ولدت في مدينة المنستير على الساحل الجنوبي لتونس في العام 1981 لعائلة فلاحية.على رغم ان والدي عمل مدرساً في الناحية، الا ان العائلة تملك أراضي زراعية في معتمدية زرمدين في ولاية المنستير. درست التجارة في الجامعة التونسية في الولاية، وانتقلت الى العاصمة لأتابع الماجستير، وبعد ذلك تابعت تخصصي في معهد تابع لوزارة المال. والآن أنا موظف في وحدة المراقبة الوطنية والأبحاث الجبائية التابعة لوزارة المال. انا ابن الطبقة المتوسطة، واليوم أقيم لوحدي في منطقة المنزه السابع في العاصمة، وهي منطقة يقيم فيها موظفون من الطبقة الوسطى والوسطى العليا، في حين يقيم أهلي في المنستير. في منطقة سكني لم تحصل احتجاجات، لكن تداعيات الثورة مسّت السكان عبر الاضطرابات الأمنية وموجات السرقة التي رافقت المواجهات، فكان ان بدأنا في الحي بتأسيس اللجان الشعبية، في وقت كان حظر التجول قد بدأ يُعلن في الساعة السابعة مساء. كان ذلك في 12 كانون الثاني (يناير). رحنا نقفل الطرق المؤدية الى المباني، واعتمدنا شارات معينة لنعرف بعضنا بعضاً. كانت عملية منظمة جداً، حصل خلالها نوع من الإلفة الغريبة بين السكان. فقد كانت هذه اللجان صيغة دفاعية أهلية، في حين كانت الثورة تشتعل في شارع الحبيب بورقيبة، وكنا في النهار نتوجه الى هذا الشارع وفي الليل نعود الى حاراتنا لحراستها. وفي يوم 15 كانون الثاني انتهت الثورة برحيل بن علي، فصرنا نقيم في الحارات طوال الوقت، اذ ان عمليات السرقة والتخريب كانت قد توسعت واقتضى الأمر مزيداً من الحذر والانتباه. في 16 كانون الثاني قصدت المنستير للاطمئنان على أهلي. كانت المدينة قد انجزت ثورتها أيضاً، لا سيما وان حادث إحراق رجل منها نفسه كان سبق حادث البوعزيزي بنحو شهرين، وكان الحادث مناسبة لتعد المدينة نفسها للثورة. وهذا الرجل وهو أب لولدين رفض رئيس البلدية اعطاءه رخصة لتخشيبة كان يبيع فيها الخضار، وجرى تعتيم اعلامي على واقعة إحراق نفسه أمام البلدية أيضاً. لكن المدينة بعد الثورة كانت تعاني من خطر آخر، يتمثل في فرار عدد كبير من المساجين من سجن للشرطة فيها، ومن بينهم عدد من المجرمين والمحكومين لأسباب جنائية، وقام هؤلاء بالسطو على المحال التجارية وأحدثوا انفلاتاً أمنياً خطراً. وكانت المدينة بحالة استنفار لصد الخطر الذي يمثلونه.