المركزي السعودي يطرح مسودة قواعد فتح المحافظ الإلكترونية    أوامر ملكية.. إعفاءات وتعيينات جديدة في عدد من القطاعات    ولي العهد يهنئ رئيس وزراء سنغافورة بمناسبة أدائه اليمين الدستورية    زين السعودية تعلن عن استثمارات بقيمة 1.6 مليار ريال لتوسعة شبكتها للجيل الخامس 5G    تشغيل 4 رحلات أسبوعياً للخطوط الجوية البريطانية من هيثرو إلى جدة    الجامعة العربية تدعو مجلس الأمن لاتخاذ إجراءات سريعة لوقف العدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين    «البلسم» تختتم حملتها الطبية في اليمن وتنجح في إجراء 251 عملية قلب مفتوح و«قسطرة»    أمير منطقة القصيم يستقبل وزير الاستثمار    مندوب فلسطين يرحب بمبادرة البحرين بعقد مؤتمر دولي للسلام لحل القضية الفلسطينية    أمير منطقة الرياض يستقبل مدير السجون بالمنطقة    مدير تعليم الأحساء يكرم الطالبة الفائزة ببرونزية المعرض الدولي للاختراعات    ارتفاع النفط واستقرار الذهب    وزير العدل يلتقي رئيس المجلس الدستوري في فرنسا    ضبط 264 طن مأكولات بحرية منتهية الصلاحية    «النيابة»: باشرنا 15,500 قضية صلح جنائي أسري.. انتهاء 8 آلاف منها صلحاً    زلزال بقوة 5.1 درجات يضرب جزر قبالة سواحل نيوزيلندا    أمير تبوك يثمن للبروفيسور " العطوي " إهدائه لجامعة تبوك مكتبته الخاصة    «الصحة» تدعو الراغبين في الحج إلى أخذ واستكمال جرعات التطعيمات    نيمار يبدأ الجري حول الملعب    فيغا يعود للتدريبات الجماعية للأهلي    من أعلام جازان .. الشيخ عيسى بن رديف بن منصور شماخي    أمير حائل يكرم عدداً من الطلاب الحاصلين على الجائزة الوطنية بمبادرة «منافس»    الصمعاني يشارك في قمة رؤساء المحاكم في دول G20    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج 2374 طالباً وطالبة من «كاساو»    أفضل الإجراءات وأجود الخدمات    السوق السعودية ضمن أول 10 دول في العالم المملكة أكثر الاقتصادات تسارعاً آخر 6 سنوات    سعود بن نايف: رؤية المملكة أسهمت في تحسين جودة الحياة    سعود بن بندر يثمّن جهود هيئة النقل    أمير تبوك ينوه بجهود القيادة في خدمة ضيوف الرحمن    «الداخلية» و«سدايا» تطلقان جهازاً متنقلاً لإنهاء إجراءات المستفيدين من مبادرة «طريق مكة»    إطلاق مبادرة «دور الفتوى في حفظ الضرورات الخمس»    خادم الحرمين يرحب بضيوف الرحمن ويوجه بتقديم أجود الخدمات    وزارة لتشجيع زيادة المواليد بكوريا الجنوبية    واتساب تطلق تصميماً جديداً    الوجه الآخر لحرب غزة    المجون في دعم كيان صهيون    نائب أمير مكة يستقبل عدد من اصحاب السمو والمعالي والفضيله    طموحنا عنان السماء    أهمية الاختبارات الوطنية «نافس» !    حالة مطرية في معظم المناطق حتى السبت    الأمن والاستقرار    الاحتراف تحدد مواعيد تسجيل اللاعبين في دوري روشن و"يلو"    انطلاق برنامج الرعاية الأكاديمية ودورة البحث العلمي في تعليم الطائف    ..أنيس منصور الذي عاش في حياتنا 2-1    مكانة بارزة للمملكة في عدد مقاعد «آيسف»    تمكين المواهب وتنشيط القطاع الثقافي في المملكة.. استقبال 2200 مشاركة في مبادرة «إثراء المحتوى»    محتوى الغرابة والفضائح !    ليس لأحد الوصول    المان سيتي يكسر عقدة ملعب توتنهام الجديد وينفرد بصدارة الدوري الإنجليزي    الهلال والنصر.. والممر الشرفي    كأس إيطاليا بين خبرة اليوفي وطموح أتالانتا    حمام الحرم.. تذكار المعتمرين والحجاج    تفقد محطة القطار ودشن «حج بلياقة».. أمير المدينة المنورة يطلع على سير الأعمال بالمطار    لجلب صفقات من العيار الثقيل.. النصر يعتزم الاستغناء عن 3 أجانب    ( قلبي ) تشارك الهلال الأحمر الاحتفاء باليوم العالمي    الكلام أثناء النوم ليس ضاراً    تأثير العنف المنزلي على الأطفال    مواد كيميائية تسبب السرطان داخل السيارات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب والبحث عن قمة مجدية
نشر في الحياة يوم 24 - 06 - 1998

منذ فترة وعدد من القادة العرب يتناوبون الواحد تلو الآخر في الدعوة الى عقد قمة عربية في القريب العاجل. وعادة ما تترافق هذه الدعوات باتصالات وتحركات بين بعض العواصم لهذه الغاية، وقد اندفع الامين العام لجامعة الدول العربية قبل اشهر الى القيام بجولة شملت عدداً كبيراً من العواصم العربية للترتيب من اجل عقد قمة عربية الا انه اضطر في ختامها الى الاعلان عن ان الغرض من جولته لم يكن السعي من اجل عقد القمة. وخلال ذلك لوحظ انه ما ان تتبدد دعوة لعقد قمة حتى تحمل وسائل الاعلام دعوة جديدة تعقبها موجة جديدة من التوقعات والتحليلات بشأن طبيعتها: هل هي قمة مصغرة ثلاثية أو خماسية أو ثمانية أم موسعة أم شاملة بحيث يشارك فيها العراق؟ وبشأن هدفها: هل هو بحث المأزق الذي انتهت اليه عملية السلام وتحديداً، مأزق عملية أوسلو أم بحث مجمل الاوضاع العربية وضرورة تصليبها واتخاذ قرارات تدعم القدرة العربية على مواجهة مجمل التطورات والتحديات سواء تلك المتمثلة بالاحتلال الاسرائيل للأراضي العربية او غيرها من تحديات اقليمية مثل التحالف التركي - الاسرائيلي، أو تحديات دولية ابرزها اثر السياسة الاميركية الراهنة على مجمل الاوضاع العربية.
ليس ثمة شك في ان القمة العربية مطلوبة ومرغوبة حتى ولو كانت على مستوى القمم الثنائية طالما ان ذلك سينعكس ايجاباً على مجمل الاداء العربي وسيزيد من قوة ومتانة الموقف العربي. ولعل ابرز القمم الثنائية التي تنعكس ايجاباً على الموقف هي تلك القمم الدورية السورية - المصرية والقمم السورية - اللبنانية التي تستهدف تعزيز العلاقات بين البلدين وتأكيد موقفهما الموحد تجاه عملية السلام ومواجهة المناورات والمؤامرات الاسرائيلية الهادفة الى الاستفراد بلبنان او ممارسة المزيد من الضغوط والمزيد من العدوان عليه. اما ابرز القمم الاوسع فهي القمم الدورية التي يعقدها قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست. ومن القمم البارزة الاخرى القمة السورية - المصرية - السعودية التي عقدت في دمشق في بداية حزيران يونيو 1996 والتي كانت من ابرز نتائجها انعقاد القمة العربية الموسعة قمة لمّ الشمل العربي بعد اسبوعين من القمة الثلاثية. ورغم مضي عامين كاملين على انعقاد تلك القمة الموسعة فإن العرب ما زالوا ينتظرون من قادتهم ان ينفذوا ما قرروه في تلك القمة تنفيذاً تاماً.
لقد بثت القمة العربية عام 1996 موجة كبيرة من التفاؤل وأحيت موجة مماثلة من الآمال لسببين:
1 - انها كانت القمة الاولى بعد مرور ستة اعوام على القمة الاستثنائية في القاهرة عام 1990 والتي كانت مخصصة لبحث الموقف من غزو الكويت. وكانت القمة الاولى منذ ان دخل العرب عملية السلام في مدريد 1991.
2 - القرارت التي اتخذتها القمة على كل الصعد سواء بشأن الموقف من السياسة الاسرائيلية الرافضة للالتزام بأسس عملية السلام ومرجعيتها او بالنسبة لكل ما يتعلق بتقوية الامن القومي العربي في مختلف مجالاته.
الا ان ذلك التفاول وتلك الآمال لم تدم طويلاً، اذ سرعان ما تبددت عندما بدأت الدول العربية بالتلكؤ في تنفيذ ما اتخذ من قرارات وأجحمت عن قطع العلاقات مع اسرائيل بذرائع شتى، بل وقبلت بمشاركة اسرائيل في المؤتمر الاقتصادي في الدوحة واستقبل بعضها بنيامين نتانياهو رغم كل تصريحاته وممارساته المعادية للسلام ورغم كل صلفه وتعنّته وسعيه الواضح والصريح حتى للتخلص من اتفاق اوسلو.
او الاوضاع الاقليمية والدولية التي تزداد سوءاً او تزداد تأثيراً سلبياً على مجمل الاوضاع العربية وخصوصاً مع ظهور العجز الاميركي الفاضح عن ارغام اسرائيل على الوفاء بالتزاماتها وتنفيذ التعهدات والاتفاقات التي سبق وان أقرّتها، ومع ازدياد افتقاد السياسة الاميركية للمصداقية في تعاملها وموقفها من القضايا والدول العربية، هذه الاوضاع تفرض على الدول العربية منفردة ومجتمعة المسارعة الى العمل القومي الجاد من اجل حفظ وصيانة الحقوق العربية والدفاع عنها ضد كل ساع الى النيل منها، ومن اجل الاعداد لاستعادة كل حق عربي مغتصب. فالوضع العربي ونظراً لاستمرار غياب التعاون والتنسيق والتضامن يزداد انكشافاً للقوى المعادية ويزداد تعرضاً للمزيد من الاخطار الجسيمة راهناً ومستقبلاً. ولو ان الدول العربية نفّذت ما قررته في قمة القاهرة 1996 لكانت قد وضعت حداً لاستمرار التدهور الحاصل ولكانت قد حالت دون استمرار نتانياهو في سياسته وغطرسته وتهديداته ومناوراته وحالت دون تلاشي الدور الاميركي الظاهر للعيان الآن بشأن المأزق الحاصل على المسار الفلسطيني. وبقدر ما ان الدول العربية مدعوة الى تنفيذ قرارات تلك القمة فانها اليوم مدعوة الى تنفيذ ما هو اكثر واقوى من تلك القرارات خصوصاً بالنسبة للموقف من اسرائيل وللموقف من الادارة الاميركية التي تظهر عجزاً لم يظهر على اي ادارة اميركية من قبل. وهذا ما يدفع الى التأكيد على ان القمة العربية كانت وما تزال مطلوبة وستبقى مطلوبة باستمرار ولو ان القادة العرب نفّذوا قراراً سابقاً لهم بعقد القمة سنوياً لما كان الحال على ما هو عليه الآن. ورغم ذلك فإن القمة كانت وما تزال ضرورية الا ان الاكثر ضرورة هو تنفيذ قرارات كل قمة. فكلما نفذ القادة العرب قرارات قممهم كلما ظهروا بقوة وبمصداقية اكبر سواء تجاه الاصدقاء او العداء او حتى تجاه شعوبهم. اما ان يستمر القادة العرب في عقد قمم لهم وفي اتخاذ قرارات دون ان يتم ترجمتها واقعاً ملموساً فانهم لن يجلبوا لأنفسهم ولأمتهم احتراماً او مهابة ولن يستطيعوا بالتالي مواجهة تحدّ او الحيلولة دون غازٍ او طامع.
قد يعتقد البعض ان مجرد عقد قمة عربية امر هام وضروري، وفعل مواجهة، بزعم ان اسرائيل قد جعلت من القمة خطاً احمر على العرب عدم الاقتراب منه خصوصاً بعد ان اعربت عن استيائها من قرارات القمة الاخيرة. ولكن هل ما زالت اسرائيل مستأة الى اليوم بعد ان رأت بأم العين ان تلك القرارات لم تجد طريقاً الى التنفيذ؟ وماذا لو ان انعقدت قمة جديدة وكان مآل قراراتها كمآل قرارات القمة السابقة؟ وهل المطلوب من القمة الجديدة اعادة تأكيد المواقف السابقة بشأن السلام كخيار استراتيجي للدول العربية؟
لقد حان الوقت من اجل عقد قمة عربية تكون بمستوى القمة فعلاً في كل شيء: قمة شاملة، تبحث قضايا شاملة وتتخذ قرارات مدروسة تجاه مختلف القضايا بحيث تكون قمة استعادة للتضامن العربي وقمة استعادة للعمل العربي وقمة لحشد الطاقات العربية في مواجهة اسرائيل وسواها. وقمة من اجل مستقبل عربي تنشده الأمة العربية منذ مطلع القرن العشرين وحتى الآن، ولئلا يبقى مستقبلاً تنشده دون ان تصله وهي تدخل القرن الحادي والعشرين، وللوصول الى هكذا قمة لا بد من الدرس والاعداد الجيد والاستفادة من التجارب والمراحل السابقة، ولا بد من توفير مناخات جديدة من الثقة والجدية والاخلاص بعيداً عن كل مزاودة رخيصة وبعيداً عن السياسات القصيرة النظر والرهانات البائسة واليائسة التي لم تسهم سوى في المزيد من اضعاف الامة.
* كاتب سياسي فلسطيني - دمشق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.