ناصر جماي نجم مغربي مقيم في فرنسا منذ سنوات، تعلم الدراما في لندن ومدينة بيرمنغهام البريطانية حيث أضاف دراسة الحركات الرياضية وفن المعارك في دراما المسرح إلى التمثيل الكلاسيكي. بدأ جماي العمل ممثلاً فوق حشبة مسرح «ألميدا» اللندني المرموق وتحت إدارة المخرجة المعروفة هيتي ماكدونالد. وبعدما عاد إلى فرنسا، استمر في خوض التجارب المسرحية في أعمال كلاسيكية أخرجها مسرحيون كبار في باريس، ولعل أشهر عمل لمع فيه جماي هو «العاصفة» للكاتب الروسي ألكسندر أوستروفسكي. وبعد نحو خمس سنوات من العمل المسرحي كممثل كلاسيكي في أدوار شاقة ومتفوقة، قرر جماي إضافة فني التأليف والإخراج إلى نشاطه التمثيلي، وراح يكتب نصاً درامياً عنوانه «نجمة لعيد الميلاد» حصل به على جائزة «سوني لابو تانسي» وحوله إلى مسرحية من إخراجه قدمت أولاً في الجنوب الفرنسي بنجاح، وثم في مدن أخرى كبيرة. وكمنت الصعوبة الأساسية بالنسبة إلى جماي في هذا العمل في الدمج للمرة الأولى بين الإخراج والتمثيل فوق المسرح، إذ تولى مهمة إدارة ممثليه ونفسه في آن، بالإضافة إلى اهتمامه بالناحية التقنية والديكور وكل ما يصنع أي عرض مسرحي. وهو يعترف بأن إخراج النص الذي ألفه شخصياً شكل عقبة إضافية لسبب بسيط هو كونه كمخرج لم يتفق دائماً مع وجهة نظر المؤلف، والشيء الذي يحدث في هذه الحالة بعامة هو مشاجرة بين الطرفين أو خيانة المخرج للنص الأصلي من طريق التحوير فيه بعض الشيء أو حذف بعض مقاطعه. ولكن كيف يتشاجر المرء مع نفسه إذا كان هو صاحب الشأنين؟ ويضيف أنه اضطر إلى التفكير طويلاً في حالات كثيرة قبل البت في الموضوع واتضح في النهاية أن المؤلف هو الذي ربح المعركة في كل مرة. ودفعت كل هذه الصعوبات بجماي إلى الامتناع عن تقديم هذه المسرحية في باريس خوفاً من تحطيم النقاد له، سواءً كمؤلف أم كمخرج أو كممثل. وبالتالي وضع الحد النهائي لحياته الفنية في غمضة عين. وأمام النجاح الجماهيري العريض في المدن التي استقبلت العرض، تشجع جماي وألف مسرحية ثانية عنوانها «الثعابين تتعطر بالياسمين» فعل فيها ما صار في العمل الأول، بمعنى أنه أخرجها ومثل الدور الأول فيها. ولكنه في هذه المرة لم يتردد عن عرضها في باريس وفي مسرح كبير مجاذفاً بسمعته القوية كممثل درامي ومستعداً لمواجهة ثعابين النقد في العاصمة الذين لم يفهموا العنوان الموجه إليهم بعض الشيء، بحسب رأيهم. ونجحت المسرحية، وطاف جماي بها الكثير من العواصم الأوروبية، مدعماً مكانته الجديدة كمؤلف ومخرج وممثل في المسرح الحديث. وبما أن جماي يعشق المجاذفة، انطلق حديثاً جداً في كتابة مسرحية جديدة باللغة العربية مع إدخال بعض المقاطع الفرنسية فيها، وهو ينوي إخراجها، ولكنه سيمتنع هذه المرة عن المشاركة فيها كممثل، ليس لأي سبب يتعلق بالخوف من عدم السيطرة على العمل ككل، ولكن لمجرد أنه لم يكتب أي دور يناسبه بالمرة وعلى الأقل من ناحية العمر بما أن الشخصيات الرجالية الأربع في المسرحية تتعدى سن الستين وهو لا يزال في الثلاثينات من عمره. وسيعرض العمل الجديد في مدينة غرونوبل الفرنسية في 2011 قبل تقديمه فوق خشبة مسرح «رون بوان» الباريسي الكبير والمرموق، وذلك في مطلع 2012 وثم في مسارح كبيرة في أوروبا طوال سنة كاملة. والبحث جار الآن عن ممثلين عرب في فرنسا يتحدثون العربية الفصحى، وأيضاً اللهجات الجزائرية والمغربية وثم اللغة الفرنسية، والأمر ليس سهلاً بالطبع.