الديوان الملكي: وفاة وفاء بنت بندر    ثمن دعم القيادة الرشيدة للقطاع.. العوهلي: 24.89 % ارتفاع توطين الإنفاق العسكري    تعزيز الابتكار التقني لتحسين تجربة المستفيدين.. «الموارد» تحقق المركز الأول بملتقى الحكومة الرقمية    تعاون سعودي- إماراتي لمكافحة جرائم الفساد    وسط ضغوط على المرحلة الثانية من اتفاق غزة.. الاحتلال يمنع خروج المحاصرين في أنفاق رفح    علامات تكشف مقاطع الفيديو المولدة بال AI    أمريكي يبحر 95 كيلومتراً داخل يقطينة    لجان الكرة وقرارات غائبة أو متأخرة    شلوتربيك أولوية لبرشلونة في يناير    في ختام دور المجموعات بمونديال الناشئين 2025.. الأخضر يواجه نظيره المالي للعبور لدور ال 32    خادم الحرمين يدعو لإقامة صلاة الاستسقاء الخميس    تحت رعاية ولي العهد.. تنظيم المؤتمر العدلي الدولي الثاني بالرياض    «الشورى» يدعو «المناطق الاقتصادية» لاستكمال البناء المؤسسي    يوثق التحولات التاريخية والحضارية للمشاعر.. «الدارة» تطلق ملتقى تاريخ الحج والحرمين    وعكة صحية تدخل محمد صبحي المستشفى    1.7 مليون دولار تعويضاً على تنمر النظارات    يتباهون بما لا يملكون    تقديراً لجهودها في إبراز خدمات المملكة لضيوف الرحمن.. نائب أمير مكة يكرم وزارة الإعلام بمؤتمر الحج    فيصل بن سلمان: نهج القيادة ثابت في إكرام ضيوف الرحمن وخدمتهم مسؤولية وطنية متوارثة    ممرض ألماني يخدر المرضى ليهنأ بليلة هادئة    موانع حمل للرجال (1)!!؟    خديعة القيمة المعنوية    الأخضر تحت 19 عاماً يدشن تدريباته في معسكر الأحساء استعداداً لكأس آسيا    تداول 197 مليون سهم    أزمة الأطباء الإداريين    رئيس جامعة جازان يطلق منصة "ركز" للاستثمار المعرفي    ركن وزارة الشؤون الإسلامية يستقبل زواره في جناح المملكة بمعرض الشارقة الدولي للكتاب    فيصل بن مشعل يُثمِّن إنجاز إمارة القصيم وحصولها على المركز الثاني في التحول الرقمي لعام 2025    "مسام" ينزع (1.044) لغمًا من الأراضي اليمنية خلال أسبوع    البنيان يرعى «التعليم المنافس» في «الملك سعود»    المملكة وسورية.. شراكة ومستقبل مزدهر    القصيم: فرع الشؤون الإسلامية يُتعامل مع 1169 بلاغًا خلال الربع الثالث    دوري يلو 8.. الدرعية يتقدم والوحدة يحقق أول انتصار    سعود بن نايف: الاستثمار في التعليم أساس لصناعة المستقبل وبناء الإنسان    «الرياض الصحي»: البحث العلمي شريكٌ محوري في التحول الصحي    «سعود الطبية» تعيد الحركة لمفصل كوع بعد 10 أعوام من العجز    إصابة جديدة في تدريبات المنتخب السعودي    تصاعد أرقام نازحي السودان    "الخارجية الفلسطينية" تدين إخلاء عقارات لصالح المستوطنين في القدس    جامعة أمِّ القُرى الشَّريك المعرفي والابتكاري لمؤتمر ومعرض الحج في نسخته الخامسة    مفاوضات عالقة والاحتلال يتعنت    مطالبة المناطق الاقتصادية بالرياض باستكمال البناء المؤسسي    القادسية يتوج ببطولة المملكة للمصارعة الحرة والرومانية ب26 ميدالية في مختلف الفئات السنية    السعودية والكويت توقعان 4 مذكرات تفاهم في عدة مجالات    دوريات الأفواج الأمنية بمنطقة جازان تُحبط تهريب ( 11) كيلو جرامًا من نبات القات المخدر    الملك يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    الهيئة الوطنية للأمن السيبراني تستعرض جهودها في موسم الحج خلال «مؤتمر ومعرض الحج»    لكي لا يمسخ الذكاء الاصطناعي وعي الإنسان    رجال أمن الحرمين قصص نجاح تروى للتاريخ    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل مدير فرع الهيئة العامة لتنظيم الإعلام بالمنطقة    برعاية ولي العهد.. وزارة العدل تنظم المؤتمر العدلي الدولي الثاني 23 نوفمبر في الرياض    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ذاكرة بصرية لتأريخ الحج وعمارة الحرمين    إنفاذًا لأمر خادم الحرمين الشريفين.. رئيس هيئة الأركان العامة يُقلِّد رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. منح رئيس «الأركان» الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    أمير نجران يلتقي مدير فرع «عقارات الدولة»    فهد بن سلطان: هيئة كبار العلماء لها جهود علمية ودعوية في بيان وسطية الإسلام    تناولوا الزنجبيل بحذر!    أمير تبوك يستقبل عضو هيئة كبار العلماء الشيخ يوسف بن سعيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انحباس المخيلة
نشر في الحياة يوم 31 - 03 - 1999

يتوقف الكاتب عن الكتابة عندما يشعر أن مخزونه الإبداعي نضب: أو أنه استهلك موضوعاته ووصل الى نهاية الدرب في النوع الكتابي الذي مارس الإنتاج فيه طوال فترة زمنية، طالت أو قصرت. وفي العادة يغير الكتّاب الأنواع التعبيرية التي يمارسونها بحثاً عن آفاق أوسع للإبداع وعن مسارب غير مطروقة في تجاربهم لكي يجددوا لغتهم وأشكال تعبيرهم عن الأفكار والتجارب التي ينوون نقلها الى القراء. روائيون ينتقلون الى كتابة الشعر، وشعراء ينتقلون الى كتابة الرواية، وشعراء أو روائيون يبدأون في تقليب سيرهم الذاتية أو عوالمهم الداخلية على نار أشكال مبتكرة من الكتابة.
تلك بعض الطرق التي يتحايل بها الكاتب على الرتابة والتكرار والدوران في حلقة مفرغة من الإعادة المملة للكلمات والأفكار نفسها. البديل هو التوقف عن الكتابة، أو الانتحار كما فعل عدد من الكتاب الذين اصطدموا بجدار اللغة، بحسب تعبير يوسف الخال عندما توقف عن إصدار مجلة "شعر". وهذا يعني أن الكتابة هي نوع من العيش الذي يتوقف بتوقفها، مما يفرض على المشتغلين بهذه المهنة المتعبة أن يفكروا على الدوام بتجديد ذواتهم وحقنها لا بالأفكار الجديدة فقط بل بأشكال مبتكرة وطرائق مبدعة لامعة للتعبير عن هذه الأفكار.
يعرف الكاتب أن خياله نضب، وقدرته على تحريك مشاعر القراء ضعفت، عبر تناقص مبيعات كتبه، أو عندما تكف تلك الكتب عن إثارة النقاش، حولها في الصحف وسواها. وعلى رغم الدور الترويجي الذي تقوم به دور النشر أحياناً فإن الكاتب الأصيل يعرف أنه قد توقف عن الإبداع وانحبست مخيلته، وصار لزاماً عليه أن يجدد عالمه الإبداعي أو يتوقف. كما أن المؤسسة الأدبية - الإعلامية في البلدان، التي تعد الثقافة فيها جزءاً أساسياً من الحياة اليومية للبشر، تلعب دوراً حقيقياً في قياس عملية تطور المبدعين وارتفاع مستوى إنتاجهم أو انخفاضه.
هذه هي الحكاية عندهم، فهل هي كذلك عندنا؟ الكاتب في بلاد العرب يصدر عملاً أول مميزاً يعيش عليه طوال عمره. لكنه، رغم فشله في انجاز عمل بحجم العمل الأول، يواصل الكتابة ودفع ما يكتبه الى دور النشر من دون أن يخطر في باله التوقف لحظة واحدة ومساءلة نفسه عن مستوى ما يكتبه قياساً الى عمله الأول على الأقل. ان الكاتب العربي يواصل الكتابة لا بغرض تطوير النوع، أو تطوير إبداعه، بل بقصد الحفاظ على حضوره الشخصي، وربما حضوره الفيزيائي عندما يصر على الإكثار من نشر صوره في الصحف والمجلات أو يداوم على إسماع صوته للقارىء من خلال أثير الإذاعة أو الإطلال على الجمهور عبر الشاشة. يساعده في ذلك تواطؤ الإعلام والمؤسسة الأدبية، ممثلة بالجامعة والنقاد ودور النشر التي تسعى في أحيان كثيرة الى تلميع المواهب الصغيرة أو إدامة حضور بعض الكتاب الذين نضبت مواهبهم وقل محصولهم الإبداعي. كما يعزز حضور هذا الكاتب، الذي توقف عن الإبداع في إطار النوع الأدبي الذي ينتج فيه، ضعف الحس النقدي في المجتمعات العربية والاندفاع الى قبول ما تقوله الصحافة وأخذه على محمل الحقيقة. في ظل هذا الواقع الأدبي المصطنع المزيّف الذي يستند فيه الكاتب الى ماضيه وتسوّق أعماله الهابطة الفكر والخيال بالعودة المتكررة الى هذا الماضي، هل يمكن بناء تاريخ فعليّ للإنجاز الأدبي العربي المعاصر لا يكون فيه للإشاعة والمحاباة والتعاطف مع الكبير، سناً ومنزلة أدبية، الدور الأساس في التقييم وتعظيم الأدوار أو التقليل من شأنها؟
لعل الجواب يكون: لا. الى أن تتغير طرائق حكمنا على الإنجاز بغض النظر عن سن صاحبه أو مكانته الاجتماعية أو انتمائه السياسي أو تمكنه من الوصول الى آلة الإعلام المهيمنة في هذا العصر. ولعل ذلك يتطلب، من بين أمور أخرى، تنامي حس النقد وخفوت ظاهرة المجاملة التي تأكل أيامنا الحاضرة وتهدد مستقبلنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.