هي دعوى يقدمها مسلسل "ثلوج الصيف" إلى استراق لحظات ولو خاطفة للتأمل بصفاء بعيداً عن ضوضاء الحياة التي تسرقنا من أنفسنا لخلق مساحات نبحث فيها عن آمالنا وأحلامنا، وعن الحب المخبوء فينا والذي قد لا نراه دائماً. تلك هي الأمنية الكبرى في مسلسل "ثلوج الصيف" الذي يعمل على اخراجه محمد فردوس أتاسي عن نص لحسن سامي اليوسف. تدور قصة المسلسل حول رجل اسمه أحمد جمال سليمان، وهو طبيب متخصص يبلغ من العمر 35 سنة سبق له أن درس الطب في جامعة دمشق ثم سافر إلى المانيا للتخصص ورجع بعد سبع سنوات. وهو من أسرة فقيرة يعيلها تتألف من أمه نجاح حفيظ والأخت سلوى كاريس بشار والأخ الأصغر وائل رمضان. نبيلة هناء نصور هي الطرف الثاني في قصة الحب هذه. فهي في الخامسة والعشرين من عمرها أستاذة لغة انكليزية في مدرسة ثانوية. من أسرة كبيرة أيضاً. هي كبرى أخواتها السبع والأب يعمل سائق سيارة غير أنه يتعرض لحادث سير ويصاب اصابات بليغة فيصبح قعيد البيت. وهكذا تجد نبيلة نفسها معيلة للأسرة، ما يؤثر على قرار ارتباطها بأحمد الذي تبادله حباً بحب. تحصل نبيلة على فرصة إعارة التعليم في إحدى دول الخليج. بل انها هي نفسها تسعى إلى تحقيق هذه الفرصة. ثم تحصل عليها وتسافر فعلاً. إنها تضحي بشبابها من أجل أهلها وتترك أحمد مرغمة أو تحت ضغط الواجب. سفر نبيلة كان الضربة الأولى لقصة حب. أما ليلى رندة مرعشلي فهي الطرف الثالث في القصة: فتاة في العشرين من عمرها. طالبة في كلية التجارة سنة ثالثة من أسرة فقيرة أيضاً يشتغل أبوها ضارباً على الآلة الكاتبة في إحدى المؤسسات الحكومية. وأمها ربة منزل، أما اخوتها فلا نراهم فهم متزوجون. ولا ننسى بأن لدينا وجهاً آخر للحب في هذا المسلسل: قصة تجمع بين صلاح وائل رمضان وبثينة سلاف فواخرجي، قصة حب جميلة تنتهي إلى الزواج والانجاب، ولكنها على رغم ذلك تأخذ فجأة انعطافة حادة بموت صلاح غير المنتظر، حيث يموت قتيلاً وهو يحاول المساعدة في العثور على قطعة أثرية سرقها بعض تجار الآثار. وهكذا تصبح بثينة أرملة وهي في عز الشباب، فتتفرغ لتربية ابنها في بيت أبيه وحدها مع جدة الطفل. المخرج محمد فردوس أتاسي الذي سألناه حول ارتفاع عدد الوجوه الجديدة في عمله هذا قال: "لاستمرار العملية الانتاجية ولكي أحقق أعمالاً درامية متميزة، أنا في حاجة إلى وجوه جديدة ولاكتشاف طاقات ومواهب جديدة. وهذا الشيء لا يتم إلا من خلال التجربة والقيام بمزج الشباب الجدد مع الطاقات التي لها خبرة طويلة بالفن. هذا الاختلاط والتمازج هو الذي يرفع من مستوى تلك الوجوه الجديدة والمواهب ويقدمها بصورة صحيحة، وبالتالي تستطيع ان تضمن أناساً ومواهب لكي تضمن الاستمرارية. ولا يمكن دائماً الاعتماد على وجوه قديمة قد لا تصلح لكل الأدوار. صحيح يوجد شباب قدامى وموهوبون ولكن السن يلعب دوراً. فلا يجوز ان اعطي سلوم حداد أو جمال سليمان دور طالب جامعة، لأن كلا منهما تجاوز المرحلة". ماذا عن اختلاف هذا العمل من الناحية الاخراجية؟ - لكل عمل ميزته الخاصة وحسه الخاص. فمثلاً عندما احقق عملاً بوليسياً أجعله مختلفاً عن العمل الاجتماعي، لكن كلها أعمال واقعية. بالنسبة إلى هذا العمل الجديد، من الواضح أنه اجتماعي أكثر من غيره، فيه قد تعيش الحياة بحقيقتها وبمشاعرها ونجد اننا ندخل إلى الأعماق الإنسانية والبشرية ما يتطلب مني أن تكون لي اسلوبية اخراجية تتناسب مع النص، وتختلف عن اسلوبية العمل البوليسي والتاريخي. هذا العمل يحتاج إلى اسلوب فيه الكثير من الشفافية والنعومة والحساسية العالية وبالتالي يشعر المتفرج هنا أن الأداء مختلف وانتقاء الاماكن مختلف والوجوه التي تؤدي وشكلها وعلاقتها مع الناس مختلفة والاسلوب الاخراجي ينبع من هذا الشيء. وحول العمل نفسه قال لنا الفنان جمال سليمان: "في هذا المسلسل أحببت دور أحمد بعد أن قرأت العمل وقد أردت بعض التعديلات وإعادة النظر ببعض المشاهد باعتبار ان العمل مكتوب منذ سنتين. وهذا ما جرى إذ أعاد المؤلف قراءة العمل بعد ان استمع إلى الاقتراحات وأجرى تلك التغيرات ودخلنا إلى التصوير. وأملي ان تكون النتيجة جيدة وتصل إلى الناس لأن هذا العمل ليس تقليدياً من ناحية الكتابة مثل بقية المسلسلات، بمعنى ان هذا المسلسل لا توجد فيه أحداث ضخمة. إنه في معظمه اعتناء بالحياة العادية الرتيبة وهي التي تتمحور بشكل أساسي حول مسألة كيف يمكن ان نكون سعداء أكثر بالحياة ويا ترى إذا بحثنا عن السعادة هل اننا نبحث عنها في المكان الصحيح؟ وهل السعادة موجودة إذا بحثنا عنها سنجدها أم هي مجرد وهم؟ ثم كيف نجد الطرف الآخر؟ كيف نحب وهل إذا تزوج المرء ستنجح حياته أم لا؟ إذاً فالخط الإنساني في العمل بعيد عن لغت "الاكشن" المتعارف عليها والتقليدية".