تختتم اليوم أيام الشارقة المسرحية في دورتها التاسعة عشرة، وتوزع الجوائز للأعمال الفائزة في مجالات الإخراج والديكور والأزياء والتأليف والتمثيل. وضمت المسابقة الرسمية ثمانية عروض محلية وقُدمت خمسة عروض على هامش المهرجان. وبالتوازي قدم بينالي الشارقة مجموعة من العروض المسرحية في إطار برنامجه «ماضي الأيام الآتية» بينها العمل السوري «المهاجران» لسامر عمران واللبناني «المسرح بأوساخه» لربيع مروة و «ريتشارد الثالث» للكويتي - البريطاني احمد العطار، إضافة إلى «اللجنة» للمصري احمد عطار وهو عرض مستوحى من رواية بالاسم نفسه لصنع الله ابراهيم، عطفاً على عروض أخرى قاربت علاقة المسرح بالفنون البصرية تحت عنوان «تشكيل وتصوير». وكانت الدورة افتتحت في 17 الجاري بعرض مسرحية «شمشون الجبار» من تأليف الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة وإخراج المصري احمد عبد الحليم، وقد أنتجته «الهيئة العربية للمسرح» وشاركت فيه مجموعة من المسرحيين العرب من مصر والإمارات وسورية. ودار الملتقى الفكري هذا العام ضمن أيام المهرجان حول «تجليات وجماليات الإخراج المسرحي» وشارك فيه الناقد الاردني مؤيد حمزة بورقة عنوانها «خصوصية الفن المسرحي في ضوء نظرية التلقي» ومصممة السينوغرافيا اللبنانية شادية دوغان ب «الممثل ضمن الفضاء السينوغرافي» والناقد الاردني يحي البشتاوي ب «توظيف السينما في المسرح المعاصر» والمخرج التونسي منصف السويسي ب «الاحتفالية بين النظرية والتطبيق». وطغت على جلسات الملتقى نقاشات حول الحلول التي باتت التكنولوجيا تقترحها على المشتغلين بالمسرح وقابلية المسرح في الاستفادة منها أكثر من عناصر الاخراج المسرحي الاخرى. ويبدو ان غلبة استخدام التكنولوجيا في عروض المهرجان كان السبب وراء ذلك. وقدمت ادارة المهرجان عرضاً مصوراً للدورات الماضية من المهرجان الذي بدأ مطلع الثمانينات في مساحة 626 متراً مربعاً وتضمن نحو 1560 من اللقطات (بوسترات وقصاصات صحافية)، فضلاً عن معرض لمنشورات دائرة الثقافة والاعلام في الشارقة. ويلفت في عروض هذه الدورة انشغال معظمها على صعيد المضمون بفئات اجتماعية مسحوقة، فعرض «الفرن» من تأليف عبدالله مسعود واخراج علاء النعيمي قارب حالة عاطفيّة يعيشها «خباز» بائس بين جدران فرنه الملتهبة. و «ثواني الرحيل» من تأليف جمعة بن علي وإخراج فيصل الدرمكي يؤسس لحكايته عن الزمن المعاصر بتعقيداته الوجودية عبر شخصية عامل مغسلة بسيط يقرأ العالم من خلال حبل غسيله والقمصان المنشورة عليه، وهو ما قد يبدو غريباً على مجتمع يشار اليه كمثال على الرفاهية. وثمة حضور لافت ايضاً للقضية الفلسطينية بدءاً من عرض الافتتاح «شمشون الجبار» إضافة إلى عرض «لا هواء» من تأليف محمود أبو العباس وإخراج إبراهيم سالم، وقد شهدت ندوته النقدية نقاشات حادة بين المؤلف وبعض الحضور، ورأى البعض في العمل تمثيلاً مجازياً للعلاقة ما بين فتح وأهل غزة في الوقت الراهن ورأى البعض الآخر ان العمل يناقش القضية الفلسطنية في ازمنة مختلفة وبأفق أكثر اتساعاً. وعلى الصعيد الشكلي يمكن القول إن العمل جسّد موضوع فلسطين في علاقة مواطنيها فيما بينهم وفي علاقتهم بإسرائيل عبر أسرة تتكون من أجيال مختلفة بينها ولد شاب «مُقعد» جراء علّة في التنفس خلفتها لديه ذكريات المواجهة مع العدو، ومنها الولد «المجنون» والشاب الآخر «ثوري»، فيما الجدة تحلم بالعودة الى منزلها القديم حاملة «المفتاح» بيدها. أما الوالدة فمهووسة بسلامة اولادها ومقهورة باصداء الرصاص والقنابل وجالسة قرب ابنها، تضغط على جهاز التنفس الاصطناعي طيلة الوقت... ويختلف الولد مع الخال، تختلف الجدة مع الأم ويتنقل الوالد حائراً بينهم، فيما يشترك الجميع في الوقوع تحت آليات العدو القامعة والمتفجرات والرصاص والحالة الخانقة. يبدو الخال ميالاً الى الاحتراز وعدم المواجهة، ويرى تهوراً في ما يقدم عليه «الشاب». ويرى الشاب بدوره في «الخال «مثالاً للخائن والجبان. ويمضي العرض معقداً الى ان ينغلق بانفجار يقضي على الجميع ونداء استغاثة ربما الى العالم. وتعقب اللوحة المتفجرة صورة «حنظلة» لناجي العلي وقد عقد يديه خلف ظهره وفي الخلفية صورة الأسرة المنكوبة. ومن القضايا السياسية الحاضرة ايضاً «الارهاب»، في عرض «العرس الاكبر» وهو من تأليف اسماعيل عبدالله واخراج ناجي الحاي والعمل يربط بين انشغال الأبوين عن الابناء والتحولات المتهورة في حياتهم التي تدفع بهم الى اوكار المخدرات أو جحور الارهابين. ويكرم المهرجان هذه السنة الفنان الإماراتي عبدالله صالح والفنانة اللبنانية نضال الأشقر الفائزة بجائزة الشارقة للابداع المسرحي في دورتها الثالثة. وكانت جمعية المسرحيين كرمت ضيوف المهرجان من سورية والاردن ولبنان والكويت والسودان ومصر.