أكد مدير مكتب العمل في محافظة جدة قصي الفيلالي أن مكاتب العمل تحولت إلى مكاتب لتوظيف العمالة الأجنبية وليست السعودية، في ظل اقتناع المستثمرين في القطاع الخاص بجدوى استقطاب العمالة الوافدة ذات الأجر المتدني، وترسيخ مفهوم عدم مواكبة مخرجات التعليم العالي مع متطلبات سوق العمل، خصوصاً وأن آلاف الخريجين ظلوا «عاطلين» بلا وظائف، نظراً لأن اختصاصاتهم النظرية من المفترض أن لا تتعدى الثقافة وإشباع نهم الاطلاع والقراءة، ومحال أن تغري القائمين على شركات القطاع الخاص. واتهم مدير مكتب العمل في محافظة جدة، خلال ندوة عقدتها جامعة الملك عبدالعزيز تحت عنوان «خريجونا ومستقبلهم الوظيفي»، الجامعات السعودية بالدوران في حلقة مفرغة وعدم مواكبة متطلبات المرحلة، مطالباً إياها بالتركيز على الاختصاصات الهندسية والطبية والعلمية التي تحتاجها سوق العمل السعودية. وقال: «هناك الكثير من المتقدمين لمكتب العمل غير مؤهلين، وحقيقة نحن نحتاج كوادر مهنية وحرفية تستطيع أن تنتج، فالسعودية تسير بخطى ثابتة نحو مستقبل اقتصادي مشرق لابد أن تواكبه الجامعات». وأعلن الفيلالي عن وجود إحصائية من مكتب العمل تشير إلى أن المكتب أصدر خلال السنوات الست الماضية نحو 463 ألف تأشيرة، شملت أعمال التشييد والبناء بنسبة نحو 45 في المئة منها، بينما حلت تأشيرات الأطباء في المرتبة الثانية، مؤكدة وجود طلب عال من سوق العمل عليهم، في ظل عدم مواءمة مخرجات التعليم العالي لحاجة السوق المحلية. الذي يستقطب نحو 70 ألف طبيب سنوياً، بينما تخرج الجامعات السعودية مجتمعة أقل من 1200 طبيب فقط. وذكر أن الوضع الحالي ينبئ عن تنامي استقطاب المهندسين نظراً للحاجة الملحة على كافة تخصصات الهندسة في ظل السعي الحكومي لتشييد العديد من المدن الاقتصادية الكبرى وتنفيذ الكثير من المشاريع التنموية العملاقة. وشدد المشارك في الندوة الدكتور عدنان البار على أن شهادة البكالوريوس لا تعتبر كافية للتوظيف، معتبراً أن البعض لا يزال مقتنعاً بأن كل من حمل شهادة ولم يجد وظيفة يعد عاطلاً عن العمل «وهذا مفهوم خاطئ»، نظراً لأن العاطل عن العمل هو المؤهل تأهيلاً حقيقياً وليس لديه عمل. وقال: «للأسف فالكثير من شبابنا سلك الطريق الأسهل في تخصصه كالاختصاصات النظرية، لإيجاد وظيفة، ووقعوا في فخ البطالة بعد أن أصبح لدينا تشبع في تلك الاختصاصات، وبتنا نعاني من فجوة كبيرة وحاجة ماسة للاختصاصات العلمية والهندسية والتقنية، لاسيما الآن بعد أن بدأنا نضع خطواتنا على الطريق الصحيح». وطالب المشارك الدكتور ياسين المليكي بضرورة سن سلسلة من الدورات والدبلومات التأهيلية والمتخصصة التي تخول الشباب بالدخول إلى سوق العمل، فضلاً عن ضرورة وضع عدد من المحفزات لإغراء الشباب للنزول إلى غياهب العمل الميداني. وعمت الدهشة الحضور بعد أن كشف مندوب صندوق الموارد البشرية عبدالرحمن الزهراني أن المشكلة الكبرى التي تواجه الصندوق الذي يدعم أصحاب المشاريع الصغيرة بمبلغ 3000 ريال شهرياً لمدة سنتين ويدعم شركات القطاع الخاص ب50 في المئة من راتب الموظف، تكمن في عدم تأهيل المتقدمين للعمل بمتطلبات سوق العمل وخروجهم من العمل من دون إبداء أية أسباب منطقية، مستشهداً بأن الصندوق تقدم له خلال الفترة القليلة الماضية أكثر من 18 ألف متقدم لم يجتز سوى ثمانية آلاف متقدم منهم اختبارات التأهيل، وتبين أنهم غير مؤهلين لمتطلبات سوق العمل.