مالكوم لجماهير الهلال: سنعمل للفوز بكل البطولات    موعد انضمام كينجسلي كومان لمعسكر النصر    أرامكو تبرم صفقة ب11 مليار دولار مع ائتلاف دولي بقيادة جلوبال إنفراستركتشر بارتنرز لمشاريع الجافورة    القبض على 4 إثيوبيين لتهريبهم (80) كجم "قات" في جازان    المملكة تتوّج بالذهب في الأولمبياد الدولي للمواصفات 2025 بكوريا    ثالث وفاة جراء الحرائق في إسبانيا    محمد بن عبدالرحمن يعزي في وفاة الفريق سلطان المطيري    أمير منطقة الباحة يستقبل الرئيس التنفيذي لبنك التنمية الاجتماعية    هاتفيًا... فيصل بن فرحان ووزير خارجية هولندا يبحثان المستجدات الإقليمية والدولية    الرئيس الفلسطيني: لا نريد دولة مسلحة ونطالب بانسحاب كامل للاحتلال من غزة    مدير حرس الحدود يشهد حفل تكريم المتقاعدين من منسوبي المديرية    نائب أمير الرياض يدشّن مشاريع تعليمية بقيمة تتجاوز مليار ريال    تركيا: أكثر من 410 آلاف لاجئ سوري عادوا إلى بلادهم منذ ديسمبر    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنظم حلقة نقاش بعنوان: (تمكين الابتكار الرقمي في العمل التوعوي للرئاسة العامة)    أحداث تاريخية في جيزان.. معركة أبوعريش    اليوم الدولي للشباب تحت شعار"شبابُنا أملٌ واعد" بمسرح مركز التنمية الاجتماعية بجازان    نائب أمير جازان يستقبل مدير مكتب تحقيق الرؤية بالإمارة    وزارة الرياضة تُعلن بدء مرحلة إبداء الرغبة وطلب التأهيل لمشروع مدينة الأمير فيصل بن فهد الرياضية    السعودية للشحن توسع قدرات أسطولها بطائرتين من طراز A330-300    نائب أمير جازان يلتقي شباب وشابات المنطقة ويستعرض البرامج التنموية    سفراء الإعلام التطوعي يشاركون في معرض "لا للعنف" للتوعية بمخاطر العنف    الإنجليزي أوسيلفان يحسم تأهله إلى الدور ربع النهائي من بطولة الماسترز للسنوكر.. وحامل اللقب يغادر    الذهب يتراجع مع ارتفاع الدولار.. وبرغم آمال خفض أسعار الفائدة    مكتبة "المؤسس" تواصل إبراز التراث العربي والإسلامي    بلدية صبيا تكثف استعداداتها لموسم الأمطار وتحدد أولويات المعالجة    زراعة أول نظام ذكي عالمي للقوقعة الصناعية بمدينة الملك سعود الطبية    استقرار معدل التضخم في المملكة عند 2.1%    في إنجاز علمي بحثي.. خرائط جينية جديدة تُعزز دقة التشخيص والعلاج للأمراض الوراثية    حظر لعبة «روبلوكس» في قطر    الصين تطلق إلى الفضاء مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية للإنترنت    موجز    أكد إطلاق برنامج «ابتعاث الإعلام» قريباً.. الدوسري: طموحات الرؤية تؤمن بإمكانات الإنسان والمكان    الأسمري يزف تركي لعش الزوجية    بحضور الأمير سعود بن مشعل .. العتيبي يحتفل بزواج إبنيه فايز وفواز    فلكية جدة تدعو لمشاهدة نجوم درب التبانة    اطلع على أعمال قيادة القوات الخاصة للأمن البيئي.. وزير الداخلية يتابع سير العمل في وكالة الأحوال المدنية    واشنطن تشرع في تصنيف الإخوان منظمة إرهابية    للمرة الثانية على التوالي.. خالد الغامدي رئيساً لمجلس إدارة الأهلي بالتزكية    دعت إلى تحرك دولي عاجل.. الأمم المتحدة تحذر من مجاعة وشيكة في اليمن    انطلاق ملتقى النقد السينمائي في 21 أغسطس    «البصرية» تطلق «جسور الفن» في 4 دول    موسكو تقلل من أهمية التحركات الأوروبية.. زيلينسكي في برلين لبحث القمة الأمريكية – الروسية    19 % نمواً.. وإنجازات متعاظمة للاستدامة.. 3424 مليار ريال أصول تحت إدارة صندوق الاستثمارات    وطن يقوده الشغف    متحدثون.. لا يتحدثون    البارالمبية الآسيوية تكرّم الأمير فهد بن جلوي بوسام آسيا 2025    الأمن يحث زوار المسجد الحرام على عدم الجلوس في الممرات    (ولا تتبدلوا الخبيثَ بالطَّيب)    سان جيرمان «يجحفل» توتنهام ويحقق كأس السوبر الأوروبي    نجاح زراعة 10 كلى تبادلية خلال 48 ساعة في التخصصي    ناصر بن محمد: شباب الوطن المستقبل الواعد والحاضر المجيد    فهد بن سلطان يكرم الفائزين بمسابقة إمارة تبوك للابتكار 2025    نجاح عملية دقيقة لأول مرة بجازان    إنجاز سعودي.. أول زراعة قوقعة ذكية بالشرق الأوسط وأفريقيا    استخراج هاتف من معدة مريض    أمير جازان يعزي في وفاة معافا    المفتي يستعرض أعمال «الصاعقة» في إدارة الأزمات    مباهاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقاربة الإسلام ما بين ألمانيا الإمبراطورية وألمانيا النازية
نشر في الحياة يوم 14 - 04 - 2018

في السنوات الأخيرة صدرت في أوروبا والولايات المتحدة كتب عديدة تناول بعضها بالتحليل بروز الإسلام السياسي في إطار «الربيع العربي»، وبعضها الآخر ما يخصّ العلاقة بين الدول ذات التراث الإمبراطوري وبين الشرق والإسلام الخ... في هذا السياق، صدر بالإنكليزية أولاً في 2014 كتاب دافيد موتادل «الإسلام في حرب ألمانيا النازية»، ثم صدر بالألمانية في 2015 كتاب رولف شتاينغر «ألمانيا والشرق الأوسط منذ زيارة القيصر فيلهلم الثاني إلى المشرق في العام 1898 حتى الوقت الحاضر». ومن حسن الحظ أن الكتاب الثاني وجد من يترجمه وينشره ( ترجمة لورنس الحناوي ومراجعة رضوان السيد، الكويت 2018) بينما الثاني تُرجم إلى الألمانية فقط، وهذا يدل بطبيعة الحال على التقاطع بين الكتابين. ونظراً لأنني عرضتُ لكتاب موتادل في هذه الصفحة قبل أسابيع (10/3/2018) أجد من المفيد أن أتطرق هنا إلى ما في الكتاب الثاني من جديد حول مقاربة الإسلام مابين ألمانيا الإمبراطورية وألمانيا النازية.
في ألمانيا الإمبراطورية كانت لزيارة القيصر فيلهلم الثاني القدس ودمشق في تشرين الثاني (نوفمبر) 1898 دلالة كبرى على مستقبل العلاقات مع العالم الإسلامي. فقد كان أول عاهل أوروبي يزور القدس منذ الحروب الصليبية متودداً إلى المسلمين وليس لاسترجاع الماضي، كما أنه خلال زيارته دمشق أطلق تصريحه المشهور الذي بُنيت عليه الإستراتيجية الألمانية تجاه الشرق والإسلام: «ليكن السلطان وال300 مليون مسلم الذين يجلّون خلافته على يقين بأن القيصر الألماني سيكون صديقاً لهم على مرّ الأزمان».
صحيح أن القيصر الألماني قابل خلال هذه الزيارة زعيم الحركة الصهيونية الصاعدة تيودور هرتزل واستمع منه باهتمام إلى مشروعه، ولم يخف تأييده لهجرة اليهود من ألمانيا إلى فلسطين واستثمار أموالهم هناك لكي تزدهر المنطقة، إلا أنه لم يذهب في تأييده إلى ما يتناقض مع موقف السلطان عبد الحميد الثاني الذي لم يمانع هجرة اليهود إلى بلاد الشام ولكن ليس لتأسيس كيان لهم في فلسطين بالذات. وبعبارة أخرى كانت المصالح الألمانية في الدولة العثمانية الممتدة على ثلاث قارات لها الأولوية، بخاصة مع تركيز القيصر في تصريحه في دمشق على موضوع الخلافة وتعلّق كل المسلمين في العالم (300 مليون آنذاك) بخليفتهم عبد الحميد الثاني.
ومع هذا الموقف الجديد بدأ التغلغل الألماني من خلال سكك الحديد (مشروع سكة حديد برلينبغداد) وتحديث الجيش العثماني بالخبرة والأسلحة الألمانية يثمر فيما ازدادت التوترات الأوروبية على اقتسام النفوذ في العالم بين المحور الألماني- النمسوي والمحور الفرنسي- البريطاني وصولاً إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى في آب (أغسطس) 1914.
كانت ألمانيا مستعدة للحرب العالمية الأولى على أكثر من جبهة، وبخاصة على جبهة تحشيد المسلمين تحت راية الخلافة ل «الجهاد» ضد أعداء الإسلام الذين هم أعداء ألمانيا (روسيا وفرنسا وبريطانيا). ومن هنا يبدأ شتاينغر الفصل الثاني بتعليمات القيصر الثاني إلى قناصل ألمانيا في الدولة العثمانية والهند في تموز(يوليو) 1914، أي عشية اندلاع الحرب، ب «إضرام المقاومة الضروس في العالم الإسلامي كله ضد البريطانيين». وبالفعل فقد عوّلت برلين كثيراً بعد اندلاع الحرب على استثارة المسلمين في الصفوف الخلفية للأعداء (روسيا وفرنسا وبريطانيا) من خلال الدعوة المنتظرة إلى الجهاد من الخليفة الذي ربط القيصر فيلهلم الثاني منذ 1898 مصير المسلمين به.
وفي هذا السياق وضع الخبير الألماني في الشرق ماكس فون أوبنهايم مذكرة من 138 صفحة للقيادة الألمانية في نهاية تشرين الأول (اكتوبر) 1914 تحت عنوان «مذكرة لتثوير المناطق الإسلامية الخاضعة لسيطرة أعدائنا». وفي هذه المذكرة وردت جملة ذات مغزى تقول: «في الصراع المفروض علينا ضد بريطانيا فإن الإسلام سيكون أحد أهم أسلحتنا. هذا السلاح الذي يخدم هدفنا النهائي من هذا الصراع، ألا وهو الحفاظ على وجودنا». وقد ترك أوبنهايم تأثيراً كبيراً بين مجايليه من المعنيين بالشرق وحتى بعد عقود من وفاته، حتى أن الخبير الألماني بشؤون الشرق الأوسط الحديث ف. شفانيتز أطلق عليه في كتابه «الإسلام في أوروبا» الصادر 2013 لقب «أبو الجهاد الألماني» (ص 29).
ولكن على رغم ذلك لم تترك دعوة الخليفة إلى الجهاد ضد أعداء الإسلام (أعداء ألمانيا) في 12 تشرين الثاني (نوفمبر) 1914 الأثر الذي كانت تتوقعه برلين. صحيح أن العلماء في بلاد الشام وغيرها أيدوا هذه الدعوة ودعوا المسلمين إلى المشاركة في «الجهاد» لتحرير مصر من الاحتلال البريطاني (حملة السويس)، ولكن الأثر المتوقع لها بين المسلمين في المستعمرات البريطانية (الهند) والفرنسية (شمال أفريقيا) كان محدوداً.
مع هزيمة ألمانيا الإمبراطورية في 1918 وتحولها إلى دولة غارقة في مشاكلها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ابتعدت ألمانيا في فترة ما بين الحربين عن الشرق، ولكن مع صعود الحركة النازية في فترة ما بين الحربين واندلاع الحرب العالمية الثانية استعادت برلين في لحظة ما تلك الخبرة التي كانت لألمانيا بالشرق والجهاد خلال الحرب العالمية الأولى.
صحيح أن مفتي القدس تواصل مع ألمانيا النازية مبكراً وأكد في 1937 للقنصل الألماني في القدس «الود الذي يكنّه لألمانيا الجديدة «، وأنه لجأ إلى ألمانيا في خريف 1941 وقابل الفوهرر في 28/11/1941 ليؤكد له «أن العرب هم الأصدقاء الطبيعيون لألمانيا لوجود الأعداء أنفسهم، البريطانيين واليهود والشيوعيين» وأنهم جاهزون للاشتراك في الحرب، إلا أن هتلر لم يأخذ أي موقف لأن ألمانيا كانت حينها منشغلة بانتصاراتها الأولى في الحرب ضد الاتحاد السوفياتي. ولكن في 1943، مع جمود التقدم الألماني في الجبهة الشرقية، بدأت برلين تأخذ بما كان يقترحه المفتي أمين الحسيني من إطلاق العمل المشترك ضد «العدو المشترك».
وهكذا أمر هتلر في شباط (فبراير) 1943 بتكوين كتيبة تابعة للقوات الخاصة من مسلمي البوسنة، و»كان إصدار هذا الأمر يشكّل لحظة عظيمة بالنسبة إلى المفتي» الذي عمل بنشاط كبير لتجنيد مسلمي البوسنة في هذه الكتيبة الألمانية. ولم يأت تشرين الثاني حتى تلقى المفتي رسالة من قائد الوحدات الخاصة الجنرال هاينريش هملر يقول فيها «إن الإدراك المشترك لهذا العدو (اليهودية العالمية) والكفاح المشترك ضدّه يشكّلان الأساس للاتحاد الطبيعي بين ألمانيا النازية وبين المسلمين المحبين للسلام في كل العالم» (ص77).
في ذلك الحين، كان المفتي يحظى براتب شهري يصل إلى 90 ألف مارك من وزارة الخارجية بالإضافة إلى المصاريف الطارئة في تنقلاته، حتى أنه في نيسان (أبريل) 1945 تلقى 50 ألف مارك إضافية، ولكن ذلك لم يُجد إذ اضطر للهرب من ألمانيا النازية بعد هزيمتها في أيار(مايو) 1945 إلى سويسرا ومنها إلى فرنسا، التي غادرها في 1946 إلى القاهرة ليبدأ من هناك مسيرة جديدة.
ووفق المؤلف فإن وجود المفتي في ألمانيا خلال 1941-1945 و «ما قام به من أعمال بقي غير معروف فترة طويلة»، و «من الممكن وصف عمله على أنه مزج لفكر الإخوان المسلمين بالعقيدة النازية»، وهو ما انتهى به إلى أن يصفه بأنه «أكثر الشخصيات المثيرة للجدل في القرن العشرين» (ص 78).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.