26 شهيدًا في قصف إسرائيلي على غزة    الذهب يتجه لانخفاض أسبوعي مع قوة الدولار والبلاتين لأعلى مستوى في 11 عام    حملات إعلامية بين «كيد النساء» و«تبعية الأطفال»    ميراث المدينة الأولى    أبعاد الاستشراق المختص بالإسلاميات هامشية مزدوجة    حساد المتنبي وشاعريته    رياح نشطة وطقس حار على معظم مناطق المملكة    الجبل الأسود في جازان.. قمم تعانق الضباب وتجذب الزوار بأجوائها الرائعة    "هيئة الطرق": الباحة أرض الضباب.. رحلة صيفية ساحرة تعانق الغيوم عبر شبكة طرق متطورة    إنقاذ مريضة تسعينية بتقنية متقدمة في مركز صحة القلب بمدينة الملك سعود الطبية    جراحة تنهي معاناة مريضة من آلام مزمنة في الوجه والبلع استمرت لسنوات ب"سعود الطبية"    تجمع مكة الصحي يفعّل خدمة فحص ما قبل الزواج بمركز صحي العوالي    رابطةُ العالم الإسلامي تُدين مخطّط نقل سلطة إدارة الحرم الإبراهيمي الشريف    "موسم الرياض" يرعى شراكة بين "لا ليغا" و"ثمانية"    "الداخلية" تشارك في ملتقى إمارات المناطق والمبادرات التنموية بالمدينة    شخصيات الألعاب الإلكترونية.. تجربة تفاعلية لزوار كأس العالم للرياضات الإلكترونية    "المزيني"نسعى لتعزيز الحضور الرياضي للطالب الجامعي السعودي عالمياً    الأسبوع الثاني من كأس العالم للرياضات الإلكترونية: لحظات تاريخية وخروج مبكر لحاملي الألقاب    مهند شبير يحول شغفه بالعسل إلى علامة سعودية    معادلة عكسية في زيارة الفعاليات بين الإناث والذكور    بقيادة"جيسوس"..النصر يدشّن أول تدريباته استعداداً للموسم الجديد    اختتام أعمال الإجتماع الأول للجان الفرعية ببرنامج الجبيل مدينة صحية    خارطة لزيادة الاهتمام بالكاريكاتير    نادي الدرعية .. قصة نصف قرن    قدم الدانة تتعاقد مع المهاجم النرويجي جوشوا كينغ والحارس اللوكسمبورغي أنتوني موريس.    نادي القادسية يوقع اتفاقية رعاية تقنية مع زوهو لتعزيز الكفاءة وتحسين العمليات    جامعة الإمام عبد الرحمن تختتم فعاليات برنامج موهبة الإثرائي الأكاديمي    (إثراء) يعلن عن فوز 4 فرق في المنافسة الوطنية لسباق STEM السعودية    إيلانجا لاعب نيوكاسل: إيزاك من أفضل اللاعبين في العالم    هاتفياً... فيصل بن فرحان ووزير الخارجية الأميركي يبحثان التطورات بسوريا    السعودية: نرفض كافة التدخلات الخارجية في سوريا    برنامج تطوير الثروة الحيوانية والسمكية يعلن توطين تقنية «فيچ قارد»    فِي المَنَاهِجِ النَّقدِيَّةِ: المَنهَجُ التَّدَاوُلِيُّ    المملكة تعزي العراق قيادة وحكومة وشعبًا في ضحايا «حريق الكوت»    صدور بيان عن السعودية و 10 دول حول تطورات الأحداث في سوريا    تعليم الطائف يختتم فعاليات برنامج موهبة الإثرائي الأكاديمي لأكثر من 200 طالب وطالبة    إنقاذ مواطن من الغرق أثناء ممارسة السباحة في ينبع    تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بأحد الجناة في المنطقة الشرقية    أمير منطقة جازان يستقبل وكيل الإمارة والوكلاء المساعدين الجدد    أمير القصيم يدشن مبادرة "أيسره مؤنة" للتوعية بتيسير الزواج    المدينة المنورة تبرز ريادتها في المنتدى السياسي 2025    الأولى عالميا.. التخصصي يزرع جهاز دعم بطيني مزدوج بمساعدة الروبوت    "طمية" تنظم إلى الأسطول الإسعافي بفرع الهلال الأحمر بعسير    أمير منطقة تبوك يستقبل معالي نائب وزير البيئة والمياه والزراعة    اطلاق النسخة الثانية من مشروع "رِفْد" للفتيات في مدينة أبها بدعم من المجلس التخصصي وأوقاف تركي بن عبد الله الضحيان    الأمير سعود بن نهار يلتقي المدير التنفيذي لهيئة الصحة العامة بالقطاع الغربي    وزارة الحج والعمرة تكرم عمر بالبيد    المفتي يستعرض أعمال "الإفتاء" ومشاريع "ترابط"    إطلاق مبادرة لتعزيز التجربة الدينية لزائرات المسجد النبوي    بوتين لا ينوي وقف الحرب.. روسيا تواصل استهداف مدن أوكرانيا    20 قتيلاً.. وتصعيد إنساني خطير في غزة.. مجزرة إسرائيلية في خان يونس    د. باجبير يتلقى التعازي في وفاة ابنة شقيقه    " الأمن العام" يعرف بخطوات إصدار شهادة خلو سوابق    "الأحوال": جدد هويتك قبل انتهائها لتفادي الغرامة    نيابة عن أمير عسير محافظ طريب يكرم (38) متفوقًا ومتفوقة بالدورة (14) في محافظة طريب    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عون أبو طقيقه    عزت رئيس نيجيريا في وفاة الرئيس السابق محمد بخاري.. القيادة تهنئ رئيس فرنسا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الشثري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قتامة الصورة داخلياً وتأزم المواقف إقليمياً
نشر في الحياة يوم 03 - 02 - 2011

قراءة متأنية للمشهد السياسي الإقليمي توحي بجلاء أن تأزماً سياسياً مرتقباً بدأت تتراكم غيومه، وأن ما تشهده المنطقة من قلاقل سياسية سوف يشكل إسفيناً في الجسد العربي العليل، يتيح الفرصة لخلق حالة من «الاضطراب السياسي» التي تشهدها المنطقة. يساهم في بلورة هذه الحالة الخطرة أكثر من عامل: أولها، أن الثوابت الوطنية والقومية لم تعد ذات قيمة، وتضاءل مفعولها في التأثير على مخرجات التفاعل الإقليمي. وبدا واضحاً ضعف البنى السياسية داخل الدول العربية وتهالكها، حتى بعد عقود من تحقيق الاستقلال الوطني والسياسات التنموية المتعاقبة، وتزايدت حالة القطيعة التي بدأت تسيطر على العلاقة بين مؤسسات الدولة الرسمية وقوى المجتمع المختلفة، في أنحاء متفرقة من الوطن العربي.
وثانيها، أنه بدا واضحاً أن السياسة الدولية لا تكترث، بخاصة منذ نهاية الحرب الباردة، بروح القانون الدولي والاتفاقات الدولية ومسائل السيادة، وأن الثنائية القطبية في مرحلة الحرب الباردة والمصالح المتعارضة للقوتين الأميركية والسوفياتية، وليس المبادئ والنواميس الدولية، كانا عاملي التوازن، والمؤثر الأبرز في بلورة مسار السياسة العالمية، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط، فيما أتاحت هذه الثنائية الدولية مساحة محدودة للمناورة استغلتها بعض القوى الإقليمية في حسابات الربح والخسارة على المسرحين الإقليمي والدولي. هذه الوضعية الدولية لم تعد قائمة، فأصبح المسرح السياسي الإقليمي مكشوفاً، وبدأت تستغل هذا الانكشاف القوى الإقليمية غير العربية أيضاً.
فثورة الياسمين في تونس فاجأت كل متابع للشأن العربي، بما في ذلك صانع القرار ورجل الشارع، لأنها عبرت عن حالة سياسية عامة، تتقاطع أساسياتها وخصائصها مع الوضع السائد في غالبية الدول العربية، حيث تنتشر الفاقة والتهميش وتغيّب الحريات السياسية والمدنية. فالقوى الاجتماعية الثائرة لم تعد تطالب بجلاء المستعمر، كما كان سابقاً، لكنها على مختلف مشاربها وتوجهاتها الأيديولوجية وتباين دوافعها ترمي إلى تحقيق هدف واحد: التغيير السياسي. ويمكن القول إن دوافع الثورات الاجتماعية لا يكمن في انتشار الفقر وحده، بل من الثابت في أدبيات الدراسات السياسية المقارنة أن التنمية الاقتصادية تدفع باتجاه التنمية السياسية، مما يعني أن المطالب السياسية تأخذ منحىً تصاعدياً مع تحسن الوضع الاقتصادي، حيث تزيد طموح وتوقعات المواطن. بينما يطمح الذين يعانون من طاحونة الفقر والتهميش إلى التخلص من هذه الوضعية المزرية، وتصبح الغاية تبرر الوسيلة في هذه الحالة بالنسبة للفئتين. بالتالي فإن ممارسة الحكم الرشيد القائم على سيادة القانون، ومحاربة الفساد، والفعالية، والمشاركة السياسية، أضحت مطلباً ملحاً لكافة المجتمعات العربية، مهما اختلف مستوى الدخل فيها.
أما على الصعيد الخارجي، فإنه من المرجح أن يكون التركيز من قبل القوى الأجنبية على دول المشرق العربي، بعد أن نجحت في تقسيم السودان. فسياسة الاصطياد في الماء العربي العكر، ليست سوى وجه آخر لتفعيل استراتيجية «الفوضى السياسية الخلاقة» التي نادت بها الإدارة الأميركية السابقة. ومن غير المستبعد أيضاً أن تشارك بعض الدول الأوروبية في تطبيق هذه الإستراتيجية، مستغلةً بذلك الهشاشة السياسية للدول العربية، وتنوع التركيبة السياسية والاجتماعية داخل المجتمعات العربية.
ويظل الهدف الرئيسي للقوى الأجنبية هو خلق «بؤر توتر»، متأزمة ومضطربة، وقابلة للاشتعال في أي لحظة. وهذا بدأ واضحاً في التأزم والتصعيد الذي بدأت تشهده الساحة السياسية اللبنانية، حيث لم تعد الديموقراطية التوافقية، التي ميزت النظام السياسي اللبناني عبر عقود، قادرة على احتواء تعقيدات المشهد السياسي الداخلي. ويمكن فهم ما يحدث في لبنان في إطار خلق قضايا جديدة يستنزف من خلالها الجهد الإقليمي في صراع «محاور وأدوار»، وكي يتم تفريغ القضية الفلسطينية من أهميتها كقضية العرب المركزية. وتأتي في هذا السياق الجهود المبذولة أخيراً لتقويض شرعية السلطة الوطنية الفلسطينية وفضح حيثيات مباحثاتها مع إسرائيل، لا سيما في ظل تبلور موقف فلسطيني مدعوم بغطاء عربي قوامه نقل القضية الفلسطينية إلى مجلس الأمن، ومطالبة المجتمع الدولي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في حدود 1967، الأمر الذي ترفضه أميركا وإسرائيل. ومن الواضح أن الاضطراب الذي تشهده المنطقة يصب في المقام الأول في مصلحة أمن دولة إسرائيل، وتستفيد منه القوى الإقليمية - غير العربية - الباحثة عن أوراق ضغط، تستخدمها لخدمة علاقاتها الإقليمية والدولية.
إذاً، بات على المشهد السياسي الإقليمي، صورة بالغة القتامة، ما يجعل التوقعات تشير إلى أن السنوات المقبلة حبلى بالقلاقل السياسية، ولم تعد هذه المخاطر حكراً على زاوية من الوطن العربي من دون أخرى، بل أن العلة السياسية أصبحت تغطي كامل الجسد العربي بمشرقه ومغربه. وفي مثل هذه الوضعية، لم يعد الشارع العربي يتفاءل بإمكانية وقدرة الدول العربية على حل مشاكلها، وليس من المتوقع أن يتغير هذا الواقع، بل أن سياق الأحداث وتطورها يشير إلى أن الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ؛ وطالما بقيت الجبهة الداخلية متداعية، وإرادة الشعوب العربية مغيبة، فكيف له أن يأمل بمستقبل مشرق، يضمن له كرامته ومنعته، ويجنبه جبروت وسيطرة الدول الأقوى.
* مستشار الأمين العام لجامعة الدول العربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.