منطقة "هذه جازان" تحيي فعاليات مهرجان جازان 2026 وتستقطب الزوار    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على انخفاض    انخفاض أسعار النفط عند التسوية    غوتيريش يدين التفجير الإرهابي الذي استهدف مسجدًا في حمص السورية    ألمانيا تعتذر عن تحليل الصندوق الأسود الخاص بطائرة رئيس الأركان الليبي    يايسله: خسارة مواجهة الفتح «قاسية»    النفط يهبط 2% وسط توقعات بتخمة في المعروض    مدرب منتخب مصر: نخوض كل مباراة في أمم أفريقيا باعتبارها "نهائي كأس"    مدير هيئة الأمر بالمعروف بجازان يزور التدريب التقني ويبحث تعزيز البرامج التوعوية المشتركة    الهلال يتغلب على الخليج بثلاثية في دوري روشن السعودي للمحترفين    الفتح يلحق بالأهلي الخسارة الأولى    التعاون يتغلب على الخلود بثنائية في دوري روشن للمحترفين    نادي الصقور السعودي يدشّن ميدان الملواح الجديد في مهرجان الملك عبدالعزيز 2025    رئيس مجلس القيادة اليمني يطلب مساندة التحالف لفرض التهدئة في حضرموت    ضبط (7) مخالفين في جازان لتهريبهم (234) كجم "قات"    كاميرات محمية تايلاندية ترصد للمرة الأولى منذ (3) عقود قطًا مسطح الرأس    مهرجان الملك عبدالعزيز للصقور يقيم 6 أشواط للمحترفين في يومه الثاني    هافيرتس قد يعود لتشكيلة أرسنال أمام برايتون    الإعلان عن موعد مباراتي نصف نهائي كأس الملك 2025-2026    عمداء تقنية المعلومات ومدراء الميزانية وكفاءة الإنفاق بالجامعات السعودية يزورون الواجهة الثقافية في جامعة أم القرى    البرلمان العربي يؤكد دعمه التام لوحدة اليمن    بيش تُضيء مهرجان شتاء جازان 2026 بهويتها الزراعية ورسالتها التنموية    وزير الداخلية تابع حالته الصحية.. تفاصيل إصابة الجندي ريان آل أحمد في المسجد الحرام    «الصحة» تطلق جولات رقابية لتعزيز الامتثال الصحي في مراكز فحص العمالة    السديس: حقوق العباد من أخطر أبواب الظلم ومواقع التواصل بيئة خصبة للبهتان    القاسم: استباق الخيرات دليل علو الهمة وكثرة الجدل تصرف عن الطاعة    سعيد بن قزعة أبو جمال في ذمة الله        هيئة محمية الملك سلمان الملكية تدشّن مبادرة الإصحاح البيئي في "وادي نايلات" بحائل .    القيادة تعزي رئيس المجلس الرئاسي الليبي في وفاة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي ومرافقيه    رياح نشطة و سحب ممطرة على عدة أجزاء من مناطق المملكة    الفتح ينهي استعداداته قبل لقاء الأهلي    برعاية أمير منطقة جازان.. مهرجان جازان 2026 يستهل مشواره بانطلاقة كرنفالية كبرى    المطر والحنين    آل الشيخ: جائزة طارق القصبي نموذج وطني لدعم البحث والابتكار في الهندسة المدنية    رئاسة الشؤون الدينية تدعو قاصدي الحرمين إلى الالتزام بآداب وفضائل يوم الجمعة    واشنطن مُهددة في سباق الذكاء الاصطناعي    من البحث إلى التسويق الجامعات في فخ التصنيفات العالمي    جمعية التنمية الأهلية بأبها تحتفي باليوم العالمي للتطوع واختتام مشاريع 2025 ضمن "رواية عقد"    «أرفى» تكرّم الجهات الداعمة لمسيرة العطاء مع مرضى التصلب المتعدد    ‏نائب أمير منطقة جازان يستقبل نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين    د. مريم الدغيم تحصل على براءة الاختراع الأمريكية    إنفاذ يشرف على 75 مزادا عقاريا لتصفية وبيع أكثر من 900 أصل في مطلع 2026    نائب أمير منطقة جازان يلتقي أيتام "إخاء"    السعودية: تحركات المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة تمت دون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة التحالف    تطبيق علاج وقائي للحد من تطور السكري    40 ألف متدرب مخرجات الأكاديمية الصحية    لوحات مجدي حمزة.. تجارب من واقع الحياة    هندية تصلح عطلاً برمجياً في حفل زفافها    تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وزير الداخلية يطلع على مبادرات الجوف التنموية    ارتفاع النفط والذهب    سلطان عمان يمنح قائد الجوية السعودية «الوسام العسكري»    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل سفير المملكة بنيبال    نقاشات أمنية وسياسية تسبق لقاء نتنياهو وترامب.. حدود جديدة لإسرائيل مع غزة    الشيباني: العلاقات مع روسيا تدخل مرحلة إستراتيجية جديدة.. الداخلية السورية تتهم «قسد» بالتجنيد الإجباري في حلب    صندوق الطائرة الأسود قرب أنقرة.. تركيا تعلن العثور على جثة رئيس الأركان الليبي    الإطاحة بطبيبة المشاهير المزيفة    النيكوتين باوتشز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكرة في ميدان التحرير
نشر في الحياة يوم 07 - 02 - 2011

يشهد ميدان التحرير فيك يا مصر ثورات شعبية وشبابية غاضبة، أذهلت العالم واحتار معها الكاتب المؤرخ ماذا يقول!
نعم هناك أخطاء وفساد وانتهاك لحقوق الإنسان في مصر أدت إلى كل هذه النتائج المرعبة. الثوار من الشباب يثورون، لكنهم لا يعرفون معنى للثورة ونتائجها! فإذا كانت الثورات تفجيراً خلاقاً لكل طاقات الشعوب، وإدراكاً لمصالحها واستشفافاً لكل ما يمكن أن يفيد مصالحها، وفي نفس الوقت الذي تقضي على كل عوائق التطور والنمو الذي تطالب به الجماهير الثائرة، إلا أن ثورة شباب مصر عكست كل مفاهيم الثورة، وهنا تكمن المفارقة، فكل ثورة تقتصر على المطالبة باستبدال حاكم بآخر هي ليست من معنى الثورة في شيء، بل هي مجرد انقلاب على وضع قائم، أو محاولة لتغيير حكومة. الثورة الحقيقية هي تلك التي لا تقتصر على النواحي السياسية فقط، وإنما تشمل كل النواحي العقلية والاجتماعية والاقتصادية، والثورات عبر التاريخ كانت فكرية تنويرية أو اجتماعية أو اقتصادية أو صناعية من تلك التي تؤدي إلى تغييرات حقيقية يا شباب مصر.
ثورة مصر تقول بأنها قامت ضد الفساد والبطالة والجوع وحقوق الإنسان، تلك القيم والمبادئ التي بنيت عليها كل معاني وقيم الإسلام الصحيحة، ثم تجسدت فقط في التاريخ الحديث والمعاصر بمفاهيم وقيم النظام الديموقراطي، ولكي تنجح هذه الثورة في تحقيق أهدافها لا بد للشباب الثائر من مساعدة نفسه والتغلب على غضبه والاحتكام إلى العقل والمنطق اللذين يقتضيان الآن ضرورة تكاتف الجميع شعباً مصرياً مع نظام الحزب الوطني الحاكم، من أجل الوصول إلى عمل تحضيري إيجابي يتم من خلاله تنفيذ التزامات الرئيس بنقل السلطة سلمياً وتدريجياً إلى النظام الجديد المنتخب، والذي سيكون بمقدوره تغيير وتجديد كل شيء من دون السماح للحالات الانفعالية الثائرة بالسيطرة على الوضع، متوهمة بأنها من خلاله تستطيع إعادة تشكيل كل شيء وبشكل سريع، بما في ذلك إعادة بناء الحياة الاجتماعية من الصفر، وإيجاد أسلوب ولغة جديدين، بل وتغيير لكل أسباب الحياة في مصر.
كل تلك الأمور يعتقد المتظاهرون الثوار من بسطاء عامة الشعب المصري الشقيق أن تحقيقها قد يستغرق أسابيع أو أشهراً، بينما لا يتم ذلك إلا من طريق تغيير المجتمع المصري نفسه بالدرجة الأولى. والسؤال المطروح: هل تستطيع أحزاب المعارضة المصرية في هذه اللحظات الحاسمة من تاريخ مصر المعاصر قيادة هذا الشعب البالغ عدده 80 مليون نسمة، والذي يطالب بالقضاء الفوري على كل أنواع وأشكال الفساد، والإصلاح الجذري في البلاد، وتأمين لقمة العيش والوظائف العملية لآلاف مؤلفة من الشباب المصري العاطل من العمل وبأسرع وقت؟ من يظن من أحزاب المعارضة سهولة تحقيق ذلك من طريق المساعدات الفورية العربية والغربية والأميركية وغيرها من دون مقابل يكون مخطئاً في تقدير حساباته من دون أدنى شك.
لا أعلم هل الهدف من الثورة المصرية الآن هو المطالبة برحيل شخص الرئيس وإسقاط نظامه فقط؟ أم المطالبة بحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية التي تعين المرء على العيش بحرية وكرامة؟ أم كلاهما معاً؟ لقد صدقنا مطالب الثوار المصريين، لكن تعجبنا من تصرفاتهم وسلوكاتهم!
خطاب الرئيس المصري محمد حسني مبارك عشية المظاهرة المليونية كان خطاباً تاريخياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ويستحق الوقوف أمامه كثيراً ليحكم التاريخ بعدها إما له وإما عليه. فقد وضع الشعب المصري في خطابه على بداية عهد الديموقراطية الصحيحة، كما أنه التزم وتعهد بتحمل كامل مسؤوليته كرئيس للدولة لتنفيذ مطالب الشعب المصري وإصلاح ما هدمه الفساد الإداري والمالي والأخلاقي خلال الفترة المتبقية له في حكم مصر حتى يتم انتقال السلطة سلمياً وبالتدريج، كما تعهد بتعديل مواد الدستور بما يكفل للمواطن المصري حريته في اتخاذ قراره السياسي والانتخابي والمشاركة في صنع القرار.
لكن ما تابعناه جميعاً عبر الفضائيات من أعمال شغب وعنف أعقبت خطاب الرئيس المصري أعطت دلالة تاريخية واضحة على أن هدف من يقف خلف من يدفع بالثوار إلى شوارع مصر لم يكن هو الحفاظ على مصالح مصر وتحقيق مطالب الثائرين، وإنما السعي للتخريب والعنف وإشعال الفتن بهدف تصفية حسابات شخصية مع النظام المصري الحاكم، وشخص الرئيس مبارك. وهذا ما يعكس في رأيي خطورة الوضع الراهن في مصر ونتائجه التي ستؤثر على المنطقة العربية برمتها. وبما أن الوضع في مصر تحركه أضغان وحسابات ومصالح خاصة لفئات مستفيدة مما يجرى، هم من أعداء مصر والأمة العربية، فمن الضروري أن يحاول جميع المثقفين من أبناء مصر والعالم العربي تنوير شعوبهم بالأخطار التي بدأت تحاصرهم.
من واجب المثقفين المخلصين لأوطانهم وعروبتهم قيادة مجتمعاتهم في هذه المراحل الصعبة نحو مرحلة التغيير والإصلاح الحقيقي بدلاً من العمل على إيقاظ الفتنة والفرقة في البلدان العربية من خلال تنفيذ أجندات أعدائهم سعياً وراء مصالح ومكتسبات خاصة.
المهم أن يستفاد من الثورة التونسية والثورة المصرية للعمل على كل ما من شأنه التغيير نحو الديموقراطية شاء من شاء، وليأبى من يريد بشرط الوعي والإدراك الكامل للديموقراطية كطريقة حياة لمجتمع بأكمله. لا بد أن تصبح نوعاً من التفكير والسلوك في حياتنا القادمة، فيغرس نباتها في البيت والمدرسة والجامعة والحقل والمصنع والمسجد والكنيسة أيضاً بما يكفل للمواطن العربي القيام بواجباته الوطنية على أسس من الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية. هذا ما يطلبه كل أبناء الشعوب العربية من قادتهم من دون استثناء، فهل يفقهون ذلك قبل أن تقذف الشعوب بالكرة من ميدان التحرير في مصر إلى ميدان عربي آخر؟
* أكاديمية سعودية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.