية، وأحياناً نجدها أبواباً شرقية، وأحياناً أخرى يلغي الأبواب ويترك عمق الخشبة مفتوحاً لتظهر قضبان استخدمها كدلالة على السجن... وفي المحصلة كانت هذه المرونة عاملاً حاسماً في أغناء العرض ومساعدته على رسم كل هذه التنويعات بسهولة ويسر. وما ينطبق على الديكور ينطبق على الملابس والأزياء والمؤثرات الصوتية والإضاءة والموسيقى... والأهم من كل هذا أداء الممثلين القائم اعتمد على إيقاعات حركية وجسدية اختلفت بين خطوة وأخرى وذلك لمقاربة النكهة الخاصة والروحية المختلفة لكل شعب. ففي الخطوة الشرقية كنا أمام الرقص العربي وموسيقى العود، وحركات الفروسية وطوشة المقهى العربي. وهنا ارتفعت وتيرة الكلام نسبياً، بينما في الخطوة اليابانية قارب القتال روح الساموراي على إيقاعات الطبول والصنوج، وحتى الكلام حوّرت نبرته العربية لتقارب بشكل كوميدي ساخر الروح اليابانية وهكذا كان مع الخطوة الأميركية التي سادت فيها الروح الصاخبة.
ويمكننا القول: أننا كنا أمام عرض مسرحي غير تقليدي، ألغى الحاجز بين الخشبة والصالة، ووضعهما على مستوى واحد، الأمر الذي أيقظ فعالية المتفرج، وجعله مشاركاً حقيقياً في العرض، خصوصاً وأن المخرج مدّ "لسان" الخشبة وجعلها تخترق الصالة، وفي هذه الحركة دلالة اضافية على ما ذهبنا اليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.