واشنطن - أ ف ب - تثير تساؤلات بقيت من دون إجابة شكوكاً في اميركا في شأن صحة تأكيدات السلطات الاميركية ان "مصنع الشفاء للأدوية" في السودان الذي دمرته الصواريخ الاميركية كان ينتج أسلحة كيماوية. وصرح مساعد وزيرة الخارجية للشؤون السياسية توماس بيكرينغ الى الصحافيين بأن الحكومة الاميركية تملك "عينات من التربة" من موقع المصنع تؤكد انه "يصنع عناصر أسلحة كيماوية". وقال ان هذه العينات تحوي آثار مادة "أتيل حمض متيل الفوسفوريك" أو "ايمبيا" المستخدمة في صنع غاز الاعصاب "في.اكس". ويؤكد خبراء اميركيون انه في غياب مزيد من التفاصيل وغياب تحقيق مستقل لدعم هذه الرواية، تبقى الأدلة المادية التي تذرعت بها السلطات لمهاجمة المصنع معرضة للشك. وأكد جوناثان تاكر خبير الأسلحة الكيماوية في مؤسسة الدراسات الدولية في مونتيري في ولاية كاليفورنيا، ان "تأكيد الإدارة الاميركية وجود أدلة دامغة ليس صحيحاً". ونبه اخصائيون اميركيون وأوروبيون زاروا المصنع، وبينهم السفير الالماني في الخرطوم وورنر داوم، الى انهم لم يلاحظوا في داخله أي شيء غير طبيعي. ومعروف ان "ايمبتا" ليست موجودة في الحال الطبيعية ويمكن استخدامها في صنع مبيدات الفطر أو الأدوية. ويقر الخبراء بأن وجودها يبعث على الاعتقاد ان "مصنع الشفاء" كان يلعب دوراً في برنامج لصنع غاز الاعصاب، لكنهم يشددون على امكان ارتكاب أخطاء في تحليل عينات التربة. وفي هذا السياق قال ماتيو ميسيلسون الاستاذ في جامعة هارفرد والخبير في الأسلحة الكيماوية: "هناك دائماً احتمال الخطأ في أي تحليل كيماوي". ولتجنب أي خطأ يؤكد الخبراء وجوب تحليل عينتين على الأقل في مختبرين مختلفين. لكن الادارة الاميركية تحدثت عن عينة واحدة، وتذرعت بضرورة حماية سرية المعلومات، مما يستدعي عدم كشف أي تفاصيل وكيفية الحصول على هذه العينة. واكد ميسيلسون ان "القاعدة تفرض ان يجرى مثل هذا التحليل في مختبرين لأن ما يحصل غالباً ان المختبرات، حتى الجيدة، لا تتفق على النتائج". وتساءل: "هل جرى تحليل للعينة في مختبرين وهل توصل المختبران الى نتيجة واحدة"؟ حتى اذا اتفق المختبران على ان الأمر يتعلق بمادة خطرة يجب معرفة ما اذا كان الأمر يتعلق بمجرد نفايات أو مشتقات مواد أخرى أو عنصر حقيقي ينتجه المصنع". ورفضت واشنطن مطالبة السودان بتفتيش موقع المصنع المدمر، فيما يجمع الخبراء على اعتبار هذا الأمر وسيلة وحيدة لدعم المزاعم الاميركية. ويقول تاكر: "اذا تبين ان كميات كبيرة من ايمبتا انتجت في هذا المصنع فيجب ان يكون لها أثر فيه الا في حال نظف الموقع بصورة تامة". وبدت واشنطن أمام "معضلة حقيقية" في نظره، اذ ان "السبيل الوحيد لإقناع الرأي العام هو الحصول على تأكيد مستقل". غير ان الادارة ستتعرض عندئذ لخطر عدم تقديم أدلة تثبت تأكيداتها.