تحتل الفجيرة المرتبة الثانية في العالم، بعد سنغافورة، في صناعة تزويد السفن بالوقود. وتشكل النشاطات الصناعية والصناعات التحويلية القطاع الرئيسي في اقتصاد الامارة التي تفتقد الى موارد النفط والغاز، تليها التجارة ثم الخدمات الانتاجية، ومنها السياحة، بينما تحتل الزراعة المرتبة الرابعة. وقال المدير العام لغرفة تجارة وصناعة وزراعة الفجيرة شاهين علي شاهين ل "الحياة" ان "السياحة قطاع جديد لم يتم التطرق إليه بقوة في السابق، وسيكون في السنوات المقبلة الرافد الأساسي للدخل القوي للفجيرة". وتبلغ مساحة الإمارة الساحلية 1450 كلم2. وهي تخلو من الصحارى وتتمتع بمناطق شاطئية ساحرة ومرتفعات وهضاب ذات تكوين جيولوجي متباين يحوي أودية وشعاباً تتسلل بينها الشلالات والمنحدرات المائية. وسعى المسؤولون منذ منتصف الثمانينات الى تطوير المرافق الأساسية وتعزيز دورها. وقال المستشار الاقتصادي في غرفة التجارة كامل عبدالمجيد ل "الحياة" ان "الفجيرة تحتل موقعاً مميزاً باعتبارها بوابة دولة الامارات من ناحية الشرق وبحكم موقعها في المياه المفتوحة لخليج عمان والمحيط الهندي وقربها من مضيق هرمز الاستراتيجي الذي يمر فيه ربع صادرات العالم من النفط والغاز. كما أن موقعها القريب من المضيق يجعلها على مسار معظم خطوط الشحن البحري الدولية بين آسيا وافريقيا وأوروبا، وهو عامل يهم معظم المستثمرين". وأضاف: "الناحية الثانية التي تدعم حركة اجتذاب رؤوس الأموال الى الفجيرة هي اكتمال البنيات الأساسية والمرافق الحيوية مثل ميناء الفجيرة البحري الذي يعد أحد أفضل ثلاثة موانئ بحرية في الشرق الأوسط ويشغل المرتبة الثالثة على مستوى منطقة الخليج في مجال مناولة الحاويات، ومطار الفجيرة الدولي والمركز التجاري ومركز الفجيرة للمعارض والمنطقة الحرة التي أُنشئت عام 1987 واستقطبت زهاء 160 مشروعاً صناعياً مهماً بفضل تشريعاتها الليبرالية وأكلاف الانتاج المنخفضة فيها". ويفوق عدد المستثمرين في امارة الفجيرة الخمسة آلاف. وهي تتميز بامتلاك مواد خام تعتمد عليها صناعات تصديرية عدة من أسمنت ومعادن وزجاج. كما أن تجارتها الخارجية التي تقارب 900 مليون دولار تتخصص بنسبة 47 في المئة في صناعة إعادة التصدير. إلا أن معدلات النمو في الامارة، التي يبلغ عدد سكانها 80 ألفاً، تحتاج الى حفّاز من نوع آخر يكفل زيادة العائد على الموارد الطبيعية التي بقيت خارج دورة الاقتصاد وبعيداً عن نشاطات الاستثمار حتى الآن. وقال رئيس "مكتب الفجيرة السياحي" الشيخ سعيد بن سعيد الشرقي ل "الحياة" ان "الخيار الوحيد للفجيرة التي تخلو من النفط هو السياحة كمحرك لتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة". ويعتبر المكتب السياحي، الذي انشئ قبل ثلاثة أعوام، الذراع الحكومية التي ترغب من خلالها الامارة الساحلية في تثبيت موطئ أقدامها ومكانتها على الخريطة السياحية لمنطقة الخليج. ولا تختلف تجربة الفجيرة عن تجربة باقي الامارات المجاورة الخمس التي تحاول بدورها محاكاة تقليد تجربة امارة دبي. إلا أن اقامة مقارنة بين دبي، التي تحولت الى وجهة سياحية مستقلة بحد ذاتها، يشكل ظلماً للامارات المجاورة التي تفتقد الى أدوات الترويج والامكانات الكبيرة التي باتت في متناول امارة دبي التي نجحت في ربط نفسها بالأسواق الموردة للسياح وبينها شركة طيران محلية هي "طيران الامارات". وتعليقاً على الموضوع قال بن سعيد الشرقي مقارناً: "السياحة في دبي سياحة تسويقية تجارية وليست للاستجمام. لكن دبي هي أيضاً الطريق الى السياحة في الفجيرة لأنها المورّد الأساسي للسياحة الأجنبية الوافدة الى دولة الامارات بقدر ما تستفيد في الوقت ذاته ومعها "شركات السياحة فيها من الفجيرة ومن اثار الفجيرة للترويج لدبي"، مشيراً الى أن "المشاهد والصروح التاريخية والاثرية في الفجيرة تدرج في برامج خاصة للسياح الذين يفدون الى دبي في اطار رحلات جماعية أو فردية تنظم لهم خصيصاً". ويصل عدد السياح الذين يزورون الفجيرة الى 70 ألفاً سنوياً تعتمد في شكل أساسي على السياحة الداخلية في الامارات والسياحة الخليجية وهي جماعات سياحية تتميز بمستوى مرتفع من الانفاق. وأضاف المسؤول السياحي "نركز على نوعيات معينة ومنتقاه من السياحة تتمثل في سياحة العائلات في العطل والاجازات وسياحة الاستجمام والغطس والصيد البحري وسياحة التراث والآثار وسياحة تسلق الجبال والسير في الشعب والأودية والسياحة العلاجية في المنابع وشلالات المياه الكبريتية، وهو ما يميزنا عن غيرنا من الامارات المجاورة". وتحفل الفجيرة بمكتشفات أثرية ومقابر قديمة تعود الى أكثر من 5500 عام وفيها قلاع وصروح تاريخية كثيرة وجزر تمتد على الشاطئ الساحر الذي يبلغ طوله 70 كلم ويتميز بنظافة شواطئه ومياهه الدافئة وهو عامل يجذب السياح من ألمانيا والولايات المتحدة وايطاليا وبريطانيا ومن دول الخليج. وتوقع الشيخ سعيد بن سعيد أن تتضاعف السعة الفندقية من 600 غرفة حالياً الى 1500 غرفة في السنوات الخمس المقبلة، وقال: "ان هناك أربع سلاسل عالمية للفنادق اختارت مواقع لفنادقها الجديدة في الفجيرة، تقدمت اثنتان منها بتصاميم نهائية لمبانيها". ووجه دعوة الى المستثمرين العرب والأجانب لتوظيف أموالهم في السوق السياحية في الفجيرة مشيراً الى أن هناك حوافز عدة ستقدم لهم من بينها منح أراضٍ مجاناً للبناء عليها. وتوقع ان يصل حجم الاستثمارات المؤكدة في القطاع الفندقي وحده الى 150 مليون دولار للفترة المقبلة. سوق السفر العربية ويبدأ اليوم في المركز التجاري المؤتمر الثالث لسوق السفر العربية تحت رعاية عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة الشيخ حمد بن محمد الشرقي وبحضور أكثر من 150 خبيراً سياحياً دولياً.