اقتحم عشرات المتدينين والمستوطنين اليهود، أمس، باحات المسجد الأقصى المبارك، بهدف إحياء ما يسمونه عيد «الكيبور» أي «الغفران». وكانت مجموعة من «منظمات الهيكل» دعت أنصارها الى المشاركة الواسعة والمكثفة في زيارة ما سمّته «جبل الهيكل»، وهو الاسم الذي تطلقه إسرائيل على باحات المسجد الأقصى. وقال شهود عيان إن المتدينين والمستوطنين المتطرفين دخلوا الى باحات المسجد عبر بوابة المغاربة الذي تتحكم السلطات الإسرائيلية في مفاتيحها، وتلقوا شروحات حول ما يسمى «الهيكل» الذي تزعم هذه المنظمات والجماعات أن المسجد الأقصى بني على أنقاضه. وتزامنت اقتحامات المسجد، مع احتفالات أقامتها الحكومة الإسرائيلية في مستوطنة «غوش عتصيون»، بمرور 50 عاماً على الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية التي تطلق عليها اسماً توراتياً هو «يهودا والسامرة». وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، خلال احتفال أقيم في ذكرى مرور خمسين عاماً على بدء الاستيطان في الضفة الغربية والجولان السوري المحتل أول من أمس، بعدم إزالة أي مستوطنات في ما سمّاه «أرض إسرائيل» مستقبلاً. وندد الناطق باسم الحكومة يوسف المحمود ب «مشاركة رئيس الحكومة الإسرائيلية وأعضاء حكومته، في ما تسمى احتفالات الاستيطان وتصريحاته الداعية الى التمسك بالاستيطان والاحتلال». واعتبر ذلك دليلاً جديداً «للعالم أجمع على المستوى الذي وصلت اليه الحكومة الإسرائيلية في معاداتها لجهود السلام وجهود درء أخطار التوتر والعنف في المنطقة الذي سببه الاحتلال». وأضاف: «إن الحكومة الإسرائيلية لا تترك فرصة في معاداة السلام إلا وتنتهزها لمصلحة تثبيت احتلالها». وقال نتانياهو خلال الاحتفال أول من أمس: «أتينا باستيطان فاخر إلى يهودا والسامرة (الضفة الغربية) ونحن نحافظ عليه ونقوّيه بصورة مسؤولة وبحكمة ومثابرة». وأضاف: «إن الاستيطان مهم لكم أيها الأصدقاء الأعزاء بقدر ما هو مهم لي، وأقول قبل كل شيء وبشكل واضح: لن تتم إزالة أي مستوطنات في أرض إسرائيل مستقبلاً». وتابع أن «إزالة المستوطنات ليست الطريق لإحلال السلام»، معتبراً أن الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة كان خطأ، وأنه لم يجلب سوى «الإرهاب» والصواريخ. وحذر نتانياهو مما وصفه ب «الإسلام المتطرف» الذي قال إنه «يحول كل قطعة أرض قاعدة للدمار وللعنف وللموت». واختتم: «ولهذا فلن نترك موطننا ليكون معرضاً للخطر». واعتبرت الحكومة الفلسطينية هذه الاحتفالات «بمثابة الإقرار العلني أمام العالم أجمع بأن الحكومة الإسرائيلية والعقلية الحاكمة متمسكتان بالاحتلال والعدوان على الشعب الفلسطيني وأرضه، ومستمرتان في تدمير العملية السياسية ورفض جهود إرساء أسس السلام». وفي شأن آخر، أبعدت سلطات الاحتلال المعلمة والداعية في المسجد شيحة بكيرات عن المسجد الأقصى لمدة شهر، بتهمة التصدي للمستوطنين الذين يقتحمون المسجد. وقالت بكيرات انها استدعيت الى مركز أمني إسرائيلي، وتعرضت للتحقيق والاستجواب، قبل أن تسلم قراراً يقضي بمنعها من دخول المسجد لمدة شهر. من جهة ثانية، واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، لليوم الثالث على التوالي، إغلاق مداخل ثماني قرى شمال غربي مدينة القدس، يقطنها 70 ألف مواطن، عقاباً لهم على الهجوم الذي قام به أحد سكان إحدى هذه القرى على رجال أمن في مستوطنة «هار أدار» قرب القدس الثلثاء، وأدى الى مقتل ثلاثة منهم. وأدى إغلاق الطريق المؤدي الى القرى الثماني الى تعطيل المدارس، لعدم وصول المعلمين من مناطق أخرى. وقالت مصادر في قرية بيت سوريك، التي يتحدر منها المهاجم نمر الجمل، إن السلطات سحبت تصاريح العمل من عدد من أقربائه.