في محاولة واضحة لتشديد الضغوط الدولية والعربية على الحكومة الإسرائيلية لحملها على تنفيذ الاستحقاقات التي التزمتها في اتفاق واي ريفر، قررت القيادة الفلسطينية في اجتماعها الأسبوعي الذي عقدته ليل الجمعة - السبت في مدينة الخليل القيام بتحرك سياسي وديبلوماسي واسع النطاق على الصعيدين العربي والدولي، بهدف مواجهة التطورات الخطيرة التي قد تنجم عن قرار الحكومة الإسرائيلية تجميد عملية السلام. كما ناقشت القيادة الفلسطينية اقتراحات تهدف إلى تفعيل الحوار الوطني الفلسطيني الداخلي، والدعوة إلى بناء جبهة جماهيرية فلسطينية واسعة في مواجهة الاستيطان الإسرائيلي وعمليات مصادرة الأراضي والتحضير لإعلان إقامة الدولة الفلسطينية في أيار مايو 1999. واتهمت القيادة الفلسطينية في هذا الصدد الحكومة الإسرائيلية بالمسؤولية عن تجميد عملية السلام، واعتبرت أن هذه الحكومة بقرارها هذا جعلت عملية السلام "رهينة في أيدي القوى المتطرفة"، مكررة موقفها من أن الجانب الفلسطيني لا يمكنه أن يقبل المعادلة التي تطرحها الحكومة الإسرائيلية، والتي تطالب الفلسطينيين بتنفيذ جميع التزاماتهم، بينما هي تسعى إلى الهرب من تنفيذ التزاماتها متذرعة باجراء الانتخابات. ودعت القيادة الفلسطينية الإدارة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة إلى التحرك الفاعل لمواجهة "المأزق الخطير الذي وضعت فيه الحكومة الإسرائيلية عميلة السلام"، مرحبة في الوقت نفسه بالموقفين الأميركي والأوروبي الرافضين للذرائع الإسرائيلية لتجميد عملية السلام، ومطالبتهما الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ باقي بنود اتفاق واي ريفر من دون أي شروط. وقال بيان القيادة الفلسطينية إنها تؤكد مجدداً تقديرها وترحيبها للموقف الأوروبي الموحد الذي حمل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكامة عن تجميد اتفاق السلام، وأنها تأمل في الوقت نفسه بأن يواصل الاتحاد الأوروبي والإدارة الأميركية "تحركهما النشط والايجابي لحماية عملية السلام". وقبل ساعات من زيارة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات إلى القاهرة، التي وصل إليها مساء أمس، أعلنت القيادة الفلسطينية ترحيبها وموافقتها على عقد قمة عربية تبحث في الموضوعين العراقي والفلسطيني. وقال بيان القيادة إنها "إذ ترحب بالدعوة إلى القمة العربية، فإنها تدعو الأمين العام للجامعة العربية الدكتور عصمت عبدالمجيد إلى عقد اجتماع على مستوى وزراء الخارجية العرب لتدارس الموقف العربي بعد توقف الغارات على العراق وتجميد الحكومة الإسرائيلية عملية السلام لاتخاذ موقف عربي ازاء هاتين القضيتين". واعتبر وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور نبيل شعث زيارة عرفات إلى القاهرة، والتي تنتهي اليوم، زيارة "مهمة جداً، خصوصاً بعد الظروف الجديدة التي نشأت في أعقاب سقوط حكومة نتانياهو". وقال إن المحادثات بين الرئيسين عرفات وحسني مبارك سترسم خطوط التحرك الفلسطيني والمصري المقبل في ضوء المتغيرات التي نشهدها. وكشف في هذا السياق ان الجانبين سيبحثان في تفعيل المبادرة المصرية - الفرنسية لعقد المؤتمر الدولي. وهي الدعوة التي كان طرحها الرئيس المصري ونظيره الفرنسي جاك شيراك قبل التوصل إلى اتفاق واي ريفر، لاعطاء زخم دولي لحماية عملية السلام. واعتبر شعث ان الفلسطينيين لا يمكنهم قبول الوضع القائم "الذي يرهن تنفيذ اتفاق واي ريفر بانتهاء الانتخابات الإسرائيلية". وقال إن التحرك الفلسطيني باتجاه القاهرة "هو جزء من حملة ديبلوماسية قررت القيادة الفلسطينية القيام بها لتلافي المأزق الخطير الذي قد ينشأ عن قرار الحكومة الإسرائيلية تجميد عملية السلام". وأضاف: "ان علينا ان نتحرك الآن لدفع الحكومة الحالية إلى تنفيذ التزاماتها من دون انتظار الحكومة الجديدة بعد الانتخابات"، مشيراً إلى أن هناك إطاراً فلسطينياً - مصرياً - أردنياً هو جزء من عمل ديبلوماسي عربي لمواجهة الوضع الراهن ومفاوضات الحل النهائي. وعلمت "الحياة" ان قضية الوضع الداخلي الفلسطيني استأثرت بجزء كبير من المناقشات التي جرت في الاجتماع الأخير للقيادة الفلسطينية، وان هناك توجهاً اجماعياً نحو تجاوز الإطار القديم، الذي كان يحصر الحوار الوطني الداخلي بالفصائل الفلسطينية والقوى السياسية ليشمل إطاراً أوسع خلال الأيام القليلة المقبلة، يضم جميع القوى الفاعلة على المستوى الوطني وممثلي كل الفئات الاجتماعية والمصالح وقوى الرأي. وقال سليمان النجاب عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عن حزب الشعب الشيوعي سابقاً في هذا السياق إن الحوار الوطني الذي تم اتخاذ قرار بتفعيله هو ترجمة للقرار الذي اتخذه المجلس المركزي الفلسطيني في اجتماعه الأخير الذي انعقد في غزة، وأنه تم التفاهم على توسيع قاعدة هذا الحوار وعلى جدول أعمال يتناول جميع القضايا بما في ذلك مفاوضات الحل النهائي. لكنه قال إن ثمة توجهاً عاماً نحو تأكيد التزام جميع القوى الفلسطينية على تحقيق البرنامج الفلسطيني الذي تم إقراره في العام 1988 خلال انعقاد المجلس الوطني في الجزائر والذي اقر وثيقة الاستقلال واعلان الدولة. ويبدو ان هذا التوجه تتفق معه "حركة المقاومة الإسلامية" حماس التي أكد زعيمها ومؤسسها الشيخ أحمد ياسين خلال مهرجان حاشد عقدته الحركة في مخيم الشاطئ أول من أمس الجمعة لمناسبة الذكرى الحادية عشرة لتأسيسها ان حركته سوف تعمل بكل ما تملك من قوة للحفاظ على الوحدة الوطنية، مشيراً إلى أن "حماس" تمد يدها للحوار الجاد مع السلطة وجميع الاطراف "لاستعادة وحدتنا الوطنية". واعتبر الشيخ ياسين ان الدم الفلسطيني "محرم"، وان على من تسول له نفسه ان يوجه البندقية إلى الصدر الفلسطيني هو "مجرم وخائن لوطنه وقضيته".