الجهات الحكومية والفرق التطوعية تواصل تقديم خدماتها لضيوف الرحمن    مجزرة النصيرات تقاوم تنديد العالم    الرئاسة العامة تفعل حزمة وسائل توعوية لخدمة حجاج بيت الله الحرام هذا العام    أمير المدينة يدشّن المسار الذكي بالجوازات    هيئة النقل: أكثر من 9 آلاف عملية فحص رقابية بمنطقتي مكة والمدينة    فيصل بن مشعل يقف على مدينة حجاج البر.. ويشيد بجهود بلدية المذنب    رئيس كوستاريكا يلتقي وزير الدولة للشؤون الخارجية    أمن الوطن والحجاج خط أحمر    الكشافة تدفع ب 220 من "فتياتها" للمشاركة مع أمن الحرم المكي    هجوم شرس على عمرو دياب بسبب «صفعة» لمعجب    فرسان تراث وطبيعة جاذبة    نائب أمير الشرقية يستقبل أعضاء «تنمية الموارد المالية»    ضيوف خادم الحرمين: استضافتنا في الحج امتداد لإنسانية المملكة    «الأونروا» تحذر من خطر تفشي الكوليرا في قطاع غزة    ضبط 14 متورطا في إيواء ومساعدة مخالفي الأنظمة    انعقاد المجلس الوزاري ال 160 لمجلس التعاون بالدوحة غدا    سعودي الأول عالميا في العلوم الطبية الحيوية    استدعاء شاعر شهير استخدم ألفاظاً غير لائقة في لقاء «بودكاست»    السديس ل«المكي» والمهنا ل«المدني».. إعلان إمامي صلاة عيد الأضحى بالحرمين    فواكه لا تخزن في الثلاجة    القبض على باكستانيين في جدة لترويجهما (4.1) كيلوجرام من مادة (الشبو) المخدر    يزيد الراجحي يُتوَّج برالي الأرجنتين    موقف حارس يوفنتوس من الانتقال ل"روشن"    من أعلام جازان… الشاعر والأديب والمؤرخ الشيخ/أحمد بن علي حمود حبيبي مطهري الحازمي    90٪؜ نسبة استيفاء "الاشتراطات الصحية" للحج    إطلاق خدمة أجير الحج والتأشيرات الموسمية لموسم 1445    الالتزام البيئي يفتش 91% من المنشآت المحيطة بمواقع الحجاج    الأحوال: تعديل مواد تتعلق بتغيير الاسم الأول وتعديل أو حذف اسم الشهرة    البسامي: ضبط أكثر من 140 حملة حج وهمية    فاطمة الشمسان ل"الرياض" الحاج يحتاج نحو 100 جرام من البروتين يومياً    "السياحة": 227 ألف غرفة مرخصة بمكة    السقوط أمام أيسلندا جرس إنذار لمنتخب إنجلترا قبل يورو 2024    "البحر الأحمر": جولة ثالثة لدعم مشاريع الأفلام    الفنانة المصرية شيرين رضا تعلن اعتزال الفن    طقس شديد الحرارة على 5 مناطق    سُوء التنفس ليلاً يسبب صداع الصباح    النائب العام يتفقّد ويدشّن مقرات للنيابة العامة في المشاعر المقدسة    جنة ينافس العيسى على رئاسة الأهلي    غزة تستغيث لتوفير مولدات كهربائية للمستشفيات    "أبل" تدعم تطبيق البريد ب "الذكاء"    الهلال يعلن برنامج تحضيراته للموسم الجديد    مقتل صاحب أول صورة ملونة لكوكب الأرض من الفضاء    "آبل" تخرج بعض إصلاحات "آيفون" من الضمان    سوء التغذية يسبب اكتئاب ما بعد الولادة    بيئة نجران تدشن اليوم العالمي للبيئة تحت شعار "أرضنا مستقبلنا"    الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    تأهّل الحزم والنور والابتسام والصفا إلى نصف نهائي بطولة المملكة لكرة اليد الشاطئية للكبار        بعثة المنتخب السعودي تزور صالة مبادرة "طريق مكة" بباكستان    المملكة عضواً في المجلس الاقتصادي والاجتماعي (ECOSOC) للفترة 2025-2027م    100 ألف زائر في كرنفال القادسية الأسطوري    منصور ابو شهران في ذمة الله    فرع هيئة الصحفيين بمكة ينظم ورشة الإعلام في الحج    «الأحوال»: منح الجنسية السعودية لشخصين.. وقرار وزاري بفقدانها لامرأة    فيصل بن مشعل يقدر لامين وأمانة القصيم جهودها في مدينة حجاج البر    فقدت والدها يوم التخرج.. وجامعة حائل تكفكف دموعها !    وقوف امير تبوك على الخدمات المقدمة في مدينة الحجاج بمنفذ حالة عمار    وزير الداخلية يخرّج "1410" طلاب من "فهد الأمنية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيثم حقي أخلص لتاريخه وتوجهه الفني . المخرجون السوريون وعقدة أنزور
نشر في الحياة يوم 07 - 05 - 1999

ما أن دخل المخرج السوري نجدة أنزور ساحة الدراما السورية، حتى أحدث انقلاباً كبيراً في مفهوم الاخراج والانتاج، لا بل في العملية الفنية كلها. ونجدة أنزور قبل ذلك كان يعمل في الأردن حيث خاض تجربة طويلة في اخراج الإعلانات، ومن ثم أخرج واحداً من أهم الأعمال الدرامية الأردنية "الكف والمخرز"، ونجح في أن يكون رائداً للسينما الأردنية من خلال أول فيلم روائي طويل في تاريخ الأردن وهو "حكاية شرقية".
وعندما دب الخلاف بين المخرج هيثم حقي وشركة "الشام"، بعدما قدم حقي رواية "نهاية رجل شجاع" إلى الشركة المذكورة واستقدم الكاتب حسن م. يوسف ليضع سيناريو العمل، استقدمت الشركة المخرج نجدة أنزور وعهدت إليه اخراج هذه الرواية التلفزيونية، وأثناء تنفيذه العمل اطلق أنزور سلسلة تصريحات نارية ضد المخرجين في سورية، وجاء عمله "نهاية رجل شجاع" متقناً، مختلفاً، ومع ذلك فإن الوسط الفني برمته كان ضده بسبب تصريحاته، إلى ان جاء عمله الثاني "الجوارح" ليثبت آثار الهزة العنيفة التي أحدثها في عمله الأول وانقسم الوسط الفني على نفسه، وتدريجاً بدأ كثيرون يميلون باتجاه أنزور، وهنا كانت المشكلة بالنسبة إلى بعض المخرجين. فأعمال أنزور التي اتسمت غالباً بالابهار، نجحت على الدوام أن تكون حدثاً فنياً، مما دفع المخرجين إلى التنحي عن مواقعهم الفكرية والفنية التي بدأت تكون لنفسها نهجاً مميزاً. هؤلاء اسميهم ضحايا لأنهم في الحقيقة حاولوا ان يكونوا مثل أنزور وكانت النتيجة أنهم لم يفلحوا ولا أفلحوا بالعودة إلى ما كانوا عليه. وعلى هؤلاء تنطبق حكاية الغراب المشهورة. هؤلاء وجدوا أنفسهم في ورطة انزور؟ كان كل من مأمون البني ومحمد عزيزية وباسل الخطيب، وإلى حد ما غسان باخوس، يميلون باتجاه تيار المخرج هيثم حقي، ذلك التيار الذي سمي بتيار "الواقعية بلا ضفاف" وقدم سلسلة من الأعمال الدرامية على سوية عالية من الجودة الفنية والمعرفية، إلا أن الهالة الإعلامية التي صنعها نجدة أنزور حول نفسه جرفت هؤلاء.
وبدأ مأمون البني بتقديم أول فانتازيا تاريخية مع التحفظ على التسمية في عنوان "القصاص" ووقع هنا في مطب كبير، فمن جهة اختار نمطاً لا ينتمي إليه، ومن جهة ثانية عمل على نص مسروق بحذافيره من رواية ميشال زيفاكو "عشاق فينيسيا"، إضافة إلى أنه استعان بمصممة الملابس التي وضعت ملابس "الجوارح"، فكررت معظم تصاميمها وألوانها في مسلسل "القصاص" حتى ان المشاهدين، أثناء الندوة التي اقيمت في التلفزيون السوري، قالوا إنهم اعتقدوا بأن العمل جزء ثانٍ من "الجوارح".
المطب الأكبر في هذه التجربة لمأمون البني هو محاولته المستميتة لتقليد نجدة أنزور، وبالتأكيد لم تحصد التجربة الحد الأدنى من النجاح الذي كان يأمله المخرج.
وكرر تجربة متواضعة في عمل مستمد من شكسبير بعنوان "القلاع".
أما المخرج محمد عزيزية، فعلى رغم أنه صاحب أنجح تجربة في موضوعة الفانتازيا من خلال "البركان" وقبل قدوم نجدة أنزور، لكنه بدلاً من أن يطور تجربته الناجحة سواء في الأعمال التاريخية أو المعاصرة تورط هو الآخر في تقليد نجدة أنزور من خلال أعمال عدة: "أيام أبو المنقذ"، "الشوكة السوداء" و"البحر أيوب"... والكارثة في تقليد عزيزية لأنزور تكمن في الفقر الانتاجي المريع الذي تم بموجبه انتاج أعماله هذه. وبطبيعة الحال لم يوفق هو الآخر في مقاربة أعمال أنزور.
وثالث المخرجين الذين قلدوا أنزور كان المخرج باسل الخطيب الذي حاول أن يقوم بلعبة التقليد بشيء من الذكاء من خلال "أيام الغضب" و"هوى يجري". ولكن هاجس مقاربة أنزور كان واضحاً في معظم مفاصل أعماله. وعلى رغم الوفرة الانتاجية، لا بل التخمة الانتاجية، إلا أن النتيجة في النهاية كانت في الاتجاه المعاكس.
غسان باخوس بدوره حاول من خلال مسلسل "الفراري" ولكنه لم ينجح لا في مقاربة أنزور ولا مقاربة سواه، على رغم جودة النص وتميز الفنانين الذين عملوا معه الوقت الطويل جداً الذي أمضاه في انجاز العمل. وعلى رغم ان التجارب كلها انساقت وراء البريق الذي يحدثه أنزور من خلال أعماله، إلا أنها جميعاً لم تنجح في أن تكون على سوية الابهار الأنزوري، وإن كان بعضها وصل إلى حد النسخة المريضة لأعمال أنزور، ذلك ان أعمال نجدة أنزور لا تعتمد على الانتاج الضخم أو النجوم أو النص فحسب، بل أن النص، على سبيل المثال، غالباً ما يكون نقطة ضعفه. ولكن أعماله تتميز بالادهاش الذي يعني الكثير من الجهد ويعني أيضاً تلك العين المراقبة التي لا ترضى إلا بسوية بصرية عالية مرتبطة بآلية حركية وانتاجية. والأهم مرتبطة بمنطق خاص بأنزور، هذا المنطق الذي يجعله يكسر الكثير من القواعد بما فيها القواعد الدرامية الأساسية، وهذه القواعد لا يجرؤ كثيرون على خرقها، خصوصاً المذكورين آنفاَ لأنهم في النهاية أكاديميون، أما نجدة أنزور فإنه متفلت من كل القيود الاكاديمية وغير الاكاديمية.
وحتى مخرجو الصف الثاني، حاولوا من قريب أو بعيد، تقليد أنزور، وذلك ضمن الحيز المتاح لهم ولكن من دون تحقيق نتائج، وهؤلاء لم يحصلوا حقيقة لا على الظرف ولا الفرصة المناسبة ليقدموا أنفسهم، على الأقل في مجال الأعمال الضخمة، لذلك سنذهب إلى تسميتهم ب"مخرجي الظل" لأنهم بعيدون عن الأضواء وعن الفرص وبالتالي بعيدون حتى عن المقارنة بأهل القمة.
وعلى رغم معمعة الانتاج التي أثمرت عدداً كبيراً من الأعمال وأحدثت فوضى حقيقية في توجه المخرجين، بقي المخرج هيثم حقي مخلصاً لتوجهه الفني والفكري ولم ينجر إلى تغيير جلده كما فعل الآخرون، لذلك فقد كان دائماً هو الفائز الأول في هذه المعمعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.