«الفنتانيل» كلمة السر في تسوية الحرب التجارية بين واشنطن وبكين    ميزانية الموازنة بين النمو والإصلاحات    الحصار الإسرائيلي يحرم مستشفيات غزة من توفير الغذاء للمرضى    بنزيما يقود الاتحاد للفوز على الفيحاء ويقترب من حسم الدوري    الرائد يخسر أمام ضمك بهدف ويودّع دوري روشن للمحترفين    الأمير سعود بن نهار يطلع على الخدمات المقدمة للحجاج في مطار الطائف    أين يقف الطب في زمن الذكاء الاصطناعي    أمانة القصيم تعقد اجتماعًا تنسيقيًا مع هيئة المحتوى المحلي لتعزيز    شيطان أخرس    أمير منطقة تبوك يرعى بعد غد حفل تخريج متدربي ومتدربات المنشات التدريبية    الحج بتصريح.. نظام يحفظ الأرواح ويعظم الشعائر    مريم تفوز بلقب إسكواش السيدات    سحب سامة تحاصر 160 ألف شخص في منازلهم    40 مليون عملية لأبشر في أبريل    172 ألف مستفيد من مركز دعم القرار بالمظالم    السعودية تقود جهود السلام كأول دولة ترسل مبعوثا إلى الهند وباكستان    احتفاء باليوم العالمي للمتاحف    الرياض تحتضن الأسبوع الدولي للصناعة    ليفربول يفرط في تقدمه ويكتفي بالتعادل مع أرسنال في الدوري الإنجليزي    عاصفة غضب على Tiktok بسبب فيديو    أمير القصيم يواسي أسرة الثنيان في وفاة الشيخ حجاج الثنيان - رحمه الله -    ولي العهد والرئيس السوري يبحثان مستجدات الأحداث في سوريا    أمير الشرقية: المملكة ملتزمة بدعم الشباب وتمكينهم من أجل صياغة المستقبل    ريمونتادا من برشلونة في الكلاسيكو تقربه من لقب الدوري الإسباني    جوازات مطار المدينة تستقبل أولى رحلات الحجاج القادمين من نيجيريا    "دوري يلو 33".. 9 مواجهات في توقيت واحد    محافظ عنيزة يرعى توقيع مذكرة تفاهم بين جمعيتي السياحية والصالحية    أمير الشرقية يستقبل مجلس إدارة غرفة الأحساء والرئيس التنفيذي للشركة الوطنية لإمدادات الحبوب    بدء التصويت للانتخابات البرلمانية في ألبانيا    الانتهاء من تطوير واجهات مبنى بلدية الظهران بطراز الساحل الشرقي    مستشفى الرس ينقذ طفلا تعرض لاختناق قاتل    ‫دعم مستشفى عفيف العام بأجهزة طبية حديثة وكوادر تخصصية    الأمير ناصر بن محمد يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينه نائبًا لأمير منطقة جازان بالمرتبة الممتازة    "فرع الإفتاء بعسير"يكرم القصادي و الخرد    "التخصصي" توظيف رائد للجراحة الروبوتية تنقذ طفل مصاب بفشل كبدي ويمنحه حياة جديدة    أمير حائل يشهد أكبر حفل تخرج في تاريخ جامعة حائل .. الثلاثاء    أمطار غزيرة وسيول متوقعة على عسير والباحة ومكة    جامعة الإمام عبد الرحمن تكرم الفائزين ب"جائزة تاج" للتميز في تطوير التعليم الجامعي    "التعاون الإسلامي" يرحّب بوقف إطلاق النار بين باكستان والهند    ارتفاع الرقم القياسي للإنتاج الصناعي بنسبة 2.0% خلال شهر مارس 2025    سمو ولي العهد يجري اتصالًا هاتفيًا بسمو أمير دولة الكويت    أكد بحثه ملفات إستراتيجية.. البيت الأبيض: ترامب يزور السعودية ويلتقي قادة الخليج بالرياض    انقسام سياسي يعمّق الأزمة.. ليبيا على حافة الانفجار.. اشتباكات دامية وغضب شعبي    الرياض تُصدّر العمارة النجدية للعالم في بينالي البندقية 2025    عرض 3 أفلام سعودية في مهرجان "شورت شورتس"    وسط تنديد روسي.. قادة أوروبا يؤيدون مقترح الهدنة في أوكرانيا    50 % الانخفاض في وفيات الحوادث المرورية بالسعودية    ضبط 1203 حالات في المنافذ الجمركية خلال أسبوع    "الشؤون الدينية" تكلف 2000 كادر سعودي لخدمة ضيوف الرحمن.. 120 مبادرة ومسارات ذكية لتعزيز التجربة الرقمية للحجاج    "الداخلية": ضبط 16 ألف مخالف في أسبوع    أوامر ملكية: إعفاء أمير جازان وتعيين نائب لوزير التعليم    الاتحاد يواجه القادسية على ملعب الإنماء بجدة.. خادم الحرمين الشريفين يرعى نهائي كأس الملك في الثالث من ذي الحجة    مكتب إقليمي ل (يونيدو) في الرياض    انقطاع النفس أثناء النوم يهدد بالزهايمر    باكستان تؤكد «استمرار التزامها» بوقف إطلاق النار    تعزيز الأمن الدوائي    «تعليم الرياض» يفتقد «بادي المطيري».. مدير ثانوية الأمير سلطان بن عبدالعزيز    الفرق بين «ولد» و«ابن» في الشريعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرط
نشر في الحياة يوم 08 - 01 - 1999

كان الكون هاجعاً بالنسبة له، وفي الشارع الطويل المعتم، لا صوت، لا نأمة .. غير صوت صلصلة فرعونية، رهيفة، واهنة. تلفت حوله فالهواء الذي تشقه المغرم بها بسلاسة، لا نغمة له. وكذلك هو في مشيته بحذاء كتيم.
كانت "صافيا" تشعر به يمشي وراءها كل مساء، يراقبها حين عودتها من محاضراتها أو ذهابها للمحل حيث تبيع الكراسات والأدوات الكتابية. إلا أنه يحتفظ بمسافة بينهما لا تخنقها بحصار .. ولم يغازلها بكلمات تحبسها وتحد من حرية شرودها أثناء المشي.
عندما يلج المرء سيارته ينعزل عن العالم، يبدو زجاجها مزدوجا كزجاج القطارات الفخيمة والطائرات أو بطانة استديو اذاعي. ترى "صافيا" حركة الناس رجراجة، صاخبة، إلا أن صوتا لا يصلهما.. فقط موسيقى الصمت لكليهما، ثم يسمع حسن صوت الصلصلة من جديد، ويظن ان بالعربة عيبا .. ويفحصها ولا يجد سببا، لقد وصلت لتوها من مصنعها الألماني، تقف العربة، ينقطع الخفوت، تسير .. فيعود الصوت الواهن.
وفي لحظة استجابة لذبذبات توتره التي طالت، مدت صافيا يدها الى أذنيها وخلعت القرط. عندئذ سبحا في صمت الطريق الصحراوي. مد يده الى القرط في كفيها.
تبسم "حسن" لنفسه: إنه القرط في أذنيها الجميلتين الصغيرتين، إنه القرط أول ما يلفت نظري في المرأة، إنه القرط الذي يثير شهيتي لتقبيل رقبتها وما وراء أذنيها.
القرط بشكل مفتاح الحياة داخل مثلث مزود بنهايات دائرية.
وقف حسن وصافيا أمام المصور، كان الثلث الأعلى من ظهره الذي تضع صافيا عليه يدا محبة يدق بعنف، وفروة رأسه تنبض، اسنانه تكاد من فرط لهاث اللثة ان تترجرج من جذورها، قلب حسن يضرب بعنف غير منتظم، ولم يكن الأمر جللا: لقد تزوج فقط.
في عائلة يتفاخر افرادها بأنهم لا يحضرون حفلات ولا جنازات بعضهم.
كان بصحبة صافيا في زفافها أخوها الأصغر فقط. عندما توفي الجد كان ابوهم وهو الابن الاكبر مع عشيقته التي ظلت تواسيه حتى فاتته جنازة والده.
لم يوافق الوالد على اقتران حسن الذي يقاربه في العمر من صافيا حتى ينقده مهرا كبيراً ويشترط ان تعطيه صافيا من مرتبها بعد تخرجها في الجامعة -النصف - نظير تعبه في تربيتها واسهاما في تربية اخواتها. يوم عقد القران أسر لحسن هامسا ساخراً "يا بني أنت اخذت اكبر مقلب في حياتك"، هذه العبارة التي تظل خبيئة حتى تنفذ الى لسان حسن في اواخر حياتهما الزوجية. وفي اليوم نفسه حدث أمران غريبان: الاول في بيت ابيها وستعرفه صافيا عند منتصف الليل والاخر في بيت زوجها ولن تعرفه إلا بعد سنوات وقد انجبت ثلاث بنات.
في زفة العروسين رقصت بنت عم ابيها على نحو فائر وجنوني ملتذ. عجبت صافيا لأن تلك المرأة على وقار وانكسار، وإن لاحظت أخيرا أنها ترتدي صليبا الى جانب المصحف الذي رأته من قبل وخجلت ان تسألها من شدة وقار تلك المرأة، امتن حسن لرقصة القريبة.
وبعد انتهاء الزفاف دخلت صافيا الحمام لتعدل من شأنها، لكن عديلة اقتحمت عليها الحمام وهي على وشك التبول وفي عينيها رغبة حارقة، انزعجت صافيا واستأذنتها برقة أنها ستسوي فستانها، وقفت عديلة عند الباب نافذة الصبر واقتحمت عليها مرة أخرى فخرجت صافيا تاركة اياها دون ان تفعل ما ارادت.
توادعت وامها وابيها الذي تلفت للناس حواليه لحظة انطلاق السيارة. وقال "ما كان لها ان تتزوج، القفة لها ودنين، لازم يشيلها اثنين".
في عصر ذلك اليوم أمرت والدة حسن بإخصاء خروف.
شحنات التوتر المتصاعدة والعالقة في فراغ حجرة نومها، لن تؤدي الى كسر جسر معد للانفجار .. ويغرق حسن في نوبات من الضحك.
* كاتبة مصرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.