أظهر عدد من وسائل الإعلام الأميركية قلقاً كبيراً مما وصفته ب«تغلغل النفوذ القطري في المدارس والجهات التربوية والأكاديمية في أميركا، بزعم (التبرعات)». وكشف تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية في ال25 من آب (أغسطس) الجاري، أن بعض المدارس الحكومية الأميركية تشهد توجهاً جديداً في تعلم «قيم تخالف قيم المجتمع الأميركي، بأموال وتبرعات قطرية، وهو ما يثير تساؤلاً عن حقيقة العلاقات المتداولة في الأوساط المتخصصة بين قطر والإرهاب». وأوضح التقرير أن «مؤسسة قطر الخيرية قدمت 30.6 مليون دولار خلال الأعوام الثمانية الماضية في الفترة من 2009-2017 إلى عشرات المدارس في عدد من الولايات الأميركية، بداية من نيويورك إلى ولاية أوريغون، كما دعمت الدوحة مبادرات في ظاهرها تهدف إلى تشجيع الأطفال والشباب الأميركي على تعلم اللغة العربية، بما في ذلك دفع تكاليف تدريب المعلمين». وحذر التقرير من أن «الخطورة ليست في تعلم اللغة العربية، بل الخطورة تكمن في أن قطر هي المسؤولة عن توفير الكتب ودفع رواتب المعلمين عبر مؤسسة قطر الدولية، الذراع الأميركية لمؤسسة قطر الخيرية في الدوحة، وهو ما يخلق كثيراً من التخوفات والتساؤلات عن زيادة نشاطها في هذا الجانب في الداخل الأميركي». ونقلت الصحيفة عن المدير التنفيذي لمؤسسة قطر عمران حمد الكواري قوله: «لقد فوجئنا جداً بهذا الاهتمام، وسنبحث بالتأكيد عن طرق للتوسع في هذا الاتجاه في المستقبل». وقال كاتب التقرير الصحافي الأميركي تونيل هوبز: «المانحون من الحكومات الأجنبية، بما في ذلك الدول العربية، يقدمون منذ فترة طويلة تبرعات للمؤسسات التعليمية في أميركا، ولكن يبدو أن مؤسسة قطر واحدة من المنظمات الأجنبية القليلة التي تستهدف المدارس الحكومية من الروضة حتى الصف ال12، إضافة إلى حرصها على طرح مزيد من المنح المجانية لتعلم فروع بعينها، ومن الواضح هنا رغبتها في زيادة الإنفاق في هذا الجانب». وأضاف هوبز في تقريره: «ومع ذلك، لاتزال تبرعات مؤسسة قطر الخيرية أقل بكثير من تلك التي حصل عليها بعض المؤيدين الأميركيين الرئيسين للتعليم من مرحلة التعليم الأساسي حتى الصف الثاني عشر، مثل مؤسسة والتون فاميلي، التي تبرعت ب190.9 مليون دولار في العام الماضي»، مستدركاً: «المدارس الحكومية الأميركية تتوق إلى توسيع عروضها لتعلم المواد التي تدعمها قطر، لكن هذه الأخيرة دولة متورطة في مواجهات دبلوماسية مكثفة في شأن علاقاتها بالإرهاب». وحذر التقرير من «إشادة عدد من المدارس الأميركية المشاركة في التعليق على دعم المؤسسة القطرية للتعلم الظاهري للغة العربية، الأكثر تحدثاً من قبل الطلاب، وبخاصة أن طلاب المدارس المدعومة من مؤسسة قطر الخيرية باتوا يختارون المواد التي تدعمها قطر بمثابة لغة ثانية أو مواد إضافية، وجميعها مدارس حكومية». وشدد التقرير على خطورة ما وصفه ب«النمو السريع لتعلم ما تطرحه قطر في تلك المدارس، وذلك وفقاً لاستعراض البيانات من المركز الوطني للتعليم الإحصائي في أميركا». وتناول التقرير بالتحليل عودة السفير القطري إلى إيران، بعد 20 شهراً من سحبه. وقال: «قطر ترسل سفيرها إلى إيران، وهي بذلك تزيد حدة الخلاف الدبلوماسي بينها وبين مجموعة من جيرانها العرب، الذين طالبوها بأهمية خفض العلاقات مع طهران، وضرورة التوقف عن دعم أو مساعدة المتطرفين، أو استضافة مجموعات من تنظيم الإخوان المسلمين، وهو ما تنفي قطر أية صلة لها بتلك القضايا». وأبرز التقرير تصريحات المسؤولين في أميركا لسياسة قطر الداعمة للإرهاب، مشيراً إلى أن «الرئيس الأميركي دونالد ترامب انتقد في شكل علني، في حزيران (يونيو) الماضي، سلوك قطر وتقديمها الدعم والمساندة للإرهاب والجماعات المتطرفة، واعترف بتأييده المجموعة التي تقودها المملكة العربية السعودية، للحفاظ على الأمن الإقليمي في المنطقة، وهي خطوة تبرز حجم المعاناة الأميركية الطويلة الأمد مع الدوحة». مخاوف مجتمعية في هيوستن وبورتلاند من التغلغل القطري حذر تقرير صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية من انتشار مخاوف مجتمعية في شأن الوجود القطري المكثف في المدارس الحكومية التابعة لهيوستين وبورتلاند، كاشفاً عن وجود ما وصفه ب«حال من القلق لدى أولياء أمور الطلاب في تلك المدارس عن هذا الوجود». وقال التقرير: «في عام 2013 تلقت منطقة مدرسة توكسون منحة قطرية قدرها 465 ألف دولار، وهي منحة تدفع بشكل سنوي، خصصتها قطر لرواتب المعلمين والمواد التعليمية والمناسبات الثقافية لمدرستين، وأثار هذا الدعم مخاوف بعض الآباء وأفراد المجتمع في مدن مثل هيوستن وبورتلاند، وبخاصة في شأن البرامج العربية التي تدعمها المؤسسة وعلاقاتها مع قطر المدعومة من بعض المحافظين في المنطقة، وهو ما قوبل باحتجاجات مجتمعية كبيرة». وأضاف أنه «قبل عامين من الآن قام الحقوقي في هيوستن سام هيريرا، بالتنسيق لتنظيم وقفة احتجاج في المدينة على افتتاح مدرسة تلقت تمويلاً كاملاً من المؤسسة القطرية». واتهم هيريرا قطر بأنها تختبئ خلف مزاعمها بالتبرع للمدارس الأميركية لاختطاف الأطفال والشباب الأميركي، وقال «إنهم يختبئون تحت مزاعم التبرعات المدرسية، وهناك مخاوف في شأن علاقات المؤسسة القطرية، التي تدعم بلادها جماعة الإخوان المسلمين، حتى وإن لم تكن هناك أية دلائل حالية على وجود نشاط قطري داخل المدرسة». وشدد التقرير على خطورة مؤسسة قطر الخيرية، مؤكداً أن «المؤسسة لا تكشف عن مصادر تمويلها، على رغم وجود مدارس وجامعات عدة تابعة لها في العاصمة القطريةالدوحة، وتتولى مسؤولية تعليم أجيال كاملة من الروضة حتى الجامعة، ومن تلك الجامعات ست كليات أميركية». وكشف التقرير أن المساهمات القطرية في مدارس أميركا الحكومية بدأ ينشط منذ 2009 -2010، بمبلغ بسيط آنذاك بلغ 625 ألف دولار، وبلغ في 2014-2015 نحو 5,5 مليون دولار في العام الدراسي الواحد، في بعض المدارس، إضافة إلى أن المدارس التي تتلقى التمويل القطري تحث طلابها على تقديم طلبات للحصول على منح قطرية مجانية لتعلم مواد تحددها مؤسسة قطر الخيرية». وقال: «تلقت منطقة مدرسة توكسون الموحدة منحة قدرها 465 ألف دولار في عام 2013 لتغطية رواتب المعلمين والمواد والمناسبات الثقافية لمدرستين، فضلاً عن منح أخرى عدة بقيمة 243 ألف و175 دولاراً لتوسيع برنامجها العربي، وفي بورتلاند بأوريغون تدعم قطر نظام المدارس العامة ب375 ألف دولار سنوياً، ابتداء من عام 2010، كما قامت المؤسسة القطرية بتمويل رحلات لبعض الطلاب والموظفين للسفر إلى الدوحة». وكشف التقرير أن «مدرسة واشنطن اللاتينية في العاصمة الأميركية هي من أوائل الدول التي وقعت مع مؤسسة قطر الخيرية في 2009، إذ تتلقى منحة قطرية سنوية - بحسب التقرير - تبلغ 1.04 مليون دولار»، لافتاً إلى أن طلاب هذه المدارس يقومون بالرحلات المتكررة إلى الدوحة، بما في ذلك زيارة السفارة القطرية في العاصمة الأميركية واشنطن.