الذهب يتراجع مع ارتفاع الدولار.. وبرغم آمال خفض أسعار الفائدة    الخارجية الفلسطينية تطالب بتدخل دولي عاجل لوقف التوسع الاستيطاني    القيادة تهنئ رئيس جمهورية باكستان الإسلامية بذكرى استقلال بلاده    الإنجليزي أوسيلفان يحسم تأهله إلى الدور ربع النهائي من بطولة الماسترز للسنوكر.. وحامل اللقب يغادر    بلدية صبيا تكثف استعداداتها لموسم الأمطار وتحدد أولويات المعالجة    سفراء الإعلام التطوعي يشاركون في معرض "لا للعنف" للتوعية بمخاطر العنف    مكتبة "المؤسس" تواصل إبراز التراث العربي والإسلامي    زراعة أول نظام ذكي عالمي للقوقعة الصناعية بمدينة الملك سعود الطبية    الكابتن علي ربيع ينضم للطاقم الفني لفريق الهلال تحت 16 عاماً    استقرار معدل التضخم في المملكة عند 2.1%    حظر لعبة «روبلوكس» في قطر    في إنجاز علمي بحثي.. خرائط جينية جديدة تُعزز دقة التشخيص والعلاج للأمراض الوراثية    الصين تطلق إلى الفضاء مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية للإنترنت    امطار على الحنوب ورياح نشطة على مختلف مناطق المملكة    أسعار العقار ترتفع شمالا وتتراجع جنوبا    اطلع على أعمال قيادة القوات الخاصة للأمن البيئي.. وزير الداخلية يتابع سير العمل في وكالة الأحوال المدنية    نائب وزير الخارجية وسفير الدومينيكان يبحثان تعزيز التعاون    بطولة لكرة المناورة ضمن فعاليات كأس العالم للرياضات الإلكترونية    تأجيل انطلاق دوري أبطال الخليج للأندية إلى الشهر المقبل    19 % نمواً.. وإنجازات متعاظمة للاستدامة.. 3424 مليار ريال أصول تحت إدارة صندوق الاستثمارات    موجز    الشيباني: نواجه تدخلات خارجية هدفها الفتنة.. أنقرة تتهم تل أبيل بإشعال الفوضى في سوريا    تمكين المدرسة من خلال تقليص المستويات الإدارية.. البنيان: 50 مليار ريال حجم الفرص الاستثمارية بقطاع التعليم    الشريف يحتفي بزفاف تركي    بحضور الأمير سعود بن مشعل .. العتيبي يحتفل بزواج إبنيه فايز وفواز    واشنطن تشرع في تصنيف الإخوان منظمة إرهابية    دعت إلى تحرك دولي عاجل.. الأمم المتحدة تحذر من مجاعة وشيكة في اليمن    انطلاق ملتقى النقد السينمائي في 21 أغسطس    «البصرية» تطلق «جسور الفن» في 4 دول    أكد إطلاق برنامج «ابتعاث الإعلام» قريباً.. الدوسري: طموحات الرؤية تؤمن بإمكانات الإنسان والمكان    نائب أمير منطقة جازان يقدّم التعازي لأسرة معافا    بيئة جازان تنظم ورشة عمل حول الإستفادة من الموارد الزراعية الطبيعية    المملكة تدين ما يسمى «رؤية إسرائيل الكبرى»    رابطةُ العالم الإسلامي تُدين تصريحات رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بشأن "رؤية إسرائيل الكبرى"    وطن يقوده الشغف    تنظيم محدث للّوحات الدعائية والإعلانية    ارتفاع مبيعات الإسمنت يعكس مواصلة نمو قطاع البناء والتشييد    إزالة الحواجز الخرسانية بالرياض    سان جيرمان «يجحفل» توتنهام ويحقق كأس السوبر الأوروبي    متحدثون.. لا يتحدثون    الأمن يحث زوار المسجد الحرام على عدم الجلوس في الممرات    (ولا تتبدلوا الخبيثَ بالطَّيب)    البارالمبية الآسيوية تكرّم الأمير فهد بن جلوي بوسام آسيا 2025    نجاح زراعة 10 كلى تبادلية خلال 48 ساعة في التخصصي    فهد بن سلطان يكرم الفائزين بمسابقة إمارة تبوك للابتكار 2025    ناصر بن محمد: شباب الوطن المستقبل الواعد والحاضر المجيد    سعود بن نايف يطلع على مستجدات أعمال "تطوير الشرقية"    نجاح عملية دقيقة لأول مرة بجازان    "الكشافة السعودية" تُنظم ورشة عن فنون كتابة القصة القصيرة الملهمة    أمير تبوك يكرم الفائزين بمسابقة إماره المنطقة للابتكار 2025    إنجاز سعودي.. أول زراعة قوقعة ذكية بالشرق الأوسط وأفريقيا    استخراج هاتف من معدة مريض    مشاركون بمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن: إقامة التصفيات النهائية بالحرم وسام شرف للمتسابقين    أمير جازان يعزي في وفاة معافا    وكيل إمارة جازان يلتقي "محافظي" المنطقة    الإدارة الروحية لمسلمي روسيا تحدد شروط تعدد الزوجات    المفتي يستعرض أعمال «الصاعقة» في إدارة الأزمات    مباهاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذاكرة القرن العشرين - 25 آذار مارس 1914 : رحيل المثقف النهضوي أحمد فتحي زغلول
نشر في الحياة يوم 25 - 03 - 1998

"من ذلك نعلم ان فتحي زغلول كان رجل تقدم تطوري. فكما انه كان يرى ان خير القوانين ليس هو القانون الحسن في ذاته، ولكنه القانون الذي يحتمل الشعب تطبيقه، كذلك كان يرى ان خير المبادئ الاجتماعية والسياسية ما كان بينه وبين طبائع الشعب وعاداته نسب يكمل ما فيها من نقص، ويقوّم ما بها من اعوجاج. كان فتحي يسترشد بهذه الآراء الحرة، فإذا لم يكن نشرها يتفق مع مركزه في الحكومة، فقد نشرها بالترجمة ليرضي دواعي ضميره، وليثابر على تربية قومه تربية صالحة على قواعد ثابتة مع معرفة الحقوق والواجبات، فليس فتحي على ذلك من اصحاب المناصب، بل هو من ارباب المذاهب".
هذا الكلام عن أحمد فتحي زغلول كتبه أحمد لطفي السيد في فصل من فصول كتابه "حياتي" كرسه لتولستوي ولزغلول معاً. وبالنسبة الى أحمد لطفي السيد لم يكن من الامور العشوائية المزج بين الرجلين، حتى لو كانت صدف التاريخ قد جعلت نجم فتحي زغلول يخبو مع مرور الزمن، كما لو انه في مجال الشهرة والبقاء وقع ضحية لشهرة اخيه سعد زغلول. فالحال اننا ما ان نلفظ اسم زغلول في طول العالم العربي وعرضه حتى يتراءى لنا الزعيم السياسي الكبير، مؤسس "الوفد" وأحد رجالات السياسة العملية في مصر خلال الربع الاول من القرن العشرين، ويتم الاغفال عن شقيقه فتحي. ومع هذا ثمة من بين المؤرخين من يقول ان زغلول الاخ، كان اهم من سعد من الناحية العلمية والفكرية.
مهما يكن لا بد من الاشارة هنا الى ان وفاة أحمد فتحي زغلول يوم 25 آذار مارس 1914 اتت قبل حلول العصر الذهبي لأخيه سعد، وكان حين وفاته في السابعة والاربعين من عمره ولا يزال في جعبته الكثير ليقدمه لوطنه.
ولد أحمد فتحي زغلول، وكان اسمه الاول "فتح الله صبري"، في 1863، في قرية ابيانة التي ولد فيها شقيقه سعد ايضاً، وتلقى دراسته الابتدائية في كتّاب البلد ثم في مدرسة الرشيد، قبل ان ينتقل صبياً الى مدرسة الالسن التي اسسها رفاعة رافع الطهطاوي. ولقد كان من نبوغه في الدروس ان اهتم به أحمد خيري باشا ناظر المعارف العمومية، وأصدر امره بأن يغير اسمه الى أحمد فتحي، وأن يرد اليه ما دفع من المصاريف المدرسية، وكذلك أن يكمل دراسته مجانا. وفي 1884 وكان أحمد فتحي قد بلغ الحادية والعشرين من عمره ارسلته وزارة المعارف في بعثة الى فرنسا لدراسة الحقوق، وهي المادة التي بدأ نبوغه فيها يظهر باكراً. فامضى في فرنسا ثلاث سنوات عاد بعدها حاملاً شهادة الليسانس في الحقوق ومتمكناً من اللغة الفرنسية، فوظف في قلم قضايا الحكومة ثم عين رئيساً لنيابة أسيوط، فرئيساً لنيابة الاسكندرية. وظل يتقلب في المناصب القضائية حتى وصل الى منصب وكيل وزارة العدل.
ولتلمذته على الطهطاوي منذ وقت مبكر، وبسبب اختلاطه بالعناصر التحديثية النهضوية الفاعلة، حيث عرف عنه ارتياده الجماعة المتحلقة من حول الامام جمال الدين الافغاني والامام محمد عبده، آمن أحمد فتحي زغلول باكراً بأن عليه ان يخدم الفكر ليخدم الانسان في بلاده، وكانت طريقه الى ذلك نقل المعرفة الى ذلك الانسان، ومن هنا بدأ في 1888، وبدفع من محمد عبده كما قيل، في ترجمة كتاب "العقد الاجتماعي" لجان جاك روسو، لكن ظروفه لم تمكنه من اتمامه. على ان الظروف تغيرت بعد ذلك. فخلال وجوده في فرنسا ثم بعد عودته تمكن من ان يترجم العديد من الكتب الاساسية الاخرى، بحيث غدت المكتبة العربية تدين له بأعمال مثل "اصول الشرائع" في جزئين لبنتام، و"خواطر وسوانح في الاسلام" للكونت هنري دي كليتزي، و"سر تقدم الانكليز الساكسون" لريمون دو مولان، و"روح الاجتماع" و"سر تطور الامم" لغوستاف لوبون، اضافة الى "تمدن العرب" وهو لهذا الاخير ايضاً، ودراسة مهمة اشتهرت في حينه عن "جمهورية أفلاطون".
غير ان أحمد فتحي زغلول لم يكن مترجماً فقط، بل انه، منذ توليه المناصب القضائية، اهتم اهتماماً كبيراً بوضع التصانيف المرتبطة باختصاصه مثل كتاب "المحاماة" و"شرح القانون المدني" و"رسالة في التزوير الخطي" و"التربية العامة".
والى عمله الفكري ناضل أحمد فتحي زغلول، ضمن حلقة النهضويين التنويريين، في سبيل النهضة العربية، وكان اتجاهه - كما يكتب عنه أحمد لطفي السيد - اتجاهاً اشتراكياً ديموقراطياً. اما الاشتراكية بالنسبة اليه ف"قد تكون معقولة اذا كان للشعب شأن في تنصيب الحكومة، والا فهي اشتراكية معكوسة النتائج". ومهما يكن فإن فتحي زغلول كان من اوائل المثقفين النهضويين الذين آمنوا بالانسان بوصفه الخميرة الاولى للمجتمع وبوصفه صاحب الحق الاساسي فيه. وهو جعل اختياراته الفكرية والحقوقية وحتى السياسية كافة تنطلق من هذا المبدأ وتصب فيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.