تزامن احتفال جمهورية جنوب السودان بالانضمام إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك أمس مع احتفال مماثل في الدوحة بتوقيع اتفاق سلام دافور بين حكومة الرئيس عمر البشير ومتمردي حركة التحرير والعدالة بزعامة التيجاني السيسي ولكن في غياب متمردي حركة العدل والمساواة التي تُعتبر أحد أكبر الفصائل المسلحة في غرب السودان. وتعالج الوثيقة النهائية لسلام دارفور ملفات اقتسام السلطة والثروة وتعويضات النازحين ووضع الإقليم إدارياً. ومن المقرر بدء سريان الاتفاق خلال شهر من توقيعه. وشارك في حفلة توقيع اتفاق السلام الرئيس عمر البشير وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني والرئيس الأريتري أسياس أفورقي والرئيس التشادي إدريس دبي ورئيس أفريقيا الوسطى فرانكو بوزيزي. كما حضر إبراهيم قمباري الممثل الخاص للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور والوسيط المشترك صمويل باسولي ووزير الدولة للخارجية القطرية أحمد بن عبدالله ال محمود. وأشار أمير قطر في كلمة بمناسبة توقيع الوثيقة إلى أن «انقسام الفصائل» الدارفورية وعدم وجود «موقف تفاوضي واحد» أثّرا سلباً على المفاوضات التي ترعاها قطر منذ 2008 مما أخّر التوصل إلى اتفاق. ودعا «جميع الأطراف» إلى الانضمام إلى «وثيقة الدوحة»، معتبراً أن التوقيع يشكل «بداية»، مناشداً الأطراف المختلفة في الإقليم «تغليب مصلحة دارفور والسودان». وليس واضحاً مدى الثقل الذي تمثّله حركة التحرير والعدالة على الأرض في دارفور، خصوصاً في ظل امتناع أطراف فاعلة في الإقليم عن الانضمام إلى اتفاق السلام. وأبرز الغائبين عن الاتفاق ممثلو حركة العدل والمساواة التي تُعتبر أقوى الفصائل المسلحة. لكن وضع هذه الحركة تأثر جداً بفعل تحالفها مع حكومة العقيد معمر القذافي ووجود زعيمها الدكتور خليل إبراهيم في طرابلس. كذلك غاب عن اتفاق السلام متمردو حركة تحرير السودان بزعامة عبدالواحد نور (موجود في المنفى في باريس) وكذلك مجموعة مني اركو مناوي في حركة تحرير السودان. وانضم مناوي في البدء إلى حكم الرئيس البشير نتيجة اتفاق أبوجا لكنه عاد وانشق عنه. وقال ناشط سياسي دارفوري معارض لاتفاق الدوحة ل «الحياة» في لندن إن الاتفاق يفتح الباب أمام احتمال انفصال دارفور على غرار ما حصل مع جنوب السودان، مؤكداً أن «غالبية سكان الإقليم» ترفض هذا الاتفاق وأن «المجموعة التي وقعته (التحرير والعدالة) هي مجموعة صغيرة على الأرض في دارفور». وفي نيويورك، رافق التصفيق والاحتفاء والفرح إعلان جمهورية جنوب السودان العضو ال 193 في الأممالمتحدة في لحظة تاريخية لم تخل من مشاعر متناقضة إزاء «الاستثناء» للإجماع الأفريقي على عدم المس بالحدود التي تركها الاستعمار، والذي تمثل في مباركة انفصال جنوب السودان واستقلاله والقبول به عضواً في الأممالمتحدة حتى قبل تعريف حدوده. وسقطت أكثر من دمعة فرح في ساحة الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما توجه رمز جمهورية جنوب السودان إلى مقعده كعضو كامل في المنظمة الدولية. كما سقطت أيضاً أكثر من دمعة حزن و «غيرة» سيما وسط انحسار احتمال السماح لدولة فلسطين بأن تصبح عضواً في الأممالمتحدة، لأسباب سياسية معروفة. السفير اللبناني كان المتحدث الوحيد في مجلس الأمن الذي تطلع إلى «يوم قريب يصار فيه إلى الاعتراف بدولة فلسطين وانضمامها إلى الأممالمتحدة» مرحباً في الوقت ذاته ومهنئاً بانضمام جمهورية جنوب السودان. وفي الجمعية العامة أمس الخميس، جلست في القاعة القائمة بالأعمال لبعثة فلسطين بصفة المراقب، فدى عبدالهادي، جلست والقشعريرة تحجب دموع التمنيات بيوم الاحتفاء بعضوية دولة فلسطين في الأممالمتحدة. «شعرت بالسعادة والافتخار لإخواننا في جنوب السودان، لكنني شعرت بالأسى والإحباط وأنا أتساءل لماذا نُحرم من مثل هذه اللحظة لفلسطين»، قالت فدى متمنية لو يحدث ويتم التصديق على أن تصبح دولة فلسطين العضو ال 194 لما في ذلك من رمزية لأن القرار الذي يحمل الرقم 194 هو قرار حق العودة للفلسطينيين. وخاطب رياك مشار، نائب رئيس جمهورية جنوب السودان، الجمعية العامة مشدداً على تحويل الطموحات إلى واقع في الجمهورية الجديدة وشاكراً الأسرة الدولية على مساعدتها في استقلال وانضمام السودان. وارتفع علم جمهورية جنوب السودان ليرفرف إلى جانب الأعلام الأخرى في ساحة مقر الأممالمتحدة في يوم مشمس في نيويورك. ووصفت السفيرة الأميركية سوزان رايس علم الجمهورية الجديدة «بأنه علم ضخم وجميل».