مقتل نائب رئيس مالاوي ومرافقيه في حادث طائرة    تعليق التعاون الروسي - الإيراني    وزير الخارجية يشارك في جلسة التواصل الوزارية لمجموعة «بريكس»    ولي عهد الكويت يبعث رسالة شكر لولي العهد    «مؤتمر الأردن» يطالب بوقف فوري ودائم لإطلاق النار بغزة    الموافقة على افتتاح جمعية خيرية للكبد بجازان    البرق ينضم لإدارة النمور    الآسيوي يشيد بتنظيم بطولة العالم    لحيازته سلاحاً أثناء تعاطي المخدرات.. محكمة أمريكية تدين نجل بايدن بثلاث تهم جنائية    استقبال ذوي التوائم السيامية ضمن ضيوف برنامج خادم الحرمين للحج    بلجيكي مخضرم يحمي عرين القادسية    السعودية للكهرباء تعلن عن تفاصيل استثماراتها ومشاريعها لحج 1445 ه    سفير المملكة في الأردن يودع 1000 حاج وحاجة فلسطيني    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الأميرة منيرة بنت محمد بن تركي    قرارات ضد 15 شخصا نقلوا 71 مخالفا ليس لديهم تصريح بالحج    المعارضة البريطانية تتقدم.. وسوناك يربك المحافظين    توفير البيئة الآمنة للكشافة في معسكرات الخدمة العامة    تعزيز الخدمات لذوي الاحتياجات الخاصة بالمدينة المنورة    فضائل العشر من ذي الحجة    بيع تذكرة تدريب رونالدو مع البرتغال مقابل 858 دولار    المظالم ومدن يوقعان اتفاقية للربط الرقمي    موعد مباراة السعودية والأردن اليوم    أكثر من 15 ألف مستفيد من حملة "سلمان للإغاثة" لتحصين الأطفال ضد مرض الحصبة في اليمن    وفدٌ مجلس الشورى يقوم بزيارة إلى الهيئة الملكية بالجبيل    الذهب يفقد بريقه والنفط فوق 80 دولاراً    فاطمة الغامدي تحصل على الماجستير في العلاقات العامة بتقدير ممتاز    إلزام الجهات الحكومية برفع خدماتها على "توكلنا"    اليوم.. التفويج "الأكبر" للحجاج من المدينة لمكة    النوم يساعد في تحسين الصحة بشكل عام    ارتفاع أسعار النفط إلى 81.63 دولارا للبرميل عند التسوية    «أبل» تستعد لإبهار العالم بتحديثات كبيرة في مؤتمر المطورين    الفرصة ما تزال مهيأة لهطول أمطار على مكة وجازان وعسير والباحة    وزير الداخلية يتفقد المشاريع التطويرية في المشاعر    وزير الإعلام يدشن "ملتقى إعلام الحج" بمكة    بينالي الفنون الإسلامية 2025 بجدة    "الصحة": ارتفاع درجات الحرارة أكبر تحديات الحج    اللامي ل«عكاظ»: ناظر سيعيد العميد لطريق البطولات    تعزيز بناء الجدارات للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بغرفة الشرقية    «الدفاع المدني»: تجنبوا الزحام وراعوا كبار السن في المسجد الحرام    الرئيس التنفيذي للمساحة الجيولوجية يناقش التعاون الجيولوجي في كازاخسان    أمن الحج.. خط أحمر    إثراء يفتح باب التسجيل في مبادرة الشرقية تبدع بنسختها الخامسة    هل يصبح عمرو دياب منبوذاً ويواجه مصير ويل سميث ؟    غزة.. مشاهد موت ودمار في «النصيرات»    وزير الداخلية يتفقد عددًا من المشاريع التطويرية في المشاعر المقدسة    للمعلومية    نائب أمير مكة اطلع على المشاريع وخطط التشغيل.. المشاعر المقدسة.. جاهزية عالية لاستقبال ضيوف الرحمن    أمير المدينة يوجه باستمرار العمل خلال أيام إجازة عيد الأضحى    مريضات السكري والحمل    استثمار الوقت في الأنشطة الصيفية    " نبتة خارقة" تحارب تلوث الهواء    للمرة الأولى.. «هيئة النقل» تدشّن مركز التحكم لمتابعة مركبات النقل العام في مكة والمشاعر    "نادي نيوم" يتعاقد مع البرازيلي رومارينيو    لماذا يشعر المتبرعون بالسعادة ؟!    البذخ يحتاج لسخافة !    ساحة المحاورة تحتاج إلى ضبط    الدفاع المدني يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية المتنقل "لا حج بلا تصريح" بجدة    عرض عسكري يعزز أمن الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدينة تتنفس حباً
نشر في الحياة يوم 19 - 08 - 2010

تكاد تظن أنهم يتنفسون الحب مع الهواء الذين يستنشقونه، ويرتوونه مع الماء الذي يشربونه، قد سرى الحب في فجاج حياتهم كلها، مع قرب العهد بعماية الجاهلية، وجفاء الصحراء، وقساوة الطباع، وإذا بحثت عن السبب وجدت أنه أشرق على نفوسهم فأضاء جوانحها من تلك الشخصية المشعة؛ حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرج قناديل الحب في كل نواحي الحياة، فهو الذي إذا دخل بيته تعاطى الحب الزوجي في أجمل صوره، مع شربة الماء يحسوها من القدح الذي شربت منه زوجته، فيتحرى أن يلاقي فمه الطيب موضع فمها بعد أن شربت، وفي لقمة الطعام يتناولها بعد أن أكلت بعضها فيضع فمه حيث وضعت فمها، فيا لله كم من رسائل الحب يحملها هذا التعاطي الجميل، وبذلك تحولت حجراته الصغيرة إلى خزائن كبيرة للحب.
يقرأون الحب النبوي في عاطفة الأبوة تتدفق حباً في مشهد عناق النبي صلى الله عليه وسلم لبنيه الحسن وقد ارتمى على صدره فجعل يشمه ويقبله ويستعلن بحبه فيقول: «اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه».
كان الحب يسري في حياتهم وهو صلى الله عليه وسلم يتعاطاه معهم يسكبه في أذانهم؛ فتنتعش به نفوسهم، وتشرق وترف، فها هو يأخذ بيد معاذ فيقول: «يا معاذ والله إني لأحبك». فيقول معاذ: بأبي أنت وأمي والله إني لأحبك، قال: «يا معاذ أوصيك ألا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك».
ينثر الحب في طرقات المدينة وسككها، فيرى بنيات للأنصار ينشدن ويغنين فيقبل عليهن ويقول: «الله يعلم أني لأحبكن».
يرون الحب يسري في الحياة مع الأحياء والأموات فهو يتحدث عن زوجه خديجة بعد وفاتها بسنين فيقول: «إنها كانت وكانت وإني رزقت حبها».
يرون الحب يسري إلى مظاهر الطبيعة من حولهم، فهذا جبل أحد أشهر معالم مدينتهم الطبيعية يشير إليه صلى الله عليه وسلم ويقول: هذا أحد جبل يحبنا ونحبه.
كان صلى الله عليه وسلم يرفع الستور عن هذه العاطفة الجميلة فبدل أن تكون شعوراً مستكناً يستر ولا يشهر إذا به يستعلن به ويظهره ولا يداريه ولا يستره، ويجيب عمرو بن العاص وقد سأله من أحب الناس إليك؟ فيأتي الجواب - سريعاً كالطلقة - «زوجتي عائشة».
لقد كان صلى الله عليه وسلم يعلن بهذا أن الحب كمال إنساني واستواء فطري يتعاطى ويشهر فيزيد الحياة جمالاً وبهجة.
كان يتعاطى الحب ويأمر بتعاطيه والتعالن به، فقد كان جالساً مع أصحابه فجاء رجل فسلم عليه ثم ولى. فقال أحد أصحابه: يا رسول الله والله إني لأحب هذا. فقال: «هل أعلمته أنك تحبه». قال: لا. قال: «أذهب فاعلم ذاك أخاك».
وكان يقول: «إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه».
لقد أصبح الحب عاطفة مبثوثة في حياتهم كلها.
وكما كانوا يرون القدوة في الحب في شخص النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يتلقون منه التحفيز لنشر الحب وإعلانه في حياتهم.
وهل أعظم من أن جعل النبي صلى الله عليه وسلم الحب شرطاً للإيمان: «والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا».
لذا سرى الحب في حياتهم فإذا النفوس التي كانت في الجاهلية تتوارث الإحن وتورث الترات، وتُعمِّر في قلوبها الضغائن تتجاوز ذلك كله، فتعيش عافية نفسية وابتهاجاً مع الحياة ساعدها في تجاوز المشاعر السلبية، وتخطي الآلام والوثوب إلى الأمام، كانوا في المدينة يتعاطون الحب صنوفاً، وكانت مدينتهم تتنفس حباً وتعطر حياتهم بالحب.
* نائب المشرف على مؤسسة «الإسلام اليوم»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.