مشروع البحر الأحمر: أيقونة الجمال وسرعة الإنجاز    أخضر التايكوندو يشارك في بطولة العالم للناشئين    نائبة رئيس وزراء كوسوفو: المملكة تقوم بدور كبير في ترسيخ الأمن والسلام    المملكة تبحث مع الدنمارك فرص توطين الصناعات الدوائية    الإعلان عن أندية الدرجة الأولى الحاصلة على الرخصة المحلية    بدء محادثات بوتين مع السيسي في الكرملين    «سلمان للإغاثة» يختتم مشروع نور السعودية التطوعي في جزيرة زنجبار بتنزانيا    من أجل ريال مدريد.. ألونسو يُعلن موعد رحيله عن ليفركوزن    الكشف عن أعداد اللاعبين في قوائم الأندية 2025-2026    المملكة توزّع 2.000 سلة غذائية وحقيبة صحية في محافظة الحسكة السورية    مستشفى الملك فهد الجامعي بالخبر يعزز ريادته في مجال التنظير العلاجي بإنجاز طبي جديد    سلوت: نشعر بالحزن لرحيل ألكسندر-أرنولد لكن لاعبا آخر سيعوضه    أموريم يقر بأن يونايتد يستحق الانتقادات رغم وصوله لنهائي يوروبا ليغ    أمانة المنطقة الشرقية تُطلق مبادرة "مواقف الطوارئ" على الطرق السريعة    ترمب يقترح خفض الرسوم على الصين: نسبة 80% «تبدو صائبة»    الدكتورة إيناس العيسى ترفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينها نائبًا لوزير التعليم    جوازات المدينة تستقبل أولى رحلات حجاج جيبوتي    جازان تودّع ربع قرن من البناء.. وتستقبل أفقًا جديدًا من الطموح    سقوط مسبار فضائي على الأرض غدا السبت 10 مايو    إيران والردع النووي: هل القنبلة نهاية طريق أم بداية مأزق    النادي الأدبي بجازان يقيم برنامج ما بين العيدين الثقافي    إمام المسجد الحرام: الأمن ركيزة الإيمان ودرع الأوطان في زمن الفتن    مستشفى الطوال العام ينفذ فعالية اليوم العالمي للصحة والسلامة المهنية    هلال جازان يحتفي باليوم العالمي للهلال الأحمر في "الراشد مول"    مهرجان المانجو والفواكه الاستوائية في صبيا يشهد إقبالًا استثنائيًا في يومه الثاني    أمير منطقة الجوف يختتم زياراته التفقدية لمحافظات ومراكز المنطقة    أمطار ورياح نشطة على عدة اجزاء من مناطق المملكة    الفريق الفتحاوي يرفع درجة الجاهزية.. و"قوميز": مباراة الوحدة موسمٌ كامل في 90 دقيقة    قيمة المثقف    الرياح الأربع وأحلام اليقظة    أوامر ملكية: تغييرات في إمارات المناطق وتعيينات قيادية رفيعة    الحج لله.. والسلامة للجميع    الرواية والسينما وتشكيل الهوية البصرية    اضطرابات نفسية.. خطر صادم    مرضى الكلى.. والحج    الأهلي.. قصيدة الكرة السعودية!    تطوير قطاع الرعاية الجلدية وتوفير أنظمة دعم للمرضى    الحجيج والهجيج    الأمير محمد بن عبدالعزيز يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينه أميرًا لمنطقة جازان    الهلال الأحمر يُفعّل اليوم العالمي للهلال الأحمر تحت شعار "الإنسانية تجمعنا"    رئاسة الشؤون الدينية تدشن أكثر من 20 مبادرة إثرائية    جامعة أمِّ القُرى تنظِّم الملتقى العلمي الرَّابع لطلبة المنح الدِّراسيَّة    جائزة البابطين للإبداع في خدمة اللغة العربية لمجمع الملك سلمان العالمي    جامعة نايف للعلوم الأمنية تنال اعتمادا دوليا لكافة برامجها    تعليم جازان ينظم لقاءً تربويًا بعنوان رحلة التحول في منظومة حوكمة إدارات ومكاتب التعليم لمديري ومديرات المدارس    90 مليار دولار إسهام "الطيران" في الاقتصاد السعودي    ضبط (4) مقيمين لارتكابهم مخالفة تجريف التربة    15 مليون دولار مكافأة لتفكيك شبكات المليشيا.. ضربات إسرائيل الجوية تعمق أزمة الحوثيين    تصاعد وتيرة التصعيد العسكري.. الجيش السوداني يحبط هجوماً على أكبر قاعدة بحرية    إحالة مواطن إلى النيابة العامة لترويجه "الحشيش"    الزهراني يحتفل بزواج ابنه أنس    تصاعد التوترات بين البلدين.. موسكو وكييف.. هجمات متبادلة تعطل مطارات وتحرق أحياء    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. فصل التوأم الطفيلي المصري محمد عبدالرحمن    الرُّؤى والمتشهُّون    أمير تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    المرأة السعودية تشارك في خدمة المستفيدين من مبادرة طريق مكة    الرياض تستضيف النسخة الأولى من منتدى حوار المدن العربية الأوروبية    رشيد حميد راعي هلا وألفين تحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما يصنع عدونا «أبطالنا»!
نشر في الحياة يوم 28 - 04 - 2011

يبدو أن عدونا أتقن فهم العقلية العربية قبل أن يفهمها أصحابها أنفسهم، فالعالم الغربي ومراكز الفكر المحركة لإستراتيجية التعامل مع الشرق الأوسط تعتمد بالدرجة الأولى على مجموعة من المفكرين والباحثين وعلماء النفس في تحديد هذه الكيفية واستغلالها للصالح الغربي وحاشيته من السماسرة الإقليميين والشعوبيين وبالتالي فإن المخططات الفعالة على الأرض العربية هي وليدة بروتوكولات وتراكمات لتوصيات وأفكار مقترحة للمفكرين المستشرقين المختصين بالحال العربية ومنذ أمد طويل، إذ تقاطعت هذه التوصيات مع أجندات ومرئيات من أطراف محلية وإقليمية أخرى، لينتهي مصير الأحداث في المنطقة العربية إلى التدفق بالحال السائبة المعدومة الاتجاهات، ويتخلل حركتها فتح مسارات وإغلاق أخرى بوجهها، لتصبح عملية تشتيت وتفكيك «الشرق الأوسط» عملية أوتوماتيكية، تسيرها الأطراف الخارجية وبأيدٍ داخلية بعيدة ربما من إدراك الأهداف الفعلية للتوجيه عن بعد، إذ تعمل هذه المؤثرات والأطراف على خلق أحداث وتسيير نتائجها نحو تبييض جهات وشخوص وإسقاط أخرى، ومن خلال منظومة قواعد يتم تطويرها وإعادة تأهيلها بحسب المواصفات الغربية، فيما لا نملك نحن سوى وضعية الاستهلاك المباشر لمحفزات ونتائج هذه المنظومة.
المواصفات الخاصة بالفكر العربي العام بالحال الطبيعية تملك مفاتيح ومحفزات ذات طبيعة مختلفة عن الفكر «الآخر»، وذلك بحكم خصوصية التراث ونسبة تواتر التجديد، وبالتالي تتميز أدوات صقل الشخصية العربية بالارتباط العضوي بالتاريخ وشخوصه ورموزه، ما أنتج فكراً عربياً يتمحور حول هيكل أساسي حامل له ومبني من متلازمة «الإسلام والعروبة»، ومسيطر عليه في الغالب مركزياً بواسطة الرموز والنخب التي تحاول أن تكتسب صفة «البطولة» بالعادة، وهذا ما فهمه «الآخر» قبل أن نفهمه نحن.
ومع أن هذا الهيكل تميز بالمواصفات الإبداعية نتيجة صلاحية العقيدة الأبدية وارتباطها الروحي بالعروبة، إلا أن أصحاب المصالح الشخصية والأهداف الضيقة سارعوا إلى استغلال التمترس الديني والقومي بأنصاف الأفكار للاستيلاء على حق التجديد والتنوير التي كانت مفترضة على الكسوة لتتشكل هذه الشخصية العامة حديثاً بالشكل الساذج أحياناً، وبفعل التلقين والتأزيم وطرح البدائل المخدرة ولتكون متعلقة بالحال الآنية للأحداث وبمركزية قرارها ومصيرها، وهذا ما التقطه الطامعون في اقتناص الفرص لمحاولة إنشاء مجتمع هش ينظر لتاريخه بشغف، وينظر إلى مستقبله بقرف، وينتظر الخلاص من نخب أخطرها ربما مطروحة على شكل رموز وسادة «للمقاومة».
هذا الفكر العربي الفاقد لهويته منذ أكثر من قرن، والمتنقل بين الهياكل الأخرى بحثاً عن مفاتيح لقضايا أبوابها وهمية هو سببها، أدى إلى نشوء نخب مزورة، ساعد في ظهورها وانتفاخ حجمها مراكز الفكر الغربية التي أسهمت في إنشاء هذه النخب وبطرق مباشرة وغير مباشرة، وجعلت عامة الناس متعلقة بأي رمز يملك بعضاً من «البربوغندا» وبحيث يسبقها بحركات استعراضية فتمشي خلفه من دون معرفة الاتجاه لتقوم هذه الرموز والنخب بسحب الأوطان إلى الجحيم، وبالتالي امتصاص فرض العين الملزوم علينا جميعاً باتجاه فرض الكفاية المنوط ب «الأبطال» المزورين، وبحيث ينحصر دور الشعوب برفع صور هؤلاء «الأبطال».
قضيتنا الكبرى، كشعوب لها همها الوطني، أصبحت تنتظر الحلول من الشخوص، وهناك من فهم اللعبة فعمل على المتاجرة بالصراعات الإقليمية من دون تحديد عقدة الصراع والولوج فيها، بل انحصرت مصلحته الكامنة في إبقاء هذا الصراع «بعبعاً» لشعوبها وللمنطقة، وذلك نراه واضحاً وجلياً في اللعبة اللبنانية وأبطال الصراع الكرتونية من «حزب الله»، وكذلك في الحال السورية التي أصبح فيها تحرير «الجولان» من العدو الصهيوني يمر من خلال تحرير «درعا وحمص والزبداني واللاذقية» من شعوبها المقهورة منذ 41 عاماً، والمقزز في الموضوع أن هذا التحرير يتم بواسطة مرتزقة «الباسيج» الإيرانية التي هبت لنجدة الحكم باسم «الصمود والتصدي».
إن «أبطال» المرحلة المطبوعة صورهم على قمصان أولاد الشام رمزاً «للصمود والتصدي» هم الجلاوزة أنفسهم الذين قاموا بقتل أكثر من 25 ألف شهيد في مخيم «تل الزعتر»، وأكثر من 17 ألف شهيد في «حماة»، و1200 شهيد في ساعة واحدة في «تدمر»، وهم أنفسهم من انسحب من مشّغرة وجزين والبقاع الغربي عام 1982، وسقطت بيروت بيد «شارون» بانسحابهم الصامت من دون أي رصاصة.
ومن يقود ويحتكر «المقاومة» هم «الأبطال» والشخوص أنفسهم المعلقة صورهم على أوكار الخلايا النائمة في بيروت والبحرين والكويت واليمن، وهم من قاموا بمذابح الجبل في بيروت وراح ضحيتها أكثر من 18 ألف شهيد من أبناء المخيمات وبرصاص حركة أمل «الأم الشرعية لحزب الله»، وهم أنفسهم من تغولوا على لبنان باسم المقاومة بعد تسليم الجنوب اللبناني للقوات الدولية لحماية «إسرائيل»، وهم «الأبطال» أنفسهم الذين قتلوا الحريري.
هم الأشكال والصور أنفسهم الذين أتقنوا رسم الذقون لتناسب المرحلة ونوع التجارة في غزة، وهم الذين سحلوا أبناء غزة باسم المقاومة، وقتلوا في يوم واحد أكثر من 120 شاباً من أبناء غزة وليفرشوا الأرض بعدها برداً وسلاماً لإسرائيل ويقفلوا باب جهنم عنهم.
وأصحاب العمائم السوداء والقلوب السوداء الذين يسومون أبناء المحمرة العربية العذاب، هم «أبطال» المرحلة الذين ترفع صورهم في ساحات الفوضى في البحرين العربية، ويرسلون الجواسيس لشوارع الكويت، ويمدون السلاح للحوثيين في اليمن.
وعند تزاحم «الأبطال» على ما تبقى من كيان لنا، ما زلنا هنا ننتظر «صلاح الدين» جديداً يحرر لنا «قدسنا» ونحن مستندون إلى مقاعدنا، وتنحصر مسؤوليتنا في التحكم ب «الريموت كنترول» من «الجزيرة» إلى «العربية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.