أمير حائل يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    استعراض تقرير الميزة التنافسية أمام أمير الشمالية    توصيات شورية لإنشاء المرادم الهندسية لحماية البيئة    خسائر بقيمة 1.6 مليار يورو في إسبانيا بسبب انقطاع الكهرباء    165 عقدا صناعيا واستثماريا بصناعيتي الأحساء    250% تفاوتا في أسعار الإيجارات بجازان    أمانة القصيم تحقق التميز في كفاءة الطاقة لثلاثة أعوام متتالية    أول تعليق من رونالدو بعد ضياع الحلم الآسيوي    برشلونة وإنتر ميلان يتعادلان 3/3 في مباراة مثيرة    سعود بن بندر يطلع على المبادرات الإصلاحية والتأهيلية لنزلاء السجون    أضواء بنت فهد: «جمعية خيرات» رائدة في العمل الخيري    جمعية الزهايمر تستقبل خبيرة أممية لبحث جودة الحياة لكبار السن    فيصل بن مشعل: اللغة العربية مصدر للفخر والاعتزاز    المتحدث الأمني للداخلية: الإعلام الرقمي يعزز الوعي المجتمعي    العلا تستقبل 286 ألف سائح خلال عام    جامعة الملك سعود تسجل براءة اختراع طبية عالمية    مؤتمر عالمي لأمراض الدم ينطلق في القطيف    اعتماد برنامج طب الأمراض المعدية للكبار بتجمع القصيم الصحي    قطاع ومستشفى محايل يُفعّل مبادرة "إمش 30"    الأمير سعود بن نهار يستقبل الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للأرصاد    محافظ سراة عبيدة يرعى حفل تكريم الطلاب والطالبات المتفوقين    أمير تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج بالمنطقة    خسارة يانصر    أمير جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية إثيوبيا بجدة    واشنطن تبرر الحصار الإسرائيلي وتغض الطرف عن انهيار غزة    أوكرانيا وأمريكا تقتربان من اتفاقية إستراتيجية للمعادن    حينما يكون حاضرنا هو المستقبل في ضوء إنجازات رؤية 2030    جاهزية خطة إرشاد حافلات حجاج الخارج    الرئيس اللبناني يؤكد سيطرة الجيش على معظم جنوب لبنان و«تنظيفه»    المملكة: نرحب بتوقيع إعلان المبادئ بين حكومتي الكونغو ورواندا    المتحدث الأمني بوزارة الداخلية يؤكد دور الإعلام الرقمي في تعزيز الوعي والتوعية الأمنية    وزير الخارجية يستقبل نظيره الأردني ويستعرضان العلاقات وسبل تنميتها    ميرينو: سنفوز على باريس سان جيرمان في ملعبه    بمشاركة أكثر من 46 متسابقاً ومتسابقة .. ختام بطولة المملكة للتجديف الساحلي الشاطئي السريع    وزير الخارجية يستقبل نائب رئيس الوزراء وزير خارجية الأردن    رسمياً نادي نيوم بطلًا لدوري يلو    "مبادرة طريق مكة" تنطلق رحلتها الأولى من كراتشي    أمانة الشرقية تطلق أنشطة وبرامج لدعم مبادرة "السعودية الخضراء"    تدشين الهوية الجديدة لعيادة الأطفال لذوي الاحتياجات الخاصة وأطفال التوحد بجامعة الإمام عبد الرحمن    آل جابر يزور ويشيد بجهود جمعيه "سلام"    العمليات العقلية    هند الخطابي ورؤى الريمي.. إنجاز علمي لافت    ترامب وهارفارد والحرية الأكاديمية    "الشورى" يطالب "التلفزيون" بتطوير المحتوى    نائب أمير مكة يطلع على التقرير السنوي لمحافظة الطائف    في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.. إنتر المتراجع ضيفًا على برشلونة المتوهج    خلال لقائه مع أعضاء مجلس اللوردات.. الربيعة: السعودية قدمت 134 مليار دولار مساعدات ل 172 دولة حول العالم    هجوم على الفاشر ومجزرة في أم درمان وضربات للبنية التحتية.. الجيش السوداني يُحبط خطة شاملة لميليشيا الدعم السريع    هيكل ودليل تنظيمي محدّث لوزارة الاستثمار.. مجلس الوزراء: الموافقة على تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء    حوار في ممرات الجامعة    "هيئة العناية بالحرمين": (243) بابًا للمسجد الحرام منها (5) أبواب رئيسة    مسؤولو الجامعة الإسلامية بالمالديف: المملكة قدمت نموذجاً راسخاً في دعم التعليم والدعوة    محمد بن ناصر يزف 8705 خريجين في جامعة جازان    إيلون ماسك يقلق الأطباء بتفوق الروبوتات    أسباب الشعور بالرمل في العين    نائب أمير منطقة مكة يستقبل محافظ الطائف ويطلع على عددًا من التقارير    تنوع جغرافي وفرص بيئية واعدة    أمير منطقة جازان يرعى حفل تخريج الدفعة ال20 من طلبة جامعة جازان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أهمية البحث عن موارد بديلة لا تزال حاسمة . انعكاسات تحسن أسعار النفط الدولية على الآفاق الاقتصادية في منطقة الخليج 1 من 2
نشر في الحياة يوم 30 - 06 - 1999

حافظت أسعار النفط خلال الأشهر الأولى من العام الحالي على مستوياتها المتدنية التي بلغتها في نهاية العام الماضي. فمتوسط اسعار النفط الذي تراجع بنسبة 33 في المئة خلال عام 1998 فبلغ مستوى 12.71 دولار لبرميل خام برنت، انخفض الى 11.08 دولار للبرميل في كانون الثاني يناير من هذا العام ثم الى 10.25 دولار للبرميل في شباط فبراير و12.51 دولار للبرميل في آذار مارس.
غير انه اعتباراً من أواخر آذار اتخذ مسار أسعار النفط منحنى تصاعدياً، فارتفع متوسطها الى 15.3 دولار للبرميل في نيسان ابريل و15.4 دولار للبرميل في ايار مايو، وذلك في ضوء الاتفاق الذي تم التوصل اليه بين منظمة الأوبك وثلاث دول غير اعضاء في المنظمة هي المكسيك والنروج وعُمان، والذي يقضي بخفض انتاج النفط بمعدل مليوني برميل يومياً اعتباراً من بداية شهر نيسان 1999.
ولا شك انه اذا ما حافظت اسعار النفط على تحسنها خلال الفترة المتبقية من العام الجاري، فهذا سينعكس ايجاباً على آفاق النمو الاقتصادي في المنطقة. ويلاحظ ان التوقعات التشاؤمية للقطاع الخاص في دول الخليج التي كانت سائدة في مطلع هذا العام، أخذت بالتغير أخيراً وأصبحت الآن تفاؤلية نوعاً ما. وهناك فرص جيدة للمنطقة لتحقيق معدلات نمو ايجابية في الناتج المحلي الاجمالي هذا العام سواء للقطاعات النفطية أو غير النفطية على حد سواء.
وتبنت الحكومات الخليجية سياسات حذرة للتعامل مع التطورات المستجدة في السوق النفطية اذ وضعت الموازنات لعام 1999 على اساس أن الايرادات النفطية ستبقى منخفضة، وبالتالي تم تقليص الانفاق الرأسمالي على المشاريع من أجل الابقاء على العجز في الموازنات العامة عند مستويات معقولة. وعلى عكس ما حصل في أوائل عام 1995 عندما كانت اسعار النفط ايضاً منخفضة، فإن الحكومات الخليجية هذا العام لم تعلن عن تدابير واجراءات لزيادة الايرادات غير النفطية في موازناتها العامة، كما ان هذه الموازنات لم تتضمن استراتيجيات معلنة طويلة الأجل تهدف الى تصحيح الاختلالات الداخلية الناشئة.
وباستثناء سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية، لم تجر أي محاولات لخفض الدعم والاعانات أو رفع اسعار السلع والخدمات التي تقدمها الدولة. وفي بداية أيار هذا العام، عمدت المملكة العربية السعودية الى رفع سعر صفيحة البنزين بنسبة 50 في المئة وضاعفت رسم تأشيرة العمل للاجانب ورسم الاشتراك في الهاتف الثابت وأدخلت رسم مغادرة على المسافرين الى الخارج من مطارات وموانئ المملكة في محاولة لخفض العجز في موازناتها العامة.
ارتفاع مفاجئ
وأدى الارتفاع المفاجئ في ايرادات النفط خلال الفترة 1995 - 1997 الى تخلي دول المنطقة عن تطبيق اجراءات تقشفية تهدف الى تقليص المصروفات العامة واعطاء قوة دفع للقطاع الخاص لزيادة مشاركته في الدورة الاقتصادية. فالتراجع في الايرادات النفطية تم غالباً النظر اليه على أنه مشكلة تدفق نقدي عابرة ويمكن التعامل معه من خلال إلغاء أو تأجيل تنفيذ بعض مشاريع البنية الاساسية والسحب من الاحتياطات الخارجية أو ما تبقى منها، وتأخير تسديد المستحقات للمقاولين والاقتراض من الاسواق الداخلية لتمويل العجز.
وعلى رغم استمرار الاختلالات في الموازنات العامة فإن حكومات دول المنطقة ما زالت تتبع سياسات توفر الدعم للمستهلك ولبعض قطاعات الانتاج. والخصخصة التي طال الحديث عنها، لا تزال تراوح مكانها وان حدث فيها تقدم فإنه محدود وبطيء فبيع الشركات التي تديرها الدولة يعني تسريح الفائض من الموظفين، مما يزيد من حدة مشكلة البطالة التي اخذت تتفاقم بين المواطنين. وإذا أبقت الحكومة دعمها للصناعات وللقطاعات غير الكفوءة فهذا سيقلص من الانتاجية وسيزيد من مستويات العجز في الموازنات العامة.
ان تحسن أسعار النفط هذا العام سوف يخفف بلا شك من وطأة العجوزات في الموازنات العامة والموازين الخارجية، لكن ذلك لن يؤدي الى القضاء على هذه العجوزات. وإذا ما أدى ارتفاع اسعار النفط خلال الأشهر المقبلة الى تراجع التزام دول الأوبك بمعدلات الانتاج المتفق عليها، كما حدث في الماضي، فهذا سيترك نتائج عكسية قد تؤدي الى تفاقم العجوزات الداخلية والخارجية مجدداً. فلا بد اذا من التشديد مرة اخرى على ضرورة تبني اصلاحات هيكلية بغض النظر عن التطورات التي تطرأ على اسعار النفط في السوق العالمية.
تحسن آفاق النمو
ان دول مجلس التعاون الخليجي هي الآن في وضع افضل لتحقيق معدلات نمو اعلى عما كان متوقعاً في بداية هذا العام، كما ان العجز المتحقق هذه السنة قد يكون أقل عما هو مقدراً في الموازنات العامة فاجمالي الايرادات لدول الخليج الست المقدرة في موازنات هذا العام جاءت بحدود 55.02 بليون دولار، وهي أدنى من مستواها البالغ 63.4 بليون في العام 1998، على اساس ان موازنات العام الحالي بُنيت على افتراض ان متوسط اسعار نفط خام برنت سيكون في حدود 11 - 12 دولاراً للبرميل الواحد في مقابل متوسط قدره 12.7 دولار للعام الماضي. وتم تخفيض النفقات الحكومية الى 77.5 بليون دولار في موازنات العام الجاري، وذلك من 84.4 بليون في العام 1998. وبهذا يكون مجمل عجز موازنات الدول الخليجية المقدر لعام 1999 في حدود 22.4 بليون دولار مقارنة مع 21 بليون دولار عام 1998.
وإذا أخذنا المملكة العربية السعودية على سبيل المثال، فإن الانفاق الحكومي في موازنة عام 1999 قد تم تقديره عند مستوى 165 بليون ريال سعودي 44 بليون دولار، وبانخفاض نسبته 12.6 في المئة عن مستواه الفعلي لعام 1998، في حين قدرت الايرادات الحكومية ب121 بليون ريال 32.3 بليون دولار، وبتراجع نسبته 15.4 في المئة عن ارقام العام الماضي الفعلية والبالغة 38.2 بليون دولار الجدول رقم 2. ان خفض الانفاق بقيمة 24 بليون ريال 6.4 بليون دولار في الموازنة السعودية لهذا العام قد ارتكز على افتراضات تفاؤلية، اذ يتطلب تحقيق هذا الهدف قيام الحكومة بتقليص المصروفات الرأسمالية على المشاريع بنسبة 52 في المئة وتخفيض النفقات الجارية والتي تشمل الرواتب وخدمة الدين الداخلي بنسبة 8 في المئة، وهذا الأمر صعب التحقيق. ولقد تم تقدير الايرادات النفطية في موازنة العام الحالي بنحو 78.8 بليون ريال سعودي، اي بتراجع نسبته 20 في المئة عن مستواها للعام السابق، بينما قدر التراجع في الايرادات غير النفطية بمعدل 6.2 في المئة.
وفي ضوء التحسن الذي سجل في اسعار النفط هذا العام وأيضاً الاجراءات التي تم تبنيها في الآونة الاخيرة لزيادة الايرادات غير النفطية، فان من المرجح ان ترتفع اجمالي الايرادات مقارنة مع مستواها الفعلي في العام الماضي لتصل الى 159 بليون ريال سعودي، اذ تشكل الايرادات النفطية 107.3 بليون والايرادات غير النفطية 51.7 بليون.
ومن شأن عملية اعادة هيكلة تعرفة الكهرباء بمتوسط نسبته 77.6 في المئة ان تحقق عائدات اضافية بحدود 6 بلايين ريال. كما ان رفع سعر البنزين بنسبة 50 في المئة من 0.6 ريال لليتر الواحد الى 0.9 ريال يقدر ان يدر على الدولة ايرادات اضافية بحدود 2.72 بليون ريال للفترة من أيار وكانون الأول ديسمبر هذا العام اذ ان الزيادة السنوية تقدر في حدود اربعة بلايين ريال. كذلك فان مضاعفة رسم تأشيرة العمل للوافدين من 1000 الى 2000 ريال بامكانها زيادة الايرادات بحدود 80 مليون ريال مع نهاية العام الجاري. وتقدر ان تصل العائدات الناشئة عن فرض رسم المغادرة على المسافرين الى خارج المملكة من المطارات والموانئ السعودية وزيادة رسم الاشتراك في الهاتف الثابت الى 180 ريالاً الى حدود 500 مليون ريال.
نفقات جارية
وإذا افترضنا ان النفقات الجارية لهذا العام ستبقى عند مستواها الفعلي المتحقق في العام الماضي، وان الانفاق الرأسمالة سينخفض الى 15.7 بليون ريال مقابل 20.7 بليون ريال في العام 1998، فان العجز المتوقع لعام 1999 سيكون عند 25 بليون ريال اي اقل من العجز المقدر في ميزانية هذا العام والذي جاء عند 44 بليون ريال. وبهذا ستتراجع نسبة عجز الموازنة الى الناتج المحلي الاجمالي لتصل الى 5 في المئة مقارنة مع 9.45 في المئة العام الماضي.
وهذا التحليل ينطبق بدرجة اكبر أو أقل على بقية الدول الخليجية، اذ ان كلاً من النفقات الفعلية والايرادات الفعلية من المقدر ان تفوق الأرقام المرصدة في موازنات العام الحالي، كما ان العجز المتحقق قد يكون أقل مما هو متوقع في هذه الموازنات.
واذا افترضنا ان متوسط سعر نفط خام برنت سيرتفع الى 15.5 دولار للبرميل الواحد في الفصل الثاني من العام الحالي وذلك من مستوى 11.37 دولار للبرميل في الفصل الأول، ثم الى 16 دولاراً للبرميل في الفصل الثالث و17 دولاراً للبرميل في الفصل الرابع، فإن متوسط السعر للعام 1999 بأكمله سيكون في حدود 15 دولاراً اي بارتفاع 18 في المئة عن معدله للعام الماضي الذي كان في حدود 12.7 دولار للبرميل. غير ان العائدات النفطية لدول المنطقة لن تزيد بكامل هذه النسبة بسبب خفض الانتاج المتفق عليه اعتباراً من الفصل الثاني من هذا العام. لذا يتوقع ان تصل الايرادات النفطية لدول المنطقة الى مستوى 63.7 بليون دولار هذا العام مقارنة مع 58.8 بليون دولار في عام 1998.
وتشير الأرقام الأولية للناتج المحلي الاجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي خلال العام الماضي ان دول المنطقة حققت بعض النمو الايجابي بالأسعار الحقيقية، غير انه بالأسعار الجارية سجل هذا الناتج تراجعاً حاداً وصلت نسبته الى 10.8 في المئة في السعودية، و5.6 في الامارات، و6 في المئة في الكويت، و10.2 في المئة في عمان، و9 في المئة في قطر، و4 في المئة في البحرين. ومع بداية عام 1999، كانت الدلائل تشير الى ان هذا العام قد يكون من اصعب الأعوام بالنسبة لدول المنطقة بسبب انخفاض اسعار النفط والتقشف الكبير في الانفاق الحكومي والتوقعات غير المتفائلة من جانب القطاع الخاص. غير ان عودة اسعار النفط الى الارتفاع أخيراً خففت حالة التشاؤم التي كانت سائدة في الاسواق في بداية العام وعززت آفاق النمو الاقتصادية للمنطقة.
ان الزيادة المتوقعة في الايرادات النفطية سوف تؤدي الى معدلات نمو ايجابية في قطاع النفط بالنسبة لمختلف الدول الخليجية. ولا يتوقع للناتج المحلي للقطاع الحكومي ان يسجل معدلات نمو ايجابية تذكر هذا العام بسبب الموازنات التقشفية التي تم الاعلان عنها. اما النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص فيتوقع له ان يسجل معدلات نمو ايجابية خجولة وذلك مع قيام هذا القطاع في تغيير توقعاته التشاؤمية التي سادت مطلع العام الجاري. ومن المعروف ان القطاع الخاص يحتاج من ستة الى ثمانية اشهر للتأقلم مع معطيات السوق المحلية الجديدة. واذا ما بقيت اسعار النفط عند مستويات اعلى من 15 دولاراً للبرميل الواحد خلال ما تبقى من العام الحالي، فإن هذا التطور لا بد ان ينعكس ايجاباً على نشاطات القطاع الخاص لدول المنطقة. ويتوقع ان تصل معدلات نمو الناتج المحلي الاجمالي بالأسعار الجارية في السعودية والكويت الى نحو 1.5 في المئة و1 في المئة على التوالي لهذا العام. كما يقدر معدل النمو الاقتصادي في الامارات بحوالى 3 في المئة، بسبب تنوع البنية الاقتصادية في امارة دبي، واعتماد امارة ابو ظبي على الدخل المتأتي من الاستثمارات الخارجية اكثر من اعتمادها على ايرادات النفط. ومن المقرر ان تبلغ معدلات النمو في البحرين وعمان 1.5 في المئة و2 في المئة على التوالي للعام ذاته، علماً بأن هاتين الدولتين ليستا عضوين في منظمة الأوبك، وبالتالي لا يتعين عليهما تخفيض انتاجهما النفطي. وسوف تحقق قطر ايرادات أعلى من تصدير النفط والغاز، بحيث تتمكن من تسجيل نمو اسمي يقدر بنحو 4 في المئة هذا العام. ومن المرجح ان تتلاشى الضغوط على اسعار صرف العملات الخليجية مقابل الدولار الاميركي، مما يؤدي الى تضييق الهوامش بين اسعار الفائدة على هذه العملات وأسعار الفائدة على الدولار.
حالات عدم التوازن
بعد وصول العجز المجمع لموازنات دول مجلس التعاون الخليجي الست الى مستوى مرتفع بلغ 19.8 بليون دولار في العام 1993، انخفض الى مستوى متدن هو بليون دولار في العام 1997، ليرتفع من جديد الى 21.2 بليون في العام 1998.
ويقدر ان يبلغ عجز الموازنة لهذه الدول 22.4 بليون دولار هذا العام. وباستثناء العام 1997، فان مجموع عجوزات موازنات الدول الخليجية كنسبة من اجمالي الناتج المحلي لهذه الدول شكل في المتوسط ما نسبته 9 في المئة خلال معظم سنوات التسعينات.
ان اجراءات خفض الانفاق العام خلال السنوات القليلة الماضية، على رغم أهميتها بالنسبة للحد من تراكم العجز في الموازنات العامة وارتفاع الدين الداخلي والخارجي، فإنها ركزت أساساً على خفض الانفاق الرأسمالي على المشاريع بدلاً من تقليص مخصصات التسلح والمصروفات الجارية التي تشمل الرواتب والأجور وفاتورة خدمة الدين.
وانخفضت مخصصات النفقات الرأسمالية كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي من متوسط قدره 24 في المئة في الفترة 1981-1985 إلى 15 في المئة خلال الفترة 1986-1990 ثم إلى 8 في المئة للفترة 1991-1998، هذا في الوقت الذي ارتفعت فيه النفقات الجارية كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي من متوسط قدره 28 في المئة إلى 35 في المئة ثم إلى 38 في المئة على التوالي خلال الفترات المذكورة. وأصبح واضحاً الآن أن التركيز على إحداث تخفيضات إضافية في النفقات الرأسمالية لتقليص العجز في الموازنات العامة قد يصعب تحقيقه لآجال أطول، كما ان ذلك يعتبر أمراً غير مرغوب فيه، إذ أنه يحد من آفاق النمو الاقتصادي لدول المنطقة مستقبلاً.
تمويل
وحتى عام 1988 موّلت المملكة العربية السعودية العجز في الموازنة العامة من خلال السحب من الاحتياطات الخارجية للدولة. ومع بداية عام 1988 تم اللجوء إلى الاقتراض الداخلي لتمويل العجز، فأصدرت الحكومة سندات تنمية اكتتب بها من قبل المصارف التجارية ومؤسسات تابعة للقطاع العام تعمل بشكل شبه مستقل.
ومع تراكم العجوزات، شهد الدين الداخلي نمواً متقلباً وصل إلى 237 بليون ريال سعودي أو ما يوازي 51 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 1992، ليواصل تصاعده إلى حوالى 523 بليوناً أو 107 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام 1998. ويتكون هذا الدين بصفة رئيسية من سندات وأذونات الخزينة المكتتب بها من المصارف التجارية ومؤسسات القطاع العام المستقلة.
وبلغت القيمة الاجمالية لأذونات وسندات الخزينة التي تم اصدارها حتى نهاية عام 1998 حوالى 91 بليون ريال. كذلك يضم الدين الداخلي قروضاً مباشرة إلى الحكومة من المصارف التجارية ومؤسسات القطاع العام المستقلة. ويلاحظ تراجع حصة المصارف التجارية من محفظة الدين الحكومي من 16 في المئة عام 1992 إلى 13 في المئة عام 1995، لكنها ارتفعت إلى أكثر من 20 في المئة عام 1998. وباستثناء القرض المشترك من المصارف العالمية والبالغ 5.4 بليون دولار في العام 1991 الذي تم تسديده خلال الفترة 1994-1995، فإن الحكومة السعودية لم تلجأ إلى الاقتراض الخارجي لاغراض تمويل عجز الموازنة.
وتختلف مستويات المديونية بالنسبة للدول الخليجية الأخرى، إذ تترتب على كل من قطر وعمان مديونيات داخلية وخارجية. فاجمالي الدين الداخلي والخارجي لقطر بلغ 4.6 بليون دولار في العام1998، وشكل ما نسبته 4.69 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي. ووصل الدين الداخلي إلى 4.3 بليون دولار، في حين كان الدين الخارجي في حدود ثلاثة بلايين دولار.
وقدر حجم الدين الاجمالي لسلطنة عُمان بحدود 3.5 بليون دولار في العام الماضي، ومثّل قرابة 38 في المئة من ناتجها المحلي الاجمالي. وتوزعت مديونية عُمان بين دين خارجي بلغ 8.3 بليون دولار ودين داخلي قدره 5.1 بليون دولار في العام 1998. وليس للإمارات العربية المتحدة أي مديونية متوسطة الى طويلة الأجل تذكر، في حين، يترتب على كل من البحرين والكويت بعض الديون الداخلية التي يتم تمويلها عن طريق إصدار سندات وأذونات حكومية.
وفي نهاية عام 1998، بلغت قيمة أذونات وسندات الخزينة الكويتية المصدرة 6.65 بليون دولار لتشكل بذلك ما نسبته 22 في المئة من ناتجها المحلي الاجمالي. كما بلغت قيمة أذونات وسندات الخزينة البحرينية 2.2 بليون دولار أي ما نسبته 42 في المئة من ناتجها المحلي الاجمالي.
* كبير الاقتصاديين وعضو منتدب في مجموعة MECG.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.