الديوان الملكي: وفاة والدة الأمير سلطان بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود    استقبال أولى رحلات الحجاج في مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي بالمدينة    نائب وزير الخارجية يستقبل رئيس وزراء فلسطين وزير الخارجية    محادثات "روسية-أرميني" عقب توتر العلاقات بينهما    بايدن يهدد بوقف بعض شحنات الأسلحة إلى إسرائيل إذا اجتاحت رفح    مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة" من ماليزيا    دجاجة مدللة تعيش في منزل فخم وتملك حساباً في «فيسبوك» !    «الأصفران» يهددان الأخدود والرياض.. والفيحاء يواجه الفتح    الاتحاد يتحدى الهلال في نهائي كأس النخبة لكرة الطائرة    أشباح الروح    بحّارٌ مستكشف    جدة التاريخية.. «الأنسنة» بجودة حياة وعُمران اقتصاد    السعودية تحقق أعلى مستوى تقييم في قوانين المنافسة لعام 2023    منها الطبيب والإعلامي والمعلم .. وظائف تحميك من الخرف !    النوم.. علاج مناسب للاضطراب العاطفي    احذر.. الغضب يضيق الأوعية ويدمر القلب    دي ليخت: صافرة الحكم بدون نهاية الكرة أمر مخجل ويفسد كرة القدم    المملكة ونمذجة العدل    القيادة تعزي رئيس البرازيل    البلوي يخطف ذهبية العالم البارالمبية    مدرب أتالانتا: مباراة مارسيليا الأهم في مسيرتي    91 نقطة أعلى رصيد (نقطي) في تاريخ الكرة السعودية.. رقم الحزم التاريخي.. هل يصمد أمام الزعيم؟    هدف أيمن يحيى مرشح للأجمل آسيوياً    نائب أمير الشرقية يلتقي أهالي الأحساء ويؤكد اهتمام القيادة بتطور الإنسان السعودي    نائب أمير منطقة مكة يكرم الفائزين في مبادرة " منافس    ختام منافسة فورمولا وان بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي    كشافة شباب مكة يطمئنون على المهندس أبا    العمودي والجنيد يحتفلون بناصر    أسرة آل طالع تحتفل بزواج أنس    14.5 مليار ريال مبيعات أسبوع    محافظ قلوة يدشن أعمال ملتقى تمكين الشباب بالمحافظة.    " الحمض" يكشف جريمة قتل بعد 6 عقود    يسرق من حساب خطيبته لشراء خاتم الزفاف    روح المدينة    خلال المعرض الدولي للاختراعات في جنيف.. الطالب عبدالعزيزالحربي يحصد ذهبية تبريد بطاريات الليثيوم    عدوان الاحتلال.. قتل وتدمير في غزة ورفح    الوعي وتقدير الجار كفيلان بتجنب المشاكل.. مواقف السيارات.. أزمات متجددة داخل الأحياء    مهرجان المنتجات الزراعية في ضباء    تعاون مع بيلاروسيا في النقل الجوي    سعود بن جلوي يرعى حفل تخريج 470 من طلبة البكالوريوس والماجستير من كلية جدة العالمية الأهلية    لقاح لفيروسات" كورونا" غير المكتشفة    الاتصال بالوزير أسهل من المدير !    أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة من اليوم وحتى الإثنين.. والدفاع المدني يحذّر    تغيير الإجازة الأسبوعية للصالح العام !    الذهب من منظور المدارس الاقتصادية !    مسؤول مصري ل«عكاظ»: مفاوضات القاهرة مستمرة رغم التصعيد الإسرائيلي في رفح    أعطيك السي في ؟!    حماس.. إلا الحماقة أعيت من يداويها    سمو محافظ الخرج يستقبل رئيس مجلس إدارة شركة العثيم    35 موهبة سعودية تتأهب للمنافسة على "آيسف 2024"    "الداخلية" تنفذ مبادرة طريق مكة ب 7 دول    وزير الشؤون الإسلامية يدشّن مشاريع ب 212 مليون ريال في جازان    أمير تبوك يشيد بالخدمات الصحية والمستشفيات العسكرية    «أسترازينيكا» تسحب لقاح كورونا لقلة الطلب    انطلاق المؤتمر الوطني السادس لكليات الحاسب بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل    المدح المذموم    الأمير خالد بن سلمان يرعى تخريج الدفعة «21 دفاع جوي»    وزير الدفاع يرعى تخريج طلبة الدفاع الجوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المئوية الثانية للحملة الفرنسية على مصر . دومينيك شوفالييه : طموح الشرق تثبيت شخصيته بوسائل أوروبا والغرب 1
نشر في الحياة يوم 17 - 07 - 1998

يكتب البروفسور دومينيك شوفالييه في نص "انسجام الشعوب المتوسطية" ما يلي: "... منذ نهاية القرن الثامن عشر، وجدت فرنسا في المتوسط أفضل مركز لإرساء سياسة لم تكن "خارجية" فقط وإنما عالمية من خلال أشكالها المختلفة في التوسع والتدخّل".
عن حملة بونابرت الى مصر، وعن حلمه الشرقي الذي كان حسب شوفالييه "حلما متوسطيا"، وعن ردود الفعل التي اثارتها الاحتفالات بمرور مئتي عام على "حملة مصر"، وعن الإرث الذي خلّفه العلماء الفرنسيون وإرث الحملة عامة، كان حديثنا في باريس مع دومينيك شوفالييه، أستاذ التاريخ في جامعة السوربون، المتخصّص بتاريخ العالم العربي المعاصر.
هل يمكن ان نبدأ حديثنا بتلك اللحظة الهامة وهي نهاية الثورة الفرنسية وانطلاق حملة نابليون بونابرت الى مصر منذ مئتي عام؟
- نُظر هذه الحملة وقتئذ كإمتداد للثورة الفرنسية. والذي يبدو هاماً ان يُنظر فيه، حالياً، هو ردود الفعل على هذا الحدث التي ليست متوازية بين الرأي العام الفرنسي وقسم من المثقفين المصريين. الرأي العام الفرنسي مستعد للاحتفال بمصر بسعادة ولا يكاد يمرّ أسبوع، منذ بضعة أشهر، إلا ويتم افتتاح معرض عن مصر يجذب اهتمام جمهور كبير. ومن جديد، عادت الطائرات المصرية تمتلىء بالسائحين الفرنسيين بعد أن كان السيل قد خفّ منذ اعتداء الاسلاميين في الاقصر. يوجد افتتان فرنسي بمصر، بحضارته الفرعونية، بحضارته التي تعود الى المرحلة الاسلامية، وبحاضره ايضا. وقد يكون ذلك ناتج عن تحضير الرأي العام الفرنسي من خلال التعليم الذي تلقاه في الدراسات الثانوية. فبعد جميع الاعتبارات، تاريخ فرنسا يبدأ بتاريخ مصر القديمة وهذا بدأ منذ القرن التاسع عشر بفضل هذا الاكتشاف لمصر القديمة الذي طبع حملة مصر واعمال العلماء الذين رافقوا بونابرت.
من الجهة المصرية، برزت بعض التحفظات ويبدو لي لافتاً أن تكون هذه التحفظات قد ظهرت في أوساط المثقفين الاكثر احتكاكاً بالثقافة الغربية وخاصة الثقافة الفرنسية. وإنني اعرف بعض هؤلاء الاشخاص وأعرف ان هذا التلاقي مع الثقافة الفرنسية الذي أغنى ثقافتهم المصرية، يزعجهم في العمق. تكلموا عن حملة بونابرت كتذكير بالامبريالية الفرنسية وهنا يُطرح سؤال اساسي: كيف فهمت حملة بونابرت بطريقة عامة؟ وأريد أن أذكّر أن بونابرت نزل مصر حاملاً العلم المثلث الالوان، علم الثورة، علم الحرية والمساواة والاخوّة وأن كل ذلك كان يُعاش كلحظة تحرّر ولكن، في الوقت ذاته، جاء في ندائه لجنود الأمّة ما يلي: نحن موجودون على أرض مسلمة ويجب علينا احترام الاسلام ومؤسساته. كما أنه أعطى تعليمات لجنوده، عند دخول القاهرة، باحترام النساء المسلمات. حصلت الحملة في اطار المتابعة لفكر "قرن الانوار"، القرن الثامن العشر، أي معرفة الآخرين وتحقيق الذات من خلال معرفة الآخرين مع الوعي، طبعا، بالتفوّق الذي اعطته فكرة الحرية والمساواة والاخوّة.
ولفترة طويلة من الزمن، حتى اليوم، ظلّ التقسيم التسلسلي للتاريخ في الكتب المدرسية في مصر هو التالي: التاريخ الفرعوني يتبعه ويأتي بعده التاريخ الاسلامي وهذا يتوقف في نهاية القرن الثامن عشر، عند حملة بونابرت التي يبدأ بها العصر الحديث. هكذا تعتبر مصر، بحسب تقطيعاتها التسلسلية التقليدية للتعليم الثانوي الرسمي، انها دخلت العالم الحديث ابتداء من الوقت الذي وصل فيه بونابرت.
حملة بونابرت جاءت إذا بفكرة الحرية، والسؤال الذي يمكن طرحه هو كيف أُستقبلت هذه الفكرة من المصريين؟
- لا شكّ أن خلال القرن الحالي ونهاية القرن الماضي، خاصة منذ تدشين قناة السويس عام 1869، واحتلال مصر من قبل بريطانيا العظمى في 1882، وثم الاستيلاء على الحكم من قبل الضباط الاحرار سنة 1952، فكرة الحرية هذه استُدركت كفكرة تحرير. أي كان يتم استخدام اسهامات اوروبا، وسائلها العلمية ووسائلها المادية، من أجل مقاومة السيطرة الاوروبية. وفكرة الحماية من الغرب بوسائل اوروبا أُدخلت فعلا انطلاقا من التوسع الاوروبي في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر. يوجد التباس حقا وقد ظهر اخيرا، وكان يجب حلّه في الصحافة المصرية ذاتها لاننا عندما نقرأ الصحف المصرية، الكلام يدور حول بونابرت.
وهذا الكلام عن بونابرت، هل هو سلبي في الاجمال؟
- ليس بالضرورة سلبيا. اكثر المصريين لا يشاركون في الاعتراضات التي اعرب عنها البعض. ولكن هناك التباس يجب النظر فيه لأن طموح شعوب الشرق الكبير هو تثبيت شخصيتهم بوسائل اوروبا والغرب. لقد حصلوا على هذه الوسائل، ولكن المشكلة التي تبقى مطروحة اليوم، كما منذ 150 عاما هي اختراع هذه الوسائل وانني اعتقد أن تحدّي القرن الواحد والعشرين قد يكون دخول الجزء الخلاّق وليس فقط الاستخدام وبالتالي هناك دائماً اتبّاع هؤلاء الذين يخلقون ويخترعون.
إذاً، ربّما نظر الى حملة بونابرت التي قُدمت كتحرير ثوري في الشرق كتبعية جديدة اخترعتها اوروبا. موقف المصريين غامض حيال هذا الموضوع. منذ ثلاث سنوات، قدّم رئيس المجلس المصري، فتحي سرور، محاضرة في السوربون عن موضوع تحديث مصر وفي لحظة قال جملة أدهشتني. لقد اشار الى أن اوروبا يجب ان تساعد على حصر تأثيرات الاصوليين كما ساعدت فرنسا مصر على زعزعة الطاغية العثماني بفضل نابليون بونابرت. بالفعل، بقي العثمانيون حاضرين، قانونياً على الأقلّ، في مصر حتى العام 1914 ولكن التلميح كان واضحا وهو أن مصر عرفت مرحلة جديدة ابتداء من حملة بونابرت.
وفي المقابل، سمحت حملة بونابرت بالتعرّف على مصر بطريقة افضل تجاه حضارتها القديمة طبعا وإنما تجاه حضارتها الاسلامية. الاستشراق في القرن التاسع عشر كان ينظر خاصة الى الاسلام، وعندما اسمع اليوم النقد الذي يوجهه غالباً الشرقيون الى الاستشراقيين اتعجّب لأن هؤلاء قدموا تعميقا أكيدا للمعرفة. يمكن الاعتبار اليوم بأن ما قاله هؤلاء اصبح متجاوَزاً ولكن هذا صحيح بالنسبة لكل مسعى علمي.
لا سيّما أن هذين القرنين من اللقاءات الثقافية الفرنسية - المصرية اللذين تستقبلهما فرنسا جيداً ومصر بتحفّظ يجب التفكير بهما بنظرة مختلفة. وهناك امر مثير للاهتمام أريد الاشارة اليه: من هو البطل الفرنسي اليوم في مصر؟ انه الجنرال ديغول الذي كان نتاجاً للامبراطورية الاستعمارية الفرنسية، والذي سلك كرئيس دولة بحسب ذلك أيضاً. ولكنه إذ جسّد الاستعمار وتمكّن من وضع حدّ لحرب الجزائر في آن معاً فلأنه فهم تطوّر الزمن وفهم ضرورة إقامة تحالف حقيقي مع الدول العربية في الشرق الاوسط وفي شمال افريقيا، ودوره كان بناءها جداً في المعنى هذا. لكن، منذ قرنين كانت الأمور تظهر بطريقة مختلفة.
ولكن، هل هناك اعتبار بأن الحملة كانت ذات هدف استعماري؟
- هدف استعماري... المثال الذي كان يحتذيه بونابرت الشاب كان مثال الاسكندر الكبير. وأود أن أشير الى أن مصر تحتفل بالاسكندرية حيث كان نزل بونابرت، والمعرض الذي يقدّم الاثار التي اكتشفت في الاسكندرية، في متحف "بوتي باليه" في باريس من اجمل المعارض. ولكن، بما أن ذلك حصل منذ أكثر من 200 عام بكثير يمكن اليوم الاحتفال بهذا الانصهار بين الحضارة اليونانية والحضارة المصرية المنبثقة عن المرحلة الفرعونية. ربما سنتمكن، بعد ألفي عام، ان نحتفل دون اي عقدة بالانصهار بين الحضارة الاوروبية التي كان نابليون الشاهد الاول عليها وتطوّر مصر الحالية التقليدية، بالديانة الاسلامية وبعادات أهاليها، والتي تغرف في الوقت ذاته من العصور الحديثة. لا سيّما أن مصر، بالنسبة لمبادراتها، هي اكثر الدول حداثة في العالم العربي، وقد تبع لبنان المثال المصري طويلاً ولست متأكدا من أنه توقف عن ذلك الآن.
وكيف يمكن تحديد حلم نابليون الشرقي في نهاية الأمر؟
- حلمه الشرقي كان ايضاً حلماً متوسطياً. قاد حملة الى ايطاليا، وثم حملة الى الشرق، وبعدها حملة الى ايطاليا من جديد. حلمه الشرقي فشل عسكرياً ولكن المغامرة كانت غير عادية: كان قائد القوات بعمر 29 عاماً وجنرالاته كانوا شباباً وكذلك العلماء الذين رافقوه. نتخيّل دائماً العلماء كأشخاص متقدمين في السن، ولكن معظمهم الذين شاركوا في الحملة كانوا صغيري السنّ. وقد شكّلوا فرق عمل شابة نشطت في القرن التاسع عشر. عدد كبير من العلماء الذين رافقوا بونابرت في 1798 ذهبوا، فيما بعد، الى الجزائر عام 1830.
إلا أن التجربة الجزائرية خلقت مشكلة مختلفة؟
- النابوليونان طبعاً، بالرغم من كل شيء، الفكر المتوسطّي. نابليون الثالث كان يحلم بمملكة عربية في الجزائر.
لنعد الى حملة بونابرت التي خلّفت نوعاً من الإرث الاديولوجي الفرنسي اتبعته سلالة محمد علي..
- إرث اديولوجي، لا أعرف. فلنقل بالأحرى محاولة لقبول بعض امكانيات اوروبا العلمية والصناعية والليبرالية من اجل تطوير قدرات شعوب الشرق في وجه سيطرة اوروبا السياسية والاقتصادية. ولكن، في البداية، انبثقت رغبة بالانصهار. ولم تقتصر ملاحقة هذا الجهد على مصر فقط، بل شملت المصلحين العثمانيين ايضاً ذلك ان الروح كانت ذاتها هنا وهناك.
ولكن عندما نعود الى فكرة الامة التي ظهرت في القرن التاسع عشر، الا تعتقد ان هذه الفكرة كانت ارثاً فرنسياً؟
- هذا متفق عليه، وأريد تذكيرك بأن جمال عبدالناصر في "فلسفة الثورة" اشار الى حملة بونابرت من دون أي عقدة. فكرة الأمة يجب استعادتها. عندما تكلّم نابليون عن الأمة كان يتكلم عن الامة الفرنسية الثورية، عن الوحدة القومية الفرنسية التي تحققت، في نهاية الأمر، في القرن التاسع عشر داخل اطار دولة محدّدة اقليمياً جاءت نتيجة نضج طويل في فرنسا استمرّ قرون عدة. كانت الفكرة القومية، في البداية، فكرة ثورية وفي نهاية القرن التاسع عشر اصبحت فكرة قانون. فكرة أمّة محددة اقليمياً راودت افكار القوميين المصريين في نهاية القرن التاسع عشر ولغاية المرحلة اللاحقة للحرب العالمية الأولى. ولكن الفكرة القومية كما تناولها ناصر لم تتطابق أبداً مع الفكرة القومية الفرنسية. الامة العربية، بالنسبة له، تتجاوز كل الحدود وكل الدول وفكرته لم تكن موافقة مع فكرة الدولة - الأمة، بل اقتربت من مثال الامة الاسلامية التي هي ايضا متجاوزة الحدود.
هل توافق مع نتاج المؤرخيّن الليبراليين الذي اعتبر ان تلك السنوات الثلاث التي امضاها العلماء الفرنسيين في مصر كانت مصدر ادخال الحداثة الى الشرق؟
- لغاية المجادلة الاخيرة الجارية في مصر، نعم كان المؤرخون العرب من زملائي في جامعتي القاهرة وعين شمس يعتبرون أن حملة يونابرت شكّلت انقطاعاً. تقولين ليبراليين ولكن المؤرخين الماركسيين اعتبروا ايضاً بأن تلك اللحظة كانت فاصلة ذلك انها كانت لحظة مواجهة الشرق مع اوروبا.
كان القرن التاسع عشر قرن التوسع الاوروبي الذي كان توسعاً مبنياً على تنمية الصناعة التي كانت مبنية، من جهتها على تطوّر التقنيات بفضل العلوم، أي أنه كان توسعا يتم على المستوى العالمي. وكانت دول حوض المتوسط الشرقي جزءاً منه، ولكنها استدرجت الى تجديد علاقتها بأوروبا أو على الاقل ان تجدد اوروبا علاقتها بتلك الدول التي شكّلت الشراكة الاكثر مجاورة. كنت اقرأ منذ بضعة أيام مقالة في جريدة تقول بأن المتوسط يخلق مشكلة خاطئة لأن المتوسط لا وجود له. المتوسط ليس فكرة أو معنى مجرداً. المتوسط حقيقة. إنه بحر وبالتالي مكان يستخدم كطريق اتصال، ولا شكّ أن ملاحة البحار سمحت في خلق الاتصالات بين الدول المختلفة في شمال وجنوب وشرق المتوسط، وقد حصل ازدهار حقيقي بين ما كان عليه الحال في اسطنبول منذ 200 عاماً والحال القائمة اليوم أو بين ما كانت عليه القاهرة منذ 200 عاماً والقاهرة اليوم. دخلت هذه الحداثة وكان التحضير طويلاً من أجل ذلك ولكن اللحظة التي تضرب الاذهان هي حملة بونابرت على الرغم من وقتها القصير وعلى الرغم من فشلها العسكري. من الناحية الثقافية، تركت الحملة آثاراً هائلة من الجهتين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.