1662% زيادة بركاب القطارات    أسعار النفط تتراجع    تداول ينخفض 5 نقاط    واجهة وطنية    الرياض تحتضن ختام مؤتمر رؤساء وأمناء الاتحادات الآسيوية لكرة القدم 2025    القادسية يتغلب على نيوم بثلاثية في دوري المحترفين    لائحة جديدة لإنشاء الأوقاف أو تمويلها عبر التبرعات    "التحالف الإسلامي" يعقد دورة تدريبية وورشة عمل حول "التعامل مع التطرف الفكري في البيئة التعليمية" في المالديف    التعاون يقسو على ضمك بسداسية في دوري روشن للمحترفين    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 36 شهيدًا    الدفاع المدني ينفذ تجربة صافرات الإنذار الثابتة في عدة مناطق بالمملكة    موسم الخبر.. قادم    عندما يعطس الاقتصاد الأميركي يصاب العالم بالزكام    تحت شعار «عزّك وملفاك»    وزارة الخارجية: المملكة ترحب بتوقيع باكستان وأفغانستان على وقف فوري لإطلاق النار    الحوثي يحتجز 20 موظفا أمميا    أسياد البحرين 2025: أخضر اليد يكتسح المالديف.. وأخضر الصالات يتعادل مع البحرين    أمير الشرقية يكرم مواطنين لإخمادهما حريقا في محل تجاري بالجبيل    تحديث ومواءمة النطاقات الإشرافية البلدية    رئيس الشورى يرأس الاجتماع التنسيقي العربي    المرور يضبط أكثر من 6 آلاف دراجة آلية مخالفة خلال أسبوع    ولي العهد يعزي رئيس وزراء اليابان    نائب أمير جازان يزور الأديب إبراهيم مفتاح للاطمئنان على صحته    أمير منطقة جازان يستقبل المدير العام لفرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    غدًا.. أمانة منطقة جازان تُنظّم ملتقى "خُطى التطوع" لتمكين العمل البلدي والإسكاني    لا مال بعد الموت    "خيرية القطيف" تشارك "الأمل" ب"التبكيرة خيرة"    فرع الشؤون الإسلامية بجازان ينفّذ حملة وقائية ضد الإنفلونزا الموسمية في صبيا    نائب أمير الشرقية يستقبل المشرف العام على البعثة التعليمية في البحرين ومدير عام التعليم بالمنطقة    أمير القصيم يستقبل محافظ البكيرية ورئيس جمعية تحفيظ القرآن بالهلالية    أكثر من 10 آلاف فرصة استثمارية لرواد الأعمال في "بيبان 2025"    مفردات من قلب الجنوب 26    نواب أمريكيون يحذرون من تسريح جماعي يهدد أمن الترسانة النووية    زلزال يضرب إندونيسيا    ديوان المظالم يحصل على شهادة الهلال الأحمر للسلامة الإسعافية    الشاشات تقلل التحصيل الدراسي لدى الأطفال    باحثون صينيون يصممون روبوتًا دقيقًا ثلاثي الأبعاد للعلاج الدقيق    كلاسيكو مرتقب يجمع ليفربول ومانشستر يونايتد    الهلال يقسو على الاتفاق بخماسية    خلال الجولة الآسيوية للرئيس الأمريكي.. قمة مرتقبة بين ترمب وكيم جونغ    «911» يتلقى 83 ألف مكالمة في يوم واحد    مبادرات أوروبية لتمويل الحرب.. زيلينسكي يتكتم على صواريخ «توماهوك»    «بوح الثقافي» يكرم الضامن    بيع فرخ شاهين ب119 ألفاً في ثامن ليالي مزاد الصقور    ياغي يؤكد أن تمكين ولي العهد أسهم في مسيرته العملية.. والسواحه: دعم القيادة حقق المنجزات لأبناء وبنات الوطن    اختتام منافسات الأسبوع الأول من سباقات الخيل بالرياض    القطان يحتفل بزواج حسن    فتاة تخرج «عجوزاً» بعد ربع قرن على احتجازها    «زاتكا» تحبط 1507 محاولات تهريب    إصابة الإعلامية نجوى إبراهيم في حادث بأميركا    إنجاز طبي ينهي أزمة زراعة الكلى عالمياً    خطيب المسجد الحرام: الثبات على الإيمان منّة من الله    الإعلام الحقوقي.. ضرورة وطنية مُلحّة    «ابن صالح» إمام المسجد النبوي ومربي الأجيال.. توازن بين العلم والعمل    أكثر من 13 مليون قاصد للحرمين الشريفين خلال أسبوع    لائحة لإنشاء الأوقاف وتمويلها عبر التبرعات    أمير منطقة جازان يطمئن على صحة الأديب إبراهيم مفتاح    أمير منطقة جازان يطمئن على صحة الشيخ العامري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تمنح قمة كوالالمبور مطلب الديموقراطية في آسيا زخماً أكبر ؟
نشر في الحياة يوم 22 - 11 - 1998

قمة بلدان آسيا - المحيط الهادئ، تلك التي أنهت أعمالها يوم الأربعاء الماضي في العاصمة الماليزية كوالالمبور، جاءت مخيبة للآمال التي كانت معقودة عليها. فهي اكتفت، في شأن معالجة الانهيار النقدي الذي انطلق قبل أشهر من قلب تلك المنطقة، ليزعزع اقتصاد العالم وليهدده بالعودة إلى الركود، بالحد الأدنى من الاجراءات، بل بالاعلان عن طائفة من النوايا الطيبة، أي بما لا يمكنه، على أي حال، أن يرتقي إلى مستوى الخطة الواضحة والملموسة، والهادفة إلى إعادة الثقة أو تجنب استفحال الأمور.
وهكذا، وإن عبر المؤتمرون في بيانهم المشترك في نهاية قمتهم عن تخوفهم من حصول ركود شامل يطول الاقتصاد العالمي برمته، وإن أشاروا إلى ضرورة العمل معاً من أجل احتواء مخاطر العدوى الناتجة عن الأزمة الآسيوية، إلا أنهم توقفوا في هذا الصدد الأخير عند مناشدة الدول التي سبق لها أن استنجدت بصندوق النقد الدولي، مثل تايلند وكوريا الجنوبية وأندونيسيا، المثابرة في ما بدأت به من جهود لإعادة هيكلة اقتصادها، وذلك من دون ابداء حتى مجرد الحد الأدنى من التساؤل حول صندوق النقد الدولي ذاك، مؤسسة ومنهجاً وطريقة عمل ورؤية، وهو الذي بدت عليه إمارات عجز عدة في مواجهة الانهيار النقدي الأخير، كما ووجه بانتقادات كثيرة في شأن الخيارات التنموية التي ما انفك يبشر بها، ويدفع الدول إلى اعتمادها، بل يعتبر القبول بها وصفة جاهزة برسم الجميع شرطاً لتقديمه الدعم والاعتمادات.
أما في ما يتعلق بمشكلة تنقل رؤوس الأموال، تلك التي يعتبرها العديدون، سبب الانهيار النقدي الآسيوي الأخير، وأصل كل بلاء، فقد اكتفت قمة آسيا - المحيط الهادئ بشأنها بالعموميات من دون التقدم بأي اقتراح ملموس، حيث جاء في البيان الختامي المشترك بأن "الوقت قد حان لدعم النظام النقدي العالمي للبلوغ بأرباح حركة الرساميل العالمية والسوق العالمية إلى اقصاها مع الحد من مفاعيلها التدميرية"، وهو كلام أقرب إلى معاينة واقع الأمور، وأخذ العلم به، وأبعد عن أن يمثل استراتيجية لمواجهة هذه المشكلة العويصة.
وقس على ذلك بقية النقاط الأخرى، ففي حين اقترحت اليابان تخصيص مبلغ 30 بليون دولار لمساندة جهود بلدان اسيا في إستعادة عافيتها الاقتصادية، توقف السخاء الأميركي عند التقدم بخطة مساعدة لا تتعدى الخمسة بلايين من الدولارات لا أكثر. وفي حين كان ينتظر من المؤتمر الأخير أن يتخذ خطوات عملية باتجاه تحويل منطقة آسيا - المحيط الهادئ إلى منطقة تبادل حر لدى حلول سنة 2010 أو 2020، على ما تقول النيات الرسمية، فإن شيئاً من ذلك لم يتحقق، خصوصاً أن بعض البلدان، مثل اليابان، قد عاد إلى اعتماد الحماية الجمركية لسوقه الداخلية، أو هو عاد إلى التشبث بتلك الحماية تحت وطأة أزمته الاقتصادية الأخيرة.
وهكذا، فإن ما يمكن قوله إن حصيلة القمة الأخيرة لبلدان اسيا - المحيط الهادئ قد كانت الفشل، وهو فشل لا يمكنه إلا أن يثير أبلغ القلق في بقية أنحاء العالم، نظراً إلى الأهمية التي باتت تحتلها تلك المنطقة على الصعيد الكوني. فهذه الأخيرة تحولت إلى قلب اقتصاد العالم وقاطرته نمواً أو تأزماً، بحيث لا يمكن لما يجري فيها إلا أن تكون له انعكاسات بعيدة الأثر. والمنطقة تلك سجلت أرفع معدلات النمو خلال العقود الماضية، وهي التي تضم، سواء في شقها الأميركي الشمالي أو الأميركي الجنوبي أو الآسيوي، غالبية الاقتصادات المتقدمة أو الصاعدة عبر العالم. وعلى أية حال، فقد استشعر المؤتمرون في كوالالمبور خطورة الوضع وخطورة فشلهم في مواجهته، عندما عبروا عن بالغ تخوفهم من امكانية حصول ركود اقتصادي شامل.
هل يعني ذلك أن المؤتمر المذكور قد فشل في استخلاص النتائج من تجربة السنوات الماضية على الصعيد الاقتصادي وعلى صعيد آداء آلياته ومؤسساته وفاعليه؟ بطبيعة الحال لا. غير أن ما يلفت الانتباه أن مظاهر الوعي بخطورة الأوضاع في آسيا وبضرورة معالجتها لم تتبد على الصعيد الاقتصادي على ما كان متوقعاً من مؤتمر كذاك الذي انعقد في كوالالمبور - مؤتمر اقتصادي بامتياز وبالدرجة الأولى من حيث الكنه والطبيعة والاهتمامات، ولكن على الصعيد السياسي.
فلدى بداية المؤتمر أدلى نائب الرئيس الأميركي آل غور، ذلك الذي حضر عوضاً عن الرئيس بيل كلينتون بعد اضطرار هذا الأخير إلى البقاء في واشنطن لمتابعة الأزمة العراقية، بتصريحات بالغة الجرأة والحدة، أعلن فيها مساندته للحركات الاحتجاجية التي كان يشهدها البلد المضيف، ماليزيا، معلناً تبنيه المطالب الاصلاحية التي كان يرفعها القائمون على تلك الحركات من طلاب وتيارات سياسية، غير متردد بذلك في احراج رئيس الوزراء مهاتير محمد في عقر داره، ومخاطراً بتأزيم العلاقات بين البلدين. ومما قد يؤكد أن تلك التصريحات لم تكن مجرد فعل ارتجالي أقدم عليه نائب الرئيس الأميركي، أنها قد لقيت الدعم من وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت، وان الرئيس بيل كلينتون أعلن أنها تعبر عن موقفه وأنه كان ليتفوه، هو شخصياً، بها أو بمثلها لو قيض له المجيء إلى كوالالمبور.
وتلك التصريحات، وقد اعتبرتها ماليزيا تدخلاً سافراً في شؤونها، خصوصاً أنها قد جاءت في عز حركة احتجاجية تجابه نظامها، وفي مناخ تلك المحاكمة المشينة التي أقدم عليها هذا الأخير في حق نائب رئيس الوزراء السابق أنور إبراهيم، استناداً إلى تهم بالغة البذاءة، ربما عبرت عن توجه جديد في السياسة الأميركية في الربط بين الديموقراطية والنمو الاقتصادي.
بطبيعة الحال ليس ذلك الربط في حد طاته بالأمر الجديد. فالولايات المتحدة، والغرب بشكل عام، كثيراً ما دعا بلدان المنطقة إلى تبني الديموقراطية وإلى احترام حقوق الإنسان، في مقابل ما طرحته دول تلك المنطقة من شعارات الخصوصية الثقافية وما يسمى "القيم الآسيوية"، وهي شعارات مهما بلغ تهافتها على الصعيد الاخلاقي، إلا أنها كانت تجد في النجاحات الاقتصادية الخارقة التي كانت تحققها تلك البلدان، بعض مصادر قوتها.
والأزمة الأخيرة ربما مثلت المدخل للنيل من سطوة تلك الشعارات، خصوصاً أن دراسات وتنظيرات عدة صدرت في الفترة الأخيرة تؤكد على أن الانفتاح السياسي من الشروط الضرورية لتحقيق التنمية الاقتصادية، في حين ان الاستبداد لا يمكنه إلا أن يعرقلها، حتى وإن أوحت بعض نسب نمو كبرى أنجزت في ظل بعض أعتى الديكتاتوريات، بعكس ذلك لفترة من الزمن.
وبالرغم من أن هذه الأفكار ليست جديدة، إلا أن الانهيارات المالية والاقتصادية الأخيرة، وتلك المطالب الديموقراطية التي بدأت تعبر عن نفسها بقوة في عدد من بلدان آسيا اندونيسيا سابقاً وماليزيا حالياً وسواهما، قد مدتها بحيوية مستجدة وبزخم كبير. ويبدو أن الولايات المتحدة، على ضوء تصريحات آل غور الأخيرة في كوالالمبور، قد عادت إلى إحلال مسألة الانفتاح السياسي موقعاً محورياً في تعاملها مع بلدان المنطقة.
والحقيقة ان هذا المنحى الجديد ربما تحول إلى رافد أساسي للضغط باتجاه الديموقراطية. فالربط بين هذه الأخيرة والتنمية، أي الإقرار بالجدوى الاقتصادية للديموقراطية، ربما أدى إلى إصرار عليها أكبر مما لو بقي الأمر عند حدود المستوى القيمي والاخلاقي والحقوقي، ذلك الذي برهنت التجربة على أنه غالباً ما يصار إلى التضحية به عندما تستدعي المصلحة ذلك.
وإذا ما ساعد مثل هذا التوجه، أي هذا التبرير الاقتصادي للديموقراطية، إلى كف أيدي بعض المستبدين عن شعوبهم، يسومونها ذلاً وقمعاً بدعوى أنهم قد حققوا لها الرخاء أو بعضه، فإنه سيمثل تحولاً بالغ الأهمية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.